الشروق تروي فقيد الجزائر عثمان بولحية
تنقل "الشروق" شهادات حية لعدد من أصدقاء فقيد الجزائر العقيد عثمان سعدي الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى في ميدان الشرف وهو يطارد الإرهابيين، وأجمع رفاق من كان يسمى "عثمان بولحية" وأيضا "جارك بوير" ممن تخصصوا في مكافحة الإرهاب في المؤسسات الأمنية والمخابرات على انه بطل من بين ثلاثة لم تلد الجزائر مثلهم في الروح القتالية والشجاعة.
عثمان سعدي من مواليد 1967، عاش عقدين من الزمن بعد التحاقه بجهاز الاستعلامات يواجه فيها الموت كل لحظة، بل كل ثانية إلى درجة ان رفقاءه كانوا يعتقدون ان الموت أحب له من الحياة لشدة اقدامه وشجاعته الفذة في المواجهات المسلحة مع الجماعات الإرهابية، بل والأكثر من ذلك كان يتصارع مع الإرهابيين في حالة نفاد الذخيرة أو عندما تستدعي العملية الهجومية عدم إطلاق النار، حيث ينقض على من يترصده خلال المواجهات يجرده من سلاحه ويوقفه حيا، وفي هذا الصدد قال ضابط ممن كانوا معه في عدد من العمليات انه الوحيد في المجموعة من كان ينجح في القبض على الإرهابيين دون طلقة رصاص في حالات تشبه ما يشاهد في الأفلام إلى درجة ان أطلق عليه مؤخرا قبل سقوطه في ميدان الشرف بـ "جاك بوير".
قال لنا رفيقه "استشهاده ليس لأن الإرهاب هزمه، وإنما هو من هزم الإرهاب إلى درجة ان الإرهابيين في الجبال حسب اعترافات موقوفين وشهادات تائبين كانوا يتمنون عدم مواجهته لروحه القتالية العالية وشجاعته الجنونية وقدراته في المصارعة".. قال لنا رفيقه الذي واجه معه فلول الإرهاب في معاقله بجبال المتيجة وأحراش الصحراء ومخابئه في المدن "عثمان يستيقظ يوميا على الساعة التاسعة صباحا ويعمل في مكتبه وخارجه في مهامه السرية إلى غاية السادسة مساء، يعود إلى بيته لينام إلى غاية الحادية عشرة مساء، ثم يستيقظ ليشرع في عمله العملياتي والاستعلاماتي إلى غاية الفجر، ثم يذهب للاستراحة مدة لا تزيد عن أربع أو خمس ساعات وهكذا دواليك".
.. يحب الاعتناء بالهندام، الجمال والثياب الأنيقة، لكنه بسبب ضيق الوقت وإنشغاله المستمر بالمكافحة والمطاردة وحماية الوطن، كان ينسى ذقنه حتى أصبح يسمى "عثمان بولحية"، حسب ما تظهره الصورة خلال الحرب المفتوحة ضد فلول "الجيا"، لم يدخن في حياته، يؤدى صلواته بانتظام قدر ما استطاع، وحسب ما تمليه ظروف العمل، خرجاته المرحة والمميزة لطباعه الهادئة تفجر مرافقيه ضحكا أثناء الاستعداد للمواجهة واحيانا حتى تحت صوت الرصاص. أنقذ رضيعا في كمين سعيد حمدين وأوقف إرهابيين أحياء في الشراربة،
يحتفظ زملاء فقيد المؤسسة العسكرية سواء في جهاز الاستعلامات أو في جهاز الشرطة مثل المدعو "مالك أيوب" و"ايسولي" بمشاهد لمقاتل برتبة ضابط سامي في "الفرق الخاصة" التي زرع عناصرها الرعب في صفوف "الجيا" وعناصر "الفيدا" و"الجماعة السلفية" بفضل العمل الاستخباراتي والعملياتي النوعي ضد قتلة الرضع والنساء، ورغم شراسته وروحه القتالية العالية واندفاعه الجنوني في المواجهة لم يفقد يوما ما إنسانيته وبالتحديد علاقته الأسرية، فقد كان مرتبطا بوالدته بشكل لا ينقطع الاتصال بها هاتفيا من خمس إلى ست مرات يوميا، محاولا تطمينها على حالته رغم انه كان في عدة مرات يكلمها قبل أو بعد عملية، حياته تكون فيها على كف عفريت، ومن بين ما تأثر به موت واحد من زملائه بمرض عضال "سي الحواس ناصر".
ففي عملية سعيد حمدين سنة 1996 التي أطاحت خلالها فرقة التدخل والاستعلام بمشاركة فرق مكافحة الإرهاب الشرطة بأخطر عناصر "الفيدا"، فشلت امرأة تحمل رضيعا تقمصت شخصية المتعاون مع قوات الأمن وهي تعمل لصالح الجماعات الارهابية وحاولت استدراج عناصر الفرقة الخاصة إلى الشقة التي كان يتواجد بها 13 إرهابيا من عناصر "الفيدا" أخطر جماعة إرهابية من حيث الدقة والتخطيط، وكانت تستهدف المثقفين، لكن دهاء عثمان ورفيقين له مكنهم من التعرف على عدد الإرهابيين وشحنة الأسلحة رغم توجيه العناصر الإرهابية وابلا من الرصاص، غير انه تمكن من حماية رفيقه والرضيع الذي التقطه من حضن الإرهابية ووضعه تحت السرير، مخاطرا بحياته، ثم تسلل ليسطر رفقة باقي زملائه مخطط الاقتحام الذي تم بنجاح وقضي على الإرهابيين جميعا دون إصابة أي مدني بما فيهم الرضيع.
ولم ينس بعض من مقربيه عمليات كان مخطط ومدبر لها وأول منفذيها مثلما حدث في الكاليتوس سنة 1995 عندما تنقل برفقة اثنين من عناصره إلى عقر دار الجماعات الإرهابية في الشراربة، وبعبقرية أوقف بعضهم وأسقط آخرين من ضمن مجموعة كانت مختبئة في مخزن يفوق عددهم سبعين عنصرا تفرقوا بين المزارع المجاورة بعد سماع دوي الرصاص.
قال عثمان.. الموت حق على رافض التوبة والحياة حق لتارك السلاح
ومن المعروف على عثمان بولحية انه كان يفضل دائما توقيف الإرهابيين أحياء للحصول على المعلومات، وكان هو صاحب مهمات من هذا النوع، ومن ميزاته ان جسارته في مواجهة الإرهابيين تنتهي بمجرد هزمهم، حيث يرفض استجوابهم بالقوة أو التعذيب أو جرح المشاعر، بل يحاول إقناعهم بأنهم مغرر بهم، وأن الجزائر كانت لتسعهم في شكل آخر غير حمل السلاح، ومن بين من استجوبهم بفضل حسن معاملته من تحولوا إلى متعاونين مع مصالح الأمن الى الآن، نظرته إليهم تتغير بمجرد ان يقعوا في قبضته، حيث يرفض التكبيل بالأغلال أثناء الاستنطاق ويكون أول وأكثر مدافع عنهم فيما يتعلق بالإطعام وحسن المعاملة.
ويصنف رفاق بطل القوات الخاصة في خانة واحدة من ثلاثة قهروا الإرهاب بروح القتال وبسالة الهجوم ويحصون له ما يزيد عن ألفي إرهابي، منهم من أوقفهم أحياء ومنهم من تمكن عبر قنواته من إقناعهم بترك السلاح والتوبة في إطار الوئام المدني، والمصالحة الوطنية، ولم يرحم من تفننوا في ذبح الرضع وسبي النساء وقتل الشيوخ.
وقوعه في ميدان الشرف في بني مليكش ببجاية لم يكن في كمين خطط له ولا معركة وجها لوجه، بل كان بعد أن قضى العقيد على الإرهابي الأول وشروعه في مطاردة الثاني بعد مهاجمتهما في خم لتربية الدجاج.
وبعد إسقاط العقيد للإرهابي الأول، واصل الركض وراء الثاني برفقة عقيد آخر من بجاية، لكن لأن أجله انتهى، تلقى رصاصات في الظهر من طرف الإرهابي الذي اعتقد انه مات بعد سقوطه على الأرض.
المصدر جريدة الشروق
تنقل "الشروق" شهادات حية لعدد من أصدقاء فقيد الجزائر العقيد عثمان سعدي الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى في ميدان الشرف وهو يطارد الإرهابيين، وأجمع رفاق من كان يسمى "عثمان بولحية" وأيضا "جارك بوير" ممن تخصصوا في مكافحة الإرهاب في المؤسسات الأمنية والمخابرات على انه بطل من بين ثلاثة لم تلد الجزائر مثلهم في الروح القتالية والشجاعة.
عثمان سعدي من مواليد 1967، عاش عقدين من الزمن بعد التحاقه بجهاز الاستعلامات يواجه فيها الموت كل لحظة، بل كل ثانية إلى درجة ان رفقاءه كانوا يعتقدون ان الموت أحب له من الحياة لشدة اقدامه وشجاعته الفذة في المواجهات المسلحة مع الجماعات الإرهابية، بل والأكثر من ذلك كان يتصارع مع الإرهابيين في حالة نفاد الذخيرة أو عندما تستدعي العملية الهجومية عدم إطلاق النار، حيث ينقض على من يترصده خلال المواجهات يجرده من سلاحه ويوقفه حيا، وفي هذا الصدد قال ضابط ممن كانوا معه في عدد من العمليات انه الوحيد في المجموعة من كان ينجح في القبض على الإرهابيين دون طلقة رصاص في حالات تشبه ما يشاهد في الأفلام إلى درجة ان أطلق عليه مؤخرا قبل سقوطه في ميدان الشرف بـ "جاك بوير".
قال لنا رفيقه "استشهاده ليس لأن الإرهاب هزمه، وإنما هو من هزم الإرهاب إلى درجة ان الإرهابيين في الجبال حسب اعترافات موقوفين وشهادات تائبين كانوا يتمنون عدم مواجهته لروحه القتالية العالية وشجاعته الجنونية وقدراته في المصارعة".. قال لنا رفيقه الذي واجه معه فلول الإرهاب في معاقله بجبال المتيجة وأحراش الصحراء ومخابئه في المدن "عثمان يستيقظ يوميا على الساعة التاسعة صباحا ويعمل في مكتبه وخارجه في مهامه السرية إلى غاية السادسة مساء، يعود إلى بيته لينام إلى غاية الحادية عشرة مساء، ثم يستيقظ ليشرع في عمله العملياتي والاستعلاماتي إلى غاية الفجر، ثم يذهب للاستراحة مدة لا تزيد عن أربع أو خمس ساعات وهكذا دواليك".
.. يحب الاعتناء بالهندام، الجمال والثياب الأنيقة، لكنه بسبب ضيق الوقت وإنشغاله المستمر بالمكافحة والمطاردة وحماية الوطن، كان ينسى ذقنه حتى أصبح يسمى "عثمان بولحية"، حسب ما تظهره الصورة خلال الحرب المفتوحة ضد فلول "الجيا"، لم يدخن في حياته، يؤدى صلواته بانتظام قدر ما استطاع، وحسب ما تمليه ظروف العمل، خرجاته المرحة والمميزة لطباعه الهادئة تفجر مرافقيه ضحكا أثناء الاستعداد للمواجهة واحيانا حتى تحت صوت الرصاص. أنقذ رضيعا في كمين سعيد حمدين وأوقف إرهابيين أحياء في الشراربة،
يحتفظ زملاء فقيد المؤسسة العسكرية سواء في جهاز الاستعلامات أو في جهاز الشرطة مثل المدعو "مالك أيوب" و"ايسولي" بمشاهد لمقاتل برتبة ضابط سامي في "الفرق الخاصة" التي زرع عناصرها الرعب في صفوف "الجيا" وعناصر "الفيدا" و"الجماعة السلفية" بفضل العمل الاستخباراتي والعملياتي النوعي ضد قتلة الرضع والنساء، ورغم شراسته وروحه القتالية العالية واندفاعه الجنوني في المواجهة لم يفقد يوما ما إنسانيته وبالتحديد علاقته الأسرية، فقد كان مرتبطا بوالدته بشكل لا ينقطع الاتصال بها هاتفيا من خمس إلى ست مرات يوميا، محاولا تطمينها على حالته رغم انه كان في عدة مرات يكلمها قبل أو بعد عملية، حياته تكون فيها على كف عفريت، ومن بين ما تأثر به موت واحد من زملائه بمرض عضال "سي الحواس ناصر".
ففي عملية سعيد حمدين سنة 1996 التي أطاحت خلالها فرقة التدخل والاستعلام بمشاركة فرق مكافحة الإرهاب الشرطة بأخطر عناصر "الفيدا"، فشلت امرأة تحمل رضيعا تقمصت شخصية المتعاون مع قوات الأمن وهي تعمل لصالح الجماعات الارهابية وحاولت استدراج عناصر الفرقة الخاصة إلى الشقة التي كان يتواجد بها 13 إرهابيا من عناصر "الفيدا" أخطر جماعة إرهابية من حيث الدقة والتخطيط، وكانت تستهدف المثقفين، لكن دهاء عثمان ورفيقين له مكنهم من التعرف على عدد الإرهابيين وشحنة الأسلحة رغم توجيه العناصر الإرهابية وابلا من الرصاص، غير انه تمكن من حماية رفيقه والرضيع الذي التقطه من حضن الإرهابية ووضعه تحت السرير، مخاطرا بحياته، ثم تسلل ليسطر رفقة باقي زملائه مخطط الاقتحام الذي تم بنجاح وقضي على الإرهابيين جميعا دون إصابة أي مدني بما فيهم الرضيع.
ولم ينس بعض من مقربيه عمليات كان مخطط ومدبر لها وأول منفذيها مثلما حدث في الكاليتوس سنة 1995 عندما تنقل برفقة اثنين من عناصره إلى عقر دار الجماعات الإرهابية في الشراربة، وبعبقرية أوقف بعضهم وأسقط آخرين من ضمن مجموعة كانت مختبئة في مخزن يفوق عددهم سبعين عنصرا تفرقوا بين المزارع المجاورة بعد سماع دوي الرصاص.
قال عثمان.. الموت حق على رافض التوبة والحياة حق لتارك السلاح
ومن المعروف على عثمان بولحية انه كان يفضل دائما توقيف الإرهابيين أحياء للحصول على المعلومات، وكان هو صاحب مهمات من هذا النوع، ومن ميزاته ان جسارته في مواجهة الإرهابيين تنتهي بمجرد هزمهم، حيث يرفض استجوابهم بالقوة أو التعذيب أو جرح المشاعر، بل يحاول إقناعهم بأنهم مغرر بهم، وأن الجزائر كانت لتسعهم في شكل آخر غير حمل السلاح، ومن بين من استجوبهم بفضل حسن معاملته من تحولوا إلى متعاونين مع مصالح الأمن الى الآن، نظرته إليهم تتغير بمجرد ان يقعوا في قبضته، حيث يرفض التكبيل بالأغلال أثناء الاستنطاق ويكون أول وأكثر مدافع عنهم فيما يتعلق بالإطعام وحسن المعاملة.
ويصنف رفاق بطل القوات الخاصة في خانة واحدة من ثلاثة قهروا الإرهاب بروح القتال وبسالة الهجوم ويحصون له ما يزيد عن ألفي إرهابي، منهم من أوقفهم أحياء ومنهم من تمكن عبر قنواته من إقناعهم بترك السلاح والتوبة في إطار الوئام المدني، والمصالحة الوطنية، ولم يرحم من تفننوا في ذبح الرضع وسبي النساء وقتل الشيوخ.
وقوعه في ميدان الشرف في بني مليكش ببجاية لم يكن في كمين خطط له ولا معركة وجها لوجه، بل كان بعد أن قضى العقيد على الإرهابي الأول وشروعه في مطاردة الثاني بعد مهاجمتهما في خم لتربية الدجاج.
وبعد إسقاط العقيد للإرهابي الأول، واصل الركض وراء الثاني برفقة عقيد آخر من بجاية، لكن لأن أجله انتهى، تلقى رصاصات في الظهر من طرف الإرهابي الذي اعتقد انه مات بعد سقوطه على الأرض.
المصدر جريدة الشروق