أيلول الأسود
خلفياته وقصته وكيف بدأ ....
الجزء الأول من حديث الجزيرة
خلفياته وقصته وكيف بدأ ....
الجزء الأول من حديث الجزيرة
لن أنسي تلك الأيام من سبتمبر عام 1970 .....
ليس العام وحده ، ولكن أيضا كان الشهر مليء بالأحداث والحوادث والحزن ، وترك إسمه رمزا ... مخيفا ...
كان شهر سبتمبر- أيلول 1970 ، بداية تحول خطيرة في مسيرة الكفاح الفلسطيني .... فمنذ ذلك الشهر ... وتغير وجه منظمة التحرير الفلسطينية .... وبدأت سنوات طويلة لم تنتهي ...
ولا ننسي الدماء البريئة التي سالت علي رمال صحراء الأردن وعلي شوارع عمان ... ولن أنسي صور التحقيقات في التلفزيون ، والتي كانت تبين بنا ، الدبابت "الأردنية" .. من طراز سنتوريون ، وقد أحاطت بمعسكرات منظمة التحريرالفلسطينية ... لتقذف مدافعها الرئيسية ... الفلسطينيين ... مجاهدين كانو أم مدنيين ...
ولن أنسي صور المدافع الرشاشة الثقيلة ، التي وجهتها مصفحات الجيش الأردني إلي خيام وعشش
الاجئين الفلسطينيين ...
ويتمزق قلبي ، عندما أتذكر تلك الصور ممن أظهرهم التفزيون عن العديد من الفدائيين الفلسطينيين المسلحين ببنادق "كلاشنيكوف" ... وهم يحاولون أن يوقفوا تقدم الدبابات علي أجسادهم .... دون جدوي ... فكان الصراخ .. وكان الموت ...
بكينا "صامتين" ... فلم نكن نتوقع أن يأتي اليوم ... ليقتل ... عربي ... أخوه العربي ... وبالذات الأردني للأخيه الفلسطيني
ولن أنسي صور الأهانة التي وجهت للمرحوم ياسر عرفات ... وطرده من الأردن ولبنان إلي تونس ...
ولن أنسي صور رؤساء الدول العربية وقد تجاوبوا مع نداء الرئيس جمال عبد الناصر .. وهرولوا إلي القاهرة تلبية لندائه ، من أجل محاولة حل النزاع ...
وأجتمعوا في فندق هيلتون "النيل" ... وكانت قاعة الأجتماعات في مبني "الجامعة العربية" مليئة بهم ... وكيف أن الملك فيص رحمه الله يقف بكل قوته ونفوذه العائلي علي الملك حسين ، من أجل حل الخلاف ...
وكانت الصور ... الملك حسين ... يرتدي عسكريا ... ويحمل مسدسه .... وياسر عرفات يحضر ومعه مسدسه ....
ولن أنسي صورة جمال عبدالناصر مساء يوم 27 سبتمبر وهو يتحدث إلي ياسر عرفات ويظهرعلي وجهه الألم النفسي ....
وإنقضي الليل ... وغادر الرؤساء العرب القاهرة .... وودعهم جمال عبدالناصر ... وكان آخرهم سفر الأمير "الصباح" أمير الكويت بعد ظهر يوم 28 سبتمبر ... ورجع عبدالناصر إلي منزله ... ليسلم روحه والأمانة إلي خالقها .... الله سبحانه وتعالي ...
وإنتهي سبتمبر 1970 ... ليكون أسودا ... حزينا ... مؤلما ...
ورغم مرور السنوات ... يبقي وسيبقي سبتمبر 1970 ... رمز .... للتغيير الشامل ... الذي يميز المنطقة ....
وسأنشر في مواضيع مستقل ... صور عن هذا الأجتماع .. علااوة علي مواضيع أخري تتعلق به ... فقد كان هذا الشهر .... ( بــداية ...... النهاية ) .... أو .... ( نــهـــاية ... الــبداية )
د. يحي الشاعر
المصدر
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/1C19440B-36BD-4CBA-A29E-B016A95C44C5.htm
أيلول الأسود - الجزء الأول
مشهور حديثةفاروق القدوميعدنان أبو عودة
نايف حواتمةإيريك رولوإفنايين كانيأسعد طه:
هو حالة نموذجية لفصل في التاريخ العربي الحديث، فصل اكتنفته العواطف السياسية والأيديولوجية.
السلام عليكم، نعم أيلول الأسود شوشت هذه العواطف السياسية والأيديولوجية النظرة إليه، وفسرت بطريقة ساذجة أحداثه وصورت أحد الطرفين على أنه وحده الجاني، وأن الآخر هو وحده الضحية. وإذا شئنا تفسيراً عدنا إلى الوراء قليلاً أو بالأحرى كثيراً تحديداً إلى بداية الخلافات بين طرفي الأزمة، المقاومة الفلسطينية والنظام في الأردن، الأردن الذي رأى في قرار الجامعة العربية لعام 1963م والقاضي بتأسيس جيش تحرير فلسطيني خطراً أو انتهاكاً لسيادته على الضفة الغربية، ويزداد الأمر توتراً بقرار المجلس الوطني الفلسطيني بعد ذلك بعام مع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، ويتصاعد القلق الأردني مع بدء أعمال المقاومة ضد الكيان الصهيوني، انطلاقاً من الأراضي الأردنية ولتبدأ أولى علامات التأزم في العلاقة بين الطرفين الفلسطيني والأردني بإيقاف الأردن فلسطينيين بتهمة النشاط السياسي غير المشروع، وهو التأزم الذي يصل مداه في سبتمبر /أيلول 1970م ويأخذ شكلاً عنيفاً من الصدام المسلح، يتذكر مقدماته ثم أحداثه صحفيان عاصراه، أولهما (إيريك رولو) وهو صحفي فرنسي كان يعمل أثناء أيلول مراسلاً لجريدة لوموند الفرنسية، وثانيهما هو حسان بكر وهو كاتب صحفي بجريدة الأهرام المصرية.
إيريك رولو (صحفي بجريدة لوموند الفرنسية):
أتذكر أنني وصلت إلى عمان بالطائرة، وفي غالب الأحيان كان الصحفيون يجدون لدى استقبالهم ممثلين عن وزارة الإعلام، ولكن في تلك المرة التقيت رجالاً قالوا إنهم ليسوا من وزارة الإعلام بل من حركة فتح، كان المطار واقعاً تحت سيطرة المنظمات الفلسطينية تقريباً. تم اقتيادي إلى الفندق من قبل رجال فتح في سيارة فلسطينية تحمل علماً فلسطينياً، ولا أثر لشرطة أو لأمن أردني، كانت واقعة مؤثرة لا يمكن للمرء أن ينساها بسهولة.
حسان بكر (كاتب وصحفي بجريدة الأهرام المصرية):
وصل الأمر إلى إنه كانت القيادة الفلسطينية وصل بيها الأمر إلى إنها كانت تقريباً بصفة.. تقريباً بمثابة الحاكم الفعلي للعاصمة الأردنية عمان، أذكر من ضمن الذكريات إنه في يوم من الأيام أنا وصلت إلى العاصمة الأردنية عمان قادماً من دمشق، وكان معي جواز السفر ولكنني لم أقدم جواز السفر إلى السلطات الأردنية، كان معي تصريح من قيادة الكفاح المسلح، ودخلت أعطيته للكفاح المسلح ودخلت إلى العاصمة الأردنية.
إيريك رولو:
مكثت في عمان بعض الوقت، وانفجار الأحداث ومع مرور الأيام كانت كل الأدبيات الفلسطينية من منشورات وصحف وبيانات تقول: سوف ننتصر، نحن الأقوى، سنهزم هذه الملكية الفاسدة. وهنا أذكر واقعة لا تنسى إذ إني وقبل ساعات من انفجار الحرب كنت أنتقل في عمان وزرت مقر فتح وهناك التقيت أبو إياد، وهو من كبار قادة فتح كما نعلم، كان الرجل يحترمني، لأنه كان يعتبر أنني أحاول القيام بمهنتي بنزاهة، استدرجني إلى خارج مكتبه باتجاه مكان منزوي وشرح لي الموقف قائلاً: ستنفجر الأحداث بعد ساعات قليلة وأنت ولاشك يا إيريك قرأت كل منشوراتنا وسمعت كل قادتنا، وقال لك الجميع بأننا الأقوى وأننا سننتصر، لا تصدق كلمة واحدة من ذلك فأنا أعلم أننا نسير نحو الكارثة.
حسان بكر:
القيادة الفلسطينية أو قيادة فتح وقيادة المقاومة الفلسطينية كانت في وقت من الأوقات تتحكم في كل شيء في عمان لدرجة إلى إن الأمور وصلت عندما تكونت منظمات كثيرة، الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية.. وجبهة التحرير الفلسطينية والقيادة العامة وعشرات المنظمات الفلسطينية، وصل الأمر إلى إن إحدى المنظمات كانت بترفع شعار الطريق إلى القدس يمر عبر قصر "بسمان" قصر "بسمان" وهو.. نحن نعلم إن هو القصر الملكي ساكنه جلالة الملك حسين.
إيريك رولو:
عدت إلى الفندق وبدأت الطلقات تنهمر، كنا في فندق يقع بين مواقع الفدائيين الذين كانوا يقصفون الجيش الأردني ووحدات الجيش الأردني التي كانت تقصف من الجانب الآخر، كان الطرفان يتبادلان القصف عبر الفندق، لذلك لم نكن نقوى حتى على الوقوف، وعلى مدى سبعة عشر يوماً بقينا أنا وزملائي ممددين على الأرض، نزحف من غرفة إلى أخرى، لقد اخترقت الطلقات والطلقات والقذائف كل غرفنا، كان ذلك مأسوياً بالفعل، بعد ثلاثة أو أربعة أيام لم يبق لنا لا أكل ولا شراب وعانينا من الجوع والعطش. غير أن ما بقى ماثلاً في ذهني هي تلك المعارك الفظيعة التي لا تكاد تتوقف. كان الجنود يحملون لنا الأخبار، كانوا يقولون إن عدد القتلى والجرحى كبير، استغربت ذلك كله، لم أتصور أن يقوم طرف عربي بإطلاق الرصاص على طرف عربي آخر، وبالإضافة إلى ذلك كله علمت أن قسماً كبيراً من جيش الملك حسين كان مؤلفاً من فلسطينيين وكانوا يطلقون النار على فلسطينيين آخرين، وهذا أيضاً شكل صدمة لي وللصحفيين، لأننا لم نكن نظن أن فلسطينياً يقتل فلسطيني آخر.
أسعد طهأسعد طه:
في مسألة أيلول الأسود تتابعت الأحداث هكذا: عقب هزيمة 67 بدأ توافد اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن في التزايد، وتزامن ذلك مع تنامي حركات المعارضة الفلسطينية المطالبة بالإطاحة بالملك حسين، إلى أن شهد شهر مارس/ آذار أحداث معركة الكرامة الشهيرة. وفي عام 70 يعلن الملك حسين عن قبوله بمشروع (روجرز)، وبعد ذلك بشهر ينجو الملك حسين من محاولة لاغتيال، وبعد لقاء جمعه بعبد الناصر يعلن عن تشكيل حكومة عسكرية، وتتلاحق الأحداث سريعاً في ذات الشهر يبدأ الجيش الأردني بمهاجمة مواقع الفدائيين ثم تنعقد قمة عربية في القاهرة تفضي إلى تشكيل لجنة مصالحة ويعقب ذلك التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
[فاصل إعلاني]
أسعد طه:
أيلول الأسود، شابت العديد من التناقضات والاختلافات رواية أحداثه، ولعل هذا ما يشرع تساؤلات عدة أهمها ما يتعلق بطبيعة العلاقة التي كانت تربط بين المقاومة الفلسطينية في الأردن ونظام المملكة أواخر الستينات، خصوصاً وأن حرب 67 غيرت العديد من المعطيات في الخارطة السياسية للمنطقة. كما يحق السؤال: ما الذي عجل بالمواجهة العسكرية بين الطرفين؟ هل ضاقت أرض المملكة عن احتضان المقاومة وهي التي باركتها أغلب الدول العربية أم أن وجود المجموعات الفدائية أربك النظام في الأردن وصار تجاوزاً لسيادته وخطراً عليه؟
في حلقة اليوم سنعرض إلى طبيعة العلاقة بين نظام الأردن والمقاومة الفلسطينية، وإلى السياق التاريخي الذي سبق أحداث أيلول الأسود، والظروف التي أدت إلى اندلاع الأزمة، ثم نتطرق في حلقة مقبلة إلى المبادرات السلمية التي سبقت الأزمة لنخلص في النهاية إلى بيان تجليات أحداث أيلول الأسود ونتائجه على أنه لن يتم إدراك ما اكتنف هذه الفترة من التاريخ العربي الحديث دون الاحتكام إلى رواية عصبة ممن كانوا شهوداً في أحداث عمان أو طرفاً فيها.
ضيف البرنامج 1:
هاي الأزمة اللي أنا بأقول عنها.. عبارة عن فوضى حصلت في فترة زمنية يعني الحقيقة ما بأحب أتذكرها، لأنها فترة سيئة من حياتنا كانت، كان فيه نوع من عدم الانضباطية عندنا في البلد، سواءً كان من جهة معينة أو من جهة أخرى.
ضيف البرنامج 2:
من إربد، من السلط، من غزة فيه، من نابلس، من طولكرم، جيراني كلهم، نسمع ها الطخ نتجمع في أوضة واحدة.
ضيف البرنامج 3:
حوالي 21 يوم ما فيش مستشفيات تستقبل ولا سيارات تحمل، اللي عنده سيارة صافة باب الدار، واللي بينزل من الشارع كان الرصاص غير (...) عليه، من الطرفين الجبل هذا يرمي على الجبل الثاني، والجبل هذا يرمي عليه الجبل هذا، وبتعرف ما فيه بيت إلا وعلى ضهره ناس مسلحين.. مشكَّلة.
ضيف البرنامج 4:
البيت تبع أهلي إيجي في منطقة.. نصيبنا.. من الجنوب فيه قاعدة فدائية، ومن الشمال فيه قاعدة للجيش، صاروا يضربوا على بعض، ها دول يضربوا على بعض، وها دول يضربوا على بعض، إحدى القنابل نزلت على البيت طبعاً ما عندنا ملجأ ما فيش ملاجئ كان فقتلوا إخواني في نصف البيت وأبوي أصيب طبعاً.
اللي بتستغربه إنه البيت عندنا أبوي حط كل المسؤولية على الفدائية، وإنه القنبلة منهم، أمي بتقول له لأ القنبلة إجت من الشقة التانية من الجيش، هذا دليل.. دليل هو.. إن هم رافضين موضوع الضربة، يعني بغض النظر.. يعني أنا شايفها من هون وأنت شايفها من هون، يعني ما فيه مسؤولية.. ماتوا الأولاد بس التنين مش متفقين من المسؤول؟!
ضيف البرنامج 5:
الكل كان يتألم، حتى لا.. لا ينظر إلى هذا هل هو جندي أم هو فدائي أو مع.. مع.. من أي طرف، لأنه اللعبة كنا نعلمها علم اليقين الطرفين، ولذلك يعني حتى من.. من الظباط الأردنيين كانوا يلطم على وجهه عندما يرى هذه الإشكالية، وكان الأمر شوف كيف يعني معروف لديه إنها مؤامرة،.. وكثير من الفدائيين كانوا يبكوا على ما.. ما حصل. وفي كل شارع وفي كل منطقة كان الألم يعصر القلوب وكان الرصاص الطائش من كلا الطرفين بدون.. بدون حدود.
ضيف البرنامج 6:
هاي العناصر اللي دخلت هذه اللي هم مش من الأردن اللي هم من خارج البلد، طبعاً ها دول أساؤوا للناس.. أساؤوا للناس كتير… مش إذاعتنا كمان الإذاعات اللي بره هي اللي كانت تحرك عمان وتدمر عمان وعمان ما فيها شيء كان، مافيهاش شيء نهائياً يعني.
ضيف البرنامج 7:
بيجوا ناس من عمان أو.. مغرضين طبعاً بيقولوا والله.. منطقة كذا من عمان ادمرت عندك (...)، المنطقة الفلانية مثلاً خلينا نقول وسط البد مسحوها مسح، طبعاً هاي كان كلها عبارة عن مبالغات.
ضيف البرنامج 1:
الناس كتير متواجدين من أي طرف كان بغض النظر عن جنسية أو أصل هذا الإنسان.
ضيف البرنامج 4:
أنا لم أشعر بأردني وفلسطيني وكل الموجودين في المنطقة إلا بعد أيلول، شفت على إيه، بعد حوادث أيلول صار فيه منه هذا. قبل ما كان حد يسأل التاني أنت من وين أصلاً.
أسعد طه:
هاني الحصاونة عمل مديراً للتشريفات في القصر الملكي، وكان قريباً من الملك حسين القصر الملكي، وكان قريباً من الملك حسين أثناء أحداث عمان.
محمد رسول الكيلاني (مؤسس جهاز الاستخبارات الأردني) عمل مستشاراً للملك حسين لشؤون الأمن القومي، وكان يمثل الطرف المتصلب ضد الفدائيين.
الفريق أول مشهور حديثة (قائد القوات الأردنية) خلال معركة ضد الإسرائيليين، كان قريباً للفدائيين، وعمل رئيساً للأركان في الجيش الأردني.
أحمد جبريل (أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين –القيادة العامة) انتقد كثيراً سياسة الملك حسين.
نايف حواتمة (أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين) وأحد زعماء التيار القومي، بعد هزيمة 67 تحول إلى الفكر الماركسي، وكان يمثل الشق المتصلب ضد الملك حسين.
فاروق القدومي (أحمد مؤسسي حركة فتح ومنظمة التحرير) كان أقرب قادة فتح من الرئيس جمال عبد الناصر.
عدنان أبو عودة عمل وزيراً للإعلام في الحكومة الأردنية، وعمل مستشاراً دائماً للملك حسين.
سامي شرف المساعد الخاص للرئيس جمال عبد الناصر وأمين سره طيلة ثمانية عشر سنة.
اللواء محمد فوزي أقرب رجل في الجيش المصري لعبد الناصر، ومعه أعاد بناء الجيش بعد هزيمة 67، ومعه أيضاً خاض حرب الاستنزاف، وعمل وزيراً للحربية.
كولونيل إفنايين كاني، نائب شعبة التقييم والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ومديرها العام، وكان مسؤولاً عن وحدة الأردن خلال أحداث أيلول.
رفائيل جدعون، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية خلال أحداث أيلول، وكان مسؤولاً عن التنسيق مع إسحاق رابين والولايات المتحدة بخصوص أحداث أيلول.
[فاصل إعلاني]
أسعد طه:
الحق أنه إثر حرب 67 بين العرب والكيان الصهيوني تغيرت عديد المعطيات في الخارطة السياسية للمنطقة، وفي علاقة العرب بالمقاومة الفلسطينية. على أن المملكة الأردنية الهاشمية كانت أكثر دول المنطقة التصاقاً بالقضية الفلسطينية، ويكفي أن أكثر مائتي ألف لاجئ فلسطيني قد التحقوا بالمخيمات في الأردن إثر الحرب، وأضحى أمر إدماجهم صعباً، مما نمى لديهم شعوراً بالمرارة والغبن وأمست المقاومة رمزاً جسوراً في مواجهة الكيان الصهيوني.
عدنان أبو عودة (مستشار الملك الأردني الراحل حسين):
حرب الـ 67 لها وجهان: الوجه الأول هو انتصار إسرائيلي ساحق، والوجه الأخر هو هزيمة عسكرية عربية ماحقة. الأردن كان في الوجه الآخر من البلدان العربية التي أصيبت بالهزيمة شأنه شأن أي بلد عربي شارك في حرب 67 أو حتى لم يشارك، فالمعركة في الـ 67 –كما تعلم- كانت في نظر الناس أنها حرب عربية مقابل إسرائيل. كانت حرب الـ 67 بنتائجها بمثابة زلزال –في رأيي من ناحية تاريخية بمثابة زلزال- أثرت على تاريخ المنطقة، بالنسبة للأردن، الأردن كان أكثر دولة عربية تأثرت في.. بنتائج حرب 67، تأثرت ضرراً، لأن الأردن فقد الضفة الغربية وفقد القدس.
هاني الخصاونة (مدير التشريفات في القصر الملكي الأردني):
انبرت أصوات تدعو إلى مناواة الاحتلال الإسرائيلي بالكفاح المسلح، وهنا كانت البدايات فتركزت مقاومة الحركات الفدائية للاحتلال الإسرائيلي على الساحة الأردنية، وهي ساحة بسبب ظروفها الموضوعية ساحة تتألف من دولة فقدت الضفة الغربية التي تشكل –معنويا- نصف المملكة وليس جغرافياً، معنوياً.. معنوياً، وبنفس الوقت ذاقت مرارة الهزيمة مثل باقي الدول العربية، وبنفس الوقت النظام السياسي الأردني نظام محسوب على أنه أقرب إلى الغرب منه إلى المعسكر الاشتراكي آنذاك ونظام يدعو تاريخياً إلى التسوية السلمية للصراع العربي –الإسرائيلي، ونظام يقود دولة ضعيفة الإمكانيات الذاتية الاقتصادية فوجدت الدولة الأردنية نفسها أمام سلطة أخرى تتنامي شعبياً وتقوى يوماً بعد يوم، ولكنها سلطة تحمل البنادق وتحمل السلاح إلى جانب سلطة الدولة والنظام وهي الجيش الأردني.
أحمد جبريل (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين):
دخلنا للأردن، بس دخلنا ليس بإذن من الملك حسين.. عنوة، كان الملك حسين في وضع بعد هزيمة 67، أجهزته الأمنية.. وضع الجيش لم يكن يستطيع أن يمنعنا، استفدنا من وجود الجيش العراقي هناك لتقديم تسهيلات لنا فتواجدنا في أغوار الأردن من (الشون) الجنوبية يعني جنوب طبرية حتى البحر الميت ثم جنوب البحر الميت، عارف كيف وبدأنا نزاول الكفاح المسلح، عارف كيف، يعني سوى في إرسال السلاح للضفة الغربية، أو في استقطاب عناصر من الأرض المحتلة من شان يتدربوا ويعودوا، أو إرسال مجموعات تقوم بتدريب الناس في جبال نابلس أم جبال الخليل وقلنا في بين بعضنا إنه بلاش نقوم بعمليات على القشرة، يعني على غور الأردن ضد الإسرائيليين لكي لا تغلق الحدود فيما بيننا.
هاني الخصاونة:
دعني أن أؤكد لك بأنه عندما ظهرت المقاومة الفلسطينية في البداية وتركزت عملياتها على العدو الإسرائيلي كانت تتمتع بالمساندة المطلقة للجيش الأردني جنوداً وضباطاً وأفراداً وبمساندة الشعب العربي في الأردن، لأنها تعبر عنه.
أحمد جبريل:
كان لنا إحنا في البدء في أغوار الأردن قدسية، سواء قبل معركة الكرامة أو بعد ما خرج معركة الكرامة. أنا أذكر جيداً كان الجيش الأردني ماسك كل طرق التموين يحاصرنا، أهالينا من أردنيين أو فلسطينيين في الأردن كانوا كل يوم خميس بينزلوا إلى (الأغوار) محملين لنا مواد الغذائية، أكل طابخينه ويدورواً علينا في (الأغوار) لحتى يقوموا لنا الأكل، لأنه.. ينظرواً لنا إنه إحنا اللي أعدنا الاعتبار لهذه الأمة المهزومة بعد عام الـ 67.
عدنان أبو عودة:
كان على الأردن أن يواجه عدد من المشاكل على الصعيد المحلي، وعلى صعيد الضفة الغربية المحتلة، وعلى الصعيد العربي، وعلى الصعيد الدولي، فوضع أجندة وطنية للعمل في الساحات الأربعة، على الصعيد المحلي كان هم الأردن الرئيس بعد الـ 67 مباشرة هو التعامل مع قضية النازحين إيواؤهم، مساعدتهم، توفير متطلباتهم الأساسية إلى أن يستقروا وإلى أن نعرف ماذا سيتم بشأنهم.
أسعد طه:
تواصلت أعمال المقاومة مدعومة بهذا المد الشعبي في أنحاء الوطن العربي، ولعل هذا ما حدا بالحكومة الإسرائيلية إلى التهديد بالتدخل في المملكة الأردنية، ولم يقف التهديد عند هذا الحد، بل تعداه إلى أكثر من ذلك حين قررت إسرائيل أن تنهى أمر المقاومة، وذلك بضرب إحدى القواعد الصلبة لحركة فتح في بلدة الكرامة الواقعة في سهل نهر الأردن، لم يزد عمر المعركة عن خمسة عشر ساعة وارتدت بعدها القوات الإسرائيلية على أعقابها، وتكبدت في ذلك من الخسائر ما تكبدت. وفي الطرف الآخر كان الفلسطينيون والأردنيون.
محمد رسول الكيلاني (رئيس جهاز المخابرات الأردني سابقاً):
معركة الكرامة معركة كنا نحن على استعداد لها، والسبب فيها إنه جاءت معلومات للمخابرات العامة من داخل إسرائيل إنه فيه تحشد على تلك المنطقة، تأكدت من التحشد ورصدت هذا التحشد، والمصدر عسكري سابق. فكان ذاهب للضفة الغربية وما كانش فيه أسلحة على (وادي) النبي موسى، لما رجع من الضفة الغربية شاف فيه أسلحة، بدل ما يجي الطريق غير.. راح لف من عند.. إيجي من عند دانية، أخذ خط عرضي جوالي كيلو فشاف الدبابات. رأساً رجع وصل المساء ومبلغني، بلغنا الجيش.
صورة من أحداث أيلول الأسودأحمد جبريل:
بعد أن فشل الملك حسين في اقتلاع وجودنا من أغوار الأردن، أصبحت المهمة هي على الإسرائيليين استغلت العملية العسكرية اللي قمنا فيها في (عين يهف) ضد باص ينقل طبلة الجامعة العبرية هم وأساتذهم لمنجم في تمناعة.. مناجم تمناعة أي في جنوب البحر الميت وقتلوا وجرحوا كل اللي كان في الباص 22، بدأ الإسرائيلي يحشد قواته ليوجه ضربة عسكرية وكان واضح لنا من خلال الاستطلاعات، من خلال أهلنا في الداخل أن العدو يقوم بحشد قوات.
مشهور حديثة (رئيس أركان الجيش الأردني-سابقاً):
هي الحقيقة استمرت 18 ساعة من صباح الـ 21، الساعة الخامسة حيث قطعت أول دبابة الجسر، جسر الملك حسين باتجاه الشرق على منطقة الشولة المؤدي.. المحور الرئيسي والطريق الرئيسي المؤدي لعمان،وكانت بسرعة لا تقل عن 60 كيلو متر بالساعة أشبه بنزهة، بسرعة لتسير على الطريق واستمرت لغاية الساعة التاسعة ليلاً، القصف الجوي الإسرائيلي.
إفنايين كاني (جهاز المخابرات الإسرائيلي):
قامت معركة الكرامة على ما أعتقد في آذار/مارس من عام 68 قبل أيلول/سبتمبر 1970م بما يزيد عن السنتين، كانت عملية محدودة نسبية ولم تتجاوز الأردن، الإشكال الحقيقي كان قبل هذه العملية وبعدها، ذلك أن المنظمات الفلسطينية كانت تعمل على بناء قواعد صلبة لها داخل الأردن، ولم يكن من المفيد أن نصطدم معهم عسكرياً داخل الأردن لأن الأمر هناك مختلف.
مشهور حديثة:
أعتقد أن الهدف كان هدفين: الأول القضاء على الحركة الفدائية قضاءاً مبرماً حتى تبطل المقاومة صمودها في المنطقة.. اثنين: الضغط على الحكومة في عمان على أساس قبول الحل السلمي الذي وصلنا إله على (...)، ثم إبطال فاعلية الروح المعنوية المتجددة في الجيش، كما تعلم الجيش بعد الهزيمة وبعد عودة من فلسطين معنوياته وليس بالمعنويات الجيدة، ولذلك أريد أن.. أن يقضي أيضاً على هذا النوع من المعنويات لتكون قوات غير جادة كما هي سابقاً ولا تصمد أمام العدو.
ثم إثبات إنه هذه القوة لا تقهر.. لذلك المخططين بنوا كل شيء: معادلات القوة أكثر من قوتنا، العدد أكثر من قوتنا، السلاح الجوي..، ولكن لم يحسبوا حساب الإنسان العربي، لم يحسبوا حساب الروح المعنوية، لم يحسبوا الانتماء الوطني.
إفنايين كاتي:
كانت بالأساس معركة بين إسرائيل والمنظمات الفلسطينية ولكن القوات الأردنية كانت منتشرة في تلك المنطقة على امتداد غور الأردن بشكل عام، لذلك كان علينا أن نواجه الجيش الأردني، وإن على نطاق محدود.
هاني الخصاونة:
الذي وقع والثابت بأن الحكومة الإسرائيلية أرادت أن توجه ضربة قاصمة لمراكز الفدائيين في الكرامة، والكرامة -كما تعلم جنابك- تقع في داخل أراضي الضفة الشرعية من الأردن، أي تحت المسؤولية المباشرة للقوات المسلحة الأردنية فتصدت القوات المسلحة الأردنية إلى الهجوم العسكري الإسرائيلي تصدياً باسلاً تساندها بذلك وضمن الأسلحة المحدودة للفدائيين بطولات للأشقاء الفدائيين الفلسطينيين ومقاومة بالسلاح من يد إلى يد إلى أن انهزمت هذه الحملة العسكرية الإسرائيلية.
عدنان أبو عودة:
هي كانت حرب دفاعية أولاً خلينا لا ننسى الموضوع، الكرامة كانت معركة دفاعية، جاءت إسرائيل بقواتها وبنوع من الغطرسة يعني كنا نعرف أنه إسرائيل داخلة تعمل عملية كبرى في تلك الفترة لأن هذا..ما كانت تخفي نواياها، لأنها كانت تتكلم من الموقف الظفري، من موقف الظافر أبداً الذي يستطيع أن يهزم عدوه باستمرار ويحقق أهدافه العسكرية باستمرار، فدخلت.. وحاربوا دفاعاً عن مواقعهم.. الفدائيين والجيش، الجيش كان يدافع عن الأرض الأردنية، وعن مواقعه أيضاً، عن وطنه وعن المواقع والفدائي كان يدافع عن مواقعه وقواعده، فكانت هي بالأساس حرب دفاعية لكنها كانت مفيدة للطرفين، لأنها كانت مفيدة للطرفين.. الـ Irony المفارقة في الموضوع أن الطرفين تنازعا المجد.
أسعد طه:
ولعل هذا الاختلاف هو الذي شكل بداية التصدع في البناء الفلسطيني الأردني، ففي ظرف اجتمعت فيه عوامل اللقاء والقوة راح كل طرف يبالغ في إقصاء الطرف الأخر وإشاعة فضله هو في دحر القوات الإسرائيلية.
فاروق القدومي (من مؤسسي حركة فتح):
ونذكر في ذلك التاريخ عندما قامت القوات الإسرائيلية.. أكثر من 10000 آلاف جندي دخلت في الصباح بعد أن قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف مكثف على مناطق الكرامة والمناطق الجبلية لأنهم يعرفون على أن القواعد هي في الجبل وفي والقيادة طبعاً في منطقة الأغوار، وبعد ذلك بدأ القصف المدفعي فكان الأخ أبو عمار وكان الشهيد أبو إياد وكان الشهيد أبو صبري وكنت أنا في الكرامة هؤلاء من أعضاء.. وعدد من المناضلين قلت.. أكثر من 93 شهيد يعني ثلثنا قد استشهدوا في تلك المعركة، واستمرت يوماً كلاماً ونقول شارك الجيش الأردني ببطولة وكان قائد الجيش في ذلك التاريخ هو مشهور حديثه.
الحقيقة اشتبك أيضاً مع الجيش الإسرائيلي وكانت خسائرهم كبيرة وقامت مظاهرات أذكر في حيفا تحتج على هذه الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي فقال (أشكول) كلمته "من يضع يده في وكر الدبابير لابد أن يتحمل لسعها" وكانت هذه بداية انطلاقة جديدة للمقاومة الفلسطينية فبدأ الآلاف من الشباب يدخلون أفواجاً إلى الثورة الفلسطينية ليقاتلوا فيها وارتفعت معنويات الجماهير العربية قاطبة بعد هذه النكسة وبدؤوا ينسوا آثارها وتدعيا النكسة لعام 1967م.
محمد رسول الكيلاني:
بالمعركة معركة الدبابات، دروع، هاي المعركة، مش مشاه، فالمدفعية تبعنا في (عير أو يرقه)، زودت بالذخيرة، الدبابات نزلت للشونة لكل المنطقة وسار الالتحام مدفعية ودروع، مش معركة مشاة مش جنود مشاة..
مشهور حديثة:
أنا كقائد لهذه المعركة وكمنصف للطرفين أقولها بكل أمانة: المعركة، معركة جيش لجيش ولو كانت للفدائيين لانمحوا عن بكرة أبيهم أو هربوا من الميدان، ولكن مشاركة الفدائيين كانت فعالة لأننا نسقنا معهم ضمن المنطق وصمدوا وقاتلوا قتال أبطال، وقدموا من الشهداء الكثير وعندما يقدموا 100 شهيد، أنا أعتقد إنهم قاتلوا قتال كويس وحتى إنه في موقع الكرامة بالذات في القرية اللي سميت كرامة وهي كرامة بينما المعنى بالكرامة، كرامة الأمة مش بصفة للقرية.. التحموا مع القوات اليهودية النازلة جواً.. الهيلوكبتر بالسلاح الأبيض، دا الجماعة قاتلوا قتال.. صحيح، لم يكونوا هم.. لم تكون معركة الفدائيين والـ.. وإسرائيل فقط، تسمع مرات يقول "وفتحت.. وفتحت القوات الأردنية مدافعها" لا.. لا إحنا قاتلنا من أول دخلة دبابة على المنطقة، أول ما قطعت الجسر أعطيت تعليمات أن تفتح كافة المدافع أفواهها وقاتلنا القوات الغازية سواءً كانت المدرعات أو القوات الهابطة مجرد ما قطعوا النهر أو فتحوا النار علينا.
أحمد جبريل:
في داخل مخيم الكرامة لم تدمر أي سيارة إسرائيلية، لا دبابة ولا سيارة، الدبابات اللي دمرت هي دمرت على عقد اللي واجهها الجيش الأردني، صارت مقاومة منا، مقاومة محدودة، كناس حرب عصابات شو ممكن يقدروا في ظروف معينة يقاتلوا، قاتلوا بهذا القتال اللي حصل.
عدنان أبو عودة:
حادثة الكرامة كان الحدث الأهم في هذه الفترة بين 67 و 78 لأكثر من سبب، معركة الكرامة كان بحاجة إليها الجيش الأردني، حاجة ماسة مثلما كانت المقاومة بحاجة إليها حاجة ماسة، كانت حاجة الأردن لها هي أن يستعيد الجيش ثقته بنفسه بعد تسعة أشهر من هزيمة حزيران فجاءت هذه المعركة التي حارب فيها الجيش ببسالة وقدم تضحيات جلة وقاتل قتالاً شرساً للدفاع عن مواقعه في غور الأردن، جاءت لتعطيه الثقة بنفسه، بالنسبة للمقاومة كانوا بنفس الحاجة هم أيضاً.
أعطتهم معركة الكرامة وحربهم في هذه المعركة وتقديمهم لشهداء وحربهم البطولي بأسلحة بسيطة ولكنها.. ولكنهم قاتلوا بشجاعة وقدموا معظمهم.. لا أقل من 110 شهداء كان غير المصابين، كانوا بحاجة إليها لتأكيد الـ reasindetre تبعهم، مبرر وجودهم بعد الـ 67 كالبديل للفشل العربي، ثم البديل الذي سيأتي بالنجاح بعد الفشل العربي فكانوا هم بحاجة إلى امتحان.. إلى اختبار.. ليثبوا للناس أنهم هم البديل الشرعي للجيوش المنهزمة، إذاً كان الأردن.. الجيش الأردني بحاجة لها، وكانت الفدائيين بحاجة لها فالاثنين قاتلوا في المعركة قتالاً شرساً، مشرفاً، بالفعل أعاد المعنويات للجيش العربي الأردني وبالفعل أعطى قوة للفدائيين، حيث فتحت أبواب مكاتب المنظمات الفدائية بعد معركة الكرامة على سعتها لتستقبل الطالبين التطوع في صفوف المقاومة الفلسطينية.
هاني الخصاونة:
أخذ يظهر مع الأسف تنازع على هذه البطولة التي هي بطولة عربية قبل أن تكون بطولة فلسطينية أو أردنية، هي بطولة عربية تعكس تاريخ وتراث وجبلة وكينونة المواطن العربي بأنه عندما يحتل الوطن ويعتدي عليه هنالك الاستعداد الفطري الموروث في تاريخ هذه الأمة العربية لمقاومة المعتدين، ولهذا السبب كان الشهداء من الطرفين وكانت المقاومة الباسلة من الطرفين وتحققت الهزيمة لتلك الحملة العسكرية الإسرائيلية.
أسعد طه:
الإقبال المتزايد من الشباب للالتحاق بصفوف المقاومة كان نتيجة طبيعية ومباشرة لانتصار الكرامة، لكنه ضاعف من مخاوف الأردنيين الذين كانوا يرون أن حلم الاستيلاء على السلطة في عمان أصبح يراود بعض الفصائل من المنظمات الفدائية، وهي المخاوف الأردنية التي زادت بنشوء تيارات جديدة في المقاومة مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش، وانخراط شق كبير من المقاومة في اتجاه ثوري لتصبح الصورة هكذا.. سلطة أردنية تتنامي شكوكها إزاء نوايا المقاومة، ومقاومة تجزم بعض فصائلها بأن السلطة في الأردن تمهد لإنهاء وجودها على الأراضي الأردنية.
محمد رسول الكيلاني:
والله سمعت إنه كان فيه مخطط للاستيلاء على السلطة، أما ما كنت وقتها حتى أقولك متأكد.. الفدائيين بعض الفدائيين، بعضهم وقياداتهم كانت تتحدى النظام يعني بشكل واسع.. ما بأعتقدش إنه يعني أي بدائل أخرى استنفذت حتى جاء البديل الأخير، لم يكن هو يعني البديل الوحيد أيلول، ما بأعتقد، يعني كانت هنالك بدائل أخرى استنفذت كلها وساطة جامعة عربية، حسن صبري القولي، الدول العربية.. كلها استنفذت.
صورة للنازحين الفلسطينيينأحمد جبريل:
إحنا الملك الحسين لا نثق فيه، وبنعرف إنه هو من اليوم الأول لما العمل الفدائي دخل للأردن دخل عنوة، مش بإرداته، بإرادتنا إحنا دخلنا للأردن، لكن كان معنا قرار عربي عشان نكون دقيقين، العراق، سوريا، مصر بعد 67 لما دخلنا للأردن.
الملك حسين.. حاول ولعب دور للقضاء علينا لضربنا، عندما عجز بالنهاية بعد معركة الكرامة، عارف كيف.. غير اتجاهه وصار يقول لك أنا الفدائي الأول، وسمي الفدائي الأول.
نايف حواتمة (الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين):
واضح تماماً من الذي ارتكب سلسلة من الأخطاء في عمان أدت إلى صب الزيت على النار -كما نقول- واشتعال الحرب المخطط لها في أيلول/ سبتمبر 70، فتلك الحرب.. الآن الوقائع كشفت جميعها كانت عملية مخططة بين الأوساط الرجعية المغرقة بالعداء للمقاومة الفلسطينية في أجهزة الدولة الأردنية مع الدولة الإسرائيلية ومع الإدارة الأميركية.
مشهور حديثة:
الأردن ليس كان بمخططه أن يقضي على العمل الفدائي وإلا كان قضى عليه من الأول، لكن الاجتهادات السياسية والمبادرات -كما ذكرت- فرضت على الأردن الالتزام بينما العمل الفدائي لا يلتزم، نحن هناك حاولنا أن نساوي بين قبول العمل الفدائي ضمن المخطط العسكري وبينما.. وبين قرار الفدائي الذي لا ينظبط مع العمل السياسي، وبطبيعة العمل السياسي هو غير منظبط لأنه عمل فوضوي لإرهاق العدو، من هنا كان هناك اختلاف سياسي، اختلاف سياسي، قبل ما يكون اختلاف قتالي.
هاني الخصاونة:
عندما تطورت الأمور فيما بعد وتعددت المنظمات الفدائية وأصبح بالإضافة.. وتقلص النشاط العسكري الموجه إلى إسرائيل ونمى إلى جانبه نشاط سياسي وطرحت بعض المنظمات شعارات "كل السلطة للمقاومة" بدأ الشق يتسع ويقوم بين بداية.. بين الدولة وبين الفدائيين ثم مع الأسف انتقل إلى الشارع.
نايف حواتمة:
هذه الشعارات رفعتها أوساط في فصائل أخرى، منها الأخوة في أوساط بصف الأخوة بفتح، منها أوساط بصف الإخوة بالجبهة الشعبية والقيادة العامة نحن لم نكن من هذا التيار أبداً.
فاروق القدومي:
هذه الشعارات كانت ظاهرة صوتية ولم تكن ظاهرة عملية -كما يقال- لأن الثورة الفلسطينية في معظمها كانت قيادتها في يد فتح.
نايف حواتمة:
كلنا نعلم أن الاشتباكات بمراحلها الأولى بين قوات من المقاومة الفلسطينية والدولة الأردنية بدأت أكثر من مرة قبل أن تنطلق الجبهة الديمقراطية وتتواجد باستقلاليتها على الأرض الفلسطينية الأردنية. وفي عمان، بدأت الاشتباكات في المرحة الأولى في فبراير 68 مع فتح ومع القيادة العامة في فبراير 70 مع فتح ومع آخرين، في يونيو 70 مع فتح والجبهة الشعبية وآخرين، والجبهة الديمقراطية منذ البداية أيضاً أدانت هذا كله كما أدانت بالظبط عمليات خارج إطار الصراع المباشر بيننا وبين الاحتلال الإسرائيلي.
أسعد طه:
تأزم الوضع أكثر فأكثر، ولم يكن الكيان الصهيوني ليغفل عما يجري أو يغفو عن التوترات التي أربكت العلاقة بين الفلسطينيين والأردنيين فواصل هجومه على مواقع المقاومة لعلمه أن ذلك من شأنه أن يجعل الأردن يضيق ذرعاً بالوجود الفلسطيني، على أن اتخاذ المقاومة من عمان مقراً لها إثر معركة الكرامة، وضعها وجهاً لوجه مع السلطة الأردنية لتنشأ شيئاً فشيئاً الثنائية في السلطة وهي التي أذكت الشكوك من الجانبين، كل تجاه الآخر.
أحمد جبريل:
اتفقنا في ذلك الوقت، فتح وقوات التحرير الشعبية والجبهة الشعبية، 3 أطراف عسكرياً أنه نضع خطة لنمنع الملك حسين أن يقضمنا.. موقعاً.. موقعاً قلنا خلينا نجمع مواقعنا مع بعضنا البعض وعملنا 3 مواقع مجمعة في غور الأردن في منطقة اسمها الكريمة ومنطقة فيها اسمها الكرامة، ومنطقة جنوب البحر الميت اسمها غاور.. جنوب غور الصافي، بحيث أصبح في كل تجمع فيه مئات الفدائيين، بحيث ليس بالسهل إنه والله الجيش الأردني ياـي ويحاصر 10 أو 15 فدائي ويقتلهم، صار فيه مئات، وحقيقة الملك حسين أحرج بعدما إحنا أخذنا مثل هذا التكتيك -عارف كيف؟ ما عاد يستطيع إنه بيقدر يقتلعنا -عارف كيف؟ وأيضاً كان لنا خطوطنا مع الجيش العراقي للخلف تمويلنا وإلى آخره وعتادنا وسلاحنا.
هاني الخصاونة:
الموضوع الذي حصل، حصل سلطتان قامت سلطتان، في بلد واحد، إحدى السلطتين التي هي سلطة الدولة محددة ممثلة بجلالة الملك وبمجلس الوزراء وبالسلطة التشريعية والقضاء. السلطة الأخرى، سلطة المقاومة، كانت موزعة على عدة حركات فدائية بحدود 10 منظمات فدائية التي كانت متواجدة بالأردن، لم تكن هنالك سلطة مركزية قادرة أن تفرض هيبتها على باقي المنظمات، ولهذا السبب عندما تتعدد السلطات الموجودة على ساحة صغيرة مثل الأردن وفي مدن صغيرة مثل الأردن، يتألف من 3،4 مدن رئيسية وتتواجد عدة جهات للمقاومة وبيدها السلاح، ولا تقبل بسيطرة الدولة لوحدها على شؤون الدولة وعلى ما ينشأ بين المواطنين من نزاعات أمر أدى إلى خلق حالة من الفوضى في البلد، وأدى إلى خلق حالة من عدم الاستقرار، وأدى إلى خلق حالة من هروب أبناء المدن الذين لهم أهل في القرى إلى قراهم وأخذت تنشأ الاحتكاكات عندما تريد قوات الأمن أو الجيش تفرض هيبتها تتحداها المنظمات الأخرى، ثم جاءت ليس فقط شعار "كل السلطة للمقاومة" ثم تعاقبت أحداث أظهرت الأردن وكأنه دولة تتحلل وتتفكك، ولم تعد قادرة على السيطرة على ما يجري في داخل أرضها وفق القانون الدولي عندما تم اختطاف الطائرات وتفجيرها في شرقي الأردن، في المنطقة الصحراوية، وبدأت القوى الدولية تتحدث عن انهيار في الكيان الأردني وفي النظام الأردني.
عدنان أبو عودة:
المقاومة كانت تقودها فتح كرأس حربة باعتبارها المجسد للنضال الوطني الفلسطيني، فلم تكن فتح حزباً تطور إلى منظمة فدائية، بل هي نشأت كحركة مقاومة منذ البداية.. منذ النشأة الأولى، لما أصبح في مكانة ومعنويات وسمعة عالية طيبة ومجد يتصل بالعمل الفدائي، دخل إلى ساحة العمل الفدائي الحزبيون ولبسوا الزي الفدائي وأصبحوا أيضاً يحملون اسم المقاومة، كان لهم برامج سياسية، هذه البرامج السياسية كانت همها.. وكانت ثورية، كانت تستهدف تغيير أنظمة الحكم، ونظام الحكم في الأردن كان أحد أهدافها الآن، هذا الحزب بأدبياته وبمعتقداته الحزبية لبس الآن بزة العمل الفدائي، أراد أن ياخد شرعية النشاط المسلح من خلال دعم الناس وترحيبهم بالعمل الفدائي كبديل أو كمعوض لهم عن الجيوش العربية التي انهزمت وأثرت في كرامة العرب كأمة.
فهؤلاء بنظرهم كانوا الذين سيستعيدون الكرامة لأمتهم بأن يحاربوا إسرائيل بشدة وبقوة وإلى آخره وببطولة، هذا أعطى للعمل الفدائي هالة من التمجيد لم ينلها أحد في العالم العربي بتاريخه، فأصبحت مغرية لأولئك الذين كانوا ممنوعين من النشاط السياسي الحزبي بالنسبة للقانون فوجدوا في ذلك ثغرة، دخلوا من خلالها، وحملوا البندقية ليقاتلوا وفعلاً أنشاؤا لهم منظمات مقاتلة.
أحمد جبريل:
تمت تصرفات.. تمت تصرفات.. طبعاً لم يكن يرضاها أحد أو مناضل يرضاها، عارف كيف، ليس فقط بس خطف الطائرات.
أنا أقول لك.. انكفاء هذه القيادات لتجلس في عمان هل.. هل في داخل العواصم قاعدة فدائية؟ عارف كيف، مش قاعدة فدائية هون؟ عارف كيف، تحولت المدن إلى قواعد فدائية، وعندما كانت نصطدم مع الملك حسين أو يتم التصادم ينزلوا الفدائيين يحتلوا عمان وشوارعها، ويبقى الملك حسين موجود في قصره، وهذا الموضوع عمل ردود فعل عكسية من الجيش الأردني اللي كان معنا، أن يتحول أنه هذا شيء كبير وشيء لا يقبل أن يهان النظام بهذا الشكل.
مشهور حديثة:
نقول للكل بأمانة أولاً الفدائيين أو الحركات الفدائية هي تمثل أيديولوجيات مختلفة وجديدة على الأردن، وهي مع كل أسف تمثل أيديولوجيات وسياسات دول عربية مجاورة، وهذا تنافى مع وجود النظام في الأردن، لأنه حاولنا أنه نجعل البندقية الفاصل، إنه نريد البندقية ضد إسرائيل، لكن هذه المحاولة -مع الأسف- باءت بالفشل.
أسعد طه:
اشتدت الأزمة وبدأت تنبئ بسوء العاقبة وأدرك الكل بما لا يدع مجالاً للشك أن على العالم أن يتحرك، كل ووفق مصالحه.
كيف بدت محاولات التسوية؟ وإلى ماذا آل مصيرها؟ هو ما سوف تهتم به الحلقة المقبلة، السلام عليكم.
التعديل الأخير: