اللمسات النهائية لاستكمال خطة التحالف الإسرائيلي – الأمريكي تمهيدا لبداية حرب 1967
كان لا بد للجميع أن يطمئنوا إلى حدود التحالف الإسرائيلي – الأمريكي في الحرب المقبلة، وقد قام بهذه المهمة "مائير ياميت" رئيس الموساد الإسرائيلي، الذي سافر إلى أمريكا بالتنسيق مع قيادة الجيش أولاً، ثم نال دعم "ليفي أشكول" رئيس الوزراء عندما علم بهذا السفير. وكانت مهمة "ياميت" غاية في السرية، وأحيطت مقابلاته وتنقلاتـه وإقامته بإجراءات أمن غير عادية وأرسل تقاريره المبدئية إلى إسرائيل، ثم كتب تقريره بعـد عـودته "وهذا التقرير هو الذي غير الموقف، وجعل "ليفي أشكول" يعطي الضوء الأخضر للجنرالات بتحديد خطوات الحرب" ..
الخميس 1 – الأحد 4 يونيه "اللمسات النهائية للحرب":
في الأول من يونيه 1967، اتخذت إسرائيـل قـرار الحـرب .. ويُجمع القادة الإسرائيليون في مذكراتهم على أن اتفاقية الدفاع المشترك المصرية – الأردنية هي التي حسمت اتخاذ القرار، ويقول "شيمون بيريز" في مذكراته "إن السبب الأساسي في الحرب كان الحلف العسكري الذي عقد بين الرئيس "عبدالناصر" والملك حسين .. فقد شعرنا أننا محاطون بشبكة من الأسلحة الروسية" .. وبدأت في نفس اللحظة المرحلة النهائية من التخطيط، وتم وضع المهام الاستراتيجية والتكتيكية، وأسبقيات شن الهجمات المختلفة التي شملتها الخطة التعرضية الإسرائيلية "ضربة صهيون" التي نفذتها إسرائيل في يونيه 1967. وقد شملت الخطة العديد من إجراءات الخداع التي تنفذ مصاحبة لإجراءات الحشد الحقيقي على طول الجبهات. وفي أوائل هذا الشهر وبينما كانت الدبلوماسية تأخذ مجراها في العواصم العالمية، كان هناك عنصران واضحان بالنسبة للإسرائيليين، وهما "أنهم لن يتعرضوا لضغط أو سخط رئيس الولايات المتحدة مثل ما حدث لهم عام 1956 بل العكس هو الصحيح في أن الولايات المتحدة تؤيد خطوات إسرائيل وتدعمها، والثاني أن الاتحاد السوفيتي لن يتدخل، "ومن المستحيل القول بما إذا كان ذلك مجرد تقدير يتسم بالفطنة من جانب الاستخبارات الإسرائيلية، أو إذا كان هناك في الواقع نوع من التلميح تلقته إسرائيل من "جونسون" بطرق غير رسمية".
وكانت الاستعدادات تتصاعد على الجانبين بفارق كبير، هو أن الجانب الشرقي (إسرائيل) تحدد خطواتها بـأسلوب صحيح وبتخطيط سليم .. بينما كان الجانب الغربي (مصر) تتصف خطواته بالارتباك نتيجة لانفراد المشير "عامر" بالقرار، وإصراره على تصور استراتيجي واحـد للحرب المقبلة – إذا حدثت.
وفي نفس الوقت كانت الاجتماعات على أعلى المستويات تعقد على كلا جانبي النزاع، ففي القاهرة عقد اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الرئيس "عبدالناصر" مساء يوم 2/6/1967 … وكان تقدير الرئيس أن احتمال الحرب هو يوم 5 يونيه .. وأنه يقبل الضربة الأولى، واستيعابها، ثم ا لرد عليها … كذلك كان اجتماع الحكومة الإسرائيلية يوم 4 يونيه، لتنسيق الإجراءات النهائية للحرب .. وكان هذا الاجتماع هو أخطر اجتماع إسرائيلي في تلك المرحلة..
وما بين العواصم العالمية كانت تتطاير آثار الأزمة .. فـ (الولايات المتحدة) كانت تضع "تصور إدارة الأزمة، ودورها في مساندة إسرائيل .. وفي (فرنسا) .. كان الرئيس "ديجول" مصراً على عقد مؤتمر رباعي لبحث الموقف. وفي (الاتحاد السوفيتي)، كان هناك اصطناع أزمة لإمداد مصر بأسلحة مطلوبة على وجه السرعة، وتم تحديد هذه السرعة ليبدأ وصولها يوم 9 يونيه (أي أنها لن تشترك في الحرب). وفي الكويت كان هناك مطلباً أن يعقد مؤتمر قمة عربي، وأرسلت الكويت كتيبة مغاوير للاشتراك المعنوي للجيش الكويتي مع الجيش المصري .. والتي كان مقدراً لها أن تصل بالقطار إلى العريش الساعة السابعة والنصف يوم 5 يونيه .. حيث تستقبل استقبالاً عسكرياً وشعبياً. أما التنسيق بين الجبهات المختلفة فلم يظهر له أثر فاعل إلا من خلال بداية الأزمة حيث كان التنسيق العسكري المصري – السوري عند زيارة الفريق أول محمد فوزي إلى سورية يوم 14 مايو .. ومع الأردن يوم 30 مايو عند توقيع اتفاقية الدفاع المشترك حيث سافر بعدها الفريق "عبدالمنعم رياض" إلى الأردن يوم 2 يونيه .. وكان الوقت المتيسر لا يسمح بإجراءات تنسيق مناسبة.
وفي البحر الأبيض كانت عشرات القطع البحرية بمختلف أنواعها تقف لمتابعة الموقف، فقد تم تدعيم الأسطول السادس الأمريكي، ووصلت السفينة "ليبرتي" المخصصة للتجسس وفك الشفرات المعقدة، وبدأت تنفيذ مهامها لصالح القرار الأمريكي، كما عبرت قطع بحرية عديدة من الأسطول السوفيتي لتقف في مناطق استراتيجية في البحر الأبيض تنتظر أوامر القيادة السوفيتية.
ومساء الرابع من يونيه، تلقى الطيارون الإسرائيليون تعليمات الهجوم، في نفس الوقت الذي كان يجري فيه قادة الوحدات البرية على طول الجبهة تنظيم المعركة التي تبدأ صباح اليـوم التالي 5 يونيه 1967 .. تحت الاسم الرمزي "ضربة صهيون" والتي تتلخص في.
(1) ضربة رئيسية موجهة ضد مصر.
(2) موقف دفاعي بحت أمام سورية برد قواتها إذا تحركت.
(3) امتناع عن مهاجمة الأردن إلا إذا بدأت هي بالهجوم "وقد طلب ديان في هذه النقطة ألا تحدث مناقشات). [/b]
تل أبيب ـ واشنطن:.
لم تهدأ ثورة الجنرالات في مطالبة رئيس الحكومة بالقرار السياسي للحرب وكانت مطالبهم محددة في ثلاث نقاط رئيسية:
تشكيل وزارة . (الجدول الرقم 4)
تشكيل الحكومة وحدة وطنية إسرائيلية لتستطيع أن تقود البلاد ..... أدارت الصراع حتى عام 1967
في 12 يناير 1966، قام "ليفي أشكول"، الذي كلف بتشكيل الحكومة للمرة الثانية، بإعلان حكومته الجديدة، التي تكونت من أعضاء في التحالف "الجبهة الدينية الوطنية، المابام، الليبراليون المستقلون، بولاي أجودوت إسرائيل" ..
وتألفت الوزارة من:
ليفي أشكول ........... رئيساً للوزراء، ووزيراً للدفاع
أبا إيبان Abba Eban ........... وزيراً للخارجية
إيجال آلون Yigal Allon ........... وزيراً للعمل
زالمان آران ........... وزيراً للتعليم
يوسف بورج ........... وزيراً للرعاية الاجتماعية
مردخاي بنتوف ........... وزيراً للإسكان
إسرائيل بارتزيلاي ........... وزيراً للصحة
حاييم جافاتي ........... وزيراً للزراعة
إسرائيل جاليلي ........... وزيراً للدولة
زيرا فارهافتح ........... وزيراً للشئون الدينية
موشي كارميل ........... وزيراً للنقل
بنجاس سابير ........... وزيراً للمالية
حاييم زادوك ........... وزيراً للتجارة والصناعة
موشي كول ........... وزيراً للتنمية والسياحة
بيخور شالومشيتريت ........... وزيراً للبوليس
موشي شابيرا ........... وزيراً للداخلية
ياكوف شيم ميشمون شابيرا ........... وزيراً للعدل
الياهو ساسون ........... وزيراً للبريد
وتم تعيين خمسة نواب وزراء وهم:
دكتور زفي دينشتاين ........... نائباً لوزير الدفاع
دكتور كالمان كاهانا أهارون ياولين ........... نائباً لوزير التعليم والثقافة
أهارون أوزين ........... نائباً لوزير الداخلية
إيهودا شا آري ........... نائباً لوزير التنمية
وتم فصل منصب وزيـر الدفـاع عـن رئيس الوزراء وعين "موشي ديان" وزيراً للدفاع يوم 3 يونيو 1967.
واستقال "إيجال آلون" الذي رشحه رئيس الوزراء "ليفي أشكول" لتولي منصب وزير الدفاع. والتي لم توافق عليه وزارة الوحدة الوطنية.
تعيين الجنرال "ديان" وزيراً للدفاع ليستطيع أن يقود الجيش.
صدور قرار سياسي يستطيع جيش الاحتلال الإسرائيلي أن يتصرف في إطاره الدستوري والقانوني بأسرع ما يمكن قبل أن تضيع الفرصة ويصبح أمن إسرائيل مكشوفاً أمام الخطر.
وقد نجح الجنرالات في تضييق الحصار على رئيس الوزراء الذي كان يقاوم مطالبهم لسببين:
(الأول) سبب شخصي، في أنه يعتبر نفسه هو الذي أعد جيش إسرائيل ووصل به إلى هذه الدرجة من الكفاءة، "بصفته رئيس وزراء، ووزير دفاع في نفس الوقت"، ولا يريد أن يأتي شخص آخر ليحصد ثمار جهوده ..
و(الثاني) هو مسؤوليته السياسية في أن يضمن عوامل النصر السياسية وتأييد إسرائيل من الولايات المتحدة، وعلى مستوى الرأي العام العالمي، وتحييد السوفيت في نفس الوقت.
أما الجنرالات – من أجل ضغطهم على رئيس الوزراء – فقد نجحوا في الحصول على تأييد الكنيست واستقطاب وزير الخارجية – "أبا إيبان" – الذي أعلن بعد مرور 48 ساعة من وصوله إلى تل أبيب أنه أعطى المهلة الزمنية التي طلبتها الولايات المتحدة … وكان تهديد الجنرالات "لأشكول" يحوي تلميح "بانقلاب عسكري" وذلك كان كل ما يخشاه.
وفي النهاية فقد وافق "أشكول" على تأليف حكومة وحدة وطنية ضمت "موشي ديان" وزيراً للدفاع، و"مناحم بيجين" وزير دولة.
ومن الأحداث الهامة تصريح وزير خارجية إسرائيل يوم 23 مايو 1967 بأن إسرائيل مستعدة للانتظار فترة قصيرة لإتاحة الفرص أمام الدول الكبرى لاستئناف الملاحة الحرة في خليج العقبة ولن نصبر إلا أياماً قليلة قبل أن نضطر إلى التضحية والمغامرة بكل شيء في سبيل تحقيق حرية الملاحة في الخليج.
ونسجل بعض النقاط التي وردت في التقرير .. والتي تؤكد منح الولايات المتحدة التأييد المطلق لإسرائيل في شن الحرب ضد مصر:
(1) أن ناصر يريد تحقيق انتصار بغير حرب، وهذه سياسته الواضحة من خلال جميع تصرفاته ولا يحق لنا أو لكم أن نسمح له بذلك.
(2) أن "جونسون" سوف يسعده أن تأخذ إسرائيل زمام الأمر في يدها وتبدأ الخطوة الأولى.
(3) أن كثيراً في واشنطن "وأولهم "إنجلتون" – مدير وكالة الاستخبارات المركزية" يقولون: ما الذي تنتظره إسرائيل أكثر مما حصلت عليه؟، وكان "إنجلتون" قد أخطر "ياميت" رداً على تساؤل منه – بأن وكالـة الاستخبارات المركزية جاهزة لشحن ثلاثة أسراب من طائرات "سكاي هوك" اشترتها الوكالـة من ميزانيتها، وحصلت على أولوية باستلامها بتصريح استثنائي من "روبرت ماكنمارا" وزير الدفاع، كما أنها – طبقاً لتفاهم سابق – جاهزة باثنين وسبعين طياراً متطوعاً جرى تدريبهم على المستوى اللازم للعمليات.
(4) أن الوكالة رتبت "سربين ميراج" لإسرائيل تم تسليمها قبل أيام عن طريق هولندا مع 62 دبابة من طراز "ليوبارد" الألماني.
(5) أن كل ما طلبته إسرائيل من ذخائر نقل إليها فعلاً خلال الأسبوعين السابقين على طائرات أمريكية مباشرة من قواعد في ألمانيا الغربية.
(6) رأيه … هو أن إسرائيـل لديها كل ما تحتاج إليه، وتستطيع أن تبدأ، وتستطيع أن تنتصر، وأنه بحجم الانتصار الذي تحققه – بحجم ما تستطيع أن تضمن تأييد "جونسون" .. وإذا كان الانتصار كبيراً يغطي مساحة واسعة من الاهتمام الأمريكي بحيث يؤثر على "فيتنام" .. فإن إسرائيل تستطيع أن تضمن "جونسون" معهـا إلى النهاية، مهما كان من شأن أهدافها المستقلة. "يقصد أهداف إسرائيل في الضفة الغربية".
(7) أن الروس ليسوا في وضع يسمح لهم بالتدخل ضد إسرائيل، وإذا تدخلوا بما هو أكثر من البيانـات والإنذارات، فإن الموقف كله سوف يختلف. وحينئذ يصبح موقف الرئيس الأمريكي مبرراً دستورياً ودولياً في أي إجراء يتخذه.
(8) في حالة انعقاد مجلس الأمن لبحث الموقف في الشرق الأوسط أعقاب عمل تقوم به إسرائيل، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بالآتي:
(أ) لـن تسمح الولايات المتحدة بأي اتهام يوجه لإسرائيل بأنها البادئة بالعدوان (بما يعني استخدام حق الفيتو الأمريكي ضد أي قرار بإدانة إسرائيل).
(ب) أي قرار يصدر عن مجلس الأمن بوقف إطلاق النار بعد نشوب عمليات، لا يجب أن ينص كما هي العادة على عودة القوات إلى الخطوط التي كانت عندها قبل بدء العمليات.
(ج) إن الولايات المتحدة لا يجب أن تدخل في مشاورات أو اتفاقات أو تنسيق للمواقف مع أي طرف من الأطراف .. لا في نطاق الأمم المتحدة أو خارجها بدون علم وقبول وموافقة إسرائيل.
تمهـــيدا للدخـــول فى "عمليات وتفاصيل معارك نكسة حرب 1967 .... أنشر عــرض خـــرائطى لتطور عمليات الهجوم الأسرائيلى وطيرانه وتاكتيكية عملياته ضد كافة القوات والمدن المصــرية ... خلال نكسة حرب 1967 ، وأوجه النظر الى خريطة الهجوم الأسرائيلى على سيناء خلال العدوان الثلاثى "المؤامرة الأنجلوظفرنسيةظإسرائيلية" فى أكتوبر 1956 ... لكى نتفهم فى النشابه فى الهجوم .. وهو ما لم تتعلم من دروسه القيادة العليا للقوات المسلحة عام 1967 ، ولابد من تتبع وتسلسل الحوادث على الجبهة المصرية ... وسوف أنشر فيما بعد ، عرض خرائطى مشابه لتطور القتال على "الجبهة السورية
عــرض خـــرائطى لعمليات الهجوم الأسرائيلى وطيرانه ضد كافة القوات المصــرية ... نكسة حرب 1967
د. يحى الشاعر
تم تحرير المشاركة بواسطة يحى الشاعر: Dec 23 2006, 07:16 PM