في الطريق إلى الحرب ....الأنزلاق للكارثة ونكسة 1967 ( رابعاً - الـــعـــــراق )

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
في الطريق إلى الحرب ....الأنزلاق للكارثة ونكسة 1967 ( رابعاً - الـــعـــــراق )




في الطريق إلى الحرب

كانت السمة العامة للإستراتيجية العسكرية العربية وللإستراتيجيات العسكرية القطرية، في المدة ما بين حربَي 1956 و 1967، وفي الحرب نفسها، دفاعية في جوهرها، على الرغم من أن المفاهيم والأغراض الإستراتيجية في مستوى القمة العربيـة، لا توحي بضرورة بناء الإستراتيجيـة العسكرية على مفهوم دفاعي، بل العكس هو الصحيح. فقد كانت تلك المفاهيم والأغراض، وكذلك الوسائل التي حددتها القمة لبلوغ تلك الأغراض، لا تعني سوى أن تكون الإستراتيجية العسكرية هجومية تعرضية. غير أن السمة العامة للإستراتيجيات العسكرية القومية والقطرية ـ كما ذُكر ـ كانت، في جوهرها وعملياتها، دفاعية.



رابعاً - الـــعـــــراق
فوجئ العـراق بالحرب، كما فوجئت سائر البلدان العربيـة. فكان اشـتراكه في العمليات، وهو بعيد عن ساحتها، على قدر ما سمحت له الأيام القليلة، التي سبقت الحرب من اتخاذ بعض الاستعدادات. غير أن تطور القتال كان أسرع من قدرة القوات العراقية على الالتحاق بجبهة القتال والاشتراك الجدي والكثيف في المعركة.

ونظراً إلى فقدان التخطيط الإستراتيجي على المستوى القومي، فقد كانت خطة دخول العراق ساحة القتال مرتجلة. فبعد أن كان العراق قد اتفق مع سورية، في 24/5/1967، على أن يدعمها بسربين من الطائرات، أحدهما قاصف والآخر مطارد، ويعملان من القواعد الجوية العراقية، إضافة إلى لواء مشاة مدعوم بكتيبة دبابات وكتيبة صاعقة، يقاتل مع القوات السورية في جبهتها، تغيرت هذه الخطة، في إثر زيارة نائب الرئيس المصري والفريق عبدالمنعم رياض بغداد، في 31 مايو، والاتفاق على توجيه الدعم العراقي، الجوي والبري، إلى الأردن بدلاً من سورية، بحسبان أن الجبهة الأردنية أطول وأخطر من الجبهة السورية، وأن الأردن أحوج إلى المساعدة العسكرية. وهكذا، صدرت الأوامر إلى اللواء العراقي المدعوم بالتوجه إلى الأردن، فوصل إلى المفرق، في الساعة 11.00 من يوم 5 يونيه، أي بعد نحو ساعتين من بدء القتال في الجبهة الأردنية.

باشر اللواء العراقي القتال إلى جانب الوحدات الأردنية، وهو غير عارف بطبيعة مواقع القتال. ولم يكن لديه الوقت الكافي لتنظيم تعاونه مع الوحدات الأردنية، ولا التعرف بمواقع العدو، إضافة إلى تتابع الأوامر التي كانت تقضي بتحرك وحدات اللواء العراقي من مكان إلى آخر، بحسب ما تتطلبه تطورات القتال، وما سيطر على القيادة العامة من قلق واضطراب.

وهكذا كان الارتجال هو المسيطر على مجمل تحركات القوات العراقية، سواء في الحشد أو في القتال، في حين لم تسمح المدة القصيرة للحرب لسائر القوات العراقية بالاشتراك على نطاق أوسع في العمليات. كما كان فقدان التخطيط للتدريب المشترك بين قوات الجبهة السورية ـ الأردنية، مضافة إليها القوات العراقية، سبباً رئيسياً في ضعف التعاون والتنسيق بين هذه القوات، سواء على مستوى القيادات العليا، أو على مستوى القيادات الميدانية، أو على مستوى وحدات القتال. وحينما عملت هذه القوات في جبهة واحدة ولأهداف مشتركة، لم تكن قد تدربت قط على العمل العسكري المشترك، بمختلف أشكاله ومواضعه ومستوياته.




يحى الشاعر
 
عودة
أعلى