الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

zahia kidima

عضو
إنضم
30 سبتمبر 2009
المشاركات
44
التفاعل
0 0 0
الملك الحسن الثاني و التاريخ
إن هذه الورقة تجمع مقتطفات مختزلة و إشارات من عهد الملك الحسن الثاني من هنا و هناك
الحسن الثاني و الريف
الزواج الملكي بين الأمس و اليوم
حياة القصور في عهد الحسن الثاني
شخصية الملك حسب الفلكيين الفرنسيين
مصمم قبعات الملك الحسن الثاني
الحسن الثاني و النخبة الفرنسية
جيلالي بن سالم موسيقي القصر
رجال من صنع عهد الحسن الثاني
شهادة أحد الأسرى الصحراويين في حق الملك الحسن الثاني
من طلب من جيل بيرو تأليف كتاب عن مغرب سنوات الجمر ؟؟
الحسن الثاني و الكولف
الملك الحسن الثاني و TF 1 الفرنسية

20051811-B-Druon%2520HassanII.jpg

الحسن الثاني و الريف

إن نظرة الملك الحسن الثاني للريف كانت خاصة و مطبوعة بحكم قيمة له دوافعه تاريخيا و هو الذي شكل أرضية الانطلاق في التعامل مع هذه المنطقة على امتداد العهد الحسني. و قد تكرست اللبنات الأولى لهذا المنطلق منذ أحداث 1959 و الأحداث التي رافقتها بالريف، لاسيما قبائل آيتورياغل التي صعد رجالها و شبابها إلى الجبل احتجاجا على جملة من تجاوزات و ممارسات مشينة لأحد رجال السلطة عُيّن لتدبير شؤون العباد بالمنطقة و القيام عليها بإسم الملك و تمثيلا له هناك.
هذه كانت نقطة البداية، و تكرس هذا المنحى بفعل تهميش المنطقة و إخراجها عن نطاق دائرة الصيرورة التنموية التي عرفتها البلاد بما لها و ما عليها. و بشهادة أغلب المحللين ، أن هذا المنحى هو الذي دفع سكان المنطقة دفعا إلى التوجه إلى الخارج مبكرا ن و الذي كان بالنسبة لأغلب الريفيين المنفد الوحيد للتمكن من تحسين واقع حالهم و التوق لغد أفضل من يومهم

رجال من صنع عهد الحسن الثاني

إن أغلب المحللين السياسيين يعتبرون أن جل عناصر نخبة مواقع القرار في عهد الحسن الثاني كانوا من صنع مرحلة تاريخية ساهمت في انتاج رجال القرارات من طينة خاصةش، من قبيل الجنرال الدليمي و إدريس البصري و حميدو لعنيكري و حسني بن سليمان و غيرهم. و كل هؤلاء يعتبرون الآن من حاملي أغلب أسرار العهد الحسني و مازال لم يتكلم منهم أحد، ماعدا بعض التخريجات الهامشية لإدريس البصري المكلوم في كبريائه و الذي لجا إلى التلويح ببعض الاشارات مما يحمله من أسرار. و إنما لم يلجأ إلى ذلك خدمة للحقيقة أو التاريخ و إنما للمساومة من طرفه للإفلات من المحاسبة و رغبة منه لعدم “الفرشة” كما يقال و الفضيحة بجلاجل حسب التعبير الشعبي لولد البلد بمصر. و لهذا عندما شرع صاحبنا بقرب الخطر بث تخريجات هنا و هناك باعتبار أنه لم في جعبته إلا سلاح الضعفاء و الجبناء، و هو التهديد بكشف الأسرار، ليس خدمة للحقيقة و التاريخ كما سبق الذكر و إنما رغبة في تحقيق مصلحة ذاتية ضيقة …” عين ميكا عليّ”.

الزواج الملكي بين الأمس و اليوم

إن شهر أبريل من سنة 2002 سيظل من اللحظات ذات الدلالة في تاريخ العهد الجديد لأنه شكل نقطة تحول بخصوص الحياة الخاصة لعاهل المغرب، إذ تحول عقد قران ملك المغرب من أمر محجوب عن الأنظار إلى أمر جماهيري يشارك فيه الشعب المغرب من قلب الدث. و هذا لم يكن معتمدا في عهد الملك الحسن الثاني و في عهد الملوك السابقين. فالملك الحسن الثاني عقرانه في بداية فبراير مع لالة لطيفة ، شابة بربرية ، التي حملت لقب ً أم الأمراء” دون أن يتعرف عليها المغاربة إلا المقربين منهم جدا للقصر الملكي.
و من المعروف أن التقاليد الملكية المخزنية ظلت تُقرّ بأن الملك يجب أن يكون متزوجا قبل اعتلائه عرش البلاد. و هذا ما سار على خطاه كل الملوك العلويين، و آخرهم الملك الراحل الحسن الثاني الذي قيل أنه تزوج عقب وفاة والده سنة 1961. و عموما ظل زواج الملوك شأنا داخليا يهم القصر الملكي فقط و محجوبا عن أنظار الرعية و الشعب على امتداد عهود الملوك العلويين إلى أن حلّ عهد الملك محمد السادس الذي اختار اعتماد الشفافية المطلقة في هذا الصدد الشيء الذي أكد عدم صدقية الاشاعات التي انتشرت وسط عموم الشعب و القائلة أن الملك الجديد قد تزوج يوم 23 يوليوز 1999 فور وفاة والده و قبل اعتلائه عرش البلاد.

حياة القصور في عهد الحسن الثاني

إن مختلف الأخبار التي تسربت عن أتاث و تجهيزات و ديكورات و توابع و مرافق القصور الملكية في عهد الحسن الثاني كانت بالأساس عن طريق أناس عاينوها عن قرب ، بل هناك منهم من ساهم في إقامتها و تصميمها و خلقها و ابداعها. و من هؤلاء مهندسو الديكور و المهندسون المعماريون و الفنانين و الصناع التقليديين و الحرفيين.
و على سبيل المثال لا الحصر ارتكز الكاتب الفرنسي جيل بيرو صاحب كتاب “صديقنا الملك” على المعلومات التي كشفها له مصمم الديكور الذي أشرف على إحدى القصور الملكية، و هو من مكّنه من مخططات و أوصاف دقيقة. و هذا المصمم هو من كشف للكاتب بعض مظاهر حياة البدخ المفرط و وجود حنفيات مصنوعة من ذهب. لقد أهدى للكاتب على طبق من ذهب معلومات مكنته من تأليف كتاب لم يسبق أن فكر في تأليفة قطعا.

شخصية الملك حسب الفلكيين الفرنسيين

حسب أغلب الفلكيين الفرنسيين ، إن شخصية الملك الحسن الثاني تميل بالأساس إلى منحى التفكير و التأمل و الوجود و الإبداع أكثر من الميل إلى منحى الكشف عن دواخل الذات و الأفعال و البحث عن التمييز.
إنها شخصية مطبوعة بالاتصال و التواصل و العلاقات الواسعو مع الآخر و السعي وراء تفاعل الثأتيرات بين الأنا و الآخر و الاستعداد الدائم و المستدام للتكيف بسرعة مع المتغيرات مع غياب التردد.
شخصية تفضل الليل و السكون، أنسب جو و فضاء للبلورة و البحث عن عمق الأشياء و الرغبة في المزيد من المعارف لخدمة اغلآخر ضمن رؤية محددة المعالم و المقاصد تكرس الفضاءات و المساحات العلائقية.
و الأهم يظل المزيد من الابتكار و الابداع و التفكير على أرضية صلبة فلادية، و الباقي هو مجرد توابع لهذا المنحى. و مع تحقيق هذا تكون الذات كافية لذاتها تغدي نفسها بنفسها كلما زاد إغناء نفس الآخر في صيرورة تواصلية حركية.
شخصية قوية الاستشعار و الشجاعة و الثقة بالنفس و الحماس غير المضبوط احيانا. شخصية لا تخشى السباحة ضد التيار و بقوة و تباث حتى النهاية و لو بقبول مخاطر غير محسوبة ، إنها شخصية تكره تعطيل حركية منطلقة.

مصمم قبعات الملك الحسن الثاني

إن القبعات التي كان يرتديها الملك الحسن الثاني كانت من تصميم و ابداع أحد المختصين ذوي الصيت العالمي في تصميم القبعات “فرناند سيبا” الذي اكتسح ركح القبعة النادرة منذ مارس 1996 في اليابان و ايطاليا و ألمانيا و بلجيكا و هولاندا و بلجيكا و المجر و الدانمارك و انجلترا و اسبانيا و البرتغال و اسرائيل و السويد و روسيا و المملكة السعودية.
و “فرناند سيبا” هذا ظل القائم على شأن قبعات الملك الحسن الثاني إلى قبيل وفاته بقليل إذا كان يحضر إلى المغرب بكثرة رغم التزاماته عبر العالم.

الحسن الثاني و النخبة الفرنسية
hassan2%20miterand.jpg




حسب جملة من المقربين للقصر و جملة من الشخصيات الفرنسية بالخصوص، كان في كل عطلة رأس السنة و أعياد الميلاد و حتى الأعياد الوطنية من المعمول به في عهد الحسن الثاني استدعاء نخب سياسية أجنبية إلى المغرب ، و خصوصا الفرنسية منها. فالعديد من أفراد النخبة السياسية الفرنسية سواء من اليسار أو اليمين كانت تجتمع في تلك المناسبات في أحد فنادق مراكش الفخمة خصوا، و أحيانا في غيرها من المدن تلبية لدعوة خاصة من الملك. و كان المدعوون يحرصون حرصا شديدا على تلبية الدعوة في كل مناسبة حتى أضحى الكثير منهم دائمي الحضور في تلك المناسبات.

الحسن الثاني و جريدة لوموند الفرنسية

إن العلاقة بين الملك الحسن الثاني و جريدة لوموند الفرنسية ظلت مرتبطة في ذهن المغاربة بالأساس بمتابعة العاهل المغربي لهذه الجريدة العالمية بتهمة القدف في حق شخصه و الاسائة لرئيس دولة أمام القضاء الفرنسي سنة 1995.
آنذاك كانت جريدة لوموند قد نشرت مقالا للصحفي “اينكيان” بخصوص التقرير السري للمرصد الجيوسياسي للمخدرات. و هو التقرير الذي أنجز بطلب من هيأة أوروبية بعد أن تقدم المغرب بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. و قد تضمن المقال المنشور عبارات و مضامين و صيغ اعتبرها الملك الحسن الثاني تمس شخصه و قدفا بسوء نية في حق رئيس دولة دون التتبث من صحة ما نشر.
و بعد أن برأت محكمة الدرجة الأولى ساحة القائم على الجريدة و الصحفي من تهمة القدف بسوء نية تم استئناف الحكم. و بعد الاستئناف أقرت المحكمة بحصول القدف و أكدت أن الصحفي لم يأخذ على عاتقه تتبيت صدقية ما قدم على نشره و هذا عنصر أخل بحسن النية عند النشر. و بذلك أدانت المحكمة الجريدة و الصحفي.
و كان هذا الحدث من العوامل التي سمّمت العلاقة بين العاهل المغربي و القائمين على جريدة لوموند الفرنسية.

جيلالي بن سالم موسيقي القصر

جيلالي بن سالم، مغربي ازداد سنة 1932 بالجزائر، قال يوما للملك الحسن الثاني أنه سيعمل على العودة إلى بلده المغرب…و بعد سنوات على هذا التصريح عينه الملك كموسيقار بالقصر.
و جيلالي هذا هو ابن لأحد الفلاحين المغاربة الذين هاجروا إلى الجزائر. إلتحق بفرقة بلاوي الهواري الذي يعد من الذين ساهموا في بروز فن الراي بالجزائر. و مع بلوغ سن 18 سنة سافر جيلالي إلى فرنسا و اشتغل بالملاهي الليلية كعازف للغيتار . و بعد ندائه للخدمة العسكرية من طرف الجيش الفرنسي إلتحق ثانية بالجزائر و بمجرد إنهاء الخدمة انخرط في صفوف المجاهدين الجزائرين للمساهمة في حرب التحرير. و بعد تكليفه بعملية تصفية بعض العملاء و المخبرين بفرنسا إلتحق بألمانيا و منها إلى إحدى قواعد الثورة الجزائرية بوجدة (قاعدة بومهيدي) سنة 1959. آنذاك حضر مولاي الحسن ولي العهد آنذاك لحصور استعراض عسكري بالقاعدة و كان رفقة بن بلا و الهواري بومدين. و استغل جيلالي الفرصة و توجه إلى الملك الحسن الثاني و قال له: أنا مغربي و يوما سأعود إلى بلادي.. فأجابه الملك (ولي العهد آنذاك) : مرحبا بك في أي وقت.
و في سنة 1962 توجه جيلالي إلى الدار البيضاء و اشتغل بالملاهي الليلية، و بعد مدة ذهب إلى القصر الملكي و طلب مقابلة الملك. و فعلا نجح في مسعاه و منحه الملك هبة مالية قيمة. و بعد أيام أرسل الملك في طلبه و إحضاره إلى القصر بالصخيرات على وجه السرعة. و هناك طلب منه تقديم مقتطفات من روائع لويس أمترنغ و شارل أزنافور و داريو مورينو، و في نهاية العرض قرر جلالته الاحتفاظ بجيلالي بالقصر الملكي و عينه موسيقار به. و استقر في شقة تابعة للمعهد الموسيقي لتواركة (المشوار) بالرباط.
و بعد محاولتي الانقلاب قلت السهرات و الأمسيات بالقصر و توقفت حركة قدوم الفنانين و الموسقيين . وسنة قبل وفاة الراحل الملك الحسن الثاني أُخبر جيلالي بضرورة مغادرة المسكن ، فعاد إلى الدار البيضاء لبداية حياة جديدة بعد أن توقف الراتب الذي كان يستفيد منه من القصر الملكي.

رجال من صنع عهد الحسن الثاني

إن أغلب المحللين السياسيين يعتبرون أن جل عناصر نخبة مواقع القرار في عهد الحسن الثاني كانوا من صنع مرحلة تاريخية ساهمت في انتاج رجال القرارات من طينة خاصةش، من قبيل الجنرال الدليمي و إدريس البصري و حميدو لعنيكري و حسني بن سليمان و غيرهم. و كل هؤلاء يعتبرون الآن من حاملي أغلب أسرار العهد الحسني و مازال لم يتكلم منهم أحد، ماعدا بعض التخريجات الهامشية لإدريس البصري المكلوم في كبريائه و الذي لجا إلى التلويح ببعض الاشارات مما يحمله من أسرار. و إنما لم يلجأ إلى ذلك خدمة للحقيقة أو التاريخ و إنما للمساومة من طرفه للإفلات من المحاسبة و رغبة منه لعدم “الفرشة” كما يقال و الفضيحة بجلاجل حسب التعبير الشعبي لولد البلد بمصر. و لهذا عندما شرع صاحبنا بقرب الخطر بث تخريجات هنا و هناك باعتبار أنه لم في جعبته إلا سلاح الضعفاء و الجبناء، و هو التهديد بكشف الأسرار، ليس خدمة للحقيقة و التاريخ كما سبق الذكر و إنما رغبة في تحقيق مصلحة ذاتية ضيقة …” عين ميكا عليّ” ( غضوا الطرف علي).

علاقة المملكة بمجلة جون أفريك


لقد سبق لصحيفة جورنال هيبدو أن تساءلت عن طبيعة علاقة السلطات المغربية بمجموعة جون أفريك ( بشير بن ياحمد) و كشفت عن روابط ذات طبيعة كاتوليكية بين الطرفين و الداعي لذلك اكتشاف مبلغ 994 ألف أورو في ذمة المغرب لفائدة مجموعة “ديفكوم” ، و هي وكالة للاتصال و الإشهار في ملكية مجموعة “جون أفريك”، مملكة بشير بن ياحمد. فماذا يا ترى كانت استفادة المملكة و أي نوع من الخدمات وفرته لها المجموعة؟ و لماذا التجأ المغرب لهذه المجموعة بالذات؟
علما أن مجموعة “جون أفريك” كانت دائما و لازالت على دراية كبيرة من ” اين تُأكل الكتف” بخصوص استغلال الصراعات الاقليمية الافريقية لجني الملايين. و هذا أكدته كشوفات مالية في حوزة “جورنال هيبدو”، و التي تفيد، من بين ما تفيد، أنه فيما بين 2002 و 2003، تسلمت مجموعة “جون أفريك” من موريطانيا و الغابون و الكامرون و غينيا الاستوائية و الطوغو و رواندا بعض الملايين ، و كذلك من الجزائر التي يبدو أنها أدت للمجموعة مبلغا يوازي المبلغ المغربي.
و عندما ينكشف السبب يتوارى العجب كما يقال، و بالرجوع إلى المقالات الصادرة في أعداد مجلة جون أفريك لسنة 2003 حول المغرب يمكن للمرء أن يفهم الخدمة التي أدى المغرب مقابلها 994 ألف أورو. و أغلب تلك المقالات بقلم “فرانسوا سودان” مدير النشر بالجلة. و زيارات هذا الأخير للمغرب كثيرة و كثيرة جدا، و من المعروف أنه يحيى عندنا “عيشة الملوك” بمجرد أن تطأقدماه أرض الوطن، يقيم في أضخم الفنادق و توضع رهن إشارته سيارة خاصة بسائقها ليل نهار. و غالبا ما يستقبله عالي الهمة و حميدو لعنيكري و أندري أزولاي و مزيان بلفقيه.
و في واقع الأمر إن علاقة المملكة بمجلة “جون أفريك” ليست وليدة اليوم و إنما نشأت بالأمس في عهد الملك الراحل الحسن الثالي و ظلت موصوفة بالكر و الفر، ربما تبعا للمبالغ المرصودة و لدرجة رضى القائم عليها بما يتوصل به من ملايين.
و من المعلوم أن جملة من أعداد المجلة قد سبق و أن تم كنع تداولها بالمغرب لاسيما فيما بين 1965 و 1975 . آنذاك كان بشير بن ياحمد متعسكرا و متمترسا بجانب الجزائر و يد في يد مع الهواري بومدين. و بالتالي كان عليه أن يقوم بأداء الخدمة كاملة غير منقوصة والمؤدى عنها بسخاء، أي معاداة المغرب و البحث على سبيل من سبل النيل من سمعته على الصعيد الدولي. و قد تأكد هذا بجلاء في تعاطيه مع قضية الشهيد المهدي بن بركة و انقلابي 1971 و 1972 (مقلات بقلم حميد برادة موقعة باسم مستعار: يونس بري). لكن بفضل مجموعة من الأشخاص، و على ٍاسهم أندري أزولاي (عندما كان يشغل منصب المدير التجاري لمجموعة “سكوا” بفرنسا) تحسنت العلاقة بين المملكة و مجموعة جون أفريك. و قد تزامن هذا التحول مع إقفال متب المجلة بالجزائر العاصمة في غضون سنة 1975. آنذاك بدأ بشير بن ياحمد يسعى جاهدا للتقرب من القصر اعتمادا على أحد المقربين من العاهل المغربي، محمد الشرقاوي سفير المغرب بفرنسا. و بعد ربط الاتصال و تقرير العلاقة أضحى بشير يلتقي كثيرا بأحمد الدليمي و هو الذي كان يحسم في طلباته المادية في الاتجاه الذي يرضيه دائما. و ظلت هذه العلاقة على ما هي عليه حتى بعد الاختفاء المفاجئ للدليمي.
و لقد سبق لإدريس البصري أن أعلن أن المغرب ظل يدعم جون أفريك ماديا و بسخاء على امتداد عدة سنوات ، و كان مدير ديوان وزير الداخلية آنذاك، عثمان بوعبيد، هو القائم على تدبير ملف جون أفريك و تتبعه.
و بعد انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الافريقية، و اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1985 طلب المغرب من بشير بن ياحمد إصدار عدد خاص من مجلة جون أفريك حول ملف الصحراء و بثلاث لغات مع طبع 100 ألف نسخة. و هذا ما كان، إلا أنه لعطب تقني شاب نوع من التشوه صورة الملك بغلاف المجلة و بذلك اضطرت السلطات المغربية من جمعه من الأكشاك. لكن بشير بن ياحمد أصر رغم ذلك على التعويض و توصل فعلا إلى جني ما يناهز مليون فرنك فرنسي. و كانت هذه بداية تكسير العلاقة بين الطرفين، لاسيما مع حدوث مستجدات على الصعيد العالمي (انهيار جدار برلين، ايقاف إطلاق النار في الصحراء سنة 1991). و كان الطلاق بين المغرب و المجلة بحلول سنة 1993، و بعد هذا التاريخ مُنعت المجلة بالغرب أكثر من مرة.
و مع وفاة الملك الحسن الثاني نشرت جون أفريك مقالات تضمنت إشارات واضحة. و بحلول 2003 رجعت المياه إلى بعض مجاريها مع غبرام عقدة مع المجموعة.
و هذا نموذج من نماذج تعامل المملكة مع الإعلام الدولي.

حياة النساء بالقصر

في عهد السلطان محمد الخامس كانت نساء القصر الملكي يعشن في قطيعة مع العالم الخارجي. و هذا ما تأكد من طرف جهات متعددة، و هناك اجماع على هذا. و هذا ما أكدته تصريحات كل من فاطمة الشنة زوجة الجنرال اوفقير و ابتهما مليكة التي تبناها السلطان محمد الخامس و من بعده الملك الراحل الحسن الثاني كرفيقة و مرافقة للأميرة لالة أمينة.
فقد أكدت زوجة أوفقير، التي كانت من المقربات لشقيقة السلطان محمد الخامس، إذ أن والدها الضابط السامي بالجيش قد عهد بها إلى شقيقة السلطان لتكون معلمتها و راعيتها. و قد رفضت شقيقة السلطان، رحمة للفتاة، أن تبقة فاطمة في محيط القصر لأن جميع نسائه اللواتي يعشن به ممممأسورات. و هكذا رفضت شقيقية السلطان أن تأسر فاطمة الشابة التي كانت راغبة في ذلك.
و تقول فاطمة الشنة أن الملك الحسن الثاني كان يستحسن كثيرا النقاش و التحدث مع الذكيات من النساء لكنه كان يعاملهن بفوقية خلافا لتعامل السلطان محمد الخامس معهن.
فالسلطان محمد الخامس كان أكثر تقديرا و احتراما للنساء من ابنه الملك الحسن الثاني.
لقد كانت فاطمة الشنة تعتبر تقريبا من أفراد العائلة الملكية و كانت تعيش مع نساء الملك و الحريم و مطلعة على الأسرار الشخصية. و رغم حبها و ولعها بهذا الوسط لكنها لم تكن تحب حياتهن لنها كانت ترفض أن تؤسر بعدما خبرت حياة القصر عن قرب.
أما الإبنة مليكة فتقر أنها عاشت طفولة سعيدة بشكل كامل بالقصر الملكي، و كان الملك الحسن الثاني بمثابة أب لها بعد وفاة الملك محمد الخامس. و هي مثل أمها تقر أن الملك محمد الخامس كان أكثر تواجدا و حضورا بالقصر من الملك الحسن الثاني، و أكثر اتصلا بأطفال و نساء القصر. كما أكدت ، هي كذلك، عزلة نساء القصر عن العالم الخارجي. و كانت العلاقة مع هذا العالم لا تتعدى النظر عبر نوافذ السيارات عند الانتقال من قصر إلى آخر. و حتى إذا تطلب الأمر قضاء حاجة خارج القصر، كانت النساء لا يغادرن السيارة. و هذا ما أكده القائم على مطعم الرمال الذهبية بفال دور ، شمال العاصمة، الذي صرح لي أن سيارات القصر كانت تأتي أحيانا إلى المطعم و تستقر خلفه و بها إحدى نساء القصر لم يتمكن أن يتعرف غليها، و تطلب وجبة أكل من المطعم الذي اشتهر و داع صيته لا سيما بخصوص إعداد أطباق السمك و الفواكه البحرية ، و حدث هذا أكثر من مرة.

شهادة أحد الأسرى الصحراويين في حق الملك الحسن الثاني

نسوق هذه الشهادة اعتبالرا لما تتضمنه من اعترافات في حق الملك الحسن. إنها شهادة للأسير الصحراوي محمد ودادي عبد الجليل ، قائد مجموعة أُسر في عملية هجوم على إحدى المواقع العسكرية بالصحراء.
إنه يُقر أنه بعد نقله إلى مدينة أكادير قصد الاستنطاق و التحيق زاره الجنرال بأمر من الملك الحسن الثاني الذي أمر كذلك أحد الأطباء المتخصصين القريبين من جلالته ، البروفسور مولاي العلوي (جراحة العظام) للقيام بإجراء عملية جراحية عليه و الاشراف عليها بنفسه.
و يقول محمد ودادي …مع استعادة وعيه بزوال آثار التخدير عاود البروفسور زيارته و قال له أنه يحمل أوامر من الملك شخصيا بضرورة العناية المشددة به و التعامل معه بالتساوي مع الضباط المغاربة.
و يوجد محمد ودادي الآن بالجزائر بعد الإفراج عنه .

من طلب من جيل بيرو تأليف كتاب عن مغرب سنوات الجمر ؟؟

من الكتب التي أثارت ضجة كبيرة كتاب جيل بيرو “صديقنا الملك” و الذي كان سببا في انلاع أزمة دبلوماسية بين البلدين. علما أن جيل بيرو لم يسبق له أن التقي بالملك الحسن الثاني و لم تربطه أي علاقة به و لم يسبق أن حضي بأي مقابلة معه في أي مناسبة.
في الواقع إن جيل بيرو كتب كتابه و هو قابع بمنزله الريفي بنورماندي الفرنسية، إنه طلّ على المغرب العميق من هذا البيت الشبه المنعزل. فلم يكن جيل يفكر إطلاقا في كتابة هذا الكتاب عن الملك الحسن الثاني و إنما يقول أن جملة من الدواعي هي التي فرضت عليه ذلك فرضا لاعتبارات ينعثها بالمعنوية و الأخلاقية و الانسانية.
و عندما اطلعت على تصريحات جيل بهذا الخصوص رجعت بي الذاكرة إلى الوراء و بالضبط إلى عقد سبعينات و ثمانينات القرن الماضي عندما كنت معتقلا ضمن مجموعة السرفاتي و أعضاء منظمة إلى الأمام . و عرفت من أين أتت فكرة تأليف كتاب جيل بيرو “صديقنا الملك”. إنها انطلقت من حي أ و [ بالسجن المركزي بالقنيطرة حيث كان يقبع الشباب المعتقلون في إطار تهمة المس بأمن الدولة الداخلي و تأسيس منظمة سرية لقلب النظام. في حين أ، كل ما كان قد اقترفه ، الأغلبية الساحقة أولاءك الشباب، أنهم وزعوا مناشير تطالب بالتغيير و تكشف عن مآسي الشعب المغربي و عن طغيان القائمين على الأمور على العباد و تكريسهم لوابل الفساد و مشاركتهم في جملة من المظاهرات الجماهيرية تنديدا بهذا الواقع. و كان بعض هؤلاء الشباب على علاقة بواسطة المراسلة مع جملة من الشخصيات عبر العالم من حقوقيين و مدافعين عن الحرية و كتاب و مفكرين تقدميين و أساتذة و باحثين جامعيين و بعض الفنانين و غيرهم. و فعلا تمكن أحدهم من الحصول على عنوان الكاتب جيل بيرو و كاتبه أكثر من مرة. و تلك الرسائل لم تكن تمر عن طريق إدارة السجن كالعادة و إنما كانت تهرب منه سرا و دون علم الادارة، و كذلك الأمر بالنسبة لأجوبة بيرو.
إن صاحبنا الشاب ، و هو لا يزال على قيد الحياة حيا يرزق، عندما أنهى قراءة كتاب جيل بيرو “الوركسترا الحمراء” قرر مكاتبة المؤلف و هذا ما كان بعد حصوله علة عنوانه بنورماندي بفرنسا. و كانت الرسالة الأولى مقتضبة جدا و لم يكن الشاب ينتظر الجواب. لكن على العكس من ذلك توصل بجواب و هذا ما فتح شهيته لبعث رسالة مطولة للمؤلف. و الرسالة المولية طلب بيرو جملة من التوضيحات و الاستفسارات لاسيما بخصوص سبب الاعتقال و ظروفه و طبيعة التهم الموجهة. و يبدو أن الرسالة الأخيرة كان لها وقعا خاصا على جيل بيرو الذي صرح: عندما علمت بقصة الشاب قررت أن أكتب كتابا يكشف الوجه الخفي للمغرب ليقابل وجه المغرب عضو نادي البحر الأبيض المتوسط و الناسبات الثقافيو و بهرجة الاحتفالات و الفانتازيات.
هكذا انطلقت فكرة كتاب جيل بيرو الذي أحدث أزمة دبلوماسية بين المغرب و فرنسا. كانت الميلاد الأول للفكرة من لا يدري أحد، حتى الشاب الذي راسل المؤلف من إحدى الزنازين الحبس الانفرادي بحي أ و ب بالسجن المركزي بمدينة القنيطرة.

الحسن الثاني و الكولف

h2%20golf.bmp

إن تعاطي الملك الحسن الثاني للكولف جعل الكثير من المغاربة يهتمون بهذه الرياضة عبر المشاهدة أو التظاهر بالاهتمام من حيث لا يدرون رغم علمهم علم اليقين أنها رياضة ليس في متناول الأغلبية الساحقة للمغربة إن لم يكن كلهم ما عدا كمشة قليلة لا تكد تبين. و ذلك اعتبارا لما تتطلبه من مصاريف لا يقدر عليها إلا تلك الكمشة و من توفر له هذه الجهة أو تلك شروط و أجواء ممارستها.
و لعل حب الملك الحسن الثاني لهذه الرياضة هو الذي دفع إدريس البصري، ولد الشاوية، لعشقها إلى درجة التقديس بل و جعلها من أولويات الأولويات. الشيء الذي به إلى الإقرار، و غالبا بطريقة فردية و ذاتية و سادية أحيانا و باستعمال كل الوسائل المتاحة الظاهرة منها و الباطنية للضغط على المنتخبين و القائمين على الأمور بجهات و أقاليم المملكة للموافقة على إنجاز ملاعب كولف بمناطقهم مهما كان الثمن دون أي اعتبار للانعكاسات.
و القنيطرة حالة بارزة من هذه الحالات إذ تم تبدير الملايير على إحداث ملعب كولف بطريق المهدية، علما أنه لا يوجد أكثر من شخصين إثنين يمارسون هذه الرياضة بالجهة بكاملها و لا وجود لأي حركية سياحية أجنبية . و هاذين الشخصيين الولعين بهذه الرياضة بالقنيطرة لم يسبق لهما أن فكروا و لو مرة واحدة في استعمال هذا الملعب و إنما ظلوا يتوجهان إلى الرباط و غيرها لممارستها. و حتى إدريس البصري نفسه الذي كان وراء هذا الصرح الذي حرم أبناء المنطقة من توظيف تلك المبالغ المالية في مجال أجدى و أفيد للبلاد و العباد، هو نفسه لم يسبق له أن دحرج و لو كرة واحدة و لم يستعمل و لو ثقب واحد من ذال الملعب الساسع و لو تطأ قدماه أرضيته و لو مرة واحدة. و ظل ذلك الملعب الغول يمتص الميزانية الاقليمية امتصاصا على علتها و هزالتها. و آنذاك تناسلت إشاعات قوية بعضها انطلقت من إدارات على إطلاع ، مفادها أن فاتورة الماء ، اعتبارا لقيمتها الطيطانيكية كانت، بشكل أو بآخر تسقط على كاهل مواطني المنطقة. و ظلت ÷ذه الاشاعات قائمة بقوة شديدة ن إلى حد الاقتناع بواقع الأمر، إلى أن تم توقيف سقي الملع و وضع حد للكارثة مادام الملعب ظل خاويا على عروشه منذ أن أحدث إلى أن أهمل و تم التقرير بالتخلي عنه كملعب للكولف. و لم تجن المنطقة و سكانها من هذا الملعب إلا الويلات و تبدير المال العام على امتداد سنوات لسواد عيون إدريس البصري ،ولد الشاوية الذي يقدس الكولف. علما أن منطقة القنيطرة ظلت لكل اسثتمار اجتماعي و رياضي شعبي مجدي فقيرة . و هذا ما جعل الساكنة يعتبرون إحداث ملعب كولف كانت مجرد خضوع لإرادة إدريس البصري و بتزكية و مباركة متواطئة من طرف المنتخبين و القائمين على الأمور بالجهة، و بالتالي يعدون ذالك جريمة اجتماعية في حقهم لأن كل ثقب من ثقوب ذلك الملعب كانت كلفته “بغسيل الفندق ” كما يقال و اقتطعت اقتطاعا من الميزانية العامة و على حساب حاجيات حيوية.

الملك الحسن الثاني و TF 1 الفرنسية

من الاعلاميين الذين كانوا مقربين للملك الحسن الثاني، القائم على محطة TF 1 الفرنسية و الصحفية في نفس المحطة “سانكلير” و هي التي أجرت مع الملك الراحل حوارا مطولا في برنامج “7 على 7″ المصور بالقصر الملكي بالرباط. و كان هذا اللقاء ينصب آنذاك في إطار خطة إعلامية لإعادة تحسين العلاقة بين البلدين, و قد لعب السيد “بويك” دوؤا فعالا في الاضطلاع بحصة الأسد بخصوص تكريس فحوى هذه الخطة الاعلامية، ليس فقط على الصعيد الفرنسي و إنما على مساحات تجاوزت الفضاء الأوروبي.
و كان القائم على هذه المحطة الفرنسية من المدعووين الدائمين لمختلف المناسبات، لا سيما تلك المخصصة للنخب و التي كانت متعددة على طوال السنة في عهد الملك الحسن الثاني بدءأ برأس السنة و وصولا إلى عيد الشباب (ذكرى ميلاد الملك) التي كانت تصادف الصيف
 
الحسن الثاني كشخصية عالمية مؤثرة-اسطورة ملك-

كيف يقرأ المغاربة سيرة ملكهم الطويلة في الحكم؟ لا توجد قراءة واحدة لسيرة حاكم مثير للجدل، ولا يوجد كتاب تاريخ واحد يتناول سيرته بشكل علمي وموضوعي خارج الحسابات السياسية ووقائع الصراع التي كانت دائرة على مدار خمسة عقود من قرب الحسن الثاني من مركز الحكم...
لنجرب الاقتراب من «لعبة» سرد ما له وما عليه، لأن تاريخ الحسن جزء مهم من تاريخ المغرب المعاصر، في بلاد مازال الأشخاص يؤثرون في تاريخ شعوبهم... يحسب للملك الراحل أنه حافظ على الإدارة المركزية التي بناها الاستعمار الفرنسي، والتي أنهت نفوذ القبائل والقياد والأعيان، ووضعت نهاية لتقسيم المغرب إلى بلاد السيبة وبلاد المخزن... الذين يعرفون تاريخ المغرب قبل الحماية يقدرون قيمة وجود حكم مركزي في بلاد متعددة القبائل والأعراق واللغات. أصبح المغرب في عهد الحسن الثاني يستطيع، دون مشاكل، تعيين عامل أو وال في الحسيمة رغم أنه ينحدر من دكالة أو الشاوية أو جبالة والعكس صحيح، وهو أمر لم يكن ممكنا على الإطلاق في السابق.
يحسب للملك الراحل بناء جيش محترف لمملكته غير مبني على أسس عرقية أو طائفية أو أسرية، كما وقع في بلاد عربية أخرى (سوريا، العراق...)، كما أنه أبعد الجيش عن السياسة، وجعل سلاحه في خدمة الدولة مرة والعرش أخرى. ولولا الانقلابات التي قادها الجيش في السبعينات ضد الملك، لكان الجيش المغربي اليوم من خيرة الجيوش العربية تدريبا وخبرة، إن لم يكن تسليحا... لقد قُتل خيرة ضباط الجيش في مغامراتهم للبحث عن السلطة تحت تأثير موجة «الضباط الأحرار» في مصر وسوريا والعراق والجزائر والسودان... ورغم أن تأسيس الجيش الملكي كان على حساب جيش التحرير في الخمسينات، ورغم أن بعض قياداته جاءت من الجيش الاستعماري الفرنسي (أوفقير، أمزيان، أحرضان...)، فإن حرب الرمال في 63 ضد المغامرات الجزائرية وحرب الصحراء ضد البوليساريو عملت على غسل جبين هذا الجيش الذي يبدو غارقا اليوم في مشاكل البيروقراطية وفي سيرة بعض جنرالاته الذين ابتعدوا عن «العسكرية» وغرقوا في الفلاحة والصيد والتجارة... و يحسب للحسن الثاني كذلك تشبثه بالتعددية السياسية وبالحفاظ على التوازن في الحقل الحزبي والإيديولوجي... منذ وضع ظهير الحريات سنة 58 على عهد السلطان محمد الخامس ثم دستور 1961 وما تلاه، كان الملك الراحل صاحب اختيارات ليبرالية في مناخ كان فيه جل الساسة والمثقفين في العالم العربي مفتونين بالإيديولوجيا اليسارية وبسحر الحزب الواحد وبفعالية الطبقة البرولتارية. كان علال الفاسي أقرب إلى فكر الحزب المهيمن إن لم يكن الواحد، وكان بنبركة يحلم بحزب القوات الشعبية الذي رفع شعار «لا حزبية بعد اليوم» في سينما كواكب أثناء التأسيس. أما حركة المحجوبي أحرضان فكانت أقرب إلى قبيلة تريد أن تنتقم لنفسها من نفوذ العائلات الفاسية في مغرب الاستقلال... في هذه الأجواء، اختار الحسن الثاني الحفاظ على التعددية التي ولدت في رحم الحركة الوطنية، وكان باستطاعته أن يميل مع اليمين أو اليسار ويشكل حزب الدولة ويحظر باقي الأحزاب. الخيارات الليبرالية للحسن الثاني لا تعني أنها كانت بلا حسابات سياسية، ذلك أن «التعددية» وظفت في الستينات والسبعينات والثمانينات لإضعاف حزب الاستقلال ثم الاتحاد الوطني ثم الاتحاد الاشتراكي، ثم من أجل بلقنة المشهد السياسي... لكن تعددية الأحزاب كانت مضار تطبيقها والتلاعب بها أفضل من أضرار الحزب الواحد... في هذا الفرق يمكن قراءة إيجابيات التعددية على عهد الحسن الثاني وعدم ميله إلى واحدية علال الفاسي أو المهدي بنبركة أو عبد الله إبراهيم... ويموت الحسن الثاني مخلفا وراءه أحزابا تعبر عن جل التيارات السياسية والفكرية والإيديولوجية... لليسار أحزابه، ولليمين أحزابه، وللأمازيغ أحزابهم وللإسلاميين حزبهم، هل يوجد هذا في أي بلد عربي آخر باستثناء لبنان... نعم هناك أحزاب أصلية وأخرى مفبركة.. هناك أحزاب ديمقراطية وهناك أخرى سلطوية... هذه التعددية على علاتها هي التي منعت البلاد، في أحلك ظروفها، من الانزلاق إلى حرب أهلية... حتى الحركات الراديكالية (23 مارس، إلى الأمام، العدل والإحسان...) كلها تقدمت بطلب لتأسيس حزب سياسي... مما يعني أن التعددية المغربية، على نواقصها، شكلت أداة من أدوات إدارة الحقل السياسي سلميا في بلاد غير ديمقراطية

2
التاريخ لا يكتب بالأبيض والأسود.. التاريخ قوس قزح يعكس كل ألوان الطبيعة. البشر ليسوا ملائكة ولا شياطين، ووحده من يقبض على هذه الحقيقة يُفتح له كتاب التاريخ للدرس والعبرة. في حلقة أمس، ذكرت ثلاث نقط هامة تحسب للملك الراحل: بناء إدارة مركزية حفظت وحدة البلاد، بناء جيش وطني وليس عشائريا أو قبليا، ثم التشبث بالتعددية السياسية في مناخ كانت الواحدية السياسية هي القاعدة. في هذه الحلقة نواصل قراءة اختيارات الحسن الثاني الناجحة مع استحضار النسبية التي تتحرك داخلها السياسات والقرارات عموما.
بعد أن نازعته أحزاب المعارضة شرعية الحكم طيلة الستينات والسبعينات مدفوعة بالانتقام منه على حربه ضدها يوم كان وليا للعهد إلى جانب الملك الطيب محمد الخامس، سيسعى الحسن الثاني إلى البحث عن شرعية أخرى في رمال الصحراء الساخنة. لقد اهتدى تفكيره إلى أن تحرير «الثغور» من يد الاستعمار الإسباني أفضل طريق نحو اكتساب شرعية تحرير الأرض المستعمرة، ثم إن أخطار حقيقية بدأت تحوم حول استرجاع الصحراء، خاصة أن الجزائر دخلت على الخط.
كانت المسيرة الخضراء التي حشد لها الحسن الثاني 350 ألفا من شعبه يحملون المصحف تعبيرا دينيا عن الجهاد في سبيل الله، والعلم الوطني تعبيرا عن أواصر المواطنة التي تجمع بينهم، وصور ملكهم تعبيرا عن الولاء للجالس على العرش... كانت المسيرة الخضراء حدثا كبيرا لفت أنظار الرأي العام الداخلي والعالمي، نظرا لطابعه السلمي من جهة، ونظرا إلى أن موجة الاستعمار التقليدي كانت قد انحسرت في السبعينات.
لم تكن هناك ضمانات أكيدة على نجاح المسيرة الخضراء، كانت هناك شكوك في تلبية الشعب لنداء الملك، خاصة وأن اليسار كان ينظر بريبة كبيرة إلى هذه المسيرة. وقد حكى لي المفكر والمؤرخ عبد الله العروي أن عبد الرحمان اليوسفي وفتح الله ولعلو عاتباه كثيرا على تسجيل اسمه ضمن المتطوعين للمشاركة في المسيرة الخضراء. كان اليسار يعتبر المسيرة الخضراء هروبا ملكيا من مواجهة الأزمة الداخلية... ولما نجحت أصبحت مدخلا لإعادة تهدئة الصراع الدائر حول السلطة بين المعارضة والحكم...
نجاح المسيرة الخضراء وخروج الحسن الثاني منها أكثر قوة، شجعه أكثر على تطوير أدائه الدبلوماسي وربط علاقات واسعة في العالم العربي وفي أوربا وأمريكا وآسيا... كان الحسن الثاني يولي للعلاقات الدولية اهتماما كبيرا، يختار سفراءه بنفسه، يتواصل مع كبار قادة العالم، ويحرص على استضافة أكثر القمم، نجح في أن يعطي لبلاده موقعا دبلوماسيا أكبر من إمكانياتها، وكان مدخله إلى ذلك ملف النزاع العربي-الإسرائيلي والحوار بين الإسلام والمسيحية والدفاع عن السلم والتعاون بين الأمم. كانت هذه الموضوعات الثلاثة أهم ما يشغل العالم في فترة حكمه، ولاتزال إلى اليوم، حيث انضافت إليها الحرب على ما يسمى الإرهاب...
كان يخاطب العرب بورقة مشاركته في حرب 73 واستضافته أهم قمم الجامعة العربية، وكان يخاطب المسلمين بورقة رئاسة لجنة القدس وكعضو مؤسس لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكان يخاطب أمريكا بورقة رعاية اليهود المغاربة وبكونه أحد الحمائم وسط صقور العرب، وكان يخاطب أوربا بورقة القرب الجغرافي ودعوات الحوار المسيحي الإسلامي... كان صوتا مسموعا في الغرب رغم أن سجله في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية كان سيئا وكان يشوش على أدائه الدبلوماسي...
خرج منتصرا في المسيرة الخضراء، لكنه مات وترك نزاع الصحراء مفتوحا.. تفوق في وضع بلاده على خارطة الدبلوماسية العالمية، لكنه لم يبن آلة دبلوماسية في وزارة الخارجية.. لهذا خفت دور المغرب الدبلوماسي مباشرة بعد وفاته
3
لم نتعلم في السياسة كيف نودع الأموات ولا كيف نستقبل الأحياء. لا يخرج الموقف العام عن أحد اتجاهين، إما دموع ونحيب نغسل بهما أخطاء الزعماء ونجعلهم ملائكة فوق البشر، وإما تجريح ونقد يأتي على كل مزاياهم وينزل بهم إلى حضيض الشياطين... ونفس الأمر يتكرر مع الزعماء الجدد... إما «شيعة» أو «خوارج». في الحلقتين الماضيتين وقفت بعجالة على «مزايا» ملك لم يعرف ثلثا المغرب حاكما سواه، وفي هذه الحلقة أكمل تعداد ما أراه «إيجابيا» في حكم الحسن الثاني الذي كان شخصية مركبة تختزن الكثير من مميزات المغربي...
كان الملك الراحل ذا ثقافة عالية تقليدية وعصرية، كان يعرف البلاد التي يحكمها.. يعرف تاريخها وجغرافيتها.. يعرف دينها وأعرافها وتقاليدها.. يعرف قبائلها وزعماءها وصلحاءها، يعرف عائلاتها وتاريخ ثرواتها... لقد عاش حياة مخضرمة على كل المستويات، عاش في زمن الاستعمار وعاش في زمن الاستقلال، عاش في كنف التعليم الديني وعايش التعليم العصري. عاش في بداية القرن العشرين وشهد نهاية ذات القرن حيث تغيرت الكثير من معالمه. خالط النخبة التقليدية الدينية وعاصر النخب العصرية اليسارية والليبرالية والعلمانية. راقب العالم وهو خارج من الحرب العالمية الأولى متوجها إلى حرب عالمية ثانية، ثم إلى حرب باردة، ثم نهاية القطبية الثنائية وسيادة أمريكا على العالم...
لقد سمح له طول عمره النسبي (70 سنة) وطول حكمه الطويل (38 سنة) أن يكون شاهدا على عصر كامل، قريبا من أحداثه العظيمة في أوربا وأمريكا وإفريقيا والعالم العربي. لهذا تمتع الحسن الثاني بميزتين كبيرتين، الأولى قدرته الكبيرة على قراءة التحولات الكبرى في أوقات مبكرة... كان، وهو ولي للعهد، يعرف بحسه البراغماتي، وهو في جزيرة مدغشقر منفي صحبة والده، أن استقلال المغرب سيتم بالسياسة وليس بالبندقية، وكان يعرف أن ورقة اليهود المغاربة ورقة رابحة في دفع اللوبي اليهودي-الأمريكي إلى مناصرة الجالس على عرش المملكة، وكان يعرف أن العرب لن يلقوا باليهود إلى البحر، وأن المفاوضات والتسوية هي أفق الصراع العربي-الإسرائيلي، وكان يتوقع، منذ وقت مبكر، أن ذوبان ثلوج الحرب الباردة سيأخذ معه عددا كبيرا من الأنظمة السياسية التي بقيت جامدة في مكانها، وكان يعترف، منذ أوقات مبكرة، بأن قلوب الصحراويين ليست كلها معه وأنه سيفاوضهم يوما بعد أن قاتلهم...
لم يكن الحسن الثاني، كما يقول المثل الفرنسي، «يلعن المستقبل»، كان يترك دائما الباب نصف مفتوح مع خصومه قبل أصدقائه. قراءته الجيدة للتاريخ كانت تسمح له بـ«التوقع» واستباق الأحداث... لهذا عمل، خلال العشر سنوات الأخيرة من حياته، على تغيير «ناعم» لسياساته.. حاول علاج جرح «الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان» في عهده، وسعى إلى ترميم جسر اللقاء مع المعارضة التي حاربها وسجنها وفاوضها ثم دعاها إلى الحكم إلى جانبه وعدل مرتين دستور ه( 92 و96). حاول استدراك ما فاته وعينُه على عرش ابنه، ولم يمت إلا وقد بسط له سجادا أحمر نحو الحكم، وجعل الأحزاب والجيش والإسلاميين وأقطاب المخزن وأفراد الأسرة العلوية يوقعون على وثيقة البيعة أمام الملك الجديد... و الميزة الثانية التي اكتسبها الحسن الثاني من معرفته الواسعة بتاريخ بلاده، كانت رعايته للتراث المغربي في البناء والمعمار والطبخ واللباس والتعليم والفن بكل ألوانه، كان معتزا بهوية بلاده وتراثها الأندلسي والإفريقي والأمازيغي، وكان يحاول أن يخلق مدارس لهذه «الخصوصية» الحضارية، حتى يضمن استمرارها ومقاومتها أمام مد العولمة العاتي... كان بعثه لمظاهر الثقافة المغربية يبهر الشرق والغرب. ورغم أنه كان يوظف هذه «الميزة» في اتجاه الانغلاق في بعض الأحيان، إلا أنه نجح في تسويق صورة «عراقة» البلاد في الخارج وسط جغرافيا عربية لا يعرف العالم عنها غير كليشيهات البترودولار والصحراء والتخلف العام
4
في السياسة لا يختار المرء بين قرار جيد وقرار سيئ، بل يكون مجبرا على الاختيار بين قرار سيئ وآخر أسوأ. في كل قرار هناك مخاطرة، وفي كل قرار هناك جهة تستفيد وأخرى تتضرر، والزعيم الناجح هو من يجعل المستفيدين من قراراته وسياساته واختياراته أكبر من المتضررين، وهو ما يصطلح عليه بالمصلحة الوطنية.
هل كان الحسن الثاني يعترف بأخطائه؟ نعم، كان يعترف بخطأ واحد وربما بغرض الهروب من الحديث عن أخطاء أخرى، إنها لعبة الشجرة التي تخفي الغابة كما يقول المثل الفرنسي...
كان الحسن الثاني، المعروف بصرامته وقسوته، يردد جوابا واحدا على كل من يسأله عن أخطائه، فيقول: «خطئي أنني أضع ثقتي في أناس لا يستحقونها. وفي كثير من الأحيان لا أعطي لنفسي فرصة تجريبهم... أنا نادم على هذا الخطأ». بدون شك، الحسن الثاني يقصد هنا الجنرال محمد أوفقير الذي خان ثقة الجالس على العرش وحاول مرتين الانقلاب عليه... لكن هناك أشخاص آخرون خدعوا الحسن الثاني الذي كان يطلق يد «رجاله» في السلطة والمال بلا حساب، لم يكن يرغب في تسميتهم حتى لا يعطي الانطباع بأن الكثير من معاونيه خانوا ثقته...
سألت ابن أخ الحسن الثاني الأمير مولاي هشام مرة في استجواب صحافي عن أكبر عيوب الحسن الثاني، فقال لي بعد برهة من التفكير: «عيب الحسن الثاني أنه كان يعرف قيمة الديمقراطية لكنه لم يكن ديمقراطيا».
كيف يعرف المرء قيمة الشيء ثم يفرط فيه؟ إنه حب السلطة الذي يصل إلى الجنون. كان الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو يقول: «السلطة مفسدة.. والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة». غريزة حب السلطة والتفرد بالحكم داخل الحسن الثاني كانت أقوى من أي شيء آخر.. أقوى من عواطفه الشخصية، حيث إنه كان يعاقب أقرب الناس إليه إذا أحس أن أحدا اقترب من «حديقته الخلفية».. لقد عاقب أخاه الأمير مولاي عبد الله وابنه ووريث سره، الأمير سيدي محمد، وبناته وأبناء أخيه...
أخرج عبد الله إبراهيم في الحكومة يوم كان وليا للعهد، وقزم نفوذ زعيم كبير مثل علال الفاسي وأهانه في أكثر من مناسبة، وحارب المهدي بنبركة بلا حدود تراعي دوره ودور الآخرين في النضال من أجل الاستقلال وبناء الدولة، وسجن عبد الرحيم بوعبيد رغم أنه كان الأقرب إلى قلبه وعقله من الآخرين، شل حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ودجن الاتحاد المغربي للشغل، وضيق الخناق على الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وسجن زعيم العمال نوبير الأموي.. وبالغ في قمع اليسار الراديكالي وهو يعرف أنه لم يكن أكثر من تجمعات صغيرة لشباب حالم لم يكونوا يشكلون خطرا كبيرا على عرشه...
حارب في كل اتجاه دفاعا عن «سلطويته»، حتى مستشاريه الأقرب إليه عانوا من «جنون العظمة» داخله. كانت ثقافته وذكاؤه وحنكته السياسية توهمه بأنه «فوق منطق البشر»، لهذا أصبح، بعد مدة من وصوله إلى الحكم، «سجين» عبارة «الله يبارك في عمر سيدي» التي كان بنسودة وعواد والبصري وحسني بنسليمان والجنرال بناني وكريم العمراني والمعطي بوعبيد وآخرون يتقنونها في حضرته... سلطويته لم تعد منحصرة داخل أسوار قصره، بل امتدت إلى كل البيوت وسط شعبه.. أضحى الناس يخافونه أكثر مما يحبونه، كانوا ينتقدونه همسا خوفا من أن تكون للجدران آذان.
نعم، لم يكن معارضوه كلهم من أتباع غاندي، كان فيهم الثوري والانقلابي واليساري والجمهوري... لكن قمعه فاض على حدود حماية نظام لثوابته. كان تطرفه في القمع وخنق المجتمع يدفع إلى تطرف معارضيه، والذين بدؤوا يلعبون على أكثر الموضوعات حساسية عند ملك لم يكن يسمح لأحد بمعارضته، مثل موقف بنبركة المنحاز للجزائر في حرب الرمال، وموقف السرفاتي المؤيد لانفصال الصحراء، وموقف زعزاع المؤيد للجمهورية... كل قرارات الحسن الثاني كانت توزن بميزان واحد هو سلطة عرشه، سواء في السياسة أو القانون، في الانتخابات أو في الفن، في الإعلام أو في الثقافة، في الاقتصاد أو في الأمن... كل شيء كان يرتب تحت سماء مملكته حتى لا يخرج عن إطار نظام من القرون الوسطى يجري بعثه على يد حاكم شرقي مستبد
5
في السياسة كما في الدين هناك أخطاء تغتفر وخطايا لا تغتفر.. لأن الأخطاء ندفع ثمنها نحن أما الخطايا فيدفع الآخرون ثمنها، وفي كثير من الأحيان بمقادير فادحة.. من بين أكبر خطايا الملك الراحل ثلاث أجدها قاتلة، والدليل على خطورتها أن البلاد مازالت تعاني من تبعاتها إلى اليوم.
أولا: اتساع مساحة الأمية وتقليص مساحة التعليم. كان الراحل يعتبر الاستثمار في التعليم وبرامج محو الأمية ترفا لا لزوم له، بل إن الصراع مع اليسار والإسلاميين جعله يعتقد أن تعليمهم هو سبب تمردهم، لهذا قال للصحافي جون دانييل، الذي سأله عن ارتفاع معدل الأمية في مملكته الشريفة، قال له دون تردد: «كل الذين علمناهم صاروا إما ثوريين أو إسلاميين..». كانت عيون الملك مثبتة، طوال فترة حكمه، على الحفاظ على قارة سلطاته الواسعة، وكان يسعى إلى إدامة هذه السلطة الواسعة ولو كانت على حساب تجهيل شعب بكامله. إنها سياسة الأرض المحروقة، إذا كان الطلبة الجامعيون والمثقفون والأطر سيصبحون معارضين لحكمه، فلماذا يعلمهم أصلا؟
مات رحمه الله وترك 50% من شعبه لا يعرف القراءة والكتابة، و30% آخرين شبه أميين، لأن مرورهم القصير في مدارس المملكة العتيقة لم يمكنهم من المهارات والمعارف التي بها يمحون أمية العصر، أما باقي المتعلمين فإنه ترك جلهم للبطالة تأكل الأمل في نفوسهم. إن عدم الاستثمار في الموارد البشرية كان أكبر خطأ ارتكبه الحسن الثاني في حق بلاد من العالم الثالث تحتاج إلى نور العلم لتخرج من ظلمات الجهل... وبقية القصة معروفة، إلى اليوم لانزال نعيش أكثر فصولها رعبا.
ثانيا: خلف الحسن الثاني وراءه سجلا أسود في مجال حقوق الإنسان.. عناوينه الكبرى تصريحه بأنه مستعد للتضحية بثلثي شعبه ليظل حاكما على الثلث... والاغتيال الغامض على عهده للزعيم المهدي بنبركة، ومعتقل تازمامارت الرهيب الذي دفن فيه البشر وهم أحياء، واعتقال أسرة الانقلابي محمد أوفقير، ورمي أطفاله في سجون الصحراء القاتلة بلا ذنب سوى دماء أوفقير التي تجري في عروقهم، فالسرفاتي أصبح برازيليا بعد سنوات من سجنه، والأموي صار صعلوقا يوزع التهم على الوزراء الأجلاء، وبوعبيد مارقا لأنه رفض الاستفتاء في الصحراء، وعبد السلام ياسين مجنونا لأنه كتب رسالة إلى ولي الأمر، والأمير هشام عاقا لأنه دعا إلى دمقرطة مملكة عمه، وعمر الخطابي متمردا لأنه يحمل تراث عمه... درب مولاي الشريف وأكدز وقلعة مكونة... وغيرها من المعتقلات التي كانت تُمتهن فيها كرامة البشر على عهد أوفقير والدليمي والبصري وبنسليمان والعنيكري... لم تكن خروقات حقوق الإنسان أخطاء أشخاص ولا هفوات مسؤولين، كانت سياسة رسمية اعتمدتها الدولة لترهيب معارضيها وكسر شوكتهم، وبعث الخوف في نفوس المواطنين، وللتحكم في أي دينامية اجتماعية أو حقوقية أو ثقافية يمكن أن تنتج قيم المواطنة والحرية والعقل والإرادة الشعبية... كان القمع يطال اليسار المعتدل والراديكالي على السواء، ويطال الشباب في الجامعات كما العمال في المصانع.. يطال المثقفين والكتاب كما الأئمة والمتدينين... لقد وصل هذا العبث إلى حد محاكمة تلميذ على حلم رآه في المنام وحكى وقائعه لأستاذه الذي بلغ عنه بدعوى أنه حلم بالإطاحة بالملك؟ خرق حقوق الإنسان لم ينتج عشرات الآلاف من الضحايا فحسب، بل أنتج بنية اجتماعية مشوهة، تبتعد عن السياسة بدعوى الخوف، وتتوسل إلى «المخزن» بدعوى امتلاكه لأدوات القمع... وإلى اليوم مازال التوجس في نفوس المواطنين، ومازال تراث خرق حقوق الإنسان في سلوك موظفي الدولة كبارا وصغارا.
ثالثا: إذا كانت السياسة هي فن إدارة موارد الدولة بما يحقق الكرامة والرفاهية للشعب، فإن الملك الراحل جعل من السياسة فن الحفاظ على السلطة وأداة لتأجيل الإصلاح وربح الوقت. لم يكن الملك الحسن الثاني يهتم بالاقتصاد قدر اهتمامه بالسياسة، لهذا مات وشعبه فقير وبلاده «مديونة» والمغرب بلا طبقة وسطى، بل بهرم كبير يجلس فوقه أغنياء جلهم جاء بهم اقتصاد الريع، وقاعدة عريضة ينام فيها الفقراء وهم يحلمون بلقاء مع مخلصهم الملك ليطلبوا «كريمة» أو «بيت» أو منصب شغل... الطبقة الوسطى هي مفتاح التقدم والديمقراطية والحداثة.. هذه الطبقة لم يسمح لها بالولادة في المغرب مخافة انحيازها إلى المعارضة أو إلى مشاريع أخرى تنشد الديمقراطية التي لم يكن يؤمن الملك سوى بأنها حسنية.. أي ديمقراطية على مقاس الحسن الثاني، ودليله خصوصية دينية تم بعثها لتطرد ديمقراطية الغرب المسيحي، وتلك قصة أخرى نعرضها في الحلقة المقبلة
6
السياسة هي فن إدارة الموارد البشرية والجغرافية والتاريخية والمادية والثقافية من أجل تحقيق أفضل عيش كريم فوق أرض لها حدود وشعب ونظام سياسي، ومن أجل المساهمة الفعالة في حضارة البشرية، والسلطة أداة من أدوات هذه السياسة. وحتى تكون هذه السلطة شرعية وجب أن تحظى بقبول المواطنين الذين يعيشون تحت كنفها...
هذا المدخل كان هو أكبر مشكل يواجهه نظام الحسن الثاني: شرعية الحكم. كان يعتبر أن وراثة العرش كافية لأن تعطي للجالس عليه سلطا بلا حدود. ولما أحس أن الأمر لا يسير على هذا المنوال، طفق ينهل من معين ثان غير وراثة العرش، وهو معين الدين بكل ما يحمله هذا المصدر من رمزية وقداسة في نفوس المسلمين. راح الحسن الثاني، في وقت مبكر من حكمه، يجرب ارتداء عباءة «أمير المؤمنين» في محاولة لسحب البساط من تحت أرجل اليسار العلماني... أعجبته اللعبة، فتمادى في إرساء نظام شبه «تيوقراطي» أحيى طقوسا أقرب إلى العبودية منها إلى الاحترام الواجب لمن يحكم (الركوع عند البيعة، تقبيل اليد أصبح إلزاميا، التشدد في الزي الرسمي...)، وعمد إلى تهديد المعارضة بإصدار فتوى في حقها عندما اختارت الانسحاب من البرلمان، ووضع نفسه فوق القضاء وفوق الفصل بين السلط لأن الإمامة العظمى مصدر كل السلط. وفي هذا المناخ، تحرك وعاظ السلاطين وفقهاء السلطة، فراحوا يقتطفون آيات قرآنية وأحاديث نبوية تركز الحكم المطلق «لأولي الأمر»، بعد أن يخرجوها من سياقها مثل ذلك الحديث الذي كان يعجب الحسن الثاني كثيرا: «السلطان ظل الله في الأرض»، أو الآية الكريمة التي نزلت في حق النبي (ص) وحوّلها سلاطين الأمويين والعباسيين لصالحهم، والتي تقول: «إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم...».
كيف يمكن للأحزاب والنقابات والإعلام والمواطن أن يتحدث مع ملك يعتبر نفسه ظل الله على الأرض، ويرى في بيعته «بيعة لله»...
لم ينتبه الحسن الثاني إلى أن المبالغة في «اللعب» بالدين يمكن أن تكون لعبة خطرة أو سيفا ذا حدين. تفوق على اليسار بدون شك لأنه حرك موروثا دينيا يعرفه المغاربة منذ قرون في مواجهة إيديولوجيا شيوعية أو اشتراكية عمرها أقل من قرن... لكنه سيشجع التيارات الإسلامية الراديكالية والمعتدلة على أن تلعب اللعبة ذاتها (توظيف القداسة الرمزية في البحث عن السلطة)... لم لا ما دام الملك جرب ونجح... تسربت الكثير من التيارات الدينية المنغلقة، وفي مقدمتها «الوهابية»، التي ستصير عنيفة وراديكالية بعد أزمة الخليج الأولى، وتسربت معها تيارات «جهادية» و«إخوانية» و«صوفية» آتية من الشرق إلى مملكة أمير المؤمنين، خاصة لما ضعفت باقي الإيديولوجيات الأخرى. والنتيجة ما شهده المغرب من انفجارات مساء 16 ماي وما تلى ذلك.
أحس الملك الراحل بأن النار بدأت تقترب من الحطب... فرجع إلى «خطاب الاعتدال» وإلى نقد المنظومة الأصولية وإلى الدعوة إلى الانفتاح، لكن الموجة كانت أكبر منه...
توظيف الملك للدين في البحث عن الشرعية نجح في إعطاء صاحبه سلطة مطلقة، لكنه أضر بثقافة الديمقراطية وقيم المواطنة ومبدأ المحاسبة، وشجع التيارات الدينية الراديكالية على الكفر بالديمقراطية والحداثة ونظام الحكم العصري... الفكر الإسلامي المعاصر متقدم جدا في مصر وتونس والسودان مثلا تجاه الديمقراطية والحداثة عنه
 
رد: الحسن الثاني كشخصية عالمية مؤثرة-اسطورة ملك-

رغم انه كان قاسيا جدا و لا احبذ ما كان يقوم به على جميع المستويات الداخلية

لكنني اعترف امام الجميع انه اذكى قائد في تاريخ المغرب منذ 1200 عام

لقد استطاع ان يجعل المغرب يقاوم امام امبراطورية من الشر المطلق اسمها الاشتراكية


شكرا لهذا الملك الذي جعلنا نلتف حول راية المغرب و نحب بلدنا بكل سيئاته و حسناته

رحمك الله
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

ملك عظيم ذو حنكة ودهاء, وقف ضد الأعداء, ساعد الأصدقاء, فليرحمه الله في دار البقاء.
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

عاش الملك ....عضيم هذا الرجل حكم من قبضة من حديد
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

أليس من الأجدر وضع هذا الموضوع في قسم الشخصيات العسكريه
تحياتي...
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

شكرا على الموضوع الجميل ،عن رجل اعطى للمغرب الكثير
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

يا ريت لو بقى لو كانت صفاة الملك محمد السادس الجيدة فيها نوعا من القصوة و الدهاء الحسني لكان مشكل الصحراء انتهى من زمان و كان المغرب في مكان أفضل من ما هو عليه
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

يا ريت لو بقى لو كانت صفاة الملك محمد السادس الجيدة فيها نوعا من القصوة و الدهاء الحسني لكان مشكل الصحراء انتهى من زمان و كان المغرب في مكان أفضل من ما هو عليه

من رأي سيكون المغرب في مكان أفضل لو اهتم بمشاريع التنمية والاصلاح الاقتصادي وتحسين وسائل العيش للمواطنين وهذا ما يوليه محمد السادس اهتماما ، وما غفل عنه الحسن الثاني رحمه الله .
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

رحمك لله يمللك المغرب
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

عاش الملك ....عضيم هذا الرجل حكم من قبضة من حديد
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

رحم الله الحسن 2 استطاع حكم بلده بحكمة فريدة واخارجه من بؤورة الاعصار في الستينات والسبعينات من القرن السابق ..وتم تتجلى عبقرية الرجل..وسع الله عليه ؟؟؟
 
رد: الملك الاسطورة الحسن الثاني و التاريخ

لقد افتقد العرب والمسلمين رجلا عظيما كالحسن التاني بل العالم افتقد الحكمة السياسة بافتقاد رجل المغرب الاول الحسن التاني رحمه الله
 
عودة
أعلى