الحلقة الأولي من دراسة اللوبي الإسرائيلي

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
الحلقة الأولى من دراسة "اللوبى الأسرائيلى والسياسة الخارجية الأمريكية"



اللٌوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية للولايات المتّحده الأمريكية
THE ISRAEL LOBBY AND U.S. FOREIGN POLICY




المصالح الإستراتيجية المشتركة بين أمريكا وإسرائيل والدوافع الأخلاقية لهذا التحالف ، وهمان كبيران روج لهما اللوبي الإسرائيلي






سألت نفسي ، أين بجب نشر هذه المجموعة الجديدة من المواضيع التى أقتبسهم من موقع جريدة الوسط ...


وصلت إلى قرارى ، بأن أفضل مكان .... هو ... هنا ... "باب الحروب" ...


السبب بسيط ... لو لم نكن نتمتع بصفة الفساد ... لما وصلنا إلى مركزنا الحالي ، ولتماتفنا ... وأنشأنا ... لوبيا عربى .. كما حدث فى بداية الستينيات ... وكان اللبنانيون والسوريون يقودون الحركة التى بدأت تظهر بوادرها المخبفة وتأثيرها على السياسة الأمريكية ... ومواجهة اللوبى الصهيونى ...


أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...


د. يحى الشاعر

المصدر

( )


اقتباس:
04 اغسطس 2007 - 06:00 مساء
الحلقة الأولى من دراسة:
اللٌوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية للولايات المتّحده الأمريكية
THE ISRAEL LOBBY AND U.S. FOREIGN POLICY
المؤلفان :
ستيفن وولت: استاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد
John J. Mearsheimer: Department of Political Science University of Chicago
جون ميرشايمر: استاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو
Stephen M. Walt: John F. Kennedy School of Government Harvard University
تمهيد
لقد شاعت دائما مقولة في الدوائر العربية بأن السياسة الأمريكية الخارجية في الشرق الأوسط توجهها جماعات الضغط (اللوبي) الإسرائيلية التي تصول وتجول وترهب الساسة الأمريكيين بحيث يقدمون دائما المصالح الإسرائيلية حتى لو تعارضت مع المصالح القومية الأمريكية. ولكن لم تظهر دراسات تسلط الضوء على هذا اللوبي الإسرائيلي من داخل الولايات المتحدة بشكل موضوعي لتثبت كيف يتحكم هذا اللوبي وكيف يضر بمصالح الولايات المتحدة وكيف كان سببا لحملة العداء التي تزداد في العالم ضد الولايات المتحدة. ثم ظهرت دراسة أكاديمية ألفها أستاذان أمريكيان مرموقان من كبريات الجامعات الأمريكية ، قاما فيها بتشريح اللوبي الإسرائيلي بالوثائق والمستندات التي تفضح هذا اللوبي وتكشف دوره المباشر والمؤثر في ظهور الإرهاب الدولي.
لقد تعرض المؤلفان بعد هذه الدراسة التي ظهرت عام 2006 ، لحملة تخويف وتشهير نظمتها نفس جماعات الضغط اليهودية صورتهما فيها بمعاداة السامية وبافتقار دراستهما للنزاهة العلمية وأنهما واقعان تحت تأثير اللوبي العربي (وهو شيئ غير موجود أساسا). وبرغم توقع المؤلفين لتداعيات هذه الدراسة ، إلا أنهما لم يظنا أبدا أن الأمر سيصل لهذه الدرجة من التشويش بحيث يتوقف أي حوار جاد عن الدراسة ، ويحل محله حملة تشهير أضطرت معها الجامعتان لرفع شعارهما عن الدراسة ، وأغلقت كثير من وسائل الإعلام أبوابها أمامهما.

ويبقى لنا – نحن العرب والمسلمين – أن نتلقف مثل هذه الدراسات وننشرها ونذيعها ونستفيد من الحجج القوية في رسم سياساتنا الإعلامية ، وبل نستفيد أيضا من فهمها في تبني إنشاء لوبي عربي قوي في الولايات المتحدة. لقد صدرت بعض الترجمات لتلك الدراسة ولكنها كانت ضعيفة بعض الشيئ ، وصدرت بعض التعليقات اتسمت بالاختصار والعمومية ، فرأينا في الوسط ترجمة الدراسة كاملة بمراجعها (وستكون المراجع دائما بين قوسين وباللون الأزرق وتحتها خط) ، وتحليل محتواها وعرضه ، وقسمناها على سبع حلقات تتناول موضوعات قائمة بذاتها.
وفي البداية لابد لنا أن نعرف أن النظام الأمريكي يسمح بسهولة بتكوين جماعات الضغط المختلفة ، بل إن هذه الجماعات تمثل ملمحا طبيعيا ومنتشرا في ذلك النظام. بل إن أردت فقل إن النظام قائم على تصارع جماعات تحمي مصالحها بالوسائل التي تضمنها الحريات السياسية. ولذلك تتعدد جماعات الضغط من جماعة تحمي مثلا مصالح زارعي السكر أو البن الذين يحاولون الحصول على الحماية الجمركية الكافية لترويج منتجاتهم داخل الولايات المتحدة ، وهناك جماعات مصنعي الغزل والنسيج وهناك اتحادات الأطباء والحرفيين وهناك جماعات الأقليات المختلفة من الهنود والصينيين واللاتينيين واليهود. وكل تلك الجماعات تستخدم الوسائل الديمقراطية المتاحة للتأثير على صانعي القرارات في الدوائر التي تهمها. وهذه الوسائل تبدأ من كتابة الرسائل والبرقيات للمسئولين الحكوميين ، وجمع التوقيعات على عرائض ، إلى دفع إسهامات مالية في الحملات الانتخابية إلى لقاء أعضاء الكونجرس وشرح قضاياهم ... وتصل إلى التحكم فيمن يتم انتخابه ومن يتم استبعاده ، وكل هذا بحسب قوة جماعة الضغط وإمكانياتها.
وهذا كله طبيعي في النظام الأمريكي ، ولكن المختلف هنا في حالة اللوبي الإسرائيلي ( وهي أقوى جماعة ضغط على الإطلاق في الولايات المتحدة بعد اتحاد المتقاعدين) ، المختلف هنا أن هذا اللوبي لا يكتفي بتحقيق المصالح الإسرائيلية بل يتعداها إلى الإضرار الصريح بالمصالح القومية الأمريكية ويضرب بها عرض الحائط ، إنه يمثل دولة داخل الدولة.
يستعرض المؤلفان في هذه الحلقة الخطوط العريضة للوبي الإسرائيلي وكيف استطاع بناء أوهام دعائية حول المصالح الإستراتيجية المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرئيل ، حتى أصبحت حقائق يصعب منازعتها ، وكيف هيأ اللوبي دواع أخلاقية مغلوطة تبرر هذا الدعم الأمريكي اللا محدود.

الحلقة الأولى
عرض وترجمة

تُشكّلُ السياسة الخارجية الأمريكيّه الأحداثَ في كُلّ ركن من أركان الكرة الأرضيةِ. وهذه الحقيقه نجدها أكثر وضوحاً في الشرق الأوسط ، والسبب الواضح لنا جميعاً هو لأنّها - نقصد منطقة الشرق الأوسط - تعتبر من أكثر بقاع الأرض من حيث عدمِ الإستقرار علاوة علي الأهميةِ الإستراتيجيةِ الهائلةِ المتوفره في جميع جوانبها وأرجائها شمالاّ وجنوباً وشرقاً وغرباً. ولقد قامت إدارة الرئيس الأمريكي بوش خلال الأعوام القليلة الماضية في محاولة ما أسماه بتحويل المنطقة إلي مجتمعات ديموقراطيّة . ولقد تسبب هذا في تفجر النزاعات الطائفيّة المستمرّة في العراق ممّا خفّض مستويات الأمان بالمنطقة ، كما تسبب في ارتفاعات حادّة ومتتالية لأسعار النفط ، ثم ظهرت تلك التفجيرات الإرهابيّة في مدريد ,ولندن ، وعمّان بالأردن . كما زادت درجات الغليان في جنبات الشرق الأوسط ممّا أصبحت معه دولاً عديدة مهدّدة بالضياع والحروب الأهلية ، لذا فإننا نجد أنّ فهم تلك السياسة الأمريكيّة مازال يحمل من علامات الإستفهام والتعجب خاصّةً وأن من حق جميع الدول فهم القوى التي تؤثر في تشكيل سياسات الولايات المتحدة الأمريكيّة في الشرق الأوسط .

اللوبي الإسرائيلي جعل علاقة الولايات المتحده مَع إسرائيل علاقة خاصّة جداً ويجب الحفاظ عليها وتنميتها بأي قدر من التنازلات أو التضحيات من جانب أمريكا
إنّ ممّا لا شك فيه أنّ المصلحة الوطنية الأمريكية دائماً تَكُونَ الهدف الأساسيَ والأسمى للسياسة الخارجية الأمريكيةِ، مهما حاول البعض من ذوي المصالح التشكيك في ذلك . ولقد أفرزت العقود القليله الماضيه ، وخاصة بعد حرب الأيّام الستّه عام 1967 ومنذ ذلك الحين ، أنّ علاقة الولايات المتحده مَع إسرائيل هي علاقة خاصّة جداً ويجب الحفاظ عليها وتنميتها بأي قدر من التنازلات أو التضحيات من جانب أمريكا، وهكذا أصبحت إسرائيل بالنسبة لأمريكا كالدرّة الغالية جداً والتي عليهم حفظها وحمايتها مهما كلّفهم ذلك . ولقد كان لتركيز مجموعة الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيلِ ، والجُهودِ الأخرى من القوى ذات العلاقةِ علي نشر فكرة فرض الديمقراطيةِ في كافة أنحاء المنطقة بأسلوب الكاوبوي، مما تسبب في إشعال لهيب الرفض في المنطقة مفرزاً رأياً موحداً متحدِّياً وساخطاً عربياً وإسلامياً ، ومن جهه أخري فلقد بدأ في التسبب في المساس بالأمن الأمريكي في المنطقه الأوروبيّه لأول مرّه.
ولقد أفرزت تلك الحالة سابقة لَيْسَ لَها نظيرُ في التأريخِ السياسيِ الأمريكيِ. فكيف تسنّي للولايات المتّحده الأمريكيّه أن توقع نفسها في هذا الخطأ وتُعَرِّض أمنها للخطر من أجل تحقيق بعض الإهتمامات لدولةٍ أخري !. إن المدقق والخبير في العلاقات الدولية قَدْ يَفترضُ بأنّ الرابطةَ بين البلدين مستندة على المصالح الإستراتيجيةِ المشتركةِ بينهما ،أَو مبنيّه علي مغزي أو دافع أخلاقي . وعلي الرغم من ذلك ، فكما سنوضح فيما يلي، فسنري أنّه لا علاقة بالمرّة بين تلك الأسباب المنطقيّة الموضّحة أعلاه وبين ذلك المستوى البارز والّلا محدود للدعمِ الماديِ والدبلوماسيِ الموجّه من أمريكا إلى إسرائيل .
سنرى كيف إستطاعت أنشطة اللوبي الإسرائيلي أن تُشكِّل الضمير الأمريكي وبالتالي مواقفه في منطقة من أكثر مناطق العالم غلياناً

علي النقيض تماماً من ذلك فكما أسلفنا إنّ الدّافع الرئيسي ليس مستنداً لا على المصالح الإستراتيجيةِ المشتركة ولا علي دافع أخلاقي، ولكن تلك السياسه تكتسب تلك القوّة الدّافعة الهائلة والممتدّة والتي تزداد تعاظماً مع الأيام من خلال سياسات أمريكيّة محلِّية بحتة وخاصّةً فيما يتعلّق بـ "اللوبي الإسرائيلي " . في حين أن مجموعات أخري من ذوي الإهتمامات الخاصّه تمكنوا من تعديل السياسه الخارجيّه الأمريكيّه في المنطقه بما يخدم أيضاً نفس الأهداف الأصليه ألا وهي دعم إسرائيل العشوائي ، وفي نفس الوقت يقومون بإقناع المواطن الأمريكي أنّ إهتمامات واشنطن وإسرائيل هي في الأساس متماثلة (من المعروف أنّ وجود لوبي يَقترح دعم غير مشروط لإسرائيل لَيسَ من ضمن الإهتمامات الوطنّية الأمريكية، لأنّها لو كانت كذلك, لما كان هناك حاجة لمجموعات منظّمه ذات إهتمامات خاصّه لإظهارها ، ولكن فإن الواقع شاهد على أن هذا اللوبي الإسرائيلي يمارس الضغط السياسي بإستمرار وبشكل يومي لضمان دوام الدعم الأمريكي لإسرائيل دون مساس. وقد أعلن مرة زعيم الأقلية في الكونجرس ريتشارد جيفارد أمام منظمة الإيباك اليهودية " ... بدون جهودكم المستمرة ومعاناتكم اليومية لتقوية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ، ما كانت هذه العلاقات لتصمد ...".).
.
وسنجد في الصفحات التاليه, توضيحا دقيقا عن كيفية قيام ذلك اللوبي الإسرائيلي بتحقيق ذلك الإنتصار، وكيف أنّ أنشطته إستطاعت أن تُشكِّل الضمير الأمريكي وبالتالي مواقفه في منطقة من أكثر مناطق العالم غلياناً . ولمّا كان لمنطقة الشرق الأوسط أهمية إستراتيجية ذات تأثير عالمي من العيار الثقيل لا ينكرها أحد ، فإنّ على صانعي السياسة الأمريكيّة وغيرهم إدراك ذلك جيّداً وأخذه في الإعتبار وذلك بإعادة تقنين تأثير ذلك اللوبي .

الحقائق التي نسردها هنا ليست محل خلافِ أو جدال بين المتخصصين الموثوق في علمهم وبين ذوي الخبرة التي يُعتَدٌ بها عالمياً

إننا نعلم أن البعض سَيَجِدونَ - بعد قراءة هذا التحليل - أنّه مقلقٌ, إلاّ أنّ الحقائق التي نسردها هنا ليست محل خلافِ أو جدال بين المتخصصين الموثوق في علمهم وبين ذوي الخبرة التي يُعتَدٌ بها عالمياً, وذلك لأنّها أساساً تم تحديد هياكلها عن طريق صحفيين ومتخصصين من الإسرائيلين أنفسهم، يستحقون عظيم الفضل لتسليطهم الضوء بشدّه علي تلك بناءً علي آراء حسابنا يَعتمدُ بشدّة على تلك القضايا.
نحن أيضاً اعتمدنا علي أدِلّة مُوَثّقة واضحة من مصدر إسرائيلي محترم وكذلك من منظّمة دوليّة لحقوق الإنسان . كما أنّ إدّعاءاتنا المًفَنَّده هنا حول تأثير اللوبي الإسرائيلي على السياسة الأمريكيّة في الشرق الأوسط قد تم اعتمادها من أعضاء اللوبي نفسه، علاوة على شهادة سياسيين تعاونوا مع اللوبي الإسرائيلي وعملوا معهم. نحن نتوقع أن يرفض بعض قراء هذا البحث ما قد وصلنا إليه من استنتاجات , وبالطبع فإنّ ذلك الرفض لا يَدْحَْض بأي حال أيِّا من ادعاءاتنا المُوَثَّقة ذات الأدلّة الدامغة .

المحسن الكبير :
منذ أكتوبر 1973 قامت واشنطن بتزويد إسرائيل بمستوى من الدعم يتضاءل معه أي دعم قُدِّم لأي دولة أُخرى من قبل , فلقد كانت إسرائيل أكبر مُتَلقّي للدّعم إقتصادياً وعسكرياً منذ حرب 1967 , ويمثِّل أكبر دعم منذ الحرب العالميّة الثانيّة . فلقد وصل مجموع ما حصلت عليه إسرائيل حتي عام 2003 من مساعدات ما يربو علي 140 بليون دولار امريكي (وطبقا لتقارير هيئة المعونة الأمريكية USAID فإن إسرائيل استلمت أكثر من 140 بليون دولار حتى عام 2003) . ولقد إستلمت إسرائيل بإنتظام 3 بليون دولار كمساعده مباشرة سنوياً, والتي تُمَثِّل تقريباً خُمْس ميزانيّة المساعدات الأمريكيّة الخارجيّة. وبحسبة بسيطة نجد أن الولايات المتّحدة الأمريكيّة أعطت كل إسرائيلي إعانة مباشرة سنوية قدرها 500 دولار (تشير تقارير هيئة المعونة الأمريكية أن إسرائيل استلمت 3,7 بليون دور عام 2003 ، وتشير وثائق وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA أن تعداد إسرائيل في 2003 بلغ 6,3 مليون نسمة ، وهذا يعني أن كل فرد إسرائيلي يحصل على 589 دولار سنويا من المعونة الأمريكية ..) . هذه الهبة تبدو فعلاً صادمة عندما نعلم أنّ إسرائيل أضحت دولة غنيّة صناعياً تضارع مستويات الدخل فيها نظرائها في كوريا الجنوبية أَو في إسبانيا (بحسب تقديرات وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA في كتابها السنوي ، وأطلس البنك الدولي).

ولقد حصلت إسرائيل علي عدَّة صفقات خاصّة أخرى مِنْ واشنطن (للاطلاع على هذه الصفقات: انظر الدراسة التي قدمها كلايد مارك عن المعونة الأمريكية لإسرائيل وقدمها للكونجرس ونشرت ضمن الخدمات البحثية للكونجرس الأمريكي في 2005) .

إسرائيل هي الدولة الوحيدة من ضمن الدول المتلقية للمساعدات الأمريكيّة والتي لا يتم مراجعة كيفية إنفاق قيمة المساعدات

هناك من يحصل علي المساعدات علي أربع أقساط سنويّة ، في حين أن إسرائيل تستلم مساعداتها كاملةً مع بداية السنّة الماليّة ، ممّا يعتبر إضافة حقيقيّة لقيمة المساعدات. وهناك اتفاق على أن تقوم الدولة التي تتلقى المساعدات من واشنطن للأغراض العسكريّة بإنفاق تلك المساعدات كاملة في شراء معدّات عسكريّة من الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، ما عدا إسرائيل فإن لها معاملة أخرى ألا وهي إنفاق 25 % من المساعدات العسكريّة التي تتلقاها سنوياً في الإنفاق ودعم تطوير الترسانة الدفاعيّة لصناعاتها العسكريّة . ونضيف أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة من ضمن الدول المتلقية للمساعدات الأمريكيّة والتي لا يتم مراجعة كيفية إنفاق قيمة المساعدات، وهو إستثناء يجعل من المستحيل التأكد من عدم تِوِجٌه تلك المساعدات - أو منع تِوِجٌهُها أو إستخدامها- فيما يتعارض مع أهداف الإستراتيجيّة العليا للسياسة الأمريكيّة لبرنامج المساعدات الخارجية لواشنطن ، مثل بناء المستوطنات في الضفّة الغربيّة لنهر الأردن . علاوة على ذلك , فلقد قامت الولايات المتّحدة بتزويد إسرائيل بما يقارب 3 بليون دولار لتطوير أسلحة ونظم مثل " الطائرة لافي Lavi aircraft " والتي لا يحتاج إليها البنتاجون ولا يريدها, بينما أعطت لإسرائيل أيضاً إذن بالدخول على مراكز الإستخبارات الأمريكيّة العليا وبتزويدها بطائرات الهليكوبتر طراز بلاك هوك والنفاثات من طراز إف 16 . وأخيراً ، فهي بهذا قد أعطت إسرائيل تكنولوجيا وتصريح للإطلاع على أسرار الإستخبارات الأمريكية والتي حرمت منها حلفائها من حلف شمال الأطلسي وأغمضت عينها إزاء إمتلاك إسرائيل للسلاح النووي (انظر كتاب أفنر كوهين "إسرائيل والقنبلة" ، الناشر جامعة كولومبيا ، وكتاب سيمور هارش "الترسانة الإسرائيلية النووية والسياسة الخارجية الأمريكية" الناشر راندوم هاوس – نيويورك).

ومن جانب آخر، فلقد قامت واشنطن بإمداد إسرائيل بدعم دبلوماسي راسخ ودائم ومنتظم . ومنذ عام 1982, فلقد استخدمت الولايات المتّحدة الأمريكيّة حقْ النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي لعدد 32 من القرارات التي أصدرتها المنظّمة الدوليّة للأمم المتحدة ممّا رفع عن كاهل إسرائيل الحرج إزاء مواقفها المتأزمة والخطيرة في الشرق الأوسط، وهذا العدد من القرارات التي أُسْتُخْدِم فيها حق الفيتو لصالح إسرائيل يربو على جميع ما تم استخدامه من حقوق النقض - الفيتو - بواسطة جميع أعضاء مجلس الأمن (من الملحق الثالث للسجلات الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة ، تقرير 47 لعام 2004 ، وكذلك تقرير مجلس الأمن "تقرير واشنطن عن شئون الشرق الأوسط ، يونيو 2005 ...) . وتسبب ذلك الدعم في إهدار جهود الدول العربيّة حتى توضع الترسانة النوويّة الإسرائيليّة ضمن جدول أعمال الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة (تقرير مارك بريلمان "الوكالة الدولية ترقب الترسانة النووية الإسرائيلية") .

إنّ إستراتيجيّة إدارة بوش الطموحة لإجراء تغييرات في الشرق الأوسط والتي بِدأت مَع عمليّة احتلال العراق قد تمّت بنـيّـة تحسّين الموقف الإستراتيجي لإسرائيل في المنطقة
ولقد قامت الولايات المتّحده بنجدة إسرائيل في وقت الحرب، ثمّ ساندتها ووقفت إلى جوارها خلال مفاوضات السلام. كما هبت إدارة الرئيس الأمريكي نيكسون بتجهيزها وتزويدها بجميع احتياجاتها خلال حرب أكتوبر 73 ، وقامت بوقايتها وصيانتها و حَمايتها مِنْ التهديد والتدخل السوفييتي الذي كان وشيكاً ومؤكداً آنذاك.
ولقد شاركت واشنطن بعمق في المفاوضات التي أدّت إلي إنهاء تلك الحرب، وكذا ما تبعها من المفاوضات المُطَوَّلة ( مفاوضات الخطوة خطوة ) ، كما لعبت دوراً رئيسياً ومحورياً خلال المفاوضات التي سبقت إتفاقيات أوسلو عام 1993 ، وكذلك تلك الإتفاقيات التاليه لها (انظر كتاب ويليام كواندت "عملية السلام: السياسة الأمريكية والصراع العربي الإسرائيلي منذ 1967" الطبعة الثالثة 2005) . ولم يخل هذا الدعم الأمريكي الغير مسبوق لإسرائيل من بعض الاحتكاكات بين المسئولين الرسميين لكلا الفريقين, ولكن قامت واشنطن بتنسيق مواقفها خلال ذلك مع إسرائيل متّخذةً موقفاً داعماً وراسخاً لمصلحة وجهة نظر إسرائيل في المفاوضات . في الحقيقة , فلقد قال لاحقاً واحد من المشاركين في كامب ديفيد 2000 ، قالَ: “ لقد عملنا بشكل أو بآخر ، كما لو أنّنا المحامون المدافعون عن إسرائيل ، وليس بالعدل الواجب مع كلا الطرفين " (مقال لنوثان جوتمان في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية في إبريل 2005 ، ومقال آرون ميلر بالواشنطن بوست بعنوان "محامي إسرائيل" في مايو 2005 ومقالات أخرى عديدة في مراجع الدراسة ....).
وكما سيتم بحثه فيما بعد, فلقد قامت واشنطن بإعطاء إسرائيل الضوء الأخضر للتصرف بحريّة في الأراضي المحتلّة ( الضفّة الغربيّة ، وقطاع غزّة )، حتّي لو كانت تلك التصرفات تتعارض مع مصالح واشنطن . علاوة على ذلك , إنّ إستراتيجيّة إدارة بوش الطموحة لإجراء تغييرات في الشرق الأوسط — والتي بِدأت مَع عمليّة احتلال العراق — قد تمّت ولو جزئياً علي الأقل بنـيّـة تحسّين الموقف الإستراتيجي لإسرائيل في المنطقة . وبعيداً عن التحالفات التي تتم في زمن الحروب , فإنّه من العسير أن تجد مثيلاً لما حدث من دعم مادي وعَـتَـادي ودبلوماسي لفترة زمنيّة طويلة من إحدي الدول لأي دولة أخرى مثلما حدث من أمريكا إلي إسرائيل , بإختصار دعم لا نظير له من قبل . إنّ هذه الحالة من الكرم الزائد المنقطع النظير قد تكون مفهومة ومهضومة إذا كانت إسرائيل تُقَدِّم دعماً حيوياً وإستراتيجياً إذا كانت هناك قضيّة إخضاع معنوي مثلاً أو ما شابه ممّا يحتاج مساندة من إسرائيل للولايات المتّحدة ، لكن لا توجد أسباب جوهريّة مقنعة.

--------------------------------------------------------------------------------
 
عودة
أعلى