الحلقة السادسة من دراسة "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية"
اللوبي الإسرائيلي: سيطرة شبه كاملة على الصحف الكبرى ومحطات التليفزيون والمراكز البحثية ، وسعي دؤوب للسيطرة على الجامعات
سألت نفسي ، أين بجب نشر هذه المجموعة الجديدة من المواضيع التى أقتبسهم من موقع دريدة الوسط ...
وصلت إلى قرارى ، بأن أفضل مكان .... هو ... هنا ... "باب الحروب" ...
السبب بسيط ... لو لم نكن نتمتع بصفة الفساد ... لما وصلنا إلى مركزنا الحالي ، ولتماتفنا ... وأنشأنا ... لوبيا عربى .. كما حدث فى بداية الستينيات ... وكان اللبنانيون والسوريون يقودون الحركة التى بدأت تظهر بوادرها المخبفة وتأثيرها على السياسة الأمريكية ... ومواجهة اللوبى الصهيونى ...
أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...
د. يحى الشاعر
المصدر
http://www.el-wasat.com/details.php?id=10943 (http://www.el-wasat.com/details.php?id=10943)
20 اغسطس 2007 - 01:13 مساء
http://www.el-wasat.com/images/109431_636132_1_34.jpg
الحلقة السادسة من دراسة "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية"
المؤلفان :
ستيفن وولت: استاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد
جون ميرشايمر: استاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو
عرض http://el-wasat.com/images/wasat_small.gif:
ترجمة / حمدي مصطفى
إنّ أهداف اللوبي يتم الوفاء بها عندما يحتل الأفراد من مؤيّدي إسرائيل مواقع مهمّة في القطاعات التنفيديّة. وكمثال، فلقد تم صياغة سياسة الشرق الأوسط بشكل كبير خلال فترة رئاسة بيل كلينتون، من قبل مسئولين لديهم إرتباطات متينة مع إسرائيل أو مع المنظمات البارزة المؤيّدة لإسرائيل: مثل مارتن إينديك Martin Indyk, نائب مدير الأبحاث السابق في لجنة العمل السياسية الأمريكية الإسرائيلية AIPAC، والمؤسس المشارك لمعهد " دبليو آي إن إي بي- وينيب "pro Israel Washington Institute for Near East Policy – WINEP. ؛ و دنيس روس Dennis Ross، الذي إنضمّ إلي وينيب WINEP بعد تركة الحكومة عام 2001؛ و هارون ميلر Aaron Miller, والذي سبق له الحياة في إسرائيل وهو غالباً ما يزورها من آنٍ لآخر81 .
هؤلاء الرجال كانوا من بين مستشاري الرئيس بيل كلينتون خلال معاهدة كامب ديفيد في يوليو من عام 2000. كما أنّهم كانوا ثلاثتهم من مؤيّدي عملية أوسلو للسلام، وأبدوا استحساناً لفكرة تكوين دولة فلسطينيّة آنذاك، ولكن كل ذلك في إطار الحدود التي قامت برسمها وقبولها إسرائيل 82. وبدقّة أكثر، فلقد كان الوفد الأمريكي يتلقّي الإشارات والتوجيهات من رئيس وزراء إسرائيل "إيهود باراك"، مقدّما عن تسويات أوضاع عمليّات التفاوض, ولم يحدث أن تقدّم أحد منهم بأي أفكار أو عروض شخصيّة لحل النزاع. ولم يكن مثيراً للدهشة أبداً، قيام المفاوضين الفلسطينيين بالشكوي وإبداء تذمرهم من أنّهم كانوا يتفاوضون مع فريقين، أحدهما تحت راية العلم الإسرائيلي، والآخر تحت راية العلم أمريكي83.
وحتي خلال إدارة الرئيس بوش، فلقد كانت هذه الحالة أكثر وضوحاً عن ذي قبل, والذي كانت صفوف الوفد الأمريكي في المفاوضات تتضمّن من الأشخاص المؤيدين لإسرائيل ومن أشد المتحمسين لها، أمثال: إليوت أبرامز Elliot Abrams، و جون بولتون بحماس John Bolton، و دوغلاس فيث Douglas Feith، و آي. لويس( " سكوتر" ) ليبي I. Lewis (“Scooter”) Libby، و ريتشارد بيرلِ Richard Perle، و بول ولفوفيتز Paul Wolfowitz، و ديفيد ورمسِر David Wurmser. وكما سنرى، فلقد إتّبع هؤلاء الرسميون من المسؤولين أساليب راسخة وثابتة ومنتظمة تتطابق مع السياسات التي تفضّلها إسرائيل وتساندها وتدعمها منظمات اللوبي.
كيفية التأثير علي أجهزة الإعلام
وبالإضافة إلى عمليات التأثير المباشر على الحكومة الأمريكية، فيقوم اللوبي بالنضال والكفاح وبذل كل غال ونفيس من أجل تهيئة وتشكيل وجدان جماهير الشعب الأمريكي بما يتماشى مع سياسة إسرائيل في الشرق الأوسط. فهي لا تريد أي مناقشات أو مناظرات علنيّة أو جدال على نطاق واسع فيما يخص أي مواضيع متعلّقة بإسرائيل، وذلك لأنه لو حدثت مثل تلك المناقشات العلنيّة فقد تفتح الباب أمام تساؤلات الأمريكيين عن طبيعة وسبب ذلك المستوى من الدعم والذي تقدّمه الولايات المتّحدة الأمريكيّة باستمرار لإسرائيل. ووفقاً لذلك, فإنّ المنظمات المؤيّدة لإسرائيل تقوم ببذل كل جهد والعمل الدؤوب وبكل قوّة للتأثير علي وسائل الإعلام بجميع أشكالها وصورها، لأن هذه المؤسسات لها من الخطورة الشيئ الكثير في التأثير علي رأي الشعب وتشكيل وجدانه.
ولقد انعكست إيجابياً وبشدّة علي أجهزة ووسائل الإعلام المختلفه، وعلي نحو واسع، وجهة نظر اللوبي ومنظوره بالنسبة لإسرائيل، لأنّ غالبيّة المعلّقين الإعلامين هم من المؤيّدين لإسرائيل. كما إنّ هذا الجدال والنقاش الدائر بين المثقفين في الشرق الأوسط، علّق عليه الكاتب الصحفي إريك ألترمان Eric Alterman، بقوله إنّه: " يسيطر ويهيمن عليه، أشخاص لا يمكن تِصَوٌر أن يوجهوا نقداً لإسرائيل"84. كما قام بتسجيل قائمة تضم عدد 61 إسماً من معلّقي الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى المسموعة والمرئيّة، والذين أصبحوا من مؤيّدي إسرائيل ومسانديها بدون سبب واضح، إلاّ أنّ ذلك كان كرد فعل غير مباشر لقوّة وتأثير اللوبي علي وسائل الإعلام. وفي المقابل, فلقد وجد إريك ألترمان Eric Alterman، عدد 5 فقط من المثقّفين من الذين ينتقدون تصرفات إسرائيل باستمرار وبإصرار، أو يفصحون عن تأييدهم لمؤيّدي المواقف العربيّه. وتقوم الصحافة من حين لآخر بإستضافة أشخاص يقومون بشجب السياسة الإسرائيليّه، ولكنك تجد أنّ كفّة الميزان دائما في صالح الجانب الآخر( الإسرائيلي ).
هذا التحيُز الواضح في تأييد إسرائيل ينعكس علي افتتاحيات الصحف الرئيسية. ولقد علّق علي هذا الموضوع،روبرت بارتلي Robert Bartley, وهو محرّر سابق في جريدة وول ستريت، بقولة : " شامير، شارون، بيبي - أو أي إسم أيّا كان، فإنّ ما يريده أيّ منهم، هو شيئ جميل جداً بالنسبة لي"85.
ولذلك فليس هناك أي مدعاة للدهشة، عن ذلك الذي كتبته المجلّة, ومعه علي نفس النهج ما يصدر دائماً من مقالات إفتتاحيّة ومانشيتّات عريضة تؤيّد إسرائيل بشدّة واضحة، وذلك في جرائد رئيسيّة وواسعة الانتشار مثل جريدة شيكاغو صن- تايمز The Chicago Sun-Times، وجريدة الواشنطن تايمز The Washington Times . وهناك مجلاّت أخرى تقوم وبحماس واضح بالدفاع عن إسرائيل مثل " كومّينتاري Commentary "، و " ذي نيو ريبابليك the New Republic "، و " ذي ويكلي ستاندرد " the Weekly Standard ، وذلك في كل مناسبة.
كما يوجد ذلك التحيٌز الواضح أيضاً في إفتتاحيات لصحف مثل " نيو يورك تايمز New York Times ". وهناك مجلاّت أخرى تقوم وبحماس واضح بالدفاع عن إسرائيل مثل " كومّينتاري Commentary "، ومجلة " ذي نيو ريبابليك the New Republic "، ومجلة " ذي ويكلي ستاندرد " ، وذلك في كل مناسبة. كما تلحظ دائماً ذلك التحيٌز الواضح في إفتتاحيات صحف مثل " نيو يورك تايمز New York Times ". ومن آنٍ لآخر، فإن صحيفة التايمز تقوم بشجب وانتقاد السياسة الإسرائيليّه، كما أنّها في بعض الأحيان تعترف بأن لدى الفلسطينيين شكاوي شرعيّة، لكنّها لم تُعامل بحياديّة وعدل.
و في مذكراته , كمثال علي ذلك, فلقد اعترف ماكس فرانكل Max Frankel مدير التحرير التنفيذي السابق بجريدة التايمز، عن مدى تأثير موقفه المؤيّد لإسرائيل ووقع ذلك علي خياراته لإفتتاحيات الجريدة. وبهذه الكلمات عبّر عن ذلك: “كنتُ متفان ومخلص لإسرائيل لمدى عميق جداً وأكثر بكثير ممّا كنت أتجاسر للتصريح به "، وأضاف : " وبالطبع فلقد كنت متحصّناً بغزارة معلوماتي عن إسرائيل وصداقاتي هناك، ولقد كتبت بنفسي معظم التعليقات والتفسيرات عن الشرق الأوسط. ولقد أدرك وميّز ذلك قارئي الصحيفة من العرب أكثر من اليهود، وهو أنّني كنت أكتب من منطلق تأييدي المطلق لإسرائيل "86.
إنّ التقارير الإخباريّة التي تـبـثها وسائل الإعلام المختلفة والتي تكون إسرائيل طرفاً فيها، يتم تناولها بأساليب أكثر عدلاً وحياديّة من تلك التعليقات والتفسيرات بالمقالات الإفتتاحيّة، وذلك يحدث إلي حدّ مّا بسبب محاولة المراسلين الاجتهاد بموضوعيّه، وإجمالاً لأنّهم لا يستطيعون القيام بتغطية الأحداث في الأراضي المحتلّة بدون الإعتراف وتقرير تلك الحقائق الواقعة عن تصرفات إسرائيل هناك والتي تجري أمام أعينهم. ولكي يتم تثبيط عزائم وهمم هؤلاء المراسلين وإعاقة تأثير تقاريرهم الإخباريّة المضادّة لإسرائيل، يقوم اللوبي بدور جبّار في هذا الشأن وذلك بعدّة طرق، منها تنظيم المظاهرات وحملات لكتابة الرسائل، وكذلك المقاطعات الجماعيّة ضدّ جميع مصادر وسائل الإعلام التي تبث مواد وتقارير تدين إسرائيل. ولقد قرّر أحد التنفيذيين من وكالة سي إن إن CNN، أنّه في إحدي المرّات تلقّي ما يزيد عن 6000 رسالة عبر الإيميل خلال يومٍ واحد، وكلّها تشجب أحد القصص التي تم نشرها، والتي يعتقدون أنّها ضد إسرائيل 87. وبنفس الطريقة, فلقد قامت لجنة دعم إسرائيل المسمّاة " كاميرا CAMERA " { لجنة بث تقارير الشرق الأوسط الصحيحة والدقيقة في أمريكا Committee for Accurate Middle East
Reporting in America } بتنظيم المظاهرات والإحتجاجات الشعبيّة وذلك أمام مباني محطّات إرسال الإذاعة الوطنيّة في 33 مدينة عام 2003، كما جاهدت خلال ذلك في محاولاتها المستميتة لإقناع المشاركين في تلك المظاهرات بحجب مساهماتهم في وكالة " إن بي آر NPR " حتّي تغيّر من عدائها لإسرائيل وتكون أكثر تعاطفاً ورحمة بها 88. وكان من جرّاء ذلك، أن تكبّدت محطّتي " إن بي آر بوسطن NPR station ", و" دبليو بي يو آر WBUR ", خسائر أكثر من مليون دولار أمريكي كنتيجة لتلك الجهود الدؤوبة الناجحة من لجنة كاميرا CAMERA ، وذلك لحث هؤلاء المتظاهرين على حجب مساهماتهم عن تلك المحطّات الغير متعاطفة مع إسرائيل. ولقد مارس أيضاً أعضاء من الكونجرس من أصدقاء إسرائيل والموالين لها، ضغطاً علي تلك المحطّة ( إن بي آر NPR )، وذلك بالطلب من المحطّة الخضوع لتحقيق داخلي للتدقيق فيما نسب إليها مع زيادة الرقابة عليها فيما يخص تغطية الأخبار في الشرق الأوسط.
وتساعد تلك العوامل علي توضيح لماذا نجد في الإعلام الأمريكي القليل من النقد للسياسة الإسرائيليّه، ولماذا تلك الندرة الشديدة عن الإستجوابات أو التساؤلات أو الطرح للتصويت على ما يتعلّق بعلاقة واشنطن الحميمة بإسرائيل، وتوضّح أيضاً لماذا لا يتم مناقشة التأثير العميق للوبي علي سياسة الولايات المتّحدة إلاّ نادراً، ويأتي ذلك عادة بصورة عرضيّة ومن حينٍ لآخر.
السيطرة علي المراكز الإستشاريّة الأمريكيّة والمجالس البرلمانيّه، وصياغة السياسة
إنّ القوي المؤيدة لإسرائيل تهيمن وتتسلّط علي مجالس الخبراء بالدولة وبالتبعيّة وجدان الشعب الأمريكي وساسته، ممّا يسمح لها بلعب دور قوي للغاية في تكييف المناقشات البرلمانيّة والشعبيّة لمصالحها علاوة علي التشكيل والصياغة الفعليّة للسياسة الأمريكيّه. ولقد قام اللوبي بإبتداع فكرة إقامة مركز إستشاري به عام 1985، عندما كان مارتن إينديك Martin Indyk، قد عاون في إقامة معهد وينيب WINEP. علي الرغم من قيام وينيب WINEP بالتقليل من أهميّة علاقاتها مع إسرائيل ومطالبها، وأعطت بدلاً من ذلك منظور "متوازن وواقعي" لقضايا الشرق الأوسط، والذي لم يكن الهدف منها 90. وفي الواقع، فإنّ القائمين علي تمويل وإدارة معهد وينيب WINEP، هم من الأشخاص المتحمّسين بشدّة ولديهم طموح جارف لتطوير برامج إسرائيل ودعم تقدمها.
وبالطبع فإنّ تأثير اللوبي علي المراكز الإستشاريّة ومعاهد الخبرة على المستوى العالمي، يتخطّى معهد وينيب WINEP. ولقد أسّست القوى المؤيّدة لإسرائيل عبر الخمسة وعشرين عاماً الماضية تواجداً مهيمناً في كلّ من معهد الأمريكان إنتربرايز American Enterprise Institute، ومعهد بروكينجز Brookings Institution، ومركزالسياسة الأمنيّة the Center for Security Policy، و مؤسسة الأبحاث للسياسة الخارجيّة the Foreign Policy Research Institute، ومؤسّسة التراث the Heritage Foundation، ومعهد هدسون the Hudson Institute، ومعهد تحليلات السياسة الخارجيّة the Institute for Foreign Policy Analysis, والمعهد اليهودي لشئون الأمن القومي (جينسا) the Jewish Institute for National Security Affairs (JINSA).
كل هذه المراكز الإستشاريّة ومعاهد الخبرة قد قررت تأييدها ودعمها لإسرائيل، وهناك قلّة أخرى- هذا إذا كانوا موجودين حقاً - من منتقدي السياسات الأمريكيّة لدعمها للدولة اليهوديّة.
كما أنّ هناك مؤشر جيد علي مدي تأثير اللوبي علي عالم المراكز الإستشاريّة ومعاهد الخبرة، وهو ذلك التطور والنمو الذي طرأ علي مؤسّسة بروكنجز. وخلال العديد من السنوات, فلقد كان أقدم خبرائها فيما يخص قضايا الشرق الأوسط ويليام بي. كواندت William B Quandt، وهو من الأكاديميين البارزين، وهو أيضاً أحد مسئولي الأمن القومي NSC القدامي، وهو ممّن يحظون بإحترام بالغ مُسْتَحَقْ نظراً لسمعتة الطيّبة من حيث إنصافه وعدالته وحياده إزاء الصراع العربي الإسرائيلي. واليوم , وعلى الرغم من ذلك, فلقد أصبحت مهام مؤسسة بروكنجز فيما يختص بتلك القضايا يتم تصريفها من خلال مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط Saban Center for Middle East Studies. والتي يتم تمويلها بواسطة هيم سابان Haim Saban، وهو رجل أعمال إسرائيلي-أمريكي من الأثرياء ومتحمّس جداً للصهيونيّة 91. كما أنّ مدير مركز سابان هو مارتين إنديك Martin Indyk المعروف وذو السمعة الطّاغية. وهكذا تبدّل الحال، فبعد أن كان هناك تأثير لمؤسّسة ذات سياسة حياديّة غير حزبيّة في الشرق الأوسط، أصبحت هناك الآن نغمةً يعزفها مركز سابان ضمن السيمفونيّة التي تعزفها المراكز الإستشاريّة وبيوت الخبرة من مؤيّدي إسرائيل.
تسييس الأكاديميين بالجامعات والمراكز البحثيّة
لقد كان من أصعب عمليّات اللوبي هي تلك التي تجري داخل كلّيات الحرم الجامعي، وهي عمليات الغرض منها خمد وإسكات أي أصوات ترتفع لمناقشة أي موضوعات عن إسرائيل، وذلك نظراً لمساحة الحريّة العريضة والتي يتمتّع بها الأكاديميون في الجامعات لأنّهم يمثّلون القيمة المثالية داخل الأمّة، وأيضاً للصعوبة البالغة التي يواجهها اللوبي خلال محاولته تهديد أو إسكات أيّ صوت من أصوات هؤلاء الأساتذة الكبار. حتى عندما تعرّضت إسرائيل إلي انتقادات خفيفة في عام 1990، وذلك خلال عمليّة أوسلو للسلام. ثمّ تلى ذلك إرتفاع أصوات تنتقد بشدّة إنهيار تلك المباحثات، ثم تبع ذلك وصول آريال شارون Ariel Sharonإلي الحكم في إسرائيل مع بدايات عام 2001، ولقد زادت تلك الانتقادات شدّة خاصّة عندما قامت قوات الدفاع الإسرائيليّة IDF بإحتلال الضفّة الغربيّة في ربيع 2002، واستخدمت قوات عسكريّة هائلة في محاولتها لخمد الإنتفاضة.
ولقد انتفض اللوبي بعدائيّة مفرطة في محاولتة لكتم تلك الأصوات المنتقدة لإسرائيل، ولإعادة الأوضاع كما كانت عليه، وبعد ذلك ظهرت مجموعات جديدة، للتغطية علي الديمقراطيّة وحريّة التعبير، فقامت باستدعاء متحدّثين إسرائيليين لإجراء حوارات مفتوحة معهم داخل جدران الكلّيات الجامعيّة في الولايات المتّحدة 92. ومباشرة قفز إلى هذا الشجار الجماعات التي سبق تأسيسها مثل المجلس اليهودي للشئون الوطنيّة Jewish Council for Public Affairs and Hillel، مع جماعة جديدة تأسست حديثاً أطلقت علي نفسها إسم - الإسرائيل في تحالف الحرم الجامعي the Israel on Campus Coalition - وكان الغرض منها التنسيق بين ذلك العدد الكبير من الجماعات لعرض قضيّة إسرائيل داخل حرم الجامعات. وأخيرا, تقوم لجنة العمل السياسية الأمريكية الإسرائيلية AIPAC بمضاعفة ميزانيّة مراقبة الأنشطة الجامعيّة إلي أكثر من ثلاثة أضعافها وكذلك لتهيئة عدد من الشباب للدّفاع عن إسرائيل، من أجل توسيع قاعدة هؤلاء الطلبة داخل الحرم الجامعي ... وهذه الجهود القوميّة والوطنيّة هي أحد جوانب الدعم التي يبذلها مؤيّدو إسرائيل 93.
ويقوم اللوبي بمراقبة الأساتذة الجامعيين : ماذا يقولون وماذا يكتبون وماذا يُدَرّسون. وكمثال، فلقد قام مارتن كرامر Martin Kramer ، و دانيال بايبس Daniel Pipes، وهما من المحافظين من مؤيّدي إسرائيل والمتعاطفين معها، قاما بتأسيس موقع علي الإنترنت بإسم( كامبس ووتش Campus Watch )، ونشرا عليها ملفّات كاملة لبيانات الأكاديميين المشبوهين، وشجّعت الطلبة علي إرسال ملاحظاتهم والتعليق علي أي تصرفات يجدوا أنّ بها عداءاً لإسرائيل 94. إنّ هذه المحاولة الواضحة لإرهاب العلماء وإدراجهم ضمن القوائم السوداء، أدّت إلي ردود فعل مزعجة ممّا حدا بهما لرفع تلك الملفّات بعد ذلك، مع استمرار دعوة الطلبة لإرسال تقارير عن السلوكيات المعادية لإسرائيل والتي تحدث داخل كليّات الجامعات في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
كما قامت جماعات أخري من اللوبي بتوجية سهامهم إلي أساتذة بعينهم، وإلي الجامعات التي تعاقدت معهم. وكانت جامعة كولومبيا، والتي كان أحد أعضاء التدريس بها هو الراحل "إدوارد سيّد Edward Said "، قد أضحت هدفاً دائم ليُصَبْ عليها الغضب من أتون مؤيّدي إسرائيل المستعر. ولقد ذكر رئيس جامعة كولومبيا جوناثان كول Jonathan Cole : “ نحن الآن متأكدّين كل التأكيد، أنّ أي بيان عام يشتمل علي تأييد أو مساندة للشعب الفلسطيني يصدر من قِـبَـل " إدوارد سيّد "، الأديب والناقد الفذ، سوف يثير مئات من رسائل الإيميل، والخطابات البريديّة، والحواديت الصّحفيّة والتي تحثّنا علي الشجب العلني لما نشر في البيان وإنتقاد " سيّد " وتوجية اللوم الشديد لة ثم توقيع العقوبة المناسبة علي فعلته الشنيعة، أو طرده من عمله 95. وعندما أعادت نفس الجامعة - كولومبيا - تعيين المؤرّخ " راشد خالدي Rashid Khalidi "، والذي كان يعمل في جامعة شيكاغو، قال رئيس الجامعة جوناثان كول : " بدأت الشكاوى تنهال علي الجامعة من أشخاص لا يتفقون مع وجهات نظر ( راشد ) السياسيّة ". ولقد شربت برينستون من نفس الكأس بعد ذلك بعدّة سنوات عندما قررت ترشيح ( الخالدي ) بعد تركه جامعة كولومبيا 96.
ولقد تم بطريقة كلاسيكيّة توضيح تلك المحاولات والجهود المبذولة للقيام بدور شرطي الجامعة ومسئول الأمن فيها عام 2004، عندما أنتج الفيلم الدعائي " مشروع ديفيد David Project " والذي يزعم فيه أنّ البرامج التدريسيّة في إحدي الكلّيات بجامعة كولومبيا هي برامج معادية للساميّة وتضطهد الطلبة اليهود الذين يدافعون عن إسرائيل 97. وهكذا أضحت جامعة كولومبيا داخل دوائر النار لمؤيّدي إسرائيل، وعندما أُسْنِد إلى إحدي لجان الكلّيات مهمّة التحقيق في التهم المنسوبة للجامعة، فلم تستطع أن تحصل علي أي دليل علي معاداة تلك الجامعة للسّاميّة، والشيئ الوحيد الذي وجدوه هو تلك الحادثة التي وصفت بأنّ الأستاذ قد يكون " أجاب بحماس زائد " علي سؤال من أحد تلاميذه 98. كما استطاعت تلك اللجنة اكتشاف أنّ ذلك الأستاذ المتّهم هو نفسه كان مُسْتَهْدَفاً من قِبَلْ حملة تخويف علنيّة.
ربما الأكثر إزعاجاً في تلك الحملة المسعورة للقضاء علي النقد الموجّه لإسرائيل وإلى مصادره داخل الحرم الجامعي، كانت تلك الجهود التي بذلتها الجماعات اليهوديّة لدفع الكونجرس الأمريكي لتأسيس آليات مراقبة للأساتذة الجامعيين عمّا يقولون عن إسرائيل 99. والمدارس التي ترفض الإنحياز لإسرائيل، تفقد فوراً أي دعم مالي من الحكومة الفيدراليّة. وعلي الرغم من تلك المحاولات لإقحام الحكومة الأمريكيّة لتقوم بدور الشرطي داخل حرم الجامعات، إلاّ أنّها باءت بالفشل حتّي الآن، وعلي الرغم من ذلك، فإنّ تلك المحاولات أوضحت مدى الأهميّة التي ينظر بها مؤيّدو إسرائيل إلي ضرورة السيطرة علي مثل تلك المناقشات التي تجري داخل حرم الجامعات عن موضوعات بعينها تتعلّق بإسرائيل. وأخيراً، فلقد قام عدد من اليهود من المحسنين من محبّي البشر، بتأسيس برنامج للدراسات الإسرائيليّة بالإضافة إلي إلـ ( 130 ) برنامج عن الدراسات اليهوديّة الموجودة أصلاً. وذلك لزيادة أعداد اصدقاء لإسرائيل داخل حرم الجامعات 100.
__________
المراجع
81 Laura Blumenfeld, “Three Peace Suits; For These Passionate American Diplomats, a Middle East Settlement is the Goal of a Lifetime,” Washington Post, February 24, 1997.
82 Samuel (“Sandy”) Berger, President Clinton’s National Security Advisor, reports that at one point during the negotiations at Camp David (July 2000), Dennis Ross made the remarkable comment that, “If Barak offers anything more, I’ll be against this agreement.” Unedited transcript of “Comments by Sandy Berger at the Launch of How Israelis and Palestinians Negotiate (USIP Press, 2005),” U.S. Institute of Peace, Washington, DC, June 7, 2005.
83 Quoted in Blumenfeld, “Three Peace Suits.”
84 Eric Alterman, “Intractable Foes, Warring Narratives,” MSNBC.com, March 28, 2002.
85 Quoted in Bret Stephens, “Eye on the Media by Bret Stephens: Bartley’s Journal,” Jerusalem Post, November 21, 2002.
86 Max Frankel, The Times of My Life And My Life with the Times (NY: Random House, 1999), pp. 401‐403.
87 Felicity Barringer, “Some U.S. Backers of Israel Boycott Dailies Over Mideast Coverage That They Deplore,” New York Times, May 23, 2002.
88 Barringer, “Some U.S. Backers”; Gaby Wenig, “NPR Israel Coverage Sparks Protests,” The Jewish Journal of Greater Los Angeles, May 9, 2003; Gila Wertheimer, “NPR Dismisses Protest Rallies,” Chicago Jewish Star, May 30 – June 12, 2003. Also see James D. Besser, “NPR Radio Wars Putting Jewish Groups in a Bind,” Jewish Week, May 20, 2005; Samuel Freedman, “From ‘Balance’ to Censorship: Bush’s Cynical Plan for NPR,” Forward, May 27, 2005; Nathan Guttman, “Enough Already from Those Pro‐Israel Nudniks,” Ha’aretz, February 1, 2005; E.J. Kessler, “Hot Seat Expected for New Chair of Corporation for Public Broadcasting,” Forward, October 28, 2005.
89 Joel Beinin, “Money, Media and Policy Consensus: The Washington Institute for Near East Policy,” Middle East Report, January‐February 1993, pp. 10‐15; Mark H. Milstein, “Washington Institute for Near East Policy: An AIPAC ‘Image Problem’,” Washington Report on Middle East Affairs, July 1991.
90 Quoted in Milstein, “Washington Institute.”
91 “Brookings Announces New Saban Center for Middle East Policy,” Brookings Institution Press Release, May 9, 2002; Andrew Ross Sorkin, “Schlepping to Moguldom,” New York Times, September 5, 2004.
92 James D. Besser, “Turning up Heat in Campus Wars,” Jewish Week, July 25, 2003; Ronald S. Lauder and Jay Schottenstein, “Back to School for Israel Advocacy,” Forward, November 14, 2003; Rachel Pomerance, “Israel Forces Winning Campus Battle, Say Students Attending AIPAC Meeting,” JTA, December 31, 2002. Jewish groups are also targeting high schools. See Max Gross, “Israel Advocacy Coalition Targeting High Schools,” Forward, January 23, 2004; “New Pro‐Israel Campaign Targets High School Students,” JTA, June 2, 2004.
93 Besser, “Turning up Heat.” In 2002 and 2003, AIPAC brought 240 college students to Washington, DC for intensive advocacy training, sending them back to school to win over campus leaders to Israel’s cause. Besser, “Turning up Heat”; Pomerance, “Israel Forces Winning.” In the spring of 2005, it hosted 100 student government presidents (80 of whom were not Jewish) at its annual conference. Nathaniel Popper, “Pro‐Israel Groups: Campuses Improving,” Forward, June 24, 2005.
94 Michael Dobbs, “Middle East Studies under Scrutiny in U.S.,” Washington Post, January 13, 2004; Michele Goldberg, “Osama University?” Salon.com, November 6, 2003; Kristine McNeil, “The War on Academic Freedom,” Nation, November 11, 2002; Zachary Lockman, “Behind the Battle over US Middle East Policy,” Middle East Report Online, January 2004.
95 Jonathan R. Cole, “The Patriot Act on Campus: Defending the University Post‐‐9/11,” Boston Review, Summer 2003.
96 Chanakya Sethi, “Khalidi Candidacy for New Chair Draws Fire,” Daily Princetonian, April 22, 2005; Idem, “Debate Grows over Khalidi Candidacy,” Daily Princetonian, April 28, 2005.
97 Robert Gaines, “The Battle at Columbia University,” Washington Report on Middle East Affairs, April 2005, pp. 56‐57; Caroline Glick, “Our World: The Columbia Disaster,” Jerusalem Post, April 4, 2005; Joseph Massad, “Witch Hunt at Columbia: Targeting the University,” CounterPunch, June 3, 2005; Nathaniel Popper, “Columbia Students Say Firestorm Blurs Campus Reality,” Forward, February 11, 2005; Scott Sherman, “The Mideast Comes to Columbia,” Nation, April 4, 2005; Chanan Weissman, “Columbia Unbecoming,” Jerusalem Post, February 6, 2005.
98 “Columbia University Ad Hoc Grievance Committee, Final Report, New York, 28 March 2005 (excerpts),” in Journal of Palestine Studies, Vol. 34, No. 4 (Summer 2005), pp. 90‐100.
99 Goldberg, “Osama University?”; Ron Kampeas, “Campus Oversight Passes Senate as Review Effort Scores a Victory,” JTA, November 22, 2005; Stanley Kurtz, “Reforming the Campus: Congress Targets Title VI,” National Review Online, October 14, 2003; McNeil, “War on Academic Freedom”; Ori Nir, “Groups Back Bill to Monitor Universities,” Forward, March 12, 2004; Sara Roy, “Short Cuts,” London Review of Books, April 1, 2004; Anders Strindberg, “The New Commissars,” American Conservative, February 2, 2004.
100 The number 130 comes from Mitchell G. Bard, “Tenured or Tenuous: Defining the Role of Faculty in Supporting Israel on Campus,” Report published by The Israel on Campus Coalition and The American‐Israeli Cooperative Enterprise, May 2004, p. 11. Also see Nacha Cattan, “NYU Center: New Addition to Growing Academic Field,” Forward, May 2, 2003; Samuel G. Freedman, “Separating the Political Myths from the Facts in Israel Studies,” New York Times, February 16, 2005; Jennifer Jacobson, “The Politics of Israel Studies,” Chronicle of Higher Education, June 24, 2005, pp. 10‐12; Michael C. Kotzin, “The Jewish Community and the Ivory Tower: An Urgent Need for Israel Studies,” Forward, January 30, 2004; Nathaniel Popper, “Israel Studies Gain on Campus as Disputes Grow,” Forward, March 25, 2005.
اللوبي الإسرائيلي: سيطرة شبه كاملة على الصحف الكبرى ومحطات التليفزيون والمراكز البحثية ، وسعي دؤوب للسيطرة على الجامعات
سألت نفسي ، أين بجب نشر هذه المجموعة الجديدة من المواضيع التى أقتبسهم من موقع دريدة الوسط ...
وصلت إلى قرارى ، بأن أفضل مكان .... هو ... هنا ... "باب الحروب" ...
السبب بسيط ... لو لم نكن نتمتع بصفة الفساد ... لما وصلنا إلى مركزنا الحالي ، ولتماتفنا ... وأنشأنا ... لوبيا عربى .. كما حدث فى بداية الستينيات ... وكان اللبنانيون والسوريون يقودون الحركة التى بدأت تظهر بوادرها المخبفة وتأثيرها على السياسة الأمريكية ... ومواجهة اللوبى الصهيونى ...
أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...
د. يحى الشاعر
المصدر
http://www.el-wasat.com/details.php?id=10943 (http://www.el-wasat.com/details.php?id=10943)
20 اغسطس 2007 - 01:13 مساء
http://www.el-wasat.com/images/109431_636132_1_34.jpg
الحلقة السادسة من دراسة "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية"
المؤلفان :
ستيفن وولت: استاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد
جون ميرشايمر: استاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو
عرض http://el-wasat.com/images/wasat_small.gif:
ترجمة / حمدي مصطفى
إنّ أهداف اللوبي يتم الوفاء بها عندما يحتل الأفراد من مؤيّدي إسرائيل مواقع مهمّة في القطاعات التنفيديّة. وكمثال، فلقد تم صياغة سياسة الشرق الأوسط بشكل كبير خلال فترة رئاسة بيل كلينتون، من قبل مسئولين لديهم إرتباطات متينة مع إسرائيل أو مع المنظمات البارزة المؤيّدة لإسرائيل: مثل مارتن إينديك Martin Indyk, نائب مدير الأبحاث السابق في لجنة العمل السياسية الأمريكية الإسرائيلية AIPAC، والمؤسس المشارك لمعهد " دبليو آي إن إي بي- وينيب "pro Israel Washington Institute for Near East Policy – WINEP. ؛ و دنيس روس Dennis Ross، الذي إنضمّ إلي وينيب WINEP بعد تركة الحكومة عام 2001؛ و هارون ميلر Aaron Miller, والذي سبق له الحياة في إسرائيل وهو غالباً ما يزورها من آنٍ لآخر81 .
هؤلاء الرجال كانوا من بين مستشاري الرئيس بيل كلينتون خلال معاهدة كامب ديفيد في يوليو من عام 2000. كما أنّهم كانوا ثلاثتهم من مؤيّدي عملية أوسلو للسلام، وأبدوا استحساناً لفكرة تكوين دولة فلسطينيّة آنذاك، ولكن كل ذلك في إطار الحدود التي قامت برسمها وقبولها إسرائيل 82. وبدقّة أكثر، فلقد كان الوفد الأمريكي يتلقّي الإشارات والتوجيهات من رئيس وزراء إسرائيل "إيهود باراك"، مقدّما عن تسويات أوضاع عمليّات التفاوض, ولم يحدث أن تقدّم أحد منهم بأي أفكار أو عروض شخصيّة لحل النزاع. ولم يكن مثيراً للدهشة أبداً، قيام المفاوضين الفلسطينيين بالشكوي وإبداء تذمرهم من أنّهم كانوا يتفاوضون مع فريقين، أحدهما تحت راية العلم الإسرائيلي، والآخر تحت راية العلم أمريكي83.
وحتي خلال إدارة الرئيس بوش، فلقد كانت هذه الحالة أكثر وضوحاً عن ذي قبل, والذي كانت صفوف الوفد الأمريكي في المفاوضات تتضمّن من الأشخاص المؤيدين لإسرائيل ومن أشد المتحمسين لها، أمثال: إليوت أبرامز Elliot Abrams، و جون بولتون بحماس John Bolton، و دوغلاس فيث Douglas Feith، و آي. لويس( " سكوتر" ) ليبي I. Lewis (“Scooter”) Libby، و ريتشارد بيرلِ Richard Perle، و بول ولفوفيتز Paul Wolfowitz، و ديفيد ورمسِر David Wurmser. وكما سنرى، فلقد إتّبع هؤلاء الرسميون من المسؤولين أساليب راسخة وثابتة ومنتظمة تتطابق مع السياسات التي تفضّلها إسرائيل وتساندها وتدعمها منظمات اللوبي.
كيفية التأثير علي أجهزة الإعلام
وبالإضافة إلى عمليات التأثير المباشر على الحكومة الأمريكية، فيقوم اللوبي بالنضال والكفاح وبذل كل غال ونفيس من أجل تهيئة وتشكيل وجدان جماهير الشعب الأمريكي بما يتماشى مع سياسة إسرائيل في الشرق الأوسط. فهي لا تريد أي مناقشات أو مناظرات علنيّة أو جدال على نطاق واسع فيما يخص أي مواضيع متعلّقة بإسرائيل، وذلك لأنه لو حدثت مثل تلك المناقشات العلنيّة فقد تفتح الباب أمام تساؤلات الأمريكيين عن طبيعة وسبب ذلك المستوى من الدعم والذي تقدّمه الولايات المتّحدة الأمريكيّة باستمرار لإسرائيل. ووفقاً لذلك, فإنّ المنظمات المؤيّدة لإسرائيل تقوم ببذل كل جهد والعمل الدؤوب وبكل قوّة للتأثير علي وسائل الإعلام بجميع أشكالها وصورها، لأن هذه المؤسسات لها من الخطورة الشيئ الكثير في التأثير علي رأي الشعب وتشكيل وجدانه.
ولقد انعكست إيجابياً وبشدّة علي أجهزة ووسائل الإعلام المختلفه، وعلي نحو واسع، وجهة نظر اللوبي ومنظوره بالنسبة لإسرائيل، لأنّ غالبيّة المعلّقين الإعلامين هم من المؤيّدين لإسرائيل. كما إنّ هذا الجدال والنقاش الدائر بين المثقفين في الشرق الأوسط، علّق عليه الكاتب الصحفي إريك ألترمان Eric Alterman، بقوله إنّه: " يسيطر ويهيمن عليه، أشخاص لا يمكن تِصَوٌر أن يوجهوا نقداً لإسرائيل"84. كما قام بتسجيل قائمة تضم عدد 61 إسماً من معلّقي الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى المسموعة والمرئيّة، والذين أصبحوا من مؤيّدي إسرائيل ومسانديها بدون سبب واضح، إلاّ أنّ ذلك كان كرد فعل غير مباشر لقوّة وتأثير اللوبي علي وسائل الإعلام. وفي المقابل, فلقد وجد إريك ألترمان Eric Alterman، عدد 5 فقط من المثقّفين من الذين ينتقدون تصرفات إسرائيل باستمرار وبإصرار، أو يفصحون عن تأييدهم لمؤيّدي المواقف العربيّه. وتقوم الصحافة من حين لآخر بإستضافة أشخاص يقومون بشجب السياسة الإسرائيليّه، ولكنك تجد أنّ كفّة الميزان دائما في صالح الجانب الآخر( الإسرائيلي ).
هذا التحيُز الواضح في تأييد إسرائيل ينعكس علي افتتاحيات الصحف الرئيسية. ولقد علّق علي هذا الموضوع،روبرت بارتلي Robert Bartley, وهو محرّر سابق في جريدة وول ستريت، بقولة : " شامير، شارون، بيبي - أو أي إسم أيّا كان، فإنّ ما يريده أيّ منهم، هو شيئ جميل جداً بالنسبة لي"85.
ولذلك فليس هناك أي مدعاة للدهشة، عن ذلك الذي كتبته المجلّة, ومعه علي نفس النهج ما يصدر دائماً من مقالات إفتتاحيّة ومانشيتّات عريضة تؤيّد إسرائيل بشدّة واضحة، وذلك في جرائد رئيسيّة وواسعة الانتشار مثل جريدة شيكاغو صن- تايمز The Chicago Sun-Times، وجريدة الواشنطن تايمز The Washington Times . وهناك مجلاّت أخرى تقوم وبحماس واضح بالدفاع عن إسرائيل مثل " كومّينتاري Commentary "، و " ذي نيو ريبابليك the New Republic "، و " ذي ويكلي ستاندرد " the Weekly Standard ، وذلك في كل مناسبة.
كما يوجد ذلك التحيٌز الواضح أيضاً في إفتتاحيات لصحف مثل " نيو يورك تايمز New York Times ". وهناك مجلاّت أخرى تقوم وبحماس واضح بالدفاع عن إسرائيل مثل " كومّينتاري Commentary "، ومجلة " ذي نيو ريبابليك the New Republic "، ومجلة " ذي ويكلي ستاندرد " ، وذلك في كل مناسبة. كما تلحظ دائماً ذلك التحيٌز الواضح في إفتتاحيات صحف مثل " نيو يورك تايمز New York Times ". ومن آنٍ لآخر، فإن صحيفة التايمز تقوم بشجب وانتقاد السياسة الإسرائيليّه، كما أنّها في بعض الأحيان تعترف بأن لدى الفلسطينيين شكاوي شرعيّة، لكنّها لم تُعامل بحياديّة وعدل.
و في مذكراته , كمثال علي ذلك, فلقد اعترف ماكس فرانكل Max Frankel مدير التحرير التنفيذي السابق بجريدة التايمز، عن مدى تأثير موقفه المؤيّد لإسرائيل ووقع ذلك علي خياراته لإفتتاحيات الجريدة. وبهذه الكلمات عبّر عن ذلك: “كنتُ متفان ومخلص لإسرائيل لمدى عميق جداً وأكثر بكثير ممّا كنت أتجاسر للتصريح به "، وأضاف : " وبالطبع فلقد كنت متحصّناً بغزارة معلوماتي عن إسرائيل وصداقاتي هناك، ولقد كتبت بنفسي معظم التعليقات والتفسيرات عن الشرق الأوسط. ولقد أدرك وميّز ذلك قارئي الصحيفة من العرب أكثر من اليهود، وهو أنّني كنت أكتب من منطلق تأييدي المطلق لإسرائيل "86.
إنّ التقارير الإخباريّة التي تـبـثها وسائل الإعلام المختلفة والتي تكون إسرائيل طرفاً فيها، يتم تناولها بأساليب أكثر عدلاً وحياديّة من تلك التعليقات والتفسيرات بالمقالات الإفتتاحيّة، وذلك يحدث إلي حدّ مّا بسبب محاولة المراسلين الاجتهاد بموضوعيّه، وإجمالاً لأنّهم لا يستطيعون القيام بتغطية الأحداث في الأراضي المحتلّة بدون الإعتراف وتقرير تلك الحقائق الواقعة عن تصرفات إسرائيل هناك والتي تجري أمام أعينهم. ولكي يتم تثبيط عزائم وهمم هؤلاء المراسلين وإعاقة تأثير تقاريرهم الإخباريّة المضادّة لإسرائيل، يقوم اللوبي بدور جبّار في هذا الشأن وذلك بعدّة طرق، منها تنظيم المظاهرات وحملات لكتابة الرسائل، وكذلك المقاطعات الجماعيّة ضدّ جميع مصادر وسائل الإعلام التي تبث مواد وتقارير تدين إسرائيل. ولقد قرّر أحد التنفيذيين من وكالة سي إن إن CNN، أنّه في إحدي المرّات تلقّي ما يزيد عن 6000 رسالة عبر الإيميل خلال يومٍ واحد، وكلّها تشجب أحد القصص التي تم نشرها، والتي يعتقدون أنّها ضد إسرائيل 87. وبنفس الطريقة, فلقد قامت لجنة دعم إسرائيل المسمّاة " كاميرا CAMERA " { لجنة بث تقارير الشرق الأوسط الصحيحة والدقيقة في أمريكا Committee for Accurate Middle East
Reporting in America } بتنظيم المظاهرات والإحتجاجات الشعبيّة وذلك أمام مباني محطّات إرسال الإذاعة الوطنيّة في 33 مدينة عام 2003، كما جاهدت خلال ذلك في محاولاتها المستميتة لإقناع المشاركين في تلك المظاهرات بحجب مساهماتهم في وكالة " إن بي آر NPR " حتّي تغيّر من عدائها لإسرائيل وتكون أكثر تعاطفاً ورحمة بها 88. وكان من جرّاء ذلك، أن تكبّدت محطّتي " إن بي آر بوسطن NPR station ", و" دبليو بي يو آر WBUR ", خسائر أكثر من مليون دولار أمريكي كنتيجة لتلك الجهود الدؤوبة الناجحة من لجنة كاميرا CAMERA ، وذلك لحث هؤلاء المتظاهرين على حجب مساهماتهم عن تلك المحطّات الغير متعاطفة مع إسرائيل. ولقد مارس أيضاً أعضاء من الكونجرس من أصدقاء إسرائيل والموالين لها، ضغطاً علي تلك المحطّة ( إن بي آر NPR )، وذلك بالطلب من المحطّة الخضوع لتحقيق داخلي للتدقيق فيما نسب إليها مع زيادة الرقابة عليها فيما يخص تغطية الأخبار في الشرق الأوسط.
وتساعد تلك العوامل علي توضيح لماذا نجد في الإعلام الأمريكي القليل من النقد للسياسة الإسرائيليّه، ولماذا تلك الندرة الشديدة عن الإستجوابات أو التساؤلات أو الطرح للتصويت على ما يتعلّق بعلاقة واشنطن الحميمة بإسرائيل، وتوضّح أيضاً لماذا لا يتم مناقشة التأثير العميق للوبي علي سياسة الولايات المتّحدة إلاّ نادراً، ويأتي ذلك عادة بصورة عرضيّة ومن حينٍ لآخر.
السيطرة علي المراكز الإستشاريّة الأمريكيّة والمجالس البرلمانيّه، وصياغة السياسة
إنّ القوي المؤيدة لإسرائيل تهيمن وتتسلّط علي مجالس الخبراء بالدولة وبالتبعيّة وجدان الشعب الأمريكي وساسته، ممّا يسمح لها بلعب دور قوي للغاية في تكييف المناقشات البرلمانيّة والشعبيّة لمصالحها علاوة علي التشكيل والصياغة الفعليّة للسياسة الأمريكيّه. ولقد قام اللوبي بإبتداع فكرة إقامة مركز إستشاري به عام 1985، عندما كان مارتن إينديك Martin Indyk، قد عاون في إقامة معهد وينيب WINEP. علي الرغم من قيام وينيب WINEP بالتقليل من أهميّة علاقاتها مع إسرائيل ومطالبها، وأعطت بدلاً من ذلك منظور "متوازن وواقعي" لقضايا الشرق الأوسط، والذي لم يكن الهدف منها 90. وفي الواقع، فإنّ القائمين علي تمويل وإدارة معهد وينيب WINEP، هم من الأشخاص المتحمّسين بشدّة ولديهم طموح جارف لتطوير برامج إسرائيل ودعم تقدمها.
وبالطبع فإنّ تأثير اللوبي علي المراكز الإستشاريّة ومعاهد الخبرة على المستوى العالمي، يتخطّى معهد وينيب WINEP. ولقد أسّست القوى المؤيّدة لإسرائيل عبر الخمسة وعشرين عاماً الماضية تواجداً مهيمناً في كلّ من معهد الأمريكان إنتربرايز American Enterprise Institute، ومعهد بروكينجز Brookings Institution، ومركزالسياسة الأمنيّة the Center for Security Policy، و مؤسسة الأبحاث للسياسة الخارجيّة the Foreign Policy Research Institute، ومؤسّسة التراث the Heritage Foundation، ومعهد هدسون the Hudson Institute، ومعهد تحليلات السياسة الخارجيّة the Institute for Foreign Policy Analysis, والمعهد اليهودي لشئون الأمن القومي (جينسا) the Jewish Institute for National Security Affairs (JINSA).
كل هذه المراكز الإستشاريّة ومعاهد الخبرة قد قررت تأييدها ودعمها لإسرائيل، وهناك قلّة أخرى- هذا إذا كانوا موجودين حقاً - من منتقدي السياسات الأمريكيّة لدعمها للدولة اليهوديّة.
كما أنّ هناك مؤشر جيد علي مدي تأثير اللوبي علي عالم المراكز الإستشاريّة ومعاهد الخبرة، وهو ذلك التطور والنمو الذي طرأ علي مؤسّسة بروكنجز. وخلال العديد من السنوات, فلقد كان أقدم خبرائها فيما يخص قضايا الشرق الأوسط ويليام بي. كواندت William B Quandt، وهو من الأكاديميين البارزين، وهو أيضاً أحد مسئولي الأمن القومي NSC القدامي، وهو ممّن يحظون بإحترام بالغ مُسْتَحَقْ نظراً لسمعتة الطيّبة من حيث إنصافه وعدالته وحياده إزاء الصراع العربي الإسرائيلي. واليوم , وعلى الرغم من ذلك, فلقد أصبحت مهام مؤسسة بروكنجز فيما يختص بتلك القضايا يتم تصريفها من خلال مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط Saban Center for Middle East Studies. والتي يتم تمويلها بواسطة هيم سابان Haim Saban، وهو رجل أعمال إسرائيلي-أمريكي من الأثرياء ومتحمّس جداً للصهيونيّة 91. كما أنّ مدير مركز سابان هو مارتين إنديك Martin Indyk المعروف وذو السمعة الطّاغية. وهكذا تبدّل الحال، فبعد أن كان هناك تأثير لمؤسّسة ذات سياسة حياديّة غير حزبيّة في الشرق الأوسط، أصبحت هناك الآن نغمةً يعزفها مركز سابان ضمن السيمفونيّة التي تعزفها المراكز الإستشاريّة وبيوت الخبرة من مؤيّدي إسرائيل.
تسييس الأكاديميين بالجامعات والمراكز البحثيّة
لقد كان من أصعب عمليّات اللوبي هي تلك التي تجري داخل كلّيات الحرم الجامعي، وهي عمليات الغرض منها خمد وإسكات أي أصوات ترتفع لمناقشة أي موضوعات عن إسرائيل، وذلك نظراً لمساحة الحريّة العريضة والتي يتمتّع بها الأكاديميون في الجامعات لأنّهم يمثّلون القيمة المثالية داخل الأمّة، وأيضاً للصعوبة البالغة التي يواجهها اللوبي خلال محاولته تهديد أو إسكات أيّ صوت من أصوات هؤلاء الأساتذة الكبار. حتى عندما تعرّضت إسرائيل إلي انتقادات خفيفة في عام 1990، وذلك خلال عمليّة أوسلو للسلام. ثمّ تلى ذلك إرتفاع أصوات تنتقد بشدّة إنهيار تلك المباحثات، ثم تبع ذلك وصول آريال شارون Ariel Sharonإلي الحكم في إسرائيل مع بدايات عام 2001، ولقد زادت تلك الانتقادات شدّة خاصّة عندما قامت قوات الدفاع الإسرائيليّة IDF بإحتلال الضفّة الغربيّة في ربيع 2002، واستخدمت قوات عسكريّة هائلة في محاولتها لخمد الإنتفاضة.
ولقد انتفض اللوبي بعدائيّة مفرطة في محاولتة لكتم تلك الأصوات المنتقدة لإسرائيل، ولإعادة الأوضاع كما كانت عليه، وبعد ذلك ظهرت مجموعات جديدة، للتغطية علي الديمقراطيّة وحريّة التعبير، فقامت باستدعاء متحدّثين إسرائيليين لإجراء حوارات مفتوحة معهم داخل جدران الكلّيات الجامعيّة في الولايات المتّحدة 92. ومباشرة قفز إلى هذا الشجار الجماعات التي سبق تأسيسها مثل المجلس اليهودي للشئون الوطنيّة Jewish Council for Public Affairs and Hillel، مع جماعة جديدة تأسست حديثاً أطلقت علي نفسها إسم - الإسرائيل في تحالف الحرم الجامعي the Israel on Campus Coalition - وكان الغرض منها التنسيق بين ذلك العدد الكبير من الجماعات لعرض قضيّة إسرائيل داخل حرم الجامعات. وأخيرا, تقوم لجنة العمل السياسية الأمريكية الإسرائيلية AIPAC بمضاعفة ميزانيّة مراقبة الأنشطة الجامعيّة إلي أكثر من ثلاثة أضعافها وكذلك لتهيئة عدد من الشباب للدّفاع عن إسرائيل، من أجل توسيع قاعدة هؤلاء الطلبة داخل الحرم الجامعي ... وهذه الجهود القوميّة والوطنيّة هي أحد جوانب الدعم التي يبذلها مؤيّدو إسرائيل 93.
ويقوم اللوبي بمراقبة الأساتذة الجامعيين : ماذا يقولون وماذا يكتبون وماذا يُدَرّسون. وكمثال، فلقد قام مارتن كرامر Martin Kramer ، و دانيال بايبس Daniel Pipes، وهما من المحافظين من مؤيّدي إسرائيل والمتعاطفين معها، قاما بتأسيس موقع علي الإنترنت بإسم( كامبس ووتش Campus Watch )، ونشرا عليها ملفّات كاملة لبيانات الأكاديميين المشبوهين، وشجّعت الطلبة علي إرسال ملاحظاتهم والتعليق علي أي تصرفات يجدوا أنّ بها عداءاً لإسرائيل 94. إنّ هذه المحاولة الواضحة لإرهاب العلماء وإدراجهم ضمن القوائم السوداء، أدّت إلي ردود فعل مزعجة ممّا حدا بهما لرفع تلك الملفّات بعد ذلك، مع استمرار دعوة الطلبة لإرسال تقارير عن السلوكيات المعادية لإسرائيل والتي تحدث داخل كليّات الجامعات في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
كما قامت جماعات أخري من اللوبي بتوجية سهامهم إلي أساتذة بعينهم، وإلي الجامعات التي تعاقدت معهم. وكانت جامعة كولومبيا، والتي كان أحد أعضاء التدريس بها هو الراحل "إدوارد سيّد Edward Said "، قد أضحت هدفاً دائم ليُصَبْ عليها الغضب من أتون مؤيّدي إسرائيل المستعر. ولقد ذكر رئيس جامعة كولومبيا جوناثان كول Jonathan Cole : “ نحن الآن متأكدّين كل التأكيد، أنّ أي بيان عام يشتمل علي تأييد أو مساندة للشعب الفلسطيني يصدر من قِـبَـل " إدوارد سيّد "، الأديب والناقد الفذ، سوف يثير مئات من رسائل الإيميل، والخطابات البريديّة، والحواديت الصّحفيّة والتي تحثّنا علي الشجب العلني لما نشر في البيان وإنتقاد " سيّد " وتوجية اللوم الشديد لة ثم توقيع العقوبة المناسبة علي فعلته الشنيعة، أو طرده من عمله 95. وعندما أعادت نفس الجامعة - كولومبيا - تعيين المؤرّخ " راشد خالدي Rashid Khalidi "، والذي كان يعمل في جامعة شيكاغو، قال رئيس الجامعة جوناثان كول : " بدأت الشكاوى تنهال علي الجامعة من أشخاص لا يتفقون مع وجهات نظر ( راشد ) السياسيّة ". ولقد شربت برينستون من نفس الكأس بعد ذلك بعدّة سنوات عندما قررت ترشيح ( الخالدي ) بعد تركه جامعة كولومبيا 96.
ولقد تم بطريقة كلاسيكيّة توضيح تلك المحاولات والجهود المبذولة للقيام بدور شرطي الجامعة ومسئول الأمن فيها عام 2004، عندما أنتج الفيلم الدعائي " مشروع ديفيد David Project " والذي يزعم فيه أنّ البرامج التدريسيّة في إحدي الكلّيات بجامعة كولومبيا هي برامج معادية للساميّة وتضطهد الطلبة اليهود الذين يدافعون عن إسرائيل 97. وهكذا أضحت جامعة كولومبيا داخل دوائر النار لمؤيّدي إسرائيل، وعندما أُسْنِد إلى إحدي لجان الكلّيات مهمّة التحقيق في التهم المنسوبة للجامعة، فلم تستطع أن تحصل علي أي دليل علي معاداة تلك الجامعة للسّاميّة، والشيئ الوحيد الذي وجدوه هو تلك الحادثة التي وصفت بأنّ الأستاذ قد يكون " أجاب بحماس زائد " علي سؤال من أحد تلاميذه 98. كما استطاعت تلك اللجنة اكتشاف أنّ ذلك الأستاذ المتّهم هو نفسه كان مُسْتَهْدَفاً من قِبَلْ حملة تخويف علنيّة.
ربما الأكثر إزعاجاً في تلك الحملة المسعورة للقضاء علي النقد الموجّه لإسرائيل وإلى مصادره داخل الحرم الجامعي، كانت تلك الجهود التي بذلتها الجماعات اليهوديّة لدفع الكونجرس الأمريكي لتأسيس آليات مراقبة للأساتذة الجامعيين عمّا يقولون عن إسرائيل 99. والمدارس التي ترفض الإنحياز لإسرائيل، تفقد فوراً أي دعم مالي من الحكومة الفيدراليّة. وعلي الرغم من تلك المحاولات لإقحام الحكومة الأمريكيّة لتقوم بدور الشرطي داخل حرم الجامعات، إلاّ أنّها باءت بالفشل حتّي الآن، وعلي الرغم من ذلك، فإنّ تلك المحاولات أوضحت مدى الأهميّة التي ينظر بها مؤيّدو إسرائيل إلي ضرورة السيطرة علي مثل تلك المناقشات التي تجري داخل حرم الجامعات عن موضوعات بعينها تتعلّق بإسرائيل. وأخيراً، فلقد قام عدد من اليهود من المحسنين من محبّي البشر، بتأسيس برنامج للدراسات الإسرائيليّة بالإضافة إلي إلـ ( 130 ) برنامج عن الدراسات اليهوديّة الموجودة أصلاً. وذلك لزيادة أعداد اصدقاء لإسرائيل داخل حرم الجامعات 100.
__________
المراجع
81 Laura Blumenfeld, “Three Peace Suits; For These Passionate American Diplomats, a Middle East Settlement is the Goal of a Lifetime,” Washington Post, February 24, 1997.
82 Samuel (“Sandy”) Berger, President Clinton’s National Security Advisor, reports that at one point during the negotiations at Camp David (July 2000), Dennis Ross made the remarkable comment that, “If Barak offers anything more, I’ll be against this agreement.” Unedited transcript of “Comments by Sandy Berger at the Launch of How Israelis and Palestinians Negotiate (USIP Press, 2005),” U.S. Institute of Peace, Washington, DC, June 7, 2005.
83 Quoted in Blumenfeld, “Three Peace Suits.”
84 Eric Alterman, “Intractable Foes, Warring Narratives,” MSNBC.com, March 28, 2002.
85 Quoted in Bret Stephens, “Eye on the Media by Bret Stephens: Bartley’s Journal,” Jerusalem Post, November 21, 2002.
86 Max Frankel, The Times of My Life And My Life with the Times (NY: Random House, 1999), pp. 401‐403.
87 Felicity Barringer, “Some U.S. Backers of Israel Boycott Dailies Over Mideast Coverage That They Deplore,” New York Times, May 23, 2002.
88 Barringer, “Some U.S. Backers”; Gaby Wenig, “NPR Israel Coverage Sparks Protests,” The Jewish Journal of Greater Los Angeles, May 9, 2003; Gila Wertheimer, “NPR Dismisses Protest Rallies,” Chicago Jewish Star, May 30 – June 12, 2003. Also see James D. Besser, “NPR Radio Wars Putting Jewish Groups in a Bind,” Jewish Week, May 20, 2005; Samuel Freedman, “From ‘Balance’ to Censorship: Bush’s Cynical Plan for NPR,” Forward, May 27, 2005; Nathan Guttman, “Enough Already from Those Pro‐Israel Nudniks,” Ha’aretz, February 1, 2005; E.J. Kessler, “Hot Seat Expected for New Chair of Corporation for Public Broadcasting,” Forward, October 28, 2005.
89 Joel Beinin, “Money, Media and Policy Consensus: The Washington Institute for Near East Policy,” Middle East Report, January‐February 1993, pp. 10‐15; Mark H. Milstein, “Washington Institute for Near East Policy: An AIPAC ‘Image Problem’,” Washington Report on Middle East Affairs, July 1991.
90 Quoted in Milstein, “Washington Institute.”
91 “Brookings Announces New Saban Center for Middle East Policy,” Brookings Institution Press Release, May 9, 2002; Andrew Ross Sorkin, “Schlepping to Moguldom,” New York Times, September 5, 2004.
92 James D. Besser, “Turning up Heat in Campus Wars,” Jewish Week, July 25, 2003; Ronald S. Lauder and Jay Schottenstein, “Back to School for Israel Advocacy,” Forward, November 14, 2003; Rachel Pomerance, “Israel Forces Winning Campus Battle, Say Students Attending AIPAC Meeting,” JTA, December 31, 2002. Jewish groups are also targeting high schools. See Max Gross, “Israel Advocacy Coalition Targeting High Schools,” Forward, January 23, 2004; “New Pro‐Israel Campaign Targets High School Students,” JTA, June 2, 2004.
93 Besser, “Turning up Heat.” In 2002 and 2003, AIPAC brought 240 college students to Washington, DC for intensive advocacy training, sending them back to school to win over campus leaders to Israel’s cause. Besser, “Turning up Heat”; Pomerance, “Israel Forces Winning.” In the spring of 2005, it hosted 100 student government presidents (80 of whom were not Jewish) at its annual conference. Nathaniel Popper, “Pro‐Israel Groups: Campuses Improving,” Forward, June 24, 2005.
94 Michael Dobbs, “Middle East Studies under Scrutiny in U.S.,” Washington Post, January 13, 2004; Michele Goldberg, “Osama University?” Salon.com, November 6, 2003; Kristine McNeil, “The War on Academic Freedom,” Nation, November 11, 2002; Zachary Lockman, “Behind the Battle over US Middle East Policy,” Middle East Report Online, January 2004.
95 Jonathan R. Cole, “The Patriot Act on Campus: Defending the University Post‐‐9/11,” Boston Review, Summer 2003.
96 Chanakya Sethi, “Khalidi Candidacy for New Chair Draws Fire,” Daily Princetonian, April 22, 2005; Idem, “Debate Grows over Khalidi Candidacy,” Daily Princetonian, April 28, 2005.
97 Robert Gaines, “The Battle at Columbia University,” Washington Report on Middle East Affairs, April 2005, pp. 56‐57; Caroline Glick, “Our World: The Columbia Disaster,” Jerusalem Post, April 4, 2005; Joseph Massad, “Witch Hunt at Columbia: Targeting the University,” CounterPunch, June 3, 2005; Nathaniel Popper, “Columbia Students Say Firestorm Blurs Campus Reality,” Forward, February 11, 2005; Scott Sherman, “The Mideast Comes to Columbia,” Nation, April 4, 2005; Chanan Weissman, “Columbia Unbecoming,” Jerusalem Post, February 6, 2005.
98 “Columbia University Ad Hoc Grievance Committee, Final Report, New York, 28 March 2005 (excerpts),” in Journal of Palestine Studies, Vol. 34, No. 4 (Summer 2005), pp. 90‐100.
99 Goldberg, “Osama University?”; Ron Kampeas, “Campus Oversight Passes Senate as Review Effort Scores a Victory,” JTA, November 22, 2005; Stanley Kurtz, “Reforming the Campus: Congress Targets Title VI,” National Review Online, October 14, 2003; McNeil, “War on Academic Freedom”; Ori Nir, “Groups Back Bill to Monitor Universities,” Forward, March 12, 2004; Sara Roy, “Short Cuts,” London Review of Books, April 1, 2004; Anders Strindberg, “The New Commissars,” American Conservative, February 2, 2004.
100 The number 130 comes from Mitchell G. Bard, “Tenured or Tenuous: Defining the Role of Faculty in Supporting Israel on Campus,” Report published by The Israel on Campus Coalition and The American‐Israeli Cooperative Enterprise, May 2004, p. 11. Also see Nacha Cattan, “NYU Center: New Addition to Growing Academic Field,” Forward, May 2, 2003; Samuel G. Freedman, “Separating the Political Myths from the Facts in Israel Studies,” New York Times, February 16, 2005; Jennifer Jacobson, “The Politics of Israel Studies,” Chronicle of Higher Education, June 24, 2005, pp. 10‐12; Michael C. Kotzin, “The Jewish Community and the Ivory Tower: An Urgent Need for Israel Studies,” Forward, January 30, 2004; Nathaniel Popper, “Israel Studies Gain on Campus as Disputes Grow,” Forward, March 25, 2005.