الهجوم الذي شنه الحوثيون يوم الثلاثاء المنصرم ضد موقع حدودي بين اليمن والسعودية وقتلوا من جرائه جنديا سعوديا وأصابوا 11 آخرين، ومارافقه من تصعيد ملفت للنظر، يثير تساؤلات عدة لكن أهمها لماذا تم توقيت الهجوم بهكذا فترة زمنية؟ وهل حقا أن الحوثيون باتوا يمتلكون من القوة والبأس ما يمكن أن يهددوا أمن واستقرار دولة مهمة على مختلف الأصعدة كالمملكة العربية السعودية؟ وماهي غاية وهدف الحوثيون من وراء هذا الهجوم والتصعيد المبرمج ضد المملكة العربية السعودية؟ هذه التساؤلات وغيرها ليس بإمكاننا إيجاد أجوبة شافية ووافية لها عند ربطها بالحوثيين أنفسهم لأن منطق العقل والحكمة يفرضان على المتابع والمراقب للأمور أن يفهم بأن هناك ثمة أهداف وغايات أخرى هي أكبر بكثير من الحوثيين وكل الذي يسعون من أجله.
الهجوم قد جاء مباشرة بعد سلسلة من الأحداث والتداعيات الاستثنائية التي جرت خلال المدة الأخيرة وأهمها ضبط سفينة إيرانية محملة بالأسلحة لليمن وذلك الفتور الذي طغى على العلاقات الإيرانية السعودية بعد التصريحات التصعيدية لرؤوس النظام الإيراني بالدعوة الصريحة لاستغلال شعيرة الحج العبادية لأغراض سياسية ليست لها أدنى علاقة بالدين، ناهيك عن الدور الرشيد الذي لعبته المملكة العربية السعودية من أجل حصر دائرة الصراع بين الجيش اليمني والمسلحين الحوثيين في داخل الحدود اليمنية وعدم المساس بالأمن والاستقرار الاستراتيجيين للمملكة والتي تهم كل الأمة الإسلامية.
والحق أننا في المجلس الإسلامي العربي ومن خلال متابعتنا الدقيقة للأحداث وتداعياتها توقعنا تماما وقوع هكذا هجوم غادر نرفضه بشدة جملة وتفصيلا ونوجه لوما شديدا للأخوة الحوثيين إلى نزولهم إلى هكذا مستوى لايليق بهم وبأي مسلم عربي حر وغيور، وان الهجوم برأينا يأتي من أجل فتح جبهة جديدة ضد الأمة العربية خدمة لأجندة إيرانية محددة باتت تعاني العديد منها من مشاكل وازمات عويصة ليس بالإمكان حلها أو معالجتها بسهولة وان تدخل نظام ولاية الفقيه نفسه في الأحداث المؤسفة باليمن والذي ثبت بأدلة قطعية لاتقبل الجدل أو النقاش وكذلك إزدياد وتائر الضغوطات الدولية على النظام من أجل كشف برامجه النووية العدوانية غير السلمية والمهددة لأمن واستقرار المنطقة قبل العالم والتي مازال نظام ولاية الفقيه(كغيرها من برامجه العدوانية) يصر على المضي قدما بها حتى النهاية كل هذه الأمور تعطي أكثر من حجة ودليل على مانذهب إليه في موقفنا هذا.
إننا كمجلس إسلامي عربي نمثل المرجعية الفكرية السياسية للشيعة العرب، نوجه مرة أخرى ندائنا الجدي لأخوتنا الحوثيين بأن لايجعلوا من أنفسهم جنودا تحت الطلب لأسوأ نظام قمعي في العالم وان يتدارسوا الأمر بحكمة وروية قبل الاندفاع في طريق ليس في نهاياته سوى الندم والويلات وإننا نحثهم بأن يوجهوا أسلحتهم صوب أولئك المندسين بين صفوفهم ويعودوا لرشدهم ولوطنهم ولشعبهم وإننا واثقون من أن اليمن رئيسا وحكومة وشعبا سيرحبون بهكذا خطوة حكيمة.
لكننا في نفس الوقت نحذر نظام ولاية الفقيه بشدة من عواقب ومغبة هذا التصعيد الخطير ونؤكد بأن الأمة الإسلامية كلها تقف خلف المملكة العربية السعودية وان أية أيادي تنوي العبث بالأمن والاستقرار لمملكة نزول الوحي والحرمين الشريفين، لن تجد في انتظارها سوى البتر.
محمد علي الحسيني
*الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان
*الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان