أليس في القوم مثل ثمامة بن أثال؟!
فيصل الشيخ محمد
بعد أن عزَّ في أمة العرب وجود أمثال الحجاج الذي فك أسر امرأة صاحت وا حجاجاه، أو المعتصم الذي لبى نداء الحرة العربية عندما صاحت وامعتصماه، أو مثل ألب أرسلان الذي لبى نداء الأسيرة المسلمة عندما صاحت وا إسلاماه..أليس في هذه الأمة مثل ثمامة بن أثال ملك اليمامة.. الذي فرض الحصار الاقتصادي على قريش، حتى زحفت قريش إلى أعتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مستنجدة تطلب إليه أن يأمر ثمامة بفك الحصار عنها!!
ولتوضيح الصورة لمن لم يسمع بهذه الحادثة من أصحاب القرار في هذه الأمة، ليفعلوا شيئاً يوقف شلال الدم والخراب والدمار في غزة، فإن ملك اليمامة ثمامة بن أثال بعد أن هداه الله إلى الإسلام دخل مكة ملبياً في تحد لا سابقة له لقريش ورجالاتها وزعمائها، فتقاطروا من كل حدب وصوب يريدون الفتك به، لولا أن بعض عقلائها حالوا بينهم وبين ثمامة وصاحوا قائلين: ويحكم إنه ملك اليمامة.. والله إن أصبتموه بسوء قطع قومه عنّا الميرة وأماتونا جوعاً.
والتفت ثمامة إلى القوم يقول:
أقسم برب هذا البيت؛ إنه لا يصل إليكم بعد عودتي إلى اليمامة حبة من قمحها أو شيء من خيراتها حتى تتبعوا محمداً عن آخركم.
ولما عاد ثمامة إلى بلاده أمر قومه أن يحبسوا الميرة عن قريش، فصدعوا بأمره واستجابوا له، وحبسوا خيراتهم عن أهل مكة.
وأخذ الحصار الذي فرضه ثمامة على قريش يشتد شيئاً فشيئاً، فارتفعت الأسعار، وفشا الجوع في أهل مكة واشتد عليهم الكرب، حتى خافوا على أنفسهم وأبنائهم من أن يهلكوا جوعاً.
ولم يجد أهل مكة من يستغيثون به إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو وحده من بيده قرار رفع الحصار عنهم، فبعثوا إليه يقولون:
إن عهدنا بك أنك تصل الرحم وتحض على ذلك.. وها أنت قد قطعت أرحامنا؛ فقتلت الآباء بالسيف، وأمت الأبناء بالجوع.
وإن ثمامة بن أثال قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا، فإن، رأيت أن تكتب إليه أن يبعث إلينا بما نحتاج إليه فافعل.
فكتب واصل الرحم صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة يأمره بأن يطلق لهم ميرتهم فأطلقها.
واليوم فإنه إذا عزَّ – كما قلنا – وجود أمثال الحجاج أو المعتصم أو ألب أرسلان، فهل يعز وجود أمثال ثمامة بن أثال في هذه الأمة، ويهدد الغرب وأمريكا والكيان الصهيوني بوقف ضخ النفط والغاز الذي هو ماء حياتهم ودم شريانهم.. والذي يتدفق من أرضنا ببركة طهرها ودعوة إبراهيم عليه السلام، ولأنها مهبط الرسالات السماوية.. ونستعمل السلاح الذي بأيدينا كأداة تهديد.. ليضغط هؤلاء على غيلان صهيون المتوحشون حتى يوقفوا شلال الدم المهراق في غزة من أجساد أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وشبابنا، ويوقفوا آلة دمارهم التي عاثت خراباً ودماراً وحصاداً واستئصالاً في أرضها وفضائها وسمائها.
عن رابطة أدباء الشام
أسر ثمامة بن أثال الحنفي وإسلامه
عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال :
خرجت خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذت رجلا من بني حنيفة لا يشعرون من هو ، حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :
أتدرون من أخذتم ؟ هذا ثمامة بن أثال الحنفي ، أحسنوا إساره ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ، فقال : اجمعوا ما كان عندكم من طعام ، فابعثوا به إليه ، وأمر بلقحته أن يغذى عليه بها ويراح ، فجعل لا يقع من ثمامة موقعا ، ويأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول : أسلم يا ثمامة ، فيقول : إيها يا محمد ، إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن ترد الفداء فسل ما شئت ، فمكث ما شاء الله أن يمكث .
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما : أطلقوا ثمامة ، فلما أطلقوه خرج حتى أتى البقيع ، فتطهر فأحسن طهوره ، ثم أقبل فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، فلما أمسى جاءوه بما كانوا يأتونه من الطعام ، فلم ينل منه إلا قليلاً ، وباللقحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا ، فعجب المسلمون من ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك :
مم تعجبون ؟ أمن رجل أكل أول النهار في معي كافر ، وأكل أخر النهار في معي مسلم ، إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء ، وإن المسلم يأكل في معي واحد . قال ابن هشام :
فبلغني أنه خرج معتمراً ، حتى إذا كان ببطن مكة ، لبى فكان أول من دخل مكة يلبي ، فأخذته قريش ، فقالوا : لقد اجترأت علينا ، فلما قدموه ليضربوا عنقه ، قال قائل منهم : دعوه فإنكم تحتاجون إلى اليمامة لطعامكم ، فخلوه ،
وحدثت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم : لقد كان وجهك أبغض الوجوه إلي ، ولقد أصبح وهو أحب الوجوه إلي ، وقال في الدين والبلاد مثل ذلك .
ثم خرج معتمراً ، فلما قدم مكة قالوا : أصبوت يا ثمام ؟ فقال : لا ، ولكنى اتبعت خير الدين ، دين محمد ، ولا والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم خرج إلى اليمامة ، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئاً ، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك تأمر بصلة الرحم ، وإنك قد قطعت أرحامنا ، وقد قتلت الأباء بالسيف ، والأبناء بالجوع ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل .
عن المكتبة الإسلامية/السيرة النبوية