- إنضم
- 13 أغسطس 2008
- المشاركات
- 1,477
- التفاعل
- الدولة
ذكرى حرب رمضان عام 1973
العميد الركن المتقاعد احمـد ابراهيم الحويـان - مقدمـــة:في مثل هذه الايام عام 1973 كانت ارتال الجيش العربي الاردني تتجه شمالا باتجاه الجولان تلبية لنداء الواجب بعد أن بدأت تلك الحرب التي سميت (حرب تشرين) في سوريا وحرب (اكتوبر) في مصر وحرب (رمضان) في الاردن وكانت اخر الحروب العربية الاسرائيلية وقد خطط للمعركة على مستوى القيادتين السورية والمصرية وفوجئت بها باقي الدول العربيــة.
بـدء المعركـة
تم اختيار يوم المعركة وهو يوم.6 اكتوبر وهو (يوم الغفران) احد اعياد اليهود وكانت ساعة الصفر في الثانية وخمس دقائق حيث انطلقت (227) طائرة مصرية في طريقها لعمق سيناء لقصف اهداف منتخبة اضافة الى قصف مدفعي بمعدل عشرة الاف قذيفة مدفعية لتغطية عبور القوات المصرية لقناة السويس في موجات متتالية وعلى جبهة طولها 180 كم وقد تمكن اربعة عشر ألف مقاتل مصري من العبور خلال 90 دقيقة من بدء المعركة حيث استخدمت القوارب واليات العبور ومضخات المياه لعمل فتحات في السواتر الترابية غرب القناة باتجاه خط بارليف الذي يمتد على طول القناة مع نقاط مراقبة حصينة وصلت سماكة بعضها الى 30 قدما. وفي نفس الوقت بدأت القوات السورية بقصف مدفعي كثيف على طول الجبهة مع هجوم جوي لاسناد الهجوم الارضي بـ (3) فرق مشاة معززة بالدروع باتجاه مرتفعات الجولان وفي عمق الاراضي المحتلة لمسافات وصلت حوالي 12 كم.
الجبهة الاردنيـة
حوالي الساعة 1400 يوم.6 اكتوبر وضعت القوات المسلحة الاردنية في حالة الاستعداد القصوى نتيجة لبدء القتال على الجبهتين المصرية والسورية وصدرت الاوامر للتشكيلات بالاستعداد لأي واجب يسند لها مع أخذ المواقع المخصصة حسب الخطط الدفاعية. وقد احرزت القوات السورية انتصارات جيدة في الايام الأولى للقتال ألا أن العدو الاسرائيلي بدأ يضغط بشكل ملموس على القوات السورية كونها الأكثر خطرا عليه والأقرب الى قواعده ومواصلاته مما أضطر القوات السورية إلى التراجع وطلب الإمدادات من الدول العربية المجاورة ومنها الاردن.
وافق الاردن على أرسال قواته الى الجبهة السورية رغم الواجب الكبير الذي كانت تشغله على أطول الجبهات مع إسرائيل وقرر أرسال اللواء المدرع/40 والذي يعتبر من أفضل التشكيلات في القوات الاردنية للمساعدة الفورية على الجبهة السورية وحوالي الساعة 2130 يوم 13 تشرين اول 1973 حضر المغفور له الملك الحسين بن طلال الى قيادة اللواء على الحدود السورية مبديا توجيهاته ومودعا للقوات حيث أشرف بنفسه على عملية دخول اللواء الى الاراضي السورية.
عمليات القوات الاردنية
حوالي الساعة.500 صباح يوم 14 تشرين اول تكاملت الوحدات الاردنية في الاماكن المخصصة لها على الجبهة السورية واستلمت الاوامر من القيادة السورية التي تنص على تكليف اللواء بـ (3) مهام هي.
أ- صد هجمات العدو بالتعاون مع القوات السورية والعراقية (منع خرق).
ب- نسق ثاني للفرقة/5 السورية لصد الهجمات المعاكسـة.
ج- المشاركة في الهجوم المعاكس العام مع قوات الجيش السوري.
حوالي الساعة 1200 يوم 14 تشرين اول صدرت الاوامر بأن يقوم اللواء بهجوم معاكس باتجاه الحارة - مسحرة - جبا وفي الحال بدأ اللواء بالتقدم حيث وصلت قيادة اللواء حوالي الساعة 1430 يوم 14 تشرين اول الى مرتفع العش شمال الشيخ مسكين بـ (1) كم حيث أبلغت قيادة اللواء من قبل ضابط الارتباط السوري بأن العدو يتقدم باتجاه عقربا - زمرين وعلى الفور صدرت الاوامر للوحدات بأن تنفتح وتستعد للاشتباك مع القوات المعادية والتي كانت كما يلـي :
أ- كفر ناسج بقوة تقدر بسرية دبابات.
ب- سبسبا وتل القرى بقوة تقدر بفصيلي دبابات.
ج- تل الهوى ودير ماكر بقوة تقدر بمجموعة كتيبة دبابات ناقص.
د- تل المال والطيحة بقوة تقدر بكتيبة دبابات ناقص + وحدات صواريخ.
وبناء على هذه المعلومات فقد تم تموضع وحدات اللواء كما يلي.
أ- كتيبة الامير عبدالله/1 الالية على الجناح الايمن امام الشيخ مسكين بمسافة 2 - 4 كم ب- كتيبة الدبابات /4 الملكية على الجناح الايسر في منطقة تل ام الحوران نوى ج- كتيبة الدبابات/2 الملكيـة - احتيـاط ونتيجة لانفتاح اللواء بهذا الشكل فقد أعاد العدو النظر في موقفه وأبقى قسم من قواته في تل المال لأهميته التعبوية وأرجع باقي قواته الى مواقع بالخلف.
معركة يوم 16 تشرين
تم ارتباط اللواء بقائد قوات صلاح الدين العراقية حيث تم وضع خطة مشتركة لتدير قوات العدو داخل منطقة الاختراق وكما يلي.
أ- تقوم القوات العراقية بهجوم على الجناح الايمن مع تغطية تل المال بالنيران.
ب- تقوم القوات الاردنية بالهجوم على الجناح الايسر باتجاه مسحرة - جبا.
ج- يسند الطيران السوري العملية قبل ساعة الصفر بـ 10 دقائق.
د- ساعة الصفر الساعة.630 يوم 16 تشرين الأول.
وبناء على هذه الخطة وضع قائد اللواء خطة الهجـوم كما يلـــــــي.
(1)تهاجم وتحتل كتيبة الامير عبدالله/1 الالية تل مسحرة كمرحلة /1 وتكون مستعدة لتطوير الهجوم والعمل كقاعدة أسناد لكتيبة الدبابات /4 الملكية في المرحلة الثانية.
(2)تكون كتيبة الدبابات/4 الملكية قاعدة اسناد في المرحلة الاولى لكتيبة الامير عبدالله/1 الالية ضمن منطقة نبع الصخر وتكون مستعدة لتطوير الهجوم في المرحلة الثانية باتجاه جبا.
(3)تكون كتيبة الدبابات/2 الملكية أحتياط وتستعد لعمل المرحلة الثالثة حسب تطور الموقف.
(4)تسند كتيبة المدفعية/7 المحمولة جميع المراحل وذلك بتنسيق النيران مع مدفعية الجيش السوري.
تمت الاجراءات حسب التوقيتات المحددة لحركة الوحدات وكانت جاهزة لتنفيذ الواجب المطلوب حيث بدأ الطيران السوري حوالي الساعة 620 يوم 16 بقصف المنطقة وتلته المدفعية بالاسناد حسب الخطة الموضوعة وكانت كتيبة الامير عبدالله/1 الالية على خط البدء حسب التوقيت المحدد ألا أن القوات التي على اليمين لم تقم بتغطية تل المال أو احتلاله مما أضطر الكتيبة وبناء على الأوامر من التوقف قليلا ألى أن أكد قائد القوات بأن تل المال مغطى ويمكن تقدم الكتيبة. وبالفعل تقدمت الكتيبة حسب الخطة مع تعديل نار الاسناد على تل المال ألا أن العدو أثر على تقدم الكتيبة واستطاع أن يدمر (10) دبابات وناقلة القائد في المراحل الاول من العملية مما أثر على السيطرة على الكتيبة وأصبح موقفها سيئا مما أضطر قائد اللواء بأن يقرر بأن تهاجم كتيبة الدبابات /4 الملكية الهدف من اليسار مع تقرب كتيبة الدبابات/2 الملكية من اليمين على أن تقوم أحدى السرايا بتغطية تراجع كتيبة الامير عبدالله الالية. تابعت كتيبة الدبابات/4 الملكية تقدمها واستمرت بالمناورة والهجوم على جناح العدو واستطاعت أن تحرز نجاحا جيدا وتسقط (تل مسحرة) مما أربك العدو المتواجد بالمنطقة وطلب النجدات. على اثر ذلك بدأ العدو بالحركة على يمين ويسار اللواء وبدأت الدلائل تشير بأن العدو ينوي تطويق الكتيبة المهاجمة وبعد تقدير الموقف امرت الكتيبة بالتراجع على منطقة نبع الصخر رغم نجاحها بالاستيلاء على تل مسحرة وبالفعل لو استطاعت القوات التي على اليمين أن تغطي تل المال كما كان بالخطة لتغير الموقف كليا.
معركة يوم 19 تشرين أول
حوالي الساعة.255 يوم 19 تشرين أول وردت معلومات من فرقة المشاة/9 السورية والتي ارتبطت بها القوات الاردنية من يوم 18/ تشرين اول بأن العدو أخترق بـ (7) دبابات(أم باطنة) وتليها كتيبة دبابات تتقدم بأتجاه أم باطنة حيث طلب من اللواء بأن يتقدم باتجاه أم باطنه لمساندة القوات السورية، وعلى الفور أمرت كتيبة الدبابات/2 الملكية والتي لم تستلم الخط الدفاعي في منطقة نبع الصخر بأن تتقدم ببطء باتجاه أم باطنه للحصول على تماس مع العدو مع دفع سرية على الجناح الايسر لمساعدة سرية الدبابات السورية وفكها من الطوق مع جلب المعلومات الدقيقة عن العدو، وبعد أن حصلت الكتيبة على التماس مع العدو تبين بأن قواته فصيل دبابات في (متنه) وفصيلين دبابات في (ام باطنه) وتم تدمير الدبابتين فعلا وتراجع العدو الى (صير ابو جنجر) صدرت الاوامر السورية الى اللواء بالهجوم على الاهداف المعادية وكانت الخطة كما يلي: أ- تهاجم كتيبة الدبابات /2 الملكية على الجناح الايسر وتقطع طريق ام باطنة -جبا.
ب- تهاجم كتيبة الدبابات/4 الملكية على الجناح الايمن وتقطع طريق مسحرة - جبا.
ج- تكون كتيبة الامير عبدالله/1 الالية احتياط.
بدأت الوحدات بالعمل حسب الخطة واستطاعت التقدم ببطء رغم وعورة المنطقة وضد اضطر العدو الى دفع(21) دبابة حوالي الساعة.935 من جبا باتجاه ام باطنة حيث تصدت لها كتيبة الدبابات/2 الملكية واستطاعت تدمير(10) دبابات معادية مما اضطر العدو للتراجع ودفع قوات جديدة استطاعت قواتنا تدمير معظمها.
حوالي الساعة 1230 احتاجت الوحدات لعملية تزويد إذ مضى عليةا مدة(10) ساعات قتال وبالفعل تم تزويد الوحدات بالذخيرة والغازولين تحت اصعب الظروف وفي الميدان، وبعد أن تمت عملية التزويد تابعت كتيبة الدبابات/4 الملكية تقدمها على الجناح الأيمن وحققت المهمة حيث أستطاعت أن تقطع الطريق ما بين مسحرة وجبا بعد أن دمرت للعدو (15) دبابة، أما كتيبة الدبابات/2 الملكية على الجناح الايسر فقد خرج جناحها الأيسر عن العمل بسبب تركيز العدو الشديد عليها والذي أستخدم كافة الاسلحة للاحتفاظ بمواقعه ومنع وصول قواتنا الى طريق جبا - ام باطنة كون المنطقة حيوية بالنسبة له، ونتيجة لضغط قواتنا على العدو قام سلاح الجو المعادي بغارة شديدة على وحداتنا حوالي الساعة 1600 سبقها بتحركات كبيرة على اليمين واليسار بقوة تقدر بلوائين لتطويق اللواء ليتم تدميره نهائيا حيث سمع على أجهزة الاتصال لاحد القادة الاسرائيليين(أوقفوا لواء السنتوريون) وبعد تقدير الموقف وعدم تواجد قوات قريبة اضطر اللواء الى التراجع الى مواقعه التي انطلق منها في الصباح، ثم قررت القيادة الاردنية ارسال اللواء المدرع/92 بالاضافة الى قيادة الفرقة مع أسلحة الاسناد والخدمات حيث تكاملت هذه الوحدات يوم 22 تشرين اول.
الوضع على الجبهة المصرية:
أستمر هجوم القوات المصرية واندفاعها شرقا حتى وصلت الى عمق حوالي 18 كم حيث تصدى الاسرائيليون بكافة الاسلحة والصواريخ وسلاح الجو وبعد الاسبوع الاول من العمليات تحول العدو الى التعرض حيث قام بخرق رأس جسر جنوب الاسماعيلية والوصول الى الممر المائي وعبرت قسم من قواته القناة الى الغرب بهدف تدمير شبكة الصواريخ لاعطاء سلاحه الجوي حرية المناورة فوق القناة ولأرباك القيادة المصرية ثم اندفعت قواته لاحتلال المزيد من الاراضي المصرية حيث استطاع عزل مدينة السويس عن القاهرة وعزل الجيش الثالث المصري شرقي السويس. وفي يوم 22 تشرين اول كان العدو قد تعمق في الاراضي المصرية حتى جنوب الاسماعيلية ألا أنه رغم قرار وقف اطلاق النار الذي اصدره مجلس الامن تابع تقدمه باتجاه الجنوب والغرب لعدم وجود قوات مصرية كافية تصده وقطع طريق السويس من الجنوب.
الخسائر الاردنيــة
أ- بالافــراد : 28 شهيد بينهم (10) مفقـودين.
29 جريحا بينهم (12) ضابــطا.
ب- بالاليـات : 25 دبابة والية تم تدميرها.
29 دبابة تم تعطيلهـــا.
رسالة المغفور له الملك حسين الى الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد.
قام جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه بزيارة اللواء المدرع/40 والذي كان يقوده المرحوم العميد الركن انذاك خالد هجهوج وكان بمعيته المرحوم الشريف زيد بن شاكر والمرحوم العميد علاوي جراد قائد الفرقة المدرعة /3 الملكية مع ضباط سوريين ثم جلس بجانب ناقلة العمليات لكتيبة الدبابات/4 الملكية وكتب بيده الرسالة التالية :
سيادة الاخ الرئيس حافظ الاسد - رئيس الجمهورية العربية السورية أنني ولأن تواجدت اليوم بين اخواني في السلاح رجال اللواء المدرع الاربعين على أرض سورية العزيزة الشقيقة فبصفتي شقيقهم بالسلاح واخاهم وهم يؤدون واجبا مقدسا ورثوه وورثناه معهم عن ابائنا واجدادنا في الذود عن حياضهم بالمهج والارواح أغتنم هذه الفرصة وأنا مقدرا كل التقدير كل ما تتحملون الان من أعباء وواجبات تأخذ وقتكم جله ومن جهدكم كله أظن أن أخذ منه أكثر من لحظات حيث أبعث أليك برسالتي هذه التي احييكم فيها بأسم كل اخواني واخوانكم في القوات العربية الاردنية على خط المجابهة الطويل وكل أبناء أسرتي الاردنية الواحدة الكبيرة وأنقل لك ولكل أبناء سورية الحبيبة ورجال قواتها المسلحة والقوات العربية الشقيقة تحياتنا وتقديرنا واعتزازنا باخواننا.
سدد الله خطانا جميعا لبلوغ أعز الاهداف والغايات أنه ناصر الحق وعليـــه الاتكــال.
الخميس 22 رمضان 1392 هـ 18 تشرين اول 1973
الدروس المستفادة من الحرب
(أ)الهدف الرئيسي للحرب لم يعرف هل كان قصد المخططين لها استعادة الاراضي المحتلة عام 1967 أو تدمير قوات العدو على الجبهتين السورية والمصرية، أو تحريك الجمود الذي ساد المنطقة في حالة من اللا سلم واللا حرب والذي استغلته إسرائيل لصالحها دائما.
(ب)ضعف التنسيق ما بين الجيوش العربية المشاركة وكذلك بين نفس قوات الجيش الواحد فقد اندفعت القوات السورية المدرعة عميقا بسرعة دون تطهير المنطقة من الاسلحة وخاصة الصواريخ مما جعل هذه الدبابات هدفا سهلا لها.
(ج)لم يشارك سلاح الجو السوري بفعالية لاسناد القوات السورية أو القوات العربية التي شاركت معهم على الجبهة.
(د)توقف الهجوم المصري مما اعطى للعدو أفضلية التركيز على الجبهة السورية ونقل وحدات مدرعة كاملة من الجهة المصرية الى الجبهة السورية مما سبب الارباك وتغيير ميزان القوى على هذه الجبهة والاندفاع شرقا.
(هـ)حققت الحرب مفاجأة كبيرة لإسرائيل في الساعات الأولى للقتال ألا أن العدو استطاع اخذ زمام المبادرة من المصريين والتعامل مع الجبهات والمواقف أولا بأول وأصبح يحرك قواته ضمن خطط منسقة وباستخدام أسلحة حديثة مثل الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات العامودية المقاتلة رغم تفوق القوات العربية عليه
http://www.alrai.com/pages.php?news_id=301585
العميد الركن المتقاعد احمـد ابراهيم الحويـان - مقدمـــة:في مثل هذه الايام عام 1973 كانت ارتال الجيش العربي الاردني تتجه شمالا باتجاه الجولان تلبية لنداء الواجب بعد أن بدأت تلك الحرب التي سميت (حرب تشرين) في سوريا وحرب (اكتوبر) في مصر وحرب (رمضان) في الاردن وكانت اخر الحروب العربية الاسرائيلية وقد خطط للمعركة على مستوى القيادتين السورية والمصرية وفوجئت بها باقي الدول العربيــة.
بـدء المعركـة
تم اختيار يوم المعركة وهو يوم.6 اكتوبر وهو (يوم الغفران) احد اعياد اليهود وكانت ساعة الصفر في الثانية وخمس دقائق حيث انطلقت (227) طائرة مصرية في طريقها لعمق سيناء لقصف اهداف منتخبة اضافة الى قصف مدفعي بمعدل عشرة الاف قذيفة مدفعية لتغطية عبور القوات المصرية لقناة السويس في موجات متتالية وعلى جبهة طولها 180 كم وقد تمكن اربعة عشر ألف مقاتل مصري من العبور خلال 90 دقيقة من بدء المعركة حيث استخدمت القوارب واليات العبور ومضخات المياه لعمل فتحات في السواتر الترابية غرب القناة باتجاه خط بارليف الذي يمتد على طول القناة مع نقاط مراقبة حصينة وصلت سماكة بعضها الى 30 قدما. وفي نفس الوقت بدأت القوات السورية بقصف مدفعي كثيف على طول الجبهة مع هجوم جوي لاسناد الهجوم الارضي بـ (3) فرق مشاة معززة بالدروع باتجاه مرتفعات الجولان وفي عمق الاراضي المحتلة لمسافات وصلت حوالي 12 كم.
الجبهة الاردنيـة
حوالي الساعة 1400 يوم.6 اكتوبر وضعت القوات المسلحة الاردنية في حالة الاستعداد القصوى نتيجة لبدء القتال على الجبهتين المصرية والسورية وصدرت الاوامر للتشكيلات بالاستعداد لأي واجب يسند لها مع أخذ المواقع المخصصة حسب الخطط الدفاعية. وقد احرزت القوات السورية انتصارات جيدة في الايام الأولى للقتال ألا أن العدو الاسرائيلي بدأ يضغط بشكل ملموس على القوات السورية كونها الأكثر خطرا عليه والأقرب الى قواعده ومواصلاته مما أضطر القوات السورية إلى التراجع وطلب الإمدادات من الدول العربية المجاورة ومنها الاردن.
وافق الاردن على أرسال قواته الى الجبهة السورية رغم الواجب الكبير الذي كانت تشغله على أطول الجبهات مع إسرائيل وقرر أرسال اللواء المدرع/40 والذي يعتبر من أفضل التشكيلات في القوات الاردنية للمساعدة الفورية على الجبهة السورية وحوالي الساعة 2130 يوم 13 تشرين اول 1973 حضر المغفور له الملك الحسين بن طلال الى قيادة اللواء على الحدود السورية مبديا توجيهاته ومودعا للقوات حيث أشرف بنفسه على عملية دخول اللواء الى الاراضي السورية.
عمليات القوات الاردنية
حوالي الساعة.500 صباح يوم 14 تشرين اول تكاملت الوحدات الاردنية في الاماكن المخصصة لها على الجبهة السورية واستلمت الاوامر من القيادة السورية التي تنص على تكليف اللواء بـ (3) مهام هي.
أ- صد هجمات العدو بالتعاون مع القوات السورية والعراقية (منع خرق).
ب- نسق ثاني للفرقة/5 السورية لصد الهجمات المعاكسـة.
ج- المشاركة في الهجوم المعاكس العام مع قوات الجيش السوري.
حوالي الساعة 1200 يوم 14 تشرين اول صدرت الاوامر بأن يقوم اللواء بهجوم معاكس باتجاه الحارة - مسحرة - جبا وفي الحال بدأ اللواء بالتقدم حيث وصلت قيادة اللواء حوالي الساعة 1430 يوم 14 تشرين اول الى مرتفع العش شمال الشيخ مسكين بـ (1) كم حيث أبلغت قيادة اللواء من قبل ضابط الارتباط السوري بأن العدو يتقدم باتجاه عقربا - زمرين وعلى الفور صدرت الاوامر للوحدات بأن تنفتح وتستعد للاشتباك مع القوات المعادية والتي كانت كما يلـي :
أ- كفر ناسج بقوة تقدر بسرية دبابات.
ب- سبسبا وتل القرى بقوة تقدر بفصيلي دبابات.
ج- تل الهوى ودير ماكر بقوة تقدر بمجموعة كتيبة دبابات ناقص.
د- تل المال والطيحة بقوة تقدر بكتيبة دبابات ناقص + وحدات صواريخ.
وبناء على هذه المعلومات فقد تم تموضع وحدات اللواء كما يلي.
أ- كتيبة الامير عبدالله/1 الالية على الجناح الايمن امام الشيخ مسكين بمسافة 2 - 4 كم ب- كتيبة الدبابات /4 الملكية على الجناح الايسر في منطقة تل ام الحوران نوى ج- كتيبة الدبابات/2 الملكيـة - احتيـاط ونتيجة لانفتاح اللواء بهذا الشكل فقد أعاد العدو النظر في موقفه وأبقى قسم من قواته في تل المال لأهميته التعبوية وأرجع باقي قواته الى مواقع بالخلف.
معركة يوم 16 تشرين
تم ارتباط اللواء بقائد قوات صلاح الدين العراقية حيث تم وضع خطة مشتركة لتدير قوات العدو داخل منطقة الاختراق وكما يلي.
أ- تقوم القوات العراقية بهجوم على الجناح الايمن مع تغطية تل المال بالنيران.
ب- تقوم القوات الاردنية بالهجوم على الجناح الايسر باتجاه مسحرة - جبا.
ج- يسند الطيران السوري العملية قبل ساعة الصفر بـ 10 دقائق.
د- ساعة الصفر الساعة.630 يوم 16 تشرين الأول.
وبناء على هذه الخطة وضع قائد اللواء خطة الهجـوم كما يلـــــــي.
(1)تهاجم وتحتل كتيبة الامير عبدالله/1 الالية تل مسحرة كمرحلة /1 وتكون مستعدة لتطوير الهجوم والعمل كقاعدة أسناد لكتيبة الدبابات /4 الملكية في المرحلة الثانية.
(2)تكون كتيبة الدبابات/4 الملكية قاعدة اسناد في المرحلة الاولى لكتيبة الامير عبدالله/1 الالية ضمن منطقة نبع الصخر وتكون مستعدة لتطوير الهجوم في المرحلة الثانية باتجاه جبا.
(3)تكون كتيبة الدبابات/2 الملكية أحتياط وتستعد لعمل المرحلة الثالثة حسب تطور الموقف.
(4)تسند كتيبة المدفعية/7 المحمولة جميع المراحل وذلك بتنسيق النيران مع مدفعية الجيش السوري.
تمت الاجراءات حسب التوقيتات المحددة لحركة الوحدات وكانت جاهزة لتنفيذ الواجب المطلوب حيث بدأ الطيران السوري حوالي الساعة 620 يوم 16 بقصف المنطقة وتلته المدفعية بالاسناد حسب الخطة الموضوعة وكانت كتيبة الامير عبدالله/1 الالية على خط البدء حسب التوقيت المحدد ألا أن القوات التي على اليمين لم تقم بتغطية تل المال أو احتلاله مما أضطر الكتيبة وبناء على الأوامر من التوقف قليلا ألى أن أكد قائد القوات بأن تل المال مغطى ويمكن تقدم الكتيبة. وبالفعل تقدمت الكتيبة حسب الخطة مع تعديل نار الاسناد على تل المال ألا أن العدو أثر على تقدم الكتيبة واستطاع أن يدمر (10) دبابات وناقلة القائد في المراحل الاول من العملية مما أثر على السيطرة على الكتيبة وأصبح موقفها سيئا مما أضطر قائد اللواء بأن يقرر بأن تهاجم كتيبة الدبابات /4 الملكية الهدف من اليسار مع تقرب كتيبة الدبابات/2 الملكية من اليمين على أن تقوم أحدى السرايا بتغطية تراجع كتيبة الامير عبدالله الالية. تابعت كتيبة الدبابات/4 الملكية تقدمها واستمرت بالمناورة والهجوم على جناح العدو واستطاعت أن تحرز نجاحا جيدا وتسقط (تل مسحرة) مما أربك العدو المتواجد بالمنطقة وطلب النجدات. على اثر ذلك بدأ العدو بالحركة على يمين ويسار اللواء وبدأت الدلائل تشير بأن العدو ينوي تطويق الكتيبة المهاجمة وبعد تقدير الموقف امرت الكتيبة بالتراجع على منطقة نبع الصخر رغم نجاحها بالاستيلاء على تل مسحرة وبالفعل لو استطاعت القوات التي على اليمين أن تغطي تل المال كما كان بالخطة لتغير الموقف كليا.
معركة يوم 19 تشرين أول
حوالي الساعة.255 يوم 19 تشرين أول وردت معلومات من فرقة المشاة/9 السورية والتي ارتبطت بها القوات الاردنية من يوم 18/ تشرين اول بأن العدو أخترق بـ (7) دبابات(أم باطنة) وتليها كتيبة دبابات تتقدم بأتجاه أم باطنة حيث طلب من اللواء بأن يتقدم باتجاه أم باطنه لمساندة القوات السورية، وعلى الفور أمرت كتيبة الدبابات/2 الملكية والتي لم تستلم الخط الدفاعي في منطقة نبع الصخر بأن تتقدم ببطء باتجاه أم باطنه للحصول على تماس مع العدو مع دفع سرية على الجناح الايسر لمساعدة سرية الدبابات السورية وفكها من الطوق مع جلب المعلومات الدقيقة عن العدو، وبعد أن حصلت الكتيبة على التماس مع العدو تبين بأن قواته فصيل دبابات في (متنه) وفصيلين دبابات في (ام باطنه) وتم تدمير الدبابتين فعلا وتراجع العدو الى (صير ابو جنجر) صدرت الاوامر السورية الى اللواء بالهجوم على الاهداف المعادية وكانت الخطة كما يلي: أ- تهاجم كتيبة الدبابات /2 الملكية على الجناح الايسر وتقطع طريق ام باطنة -جبا.
ب- تهاجم كتيبة الدبابات/4 الملكية على الجناح الايمن وتقطع طريق مسحرة - جبا.
ج- تكون كتيبة الامير عبدالله/1 الالية احتياط.
بدأت الوحدات بالعمل حسب الخطة واستطاعت التقدم ببطء رغم وعورة المنطقة وضد اضطر العدو الى دفع(21) دبابة حوالي الساعة.935 من جبا باتجاه ام باطنة حيث تصدت لها كتيبة الدبابات/2 الملكية واستطاعت تدمير(10) دبابات معادية مما اضطر العدو للتراجع ودفع قوات جديدة استطاعت قواتنا تدمير معظمها.
حوالي الساعة 1230 احتاجت الوحدات لعملية تزويد إذ مضى عليةا مدة(10) ساعات قتال وبالفعل تم تزويد الوحدات بالذخيرة والغازولين تحت اصعب الظروف وفي الميدان، وبعد أن تمت عملية التزويد تابعت كتيبة الدبابات/4 الملكية تقدمها على الجناح الأيمن وحققت المهمة حيث أستطاعت أن تقطع الطريق ما بين مسحرة وجبا بعد أن دمرت للعدو (15) دبابة، أما كتيبة الدبابات/2 الملكية على الجناح الايسر فقد خرج جناحها الأيسر عن العمل بسبب تركيز العدو الشديد عليها والذي أستخدم كافة الاسلحة للاحتفاظ بمواقعه ومنع وصول قواتنا الى طريق جبا - ام باطنة كون المنطقة حيوية بالنسبة له، ونتيجة لضغط قواتنا على العدو قام سلاح الجو المعادي بغارة شديدة على وحداتنا حوالي الساعة 1600 سبقها بتحركات كبيرة على اليمين واليسار بقوة تقدر بلوائين لتطويق اللواء ليتم تدميره نهائيا حيث سمع على أجهزة الاتصال لاحد القادة الاسرائيليين(أوقفوا لواء السنتوريون) وبعد تقدير الموقف وعدم تواجد قوات قريبة اضطر اللواء الى التراجع الى مواقعه التي انطلق منها في الصباح، ثم قررت القيادة الاردنية ارسال اللواء المدرع/92 بالاضافة الى قيادة الفرقة مع أسلحة الاسناد والخدمات حيث تكاملت هذه الوحدات يوم 22 تشرين اول.
الوضع على الجبهة المصرية:
أستمر هجوم القوات المصرية واندفاعها شرقا حتى وصلت الى عمق حوالي 18 كم حيث تصدى الاسرائيليون بكافة الاسلحة والصواريخ وسلاح الجو وبعد الاسبوع الاول من العمليات تحول العدو الى التعرض حيث قام بخرق رأس جسر جنوب الاسماعيلية والوصول الى الممر المائي وعبرت قسم من قواته القناة الى الغرب بهدف تدمير شبكة الصواريخ لاعطاء سلاحه الجوي حرية المناورة فوق القناة ولأرباك القيادة المصرية ثم اندفعت قواته لاحتلال المزيد من الاراضي المصرية حيث استطاع عزل مدينة السويس عن القاهرة وعزل الجيش الثالث المصري شرقي السويس. وفي يوم 22 تشرين اول كان العدو قد تعمق في الاراضي المصرية حتى جنوب الاسماعيلية ألا أنه رغم قرار وقف اطلاق النار الذي اصدره مجلس الامن تابع تقدمه باتجاه الجنوب والغرب لعدم وجود قوات مصرية كافية تصده وقطع طريق السويس من الجنوب.
الخسائر الاردنيــة
أ- بالافــراد : 28 شهيد بينهم (10) مفقـودين.
29 جريحا بينهم (12) ضابــطا.
ب- بالاليـات : 25 دبابة والية تم تدميرها.
29 دبابة تم تعطيلهـــا.
رسالة المغفور له الملك حسين الى الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد.
قام جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه بزيارة اللواء المدرع/40 والذي كان يقوده المرحوم العميد الركن انذاك خالد هجهوج وكان بمعيته المرحوم الشريف زيد بن شاكر والمرحوم العميد علاوي جراد قائد الفرقة المدرعة /3 الملكية مع ضباط سوريين ثم جلس بجانب ناقلة العمليات لكتيبة الدبابات/4 الملكية وكتب بيده الرسالة التالية :
سيادة الاخ الرئيس حافظ الاسد - رئيس الجمهورية العربية السورية أنني ولأن تواجدت اليوم بين اخواني في السلاح رجال اللواء المدرع الاربعين على أرض سورية العزيزة الشقيقة فبصفتي شقيقهم بالسلاح واخاهم وهم يؤدون واجبا مقدسا ورثوه وورثناه معهم عن ابائنا واجدادنا في الذود عن حياضهم بالمهج والارواح أغتنم هذه الفرصة وأنا مقدرا كل التقدير كل ما تتحملون الان من أعباء وواجبات تأخذ وقتكم جله ومن جهدكم كله أظن أن أخذ منه أكثر من لحظات حيث أبعث أليك برسالتي هذه التي احييكم فيها بأسم كل اخواني واخوانكم في القوات العربية الاردنية على خط المجابهة الطويل وكل أبناء أسرتي الاردنية الواحدة الكبيرة وأنقل لك ولكل أبناء سورية الحبيبة ورجال قواتها المسلحة والقوات العربية الشقيقة تحياتنا وتقديرنا واعتزازنا باخواننا.
سدد الله خطانا جميعا لبلوغ أعز الاهداف والغايات أنه ناصر الحق وعليـــه الاتكــال.
الخميس 22 رمضان 1392 هـ 18 تشرين اول 1973
الدروس المستفادة من الحرب
(أ)الهدف الرئيسي للحرب لم يعرف هل كان قصد المخططين لها استعادة الاراضي المحتلة عام 1967 أو تدمير قوات العدو على الجبهتين السورية والمصرية، أو تحريك الجمود الذي ساد المنطقة في حالة من اللا سلم واللا حرب والذي استغلته إسرائيل لصالحها دائما.
(ب)ضعف التنسيق ما بين الجيوش العربية المشاركة وكذلك بين نفس قوات الجيش الواحد فقد اندفعت القوات السورية المدرعة عميقا بسرعة دون تطهير المنطقة من الاسلحة وخاصة الصواريخ مما جعل هذه الدبابات هدفا سهلا لها.
(ج)لم يشارك سلاح الجو السوري بفعالية لاسناد القوات السورية أو القوات العربية التي شاركت معهم على الجبهة.
(د)توقف الهجوم المصري مما اعطى للعدو أفضلية التركيز على الجبهة السورية ونقل وحدات مدرعة كاملة من الجهة المصرية الى الجبهة السورية مما سبب الارباك وتغيير ميزان القوى على هذه الجبهة والاندفاع شرقا.
(هـ)حققت الحرب مفاجأة كبيرة لإسرائيل في الساعات الأولى للقتال ألا أن العدو استطاع اخذ زمام المبادرة من المصريين والتعامل مع الجبهات والمواقف أولا بأول وأصبح يحرك قواته ضمن خطط منسقة وباستخدام أسلحة حديثة مثل الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات العامودية المقاتلة رغم تفوق القوات العربية عليه
http://www.alrai.com/pages.php?news_id=301585
