الطيران و تأثيره في صحة الطيار .

mrwaan

عضو
إنضم
20 يناير 2009
المشاركات
95
التفاعل
0 0 0
الإنهاك الذهني للطاقم الجوي سبب مباشر لإتخاذ قرارات خاطئة .

الطيران و تأثيره في صحة الطيار .

جريدة القبس الكويتية

30/10/2009

إعداد : علي محمد الهاشم




1571273.jpg


[B .


كثيرة هي الأحداث الغريبة وغير المألوفة في عالم الطيران ، و أبرز تلك الأحداث، ما حدث لطائرة الركاب الأميركية التابعة لشركة نورث ويست، حينما نسي طاقم الطيارين على متنها الهبوط بها في المطار المفترض أن يقوموا بالهبوط به و هو « مينابوليس » و تعدوا ذلك في تحليق لمسافة تجاوزت 250 كلم ، و فيما تشير التحقيقات الأولية بأن الطاقم قد كان غافيا أو في حالة انهاك شديد، فان هذه لم تكن المرة الأولى ، فما أبعاد تلك الحادثة الغريبة على سلامة الطيران ؟ و ما الأسباب التي أدت بالطاقم الى تجاوز مدرج الهبوط دون تعمد منهم ؟

في رحلة مشابهة لأحداث الرحلة الأخيرة لطائرة نورث وست ، و خلال رحلة جوية في وضح النهار لطائرة تابعة لشركة طيران داخلي بجزيرة هاواي ، خرجت الطائرة عن مسارها فجأة من دون سابق انذار، بعد أن اجتازت نقطة البدء بالهبوط بالمطار المقصود ، و بعد محاولات يائسة من قبل برج المراقبة وبعض الطائرات المحلقة في رحلات جوية معتادة كانت قريبة منها للاتصال مع الطائرة الخارجة عن المسار، تمكن طاقمها بعد مضي 26 دقيقة من معاودة الاتصال ببرج المراقبة و إخطاره أن عطلا ما على ما يبدو قد تسبب في خروج الطائرة عن مسارها، لكن الحقيقة تم اكتشافها بعد هبوط الطائرة و اعتراف الطيار و مساعده بأنهما قد غفوا بالوقت نفسه من دون أن يعي أحدهما بالآخر، نتيجة للارهاق الذي أصابهما جراء عدم تلقيهما راحة كافية بعد أداء الرحلات الجوية ، و يفقد كلاهما وظيفته بالشركة .

أحداث مشابهة :

لم تكن الحادثة المذكورة الأولى في وقوع طاقم القيادة للطائرة في حالة غفوة عارضة ، فقد وقع طياران بشركة الخطوط الجوية الفيتنامية في احدى الرحلات الجوية الروتينية فوق التشيك في غفوة نوم كادت أن تؤدي الى اسقاط الطائرة بمن فيها من ركاب و طاقم من قبل مقاتلات سلاح الجو التشيكي ، الذي واكب الطائرة لحين خروجها من الأجواء التشيكية، بعد أن صحا الطياران من غفوتهما القصيرة . وعادة ما تسمح شركات الطيران لطياريها بأخذ غفوة قصيرة لأحد الطيارين شريطة أن يبقى الآخر يقظا لكن قوانين ال -FAA لا تسمح بذلك لأسباب تتعلق بالسلامة، و بالطبع لمنع وقوع كلا الطيارين ( بعد أن أصبحت قمرات الطائرات تعمل بطيارَين فقط ) في النعاس من دون أن يكون هناك من يراقب الوضع .



Pictures%5C2009%5C10%5C30%5C062745db-16d9-4641-b8cf-4740ecada606_maincategory.jpg



عامل الإرهاق :

يتطلب الطيران في معظم الأحيان تركيزا عاليا الى جانب يقظة كاملة من قبل الطيارين ، و مع زيادة ساعات التحليق فان أولئك الطيارين قد يتعرضون للاجهاد و تشتت الذهن الى جانب الضغوط المحيطة بحياتهم العملية ، و لهذا قامت و وكالة الطيران والفضاء الوطنية (ناسا) منذ عام 1989 بدراسة هذه الظاهرة ، و أجرت تجارب عدة لقياس مدى تأثيرها على سلامة الطيران ، و قد توصلت الى أن الطاقم الذي يأخذ قسطا من الراحة، خصوصا على الرحلات البالغة الطول، مدته لا تتجاوز 40 دقيقة يكون أكثر تركيزا و يقظة من أولئك الذين لا يأخذون أي فترة للراحة خصوصا في مرحلة الاقتراب من المدرج والهبوط، التي تعد الأكثر حرجا . لقد تبين أن غفوة لا تتجاوز الـ 30 ثانية أثناء عملية الهبوط في نهاية رحلة جوية طويلة قد تجعل من الطيار يغفل عن وميض لمصباح تنبيه لخلل ما قد يطرأ على الطائرة أثناء ذلك ، كافية لتهديد حياة الركاب الى جانب الطاقم و تعريضهم للخطر .

التحليق لمدة طويلة :

لقد أضحت الطائرات أكثر قدرة من حدود القدرة البشرية ، و لهذا بات من الضروري أن يتم تجهيز الطاقم بتجهيزات تكفل لهم مواكبة ذلك التطور ، و مع دخول الطائرات الحديثة القادرة على الطيران من دون توقف لمدة قد تصل الى 20 ساعة مثل ايرباص A340-500 و بوينغ B777-200LR الى الخدمة، فان شركات عدة قد بدأت في تطبيق قوانين هيئة الطيران المدنية العالمية مثل FAA وغيرها التي تنص على أن يكون هناك طيار احتياطي ثالث عندما تتجاوز مدة الرحلة الجوية 8 ساعات ، فيما يتعين أن يكون هناك طاقم بديل أي طيارين احتياطيين للرحلات التي تتجاوز مدتها 12 ساعة ، الى جانب كابينة للراحة عند تبديل المناوبة بينهما ، و قد جُهزت بوينغ و ايرباص طائراتها الحديثة من فئة البدن العريض بتلك الكبائن الموضوعة في سقف الكابينة الرئيسية للطائرة .

التعرض للذهان في الجو :

تحدث تقرير طبي عن حالات عديدة لطيارين تعرضوا الى ما يعرف بفقدان الوعي بالموقع أو الحيز المكاني الذي هم فيه وهم يحلقون بالطائرة ، و هو ما يعرف علميا بمصطلح Spatial Disorientation و يتوهم الطيارون المصابون بهذه الحالة بأشياء غريبة بعيدة عن الواقع على سبيل المثال كأنهم جالسون خارج الطائرة أو على الجناح، لكن الأدهى من ذلك هو أن التقرير يرجح أن أكثر من ربع الحوادث التي وقعت قد تعود الى تعرض الطيارين الى هذه الحالة أو اختصارا SD ، و تحدث مثل هذه الظاهرة للطيارين و حتى الأشخاص الذين يمر عليهم الوقت دون الخلود للراحة التامة أو عند اختلاف أوقات العمل لديهم من ليل لصبح أو العكس ، أو ما يعرف باضطراب الساعة البيولوجية أو JET LAG .

الأزمة في تفاقم :

للأسف ، رغم تطور البرامج التدريبية وتطور الطائرات التي باتت تخفف عن الطيارين الكثير من الأعباء ، لكن المشكلة الحالية لا تزال في تفاقم مستمر ، فسوء تنظيم الرحلات و توزيع كادر الطيارين عليها من قبل الشركات قد أدى الى مزيد من ارهاق الطيارين ، الأمر الذي جعلهم أشبه بآلات تعمل على مدار الساعة دون الالتفات الى قدراتهم الذهنية و الجسمانية ، عدا عن التوتر و الازعاج ، و لهذا نجد أن العديد من الطيارين يكون مرهقا جدا ولا يخضع في الغالب للراحة بسبب ضغوط الحياة الاجتماعية الأخرى، وبالتالي فان المشكلة تحتاج الى حلول فنية تكفل ربحية الشركات في مقابل الحفاظ على سلامة الطيارين و بالطبع تبقي على الركاب أحياء يرزقون !

هل تحل خوذة « ناسا » مشكلة إنهاك الطيارين ؟
تختبر حاليا وكالة « ناسا » خوذة معدلة تشبه إلى حد كبير تلك التي لطياري المقاتلات و لكن يحيط بها عدة وصلات ملحقة بجهاز كمبيوتر يعمل بالأشعة تحت الحمراء ، حيث تقوم تلك الأشعة باختراق جلد الرأس وصولا إلى المخ لقياس كمية الدم التي يتم ضخها إليه ، و ذلك ضروري لتحديد مدى يقظة ونشاط الطيار لتحديد ما إذا بدأ يعاني الإجهاد والإرهاق . و تهدف هذه التجارب بواسطة تلك الخوذة ، إلى معرفة القصور الذي قد يتعرض له ذهن الطيار أثناء مزاولته لعمله ومدى تأثير ضغط العمل فيه، وبالتالي يمكن معه تحسين نسبة اتخاذ الطيار للقرار السليم من دون أن يعرض نفسه وأفراد طاقمه و الركاب للخطر .


***
 
التعديل الأخير:
رد: الطيران و تأثيره في صحة الطيار .

بصراحه كان الله في عونهم .
 
عودة
أعلى