لمَ لا تخشى روسيا القنبلة الإيرانية؟

dark

عضو
إنضم
18 أكتوبر 2008
المشاركات
451
التفاعل
8 0 0

Boris Morozov - Jerusalem Post

احتفظت روسيا عادةً بمصادر معلومات وفيرة داخل إيران، فخبراؤها، الذين يشاركون عن قرب في بناء الموقع النووي، يملكون على الأرجح معلومات يجهلها بقية العالم، فمثلاً، قد تشير هذه المصادر إلى أن إيران لاتزال بعيدةً كل البعد عن تطوير القنبلة.

لقي قرار الرئيس الأميركي الأخير بإلغاء خطة نشر منظومة دفاعية مضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية ترحيباً من قبل السلطات الروسية، وفي المقابل، غيَّر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف موقفه بخصوص العقوبات على إيران، خلال حديثه في قمة مجموعة العشرين الأخيرة في بيتسبيرغ الشهر الفائت.

على الرغم من أن روسيا عارضت حتى وقت ليس ببعيد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الصادرة ضد برنامج إيران النووي، شدّد ميدفيدف فجأةً لهجته الخطابية، ذاكراً العقوبات كملاذ محتمل. في كلتا الحالتين، من الواضح جداً أن روسيا، المتاخمة لإيران على بحر قزوين، لا تخشى تحول جارتها إلى دولة نووية وحتى أنها تساعد بفعالية على بناء المحطة النووية في إيران. والأسباب متعددة.

احتفظت روسيا عادةً بمصادر معلومات وفيرة داخل إيران، فخبراؤها، الذين يشاركون عن قرب في بناء الموقع النووي، يملكون على الأرجح معلومات يجهلها بقية العالم. فمثلاً، قد تشير هذه المصادر إلى أن إيران لاتزال بعيدةً كل البعد عن تطوير القنبلة، أو يعتقد هؤلاء ربما بأنهم يستطيعون السيطرة على عملية التصنيع.

لا يمكن كذلك الأمر غض الطرف عن المصالح الاستراتيجية والتكتيكية لروسيا. لعل هذه الأخيرة غير راضية عن وضع أسلحة نووية بالقرب من أراضيها، لكنها واثقة على ما يبدو بأن هذه الأسلحة لا تهدد سيادتها. والسبب في ذلك أن روسيا تستعد للاستفادة إلى حد كبير من معارضة إيران للولايات المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لسببين: أولاً، تشكّل إيران خطراً رئيساً على إسرائيل، والسعودية، وتركيا. من شأن ذلك أن يصعّد التوتّر في المنطقة ويعزز مكانة روسيا هناك. وبفضل علاقتها الطيبة مع إيران، قد تؤدي روسيا دور الوسيط بين هذه البلدان والجمهورية الإسلامية. فمثلاً، استُخدم إلغاء الاتفاق ببيع إيران أسلحة مضادة للطائرات كوسيلة لتحسين العلاقات الروسية الإسرائيلية.

ثانياً، قد تستخدم روسيا علاقاتها مع إيران كورقة مساومة في معارضتها الولايات المتحدة. تثبت الأحداث الأخيرة كيف حققت روسيا هدفها المتمثل في إلغاء برنامج منظومة الدفاع الصاروخية على الرغم من مصادقة الإدارة الأميركية السابقة عليه، وذلك عبر تغيير موقفها تجاه العقوبات.

فضلاً عن ذلك، فإن روسيا غير مستعدة للتخلي عن علاقاتها الاقتصادية مع إيران. فهي تستفيد من بناء محطة طاقة نووية، إذ إنها تتنافس على تأمين المواد الخام الضرورية وتزود إيران بمختلف أنواع الأسلحة (بما في ذلك تلك المضادة للصواريخ)، ناهيك عن التجارة العادية. ذلك على الأرجح من الأسباب الرئيسة وراء اهتمام روسيا في الحفاظ على علاقات ودية مع إيران.

أما العامل الآخر الجدير بالذكر فهو مسألة الدين. تعارض إيران عموماً الحركات الإسلامية السنية ذات المذهب السلفي الأصولي كذلك الذي تطبقه حركة «طالبان» والمتشددين في السعودية، والتي باتت تشكّل خطراً كبيراً على منطقة شمال القوقاز الروسية، لا سيما داغستان.

في النهاية، تعتبر روسيا وإيران كلتاهما من البلدان المهمة التي تزود السوق العالمية بالنفط، لذلك فإن كل زيادة في التوتر السياسي في المنطقة يؤثر على أسعار النفط، المصدر الوحيد التي يمكن لروسيا جني أرباح منه. يصح ذلك بوجه خاص خلال فترات الصراع العسكري.

ويبقى واقع الحال أن روسيا لا تؤمن بالعقوبات. لهذه الأسباب، تبدو موسكو مستفيدة من الوضع الحالي اليوم أكثر مما تعاني جرّاءه، فمجموعة المصالح القومية الروسية هذه تزيد الأزمة النووية الإيرانية تعقيداً وتثبت أن هذه الأزمة لن تحل إلا بقدر كبير من الدبلوماسية المثمرة.

* أستاذ مساعد في معهد «أديلسون للدراسات الاستراتيجية»، وأستاذ باحث في مركز «كامينغز للدراسات الروسية والشرق أوروبية» في جامعة تل أبيب.


 
عودة
أعلى