مناحيم بيجين كان إرهابيا حاول تضليل أجهزة الأمن
كشفت وثائق مخابراتية سرية بريطانية أفرج عنها في اﻷسبوع اﻷول من مارس الجاري عن ان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيجن كان إرهابيا حاول تضليل أجهزة الأمن البريطانية باللجوء الى عملية جراحة تجميلية لتغيير هويته هربا من المطاردة الأمنية.
وكشفت تلك الوثائق كيف تلقت وكالة المخابرات الداخلية البريطانية (ام اي 5) معلومات عن ان بيجن (الذي حاز في ما بعد على جائزة نوبل للسلام إثر مفاوضات كامب ديفيد للسلام مع مصر) كاد ان يقضى عليه في نهاية الأربعينات.
وبحسب تلك الوثائق فقد عارض بيجن الدور البريطاني في فلسطين وانضم الى منظمة (ايرجن) المسلحة التي شنت حملة من أعمال العنف ضد قوات الانتداب البريطانية في فلسطين.
كما كشفت تلك الوثائق التي حفظت في الارشيف الوطني البريطاني كيف كانت تنظر أجهزة الأمن البريطانية لبيجن اذ كانت تشتبه بانه ربما كان عميلا للاتحاد السوفييتي السابق.
وذكرت إحدى الوثائق المؤرخة في عام 1949 ان بيجين كان يصف نفسه بالعدو رقم واحد للحكومة البريطانية.
وكشفت الوثائق السرية البريطانية النقاب أيضا بان الإرهابيين اليهود خططوا في الأربعينات من القرن الماضي لاغتيال وزراء بريطانيين في حكومة رئيس الوزراء الأسبق كليمنت اتيلي وعدد من الشخصيات البارزة في لندن.
واشارت الى ان شن عمليات اغتيال جماعية في فلسطين وارسال عدد من المتطرفين الى العاصمة البريطانية لندن لتنفيذ عمليات كانت تشكل قلقا كبيرا لأجهزة الأمن البريطانية.
وقالت إن العمليات المسلحة التي تستهدف الانتداب البريطاني في فلسطين شملت اغتيال الوزير البريطاني المقيم في القاهرة اللورد موين في 1944 علي أيدي عصابات منظمة (شتيرن) اليهودية المتطرفة
أحد عتاة الإجرام الصهيونى .. و هو رئيس الوزراء السادس لإسرائيل.
ولد مناحم بيجين عام 1913 فى مدينة بريست لتوفيسك فى روسيا, و بعد أن أكمل تعليمه الأول سافر إلى بولندا و إلتحق بجامعة وارسو حيث حصل فيها على شهادة عليا فى الحقوق, و فى ذلك الوقت إنضم إلى حركة البيتار الصهيونية فى بولندا .. و فى عام 1940 إعتقلته السلطات السوفييتية بتهمة التجسس, ثم أطلق سراحه وإلتحق بالجيش البولندى العامل فى الإتحاد السوفييتى.
سافر إلى فلسطين عام 1942 وتولى قيادة فرع المنظمة هناك .. وفى العام التالى أصبح رئيساً لحركة الإرجون, إحدى المنظمات الإرهابية الصهيونية.
فى عام 1944 أعلنت الإرجون معارضتها لسياسة الإنتداب البريطانى فى فلسطين لأنها كانت تفرض شروطاً على الهجرة اليهودية إليها.
مذبحة دير ياسين
فى 9 أبريل عام 1948 – قبل شهر و بضعة أيام من إعلان قيام إسرائيل – أقدمت منظمة الإرجون برئاسة مناحم بيجين بالإشتراك مع منظمة شتيرن ليحى برئاسة إسحق شامير على القيام بمذبحة فى قرية دير ياسين من أجل السيطرة على الأوضاع فى فلسطين تمهيداً لإقامة الدولة اليهودية , و كان العرب فى ذلك الوقت يحرزون الإنتصارات المتوالية على اليهود بزعامة البطل الفلسطينى عبد القادر الحسينى .. لذلك فقد كان اليهود فى حاجة لإنتصار "من أجل كسر الروح المعنوية لدى العرب و رفع الروح المعنوية لدى اليهود" على حد قول أحد ضباط اليهود .
دخلت القوات اليهودية فى فجر ذلك اليوم إلى قرية دير ياسين – و هى قرية صغيرة تقع على بعد بضعة كيلومترات من القدس يقطنها 400 شخص و لا يملكون إلا أسلحة قديمة يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى – حيث دخلت قوات الإرجون من شرق و جنوب القرية بينما دخلت قوات شتيرن من الشمال ليحاصروا القرية من كل جانب بإستثناء الجانب الغربى و ليفاجئوا السكان و هم نائمين , و قد لاقى الهجوم مقاومة من سكان القرية فى البداية و أدى إلى مصرع 4 و جرح 40 من المهاجمين ..
و لمواجهة صمود أهل القرية تم قصفها بمدافع الهاون لتسهيل مهمة المهاجمين, و مع حلول الظهيرة أصبحت القرية خالية تماماً من أى مقاومة, ثم قامت قوات الإرجون و شتيرن " بإستخدام الأسلوب الوحيد الذى يعرفونه جيداً و هو الديناميت " على حد قول الكاتب الفرنسى باتريك ميرسييون .. و تم تفجير القرية بيتاً بيتاً , و بعد نفاذ المتفجرات قاموا " بتنظيف المكان " من العناصر المتبقية من المقاومة عن طريق القنابل و المدافع الرشاشة , حيث كان يتم إطلاق النيران على كل من يتحرك داخل المنازل من رجال أو نساء أو أطفال أو شيوخ و تم إيقاف العشرات إلى الحوائط و إطلاق النار عليهم بلا رحمة..
وعلى مدى يومين متتاليين قامت القوات اليهودية بأعمال تعذيب سادية .. و تم منع مبعوث الصليب الأحمر من دخول القرية لأكثر من يوم .. و قام أفراد الهاجاناه الذين إحتلوا القرية بتفجير الجثث لتضليل الهيئات الدولية و الإيحاء بأن الضحايا لقو حتفهم فى صدامات مسلحة !
وأرسل مناحم بيجين برقية تهنئة إلى رعنان قائد الإرجون المحلى , قال فيها : تهنئتي لكم على هذا الانتصار العظيم ، .. قل لجنودك إنهم صنعوا التاريخ في إسرائيل .. و في كتابه ( الثورة ) كتب بيجين : إن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى في تفريغ البلاد من 650 ألف عربى .. و أضاف : لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل .
كما قامت قوات الإرجون برئاسة بيجين بنسف فندق الملك داود – مقر قيادة القوات البريطانية – عام 1946 .. و إشتركت مع منظمة شتيرن فى إغتيال الكونت السويدى فولك برنادوت من العائلة السويدية المالكة و رئيس الصليب الأحمر السويدى الذى إختارته الأمم المتحدة ليكون وسيطاً للسلام بين العرب و الإسرائيليين ..
فى عام 1949 و بعد قيام إسرائيل شكّل بيجين حزب حيروت الذى ورث شعارات بيتار و الإرجون و ليحى , و فحواها أن الحد الأدنى لأرض إسرائيل هو ضفتا نهر الأردن, و أن القوة العسكرية هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الحد الأدنى, لأنها اللغة الوحيدة التى يفهمها العرب .. و أصبح بيجين عضواً فى الكنيست الإسرائيلى.
و أتيح لبيجين دخول الوزارة الإئتلافية برئاسة ليفى إشكول عشية إندلاع حرب 1967 كوزير بلا حقيبة "بدون وزارة", ثم إنضم ثانية إلى حكومة جولدا مائير الإئتلافية عام 1969 ليشغل منصب وزير الدولة .. و إستقال من الحكومة عام 1970 و رأس حزب الليكود كإئتلاف بين عدد من الأحزاب و الحركات .. و قاده حتى فاز برئاسة الوزراء فى 20 / 6 / 1977 .
و حضر بيجين مباحثات مع الرئيس المصرى أنور السادات و الرئيس الأمريكى جيمى كارتر فى منتجع كامب ديفيد فى سبتمبر 1978 , و وصفت المفاوضات بأنها شاقة و متعبة و كادت تفشل أكثر من مرة .. و أعلن الرؤساء الثلاثة إتفاقهم على وثيقتين أساسيتين معلنتين , الأولى " إطار عمل للسلام فى الشرق الأوسط " , و الثانية " إطار عمل لعقد معاهدة سلام بين مصر و إسرائيل " .. و وقع على الوثيقتين كل من بيجين و السادات كطرفين و كارتر كشاهد .. و فى نفس العام حصل بيجين على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع أنور السادات .
و فى واشنطون فى مارس من عام 1979 وقع بيجين مع السادات معاهدة سلام بين مصر و إسرائيل .
و فى عام 1981 قامت حكومته بضرب المفاعل النووى العراقى , و أشاد الرئيس الأمريكى رونالد ريجان بهذه العملية و وصفها بأنها إتسمت بالجسارة و المهارة !
و فى عام 1982 قام بإجتياح لبنان بحجة ضرب قواعد المقاومة الفلسطينية .. ثم وقعت مذبحة صابرا و شاتيلا التى إرتكبتها الكتائب اللبنانية اليمينية .. و وقف بيجين أمام الكنيست ليعلن فى إستهانة : جوييم قتلوا جوييم (غرباء قتلوا غرباء), فماذا نفعل ؟ .. وثبتت مسؤولية بيجين و أعضاء حكومته و وزير دفاعه أرئيل شارون عن هذه المذبحة .
قدم بيجين إستقالته فى سبتمبر من عام 1983 بعد أن توفيت زوجته و تدهورت حالته الصحية و أصيب بالإكتئاب و عاش بقية حياته منعزلاً فى شقته حتى وفاته عام 1992 ..
مقتبس
المصادر
http://www.almoarekh.com و
يحى الشاعر
[تم التعديل في 6-7-2006 بواسطة Yahia-Al-Shaer]