معركة بلاط الشهداء/محمد فاروق الإمام

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,781
التفاعل
17,898 114 0
معركة بلاط الشهداء

محمد فاروق الإمام



معركة بلاط الشهداء أو معركة بواتييه وقعت في (2 رمضان 114هـ/10 تشرين الأول 732م) بين قوات المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي وقوات الإفرنج بقيادة تشارلز مارتل.

البلاط في اللغة العربية تعني القصر أو الرخام، وحسب رأي بعض المؤرخين أن هذه المعركة سميت ببلاط الشهداء في التاريخ الإسلامي لأن المعركة وقعت بالقرب من قصر مهجور، وحسب رأي أخر سميت المعركة ببلاط الشهداء بسبب الطريق المعبد من زمان الرومان الذي قاتلا الجانبان عليه وأضيفت كلمة الشهداء لكثرة ما وقع في تلك المعركة من قتلى للمسلمين. أما الأوروبيون فينسبون المعركة لمدينة تورز التي وقعت بالقرب منها فيسمونها معركة تورز وتسمى كذلك معركة بواتييه لوقوعها أيضا بالقرب من بلدة بواتييه في فرنسا.

بعد أن فتح العرب المسلمون إسبانيا ووطدوا حكمهم فيها، عبروا جبال البرانس وبدأوا في غزو الأراضي الإفرنجية (فرنسا في الوقت الحاضر) على يد السمح بن مالك الخولاني وتم على يده غزو مدن منطقة (سبتمانيا وأربونة وبيزارس وآجده ولوديفيه وماغيولون ونييمس).

ورجع السمح إلى الأندلس ليجمع جيشاً يحاصر به مدينة تولوز ويقال أنه جمع أكثر من 100 ألف مقاتل من الفرسان والمشاة. قام المسلمون بحصار تولوز طويلاً حتى كاد أهلها أن يستسلموا إلا أن الدوق أودو دوق أقطانيا (أكوينتين) باغته بإرسال جيش ضخم فقامت هنالك معركة عرفت في التاريخ باسم (معركة تولوز) وقاوم المسلمون فيها وقتل قائدهم السمح بن مالك فاضطرب الجيش وانسحب المسلمون لقاعدتهم في بلاد الإفرنج مدينة أربونة وكان ذلك في 7 ذو الحجة 102هـ/ 9 حزيران 721م.

كان السمح هو والي الأمويين في بلاد الأندلس وبعد وفاته قام الأندلسيون بتعيين عبد الرحمن الغافقي كوال مؤقت حتى ينظر الخليفة في من سيعين عليهم.

عين عنبسة بن سحيم الكلبي كوالٍ للأندلس فقام بإكمال ما بدأ به السمح بن مالك وقد توغل كثيراً في الأراضي الفرنسية حتى بلغ مدينة أوتون في شرق فرنسا وفي طريق عودته إلى الأندلس فاجأته قوات إفرنجية فأصيب إصابة بليغة لم يلبث أن مات على إثرها في شعبان 107هـ/كانون الأول 725 م. ثم جاء أربع ولاة للأندلس لم يحكم أغلبهم أكثر من ثلاث سنين حتى عين عبد الرحمن الغافقي عام 112هـ/ 730م والياً على الأندلس.

قام عبد الرحمن بإخماد الثورات القائمة في الأندلس وعمل على تحسين وضع البلاد الأمني والثقافي. وفي تلك الأثناء قام الدوق أودو بالتحالف مع حاكم إقليم كاتالونيا المسلم عثمان بن نيساء وعقد صلحاً بينه وبين المسلمين وتوقفت الغزوات الإسلامية في بلاد الإفرنج. كان الدوق أودو يعلم أن عدوه الأبرز هو تشارلز مارتل - وخاصة بعد معركة طولوشة - وأنه إذا صالح المسلمين فإنه سيأمن هجماتهم من جهة وسيشكلون قوة ورادعاً في وجه تشارلز مارتل من جهة أخرى إذ لن يفكر تشارلز في مهاجمته خوفاً من المسلمين.

قام عثمان بن نيساء في ما لم يكن في الحسبان فقد قام بإعلان استقلال إقليم كاتلونيا عن الدولة الأموية فما كان من عبد الرحمن الغافقي إلا أن أعلن الحرب ضده بصفته خائناً ولم يستثن عبد الرحمن الدوق أودو من هذا الأمر فجهز جيشه وأخضع كاتلونيا لدولته ثم اتجه صوب أراض أودو وحاصر مدينة البردال (بوردو) وغزاها المسلمون وقتلوا من جيش أودو الكثير حتى قال المؤرخ إسيدورس باسينسيز "إن الله وحده يعرف عدد القتلى".

وجد تشارلز مارتيل الوضع في بلاده مناسباً لإخضاع الأقاليم الجنوبية التي طالما استعصت عليه وكان يعلم أن العقبة الوحيدة في طريقه هي جيش المسلمين. كان الجيش الإسلامي قد انتهى بعد زحفه إلى السهل الممتد بين مدينتي بواتييه وتور بعد أن استولى على المدينتين، وفي ذلك الوقت كان جيش تشارلز مارتل قد انتهى إلى نهر اللوار دون أن ينتبه المسلمون بقدوم طلائعه، وحين أراد الغافقي أن يقتحم نهر اللوار لملاقاة خصمه على ضفته اليمنى قبل أن يكمل استعداده فاجأه مارتل بقواته الجرارة التي تفوق جيش المسلمين في الكثرة، فاضطر عبد الرحمن إلى الرجوع والارتداد إلى السهل الواقع بين بواتييه وتور، وعبر تشارلز بقواته نهر اللوار وعسكر بجيشه على أميال قليلة من جيش الغافقي. واختار مارتل بحنكته مكان المعركة وتوقيتها أي أنه أجبر المسلمين على التواجد في المكان الذي يريده لهم.

حصلت بعض المناوشات بين الجيشين وكأن المعركة حرب استنزاف، أي أن من يصمد أكثر من الطرفين ينتصر. ومكث الطرفين على هذه الحال من 6 إلى 9 أيام (هناك اختلاف بين المؤرخين على مدة المعركة) وفي اليوم الأخير للمعركة قامت معركة قوية بين الجيشين ولاح النصر للمسلمين. رأى مارتل شدة حرص جنود المسلمين على الغنائم التي جمعوها فأمر بعض أفراد جيشه بالتوجه لمخيم المسلمين والإغارة عليه لسلب الغنائم فارتدت فرقة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم، فاضطربت صفوف المسلمين واستطاع الإفرنج النفاذ في قلب الجيش الإسلامي. ثبت عبد الرحمن مع قلة من جيشه وحاولوا رد الهجوم بلا جدوى واستشهد عبد الرحمن، فازداد اضطراب المسلمين وانتظروا نزول الليل حتى ينسحبوا لقاعدتهم أربونة قرب جبال البرانس.

عن رابطة أدباء الشام
 
رد: معركة بلاط الشهداء/محمد فاروق الإمام

شكرا للأخ نبيل على هذا الموضوع الهام "معركة بلاط الشهداء" و الذي يحتوي العديد من الدروس و العبر ، و منها ظاهرة "الغنائم" التي كانت سببا في كر قريش بعد فر في غزوة "أحد" .... و تحظى معركة بلاط الشهداء بحيز هام في التاريخ الفرنسي ، ألخصها كالآتي:

1- من الناحية الإستراتيجية ، ما يزال الفرنسيون لحد الآن "مندهشين" من الجسارة و الجرأة الكبيرة التي أبداها المسلمون بتوغلهم العميق ذاخل الأراضي الفرنسية ، و يؤمن الكثير من الإستراتيجيين أن الهدف النهائي للجيش الإسلامي من غزو أوروبا الغربية ، كان حصار إيطاليا الحالية و فتح روما مركز الكاثوليكية عدا عن مباغتة الإمبراطورية البيزنطية من الغرب ، بعد فشل سلسلة الحملات الإسلامية من الشرق و الجنوب.

2- عسكريا ، تشرح المصادر الفرنسية نجاح شارل مارتل في صد الحملة الإسلامية في بواتيي إلى تمكنه من الأرض و قطع خطوط إمداد الجيش الإسلامي ، و التي كانت تطول كلما توغل المسلمون أكثر ، عدا عائق جبال البيريني مما يصعب من وصول مدد إسلامي سريع من الأندلس.

3- سياسيا ، استغل شارل مارتل انتصاره في بواتيي في تدعيم نفوذه على الملوك الميروفنجييين الضعفاء و قام إبنه "بيبين" بعده بإنشاء المملكة الكارولنجية ، ثم خلفه إبنه "شارلمان" و هو ملك فرنجي شهير و قام بابا روما بتتويجه إمبراطورا رومانيا مقدسا و الذي كانت له مراسلات مع الخليفة هارون الرشيد و توجد نظريات عن مشروع تحالف بين الفرنجة و العباسيين ضد عبد الرحمن الداخل الخارج عن سلطة بغداد بالأندلس و ذلك موضوع آخر.

4- يرى المستشرقون الموضوعيون من هزيمة المسلمين في بلاط الشهداء ، خسارة كبيرة لأوروبا و ضياع 7 قرون أخرى من التخلف و الجهل و ظلم الإقطاع ، و لو قدر الله و انتصر المسلمون في بواتيي ، لكانت "السوربون" و "أوكسفورد" جامعات إسلامية تضاهي "الزيتونة" و "القرويين" و "الأزهر" .
 
رد: معركة بلاط الشهداء/محمد فاروق الإمام

4- يرى المستشرقون الموضوعيون من هزيمة المسلمين في بلاط الشهداء ، خسارة كبيرة لأوروبا و ضياع 7 قرون أخرى من التخلف و الجهل و ظلم الإقطاع ، و لو قدر الله و انتصر المسلمون في بواتيي ، لكانت "السوربون" و "أوكسفورد" جامعات إسلامية تضاهي "الزيتونة" و "القرويين" و "الأزهر" .
فعلا لو كان المسلمين انتصروا كان ممكن اوربا كلها تبقي بلاد اسلاميه بس معقول المستشرقين يقولوا خساره كبيره لي اوربا ؟؟؟؟
 
رد: معركة بلاط الشهداء/محمد فاروق الإمام

فعلا لو كان المسلمين انتصروا كان ممكن اوربا كلها تبقي بلاد اسلاميه بس معقول المستشرقين يقولوا خساره كبيره لي اوربا ؟؟؟؟

نعم أخي ابن تاشفين ، عدا عن المستشرقين الذين أسلموا بعد دراسات موضوعية و اهتدوا لدين الحق، شهد الكثير منهم بعظمة الحضارة الإسلامية و منهم مثلا المستشرق الفرنسي "غوستاف لوبون gustave LE BON و الذي قال " لولا العرب لتأخرت نهضة أوروبا لبضع قرون أخرى ..." و هنا رابط لتحمل كتابه "حضارة العرب" la civilisation des arabes ، و هو باللغة الفرنسية:
http://classiques.uqac.ca/classiques/le_bon_gustave/civilisation_des_arabes/civilisation_arabes.html
 
عودة
أعلى