* القاهرة شريف صالح
اعتاد الصغار ان يروا الدلافين تسبح وتمرح في أحواض السباحة وجسدها الرمادي والفضي يلمع حين تقفز ناحية الشمس ثم تغوص إلى الاعماق وهم حولها مصطفون يصفقون لها، وهي تحمل كرة على طرف منقارها المدبب المتين وترقص . أو تقترب منهم لتأخذ الحلوى والاسماك الصغيرة من أيديهم.. سيحزن هؤلاء الأطفال حين يكتشفون يوما ما ان الدلافين التي يشاهدون العابها المائية وعروضها الضاحكة أصبحت تعمل الآن جنديا مجهولا في الأساطيل البحرية وتشارك في حروب لا تهمها في شيء، هذا الحيوان الطيب الذي كان يتطوع لانقاذ الغرقى فيحملهم على ظهره حوله الانسان الى جاسوس وانتحاري يقوم بمهام من نوع خاص وبأقل التكاليف.
يعتبر العالم الأمريكي جرين وود مدير معمل أبحاث البحار أول من وضع خطط تحويل الدلافين الى كتائب مقاتلة ليتم توظيفها فيما بعد في العديد من المهام العسكرية مثل كشف قواعد وتحركات الغواصات الروسية أثناء الحرب الباردة، تأمين وحراسة القواعد البحرية، استشعار الضفادع البشرية الفيتنامية، البحث عن الألغام والطوربيدات والصواريخ التي لم تنفجر. ومن أشهر المهام التي نفذها «الجنرال» دلفين حين سقط خلال التدريبات من احدى الطائرات الأمريكية العملاقة في نهاية السبعينات صاروخا يحمل رأسا نوويا قبالة سواحل بورت ريكو ونجح أحد الدلافين في العثور عليه، وأشهر جندي في صفوف الدلافين الأمريكية هو «توفي» الذي لعب دور البوسجي الأمين وكان يقوم بنقل الطرود والرسائل الى الغواصات على عمق 70 مترا في حقيبة جلدية لاينفد اليها الماء.
يشير ريتشارد وست عالم المحيطات في البحرية الأمريكية الى دور الدلافين قائلا: ان أحد التحديات الرئيسية هو تحري موضع الالغام البحرية خصوصا تلك المدفونة في الرمال، ولمواجهة هذا التهديد، يعول البحارة على الخرائط التي يتم وضعها حاليا لأعماق البحار، وللتحقق من عبوة مشبوهة يمكنهم أيضا ارسال دلافين مدربة خصيصا لهذاالغرض.
والمعروف ان جهاز علم المحيطات في البحرية الأمريكية يحظى بموازنة سنوية تقدر بنحو 420 مليون دولار ويعمل به حوالي 3300 شخص من المدنيين والعسكريين وأسطول من ثمانية سفن لمراقبة المحيطات وتسع مراكز أرضية رئيسية في العالم.
في الخليج
في بداية السبعينات كونت الولايات المتحدة من الدلافين المسالمة والمحبة للانسان فصائل قتالية أشرس من الفك المفترس بعد إحداث تغييرات جذرية في سلوكها وطباعها لاستخدامها في الحرب ضد فيتنام .
وفي أواخر الثمانينات.استخدمت البحرية الأمريكية 6 دلافين مدربة في منطقة الخليج، كي تقوم بمهمة حراسة السفن الأمريكية واعطائها انذارات مبكرة ضد الالغام البحرية والغواصين الأعداء، وفي الوقت نفسه كانت تلك الدلافين المدربة ترافق ناقلات النفط الكويتية لحمايتها ضد الأخطار الكامنة في بعض الممرات المائية.
وأكد جوشن فراي أحد ضباط البحرية الأمريكية إنها تلقت تدريبات مكثفة على كيفية رصد السباحين أو الغواصين والمساعدة في القاء القبض عليهم عن طريق شل حركتهم بواسطة مكابح خاصة وهناك عدد منها ضمن وحدة بحرية تابعة للأسطول الخامس الموجود في الخليج، وتحديدا قبالة السواحل البحرينية. وشاركت الدلافين مع كتائب من كلاب البحر في الحرب الأخيرة على العراق وتتولى تطهير ميناء أم قصر من الألغام البحرية .
في روسيا
يقول الكسندر زانين مدير مركز الدلافين في أوكرانيا ان تدريب الدلافين على ابلاغ معلومات عن وجود العدو يتم بنفس سهولة تدريبهما على رسم صورة أثناء عرض. ويضيف انها شاركت في الحرب العالمية الأولى في مراقبة الغواصات، وعندما كانت تختبىء كانوا يبحثون عنها ويجدونها.. والدلفين يستطيع ان يحمي المكان من تسلل الضفادع البشرية. وبامكانه رصد وجود جسم بشري على مسافة 5 ،1 كيلومتر دون ان يلحظه الغواص ويمكنه الكبس على بدال لتوصيل معلومات عن المكان للقاعدة.
ومن أشهر المهام التي قامت بها الدلافين الروسية حراسة خليج كازاتشاي الاستراتيجي، كما كانت تغوص في المياه الباردة للبحث عن الالغام ومنع تسلل الضفادع البشرية من القوات المعادية في البحر الاسود.
لكن بعد مرور أكثر من عشر سنوات من التقاعد العسكري. وتدمير الأسطول السوفييتي تحولت الدلافين من التقاعد العسكري إلى مهام علاجية وترفيهية للأطفال، وتحولت القاعدة العسكرية السرية رقم 99727 المحاطة بالسفن الضخمة التي كانت معزولة عن بقية أوكرانيا الى مركز رائد للعلاج بالدلافين وهو أسلوب مثير للجدل من أنواع العلاج البديل. تتكلف الجلسة العلاجية الواحدة20 دولارا للروس و50 دولارا للأجانب.
ومازال المركز يحمل شارة البحرية فكل المديرين من ضباط البحرية، تقول لوديميلا لوكينا رئيسة علوم البحار «في وقت سابق بحثنا في قدراتها النفسية على مساعدة أسطول البحر الأسود السوفييتي، فكانت مدربة على البحث عن الأشياء الغارقة وحماية مدخل الخليج».
من جانبهم نفى العاملون الروس في المركز ما كان يتردد عن ان الدلافين كانت تستخدم في القتل، ويقولون: ان هذه الكائنات التي تعيش حتى 50 عاما كانت تستخدم في الأساس لتحديد أماكن الالغام المخبأة تحت الماء ولرصد الضفادع البشرية ونقل المعلومات بالاشارات.
وقال الكسندر زانين: انني ضد استخدام الدلافين في الأعمال العسكرية. اذا كان الناس يريدون القتال تحت الماء فيجب ان يقوموا بذلك بأنفسهم. كما تدافع أولجا سميرنوفا عن الدلافين قائلة: «انهم مثل أطفالنا ما كنا لنرسلهم في مهام انتحارية أو شيء من هذا القبيل».
توبة أصحاب الدلافين
يذكر العالم البريطاني جون ليلى في كتابه عقل الدلافين ان هذه الكائنات تتمتع بقواعد سلوكية فريدة تحكم العلاقات بين أفرادها من جهة وبين البشر من جهة أخرى ويشير الى ان حبها الشديد للبشر هو نقطة الضعف التي يستغلها الخبراء لتدريبها سواء على القتال أو في انشطة ترفيهية وعلاجية. ولاشك ان هؤلاء الخبراء قد استفادوا أيضا من قدراتها الطبيعية الخاصة فهي تسمع الأصوات تحت الماء وتحدد مصدرها بدقة متناهية، كما تستطيع الرؤية تحت الماء، حتى عندما تكون الاضاءة خافتة، والغوص الى أعماق تصل الى أكثر من 220 مترا.
وقد حرصت السلطات الأمريكية على اخفاء الهدف من التدريبات التي تجريها للدلافين وروجت انها تدربها للقيام باعمال مدنية لكن حدث ان تمرد جرين وودمدير معمل أبحاث البحار على عمله وارسل خطابا الى الكونجرس والرئيس كارتر يعترف فيه بصدور قرار له لتدريب الدلافين وتحويلها الى كتائب مقاتلة، رافضا الاستمرار في هذا العمل الذي يخرج عن نطاق الأبحاث العلمية السلمية. بالطبع لم توقف الاستقالة جريمة الانسان في تحويل هذا الكائن المسالم الى قاتل .
كما كان سقوط الاتحاد السوفيتي فرصة لاعلان توبة أصحاب الدلافين ولاستثمار الاعداد المدربة في أنشطة سلمية متعددة، تقول لوديميلا لوكينا «قبل عشر سنوات عندما ساءت الأمور كان يتعين علينا البحث عن سبيل للبقاء، فلم يعد أحد بحاجة الينا، وكان يتعين ان نفكر فيما يمكننا عمله لحماية دلافيننا.
«فاخ» «وديانا» دلفينان من البحر الأسود جنديان سابقان ما زالا يعملان الى الآن ويستفاد من عقليهما المدربين تدريبا عاليا للمساعدة في شفاء الأطفال من مشكلات مثل الكوابيس والتبول اللاارادي والشرود الذهني والشلل المخي.
تقول اولجا سميرنوفا ان ديانا التي تتولى رعايتها منذ 24 عاما لم ترسل أبدا في مهام «مشينة» كانت فقط تبحث عن الاشياء الضائعة. وتضيف دياناحيوان جميل كانت تقوم بمهام سلمية. دربت على البحث عن الأشياء والآن تلقت تدريبا خاصا على اللعب مع الأطفال وهي تستمتع بذلك. مشيرة الى نجاح العلاج باللعب مع الدلافين مع الكثيرين ومنهم ستة أطفال من ملجأ أيتام في كييف كانوا يبولون أثناء النوم لكن بعد ثلاث جلسات فقط انتهت هذه المشكلة تماما .
اهتمام عالمي
ومنذ سنوات عدة يتزايد الاهتمام العالمى بتوظيف الدلافين في أنشطة سلمية وترفيهية خاصة مع تراكم الأبحاث التي تستكشف هذا الكائن وأسرار علاقته بالانسان وذكاءه الذي يكاد يضارع الذكاء البشرى، وأكدت التقارير الصادرة عن مركز ميامي للدلافين على التأثير الايجابي للدلفين على الإنسان، حيث تشيرالدراسات العديدة التي قام باجرائها مجموعة من الباحثين في المركز إلى ان الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب وبعض الاضطرابات المتعلقة بالتعلم يمكن ان تتحسن حالتهم عن طريق المعالجة بالدلفين.
وذكر الأطباء العاملون في المركز ان السباحة مع الدلفين تساعد الشخص على التخلص من التوتر والضغوط النفسية التي يعاني منها، وتعزز لديه المشاعرالايجابية، ولهذا سرعان ما يتخلص من الاكتئاب. والمشاعر السلبية التي كانت تنتابه والتي كانت تعكر صفو حياته. فالسباحة مع الدلفين والتعامل مع هذا الكائن الحي تؤدي إلى اثارة الدماغ وافراز الاندروفين «هرمون السعادة» وهي مادة كيماوية مسئولة عن المشاعر الايجابية. اضافة الى قدرة الدلافين على التعامل مع الصغار المنطوين على أنفسهم وتشجيعهم على اللعب .
يقول الدكتور هوراك دوبس مؤسس مجموعة اكسفورد للابحاث المتعلقة بالكائنات البحرية وتأثيرها على الإنسان ان الكائنات البحرية اللطيفة كالدلفين مثلا تعمل على تعزيز المشاعر الايجابية لدى الإنسان وتحقق له الاسترخاء التام والتوازن المطلوب لصحة الجسم.
المصدر http://www.al-jazirah.com/magazine/13052003/ah5.htm
اعتاد الصغار ان يروا الدلافين تسبح وتمرح في أحواض السباحة وجسدها الرمادي والفضي يلمع حين تقفز ناحية الشمس ثم تغوص إلى الاعماق وهم حولها مصطفون يصفقون لها، وهي تحمل كرة على طرف منقارها المدبب المتين وترقص . أو تقترب منهم لتأخذ الحلوى والاسماك الصغيرة من أيديهم.. سيحزن هؤلاء الأطفال حين يكتشفون يوما ما ان الدلافين التي يشاهدون العابها المائية وعروضها الضاحكة أصبحت تعمل الآن جنديا مجهولا في الأساطيل البحرية وتشارك في حروب لا تهمها في شيء، هذا الحيوان الطيب الذي كان يتطوع لانقاذ الغرقى فيحملهم على ظهره حوله الانسان الى جاسوس وانتحاري يقوم بمهام من نوع خاص وبأقل التكاليف.
يعتبر العالم الأمريكي جرين وود مدير معمل أبحاث البحار أول من وضع خطط تحويل الدلافين الى كتائب مقاتلة ليتم توظيفها فيما بعد في العديد من المهام العسكرية مثل كشف قواعد وتحركات الغواصات الروسية أثناء الحرب الباردة، تأمين وحراسة القواعد البحرية، استشعار الضفادع البشرية الفيتنامية، البحث عن الألغام والطوربيدات والصواريخ التي لم تنفجر. ومن أشهر المهام التي نفذها «الجنرال» دلفين حين سقط خلال التدريبات من احدى الطائرات الأمريكية العملاقة في نهاية السبعينات صاروخا يحمل رأسا نوويا قبالة سواحل بورت ريكو ونجح أحد الدلافين في العثور عليه، وأشهر جندي في صفوف الدلافين الأمريكية هو «توفي» الذي لعب دور البوسجي الأمين وكان يقوم بنقل الطرود والرسائل الى الغواصات على عمق 70 مترا في حقيبة جلدية لاينفد اليها الماء.
يشير ريتشارد وست عالم المحيطات في البحرية الأمريكية الى دور الدلافين قائلا: ان أحد التحديات الرئيسية هو تحري موضع الالغام البحرية خصوصا تلك المدفونة في الرمال، ولمواجهة هذا التهديد، يعول البحارة على الخرائط التي يتم وضعها حاليا لأعماق البحار، وللتحقق من عبوة مشبوهة يمكنهم أيضا ارسال دلافين مدربة خصيصا لهذاالغرض.
والمعروف ان جهاز علم المحيطات في البحرية الأمريكية يحظى بموازنة سنوية تقدر بنحو 420 مليون دولار ويعمل به حوالي 3300 شخص من المدنيين والعسكريين وأسطول من ثمانية سفن لمراقبة المحيطات وتسع مراكز أرضية رئيسية في العالم.
في الخليج
في بداية السبعينات كونت الولايات المتحدة من الدلافين المسالمة والمحبة للانسان فصائل قتالية أشرس من الفك المفترس بعد إحداث تغييرات جذرية في سلوكها وطباعها لاستخدامها في الحرب ضد فيتنام .
وفي أواخر الثمانينات.استخدمت البحرية الأمريكية 6 دلافين مدربة في منطقة الخليج، كي تقوم بمهمة حراسة السفن الأمريكية واعطائها انذارات مبكرة ضد الالغام البحرية والغواصين الأعداء، وفي الوقت نفسه كانت تلك الدلافين المدربة ترافق ناقلات النفط الكويتية لحمايتها ضد الأخطار الكامنة في بعض الممرات المائية.
وأكد جوشن فراي أحد ضباط البحرية الأمريكية إنها تلقت تدريبات مكثفة على كيفية رصد السباحين أو الغواصين والمساعدة في القاء القبض عليهم عن طريق شل حركتهم بواسطة مكابح خاصة وهناك عدد منها ضمن وحدة بحرية تابعة للأسطول الخامس الموجود في الخليج، وتحديدا قبالة السواحل البحرينية. وشاركت الدلافين مع كتائب من كلاب البحر في الحرب الأخيرة على العراق وتتولى تطهير ميناء أم قصر من الألغام البحرية .
في روسيا
يقول الكسندر زانين مدير مركز الدلافين في أوكرانيا ان تدريب الدلافين على ابلاغ معلومات عن وجود العدو يتم بنفس سهولة تدريبهما على رسم صورة أثناء عرض. ويضيف انها شاركت في الحرب العالمية الأولى في مراقبة الغواصات، وعندما كانت تختبىء كانوا يبحثون عنها ويجدونها.. والدلفين يستطيع ان يحمي المكان من تسلل الضفادع البشرية. وبامكانه رصد وجود جسم بشري على مسافة 5 ،1 كيلومتر دون ان يلحظه الغواص ويمكنه الكبس على بدال لتوصيل معلومات عن المكان للقاعدة.
ومن أشهر المهام التي قامت بها الدلافين الروسية حراسة خليج كازاتشاي الاستراتيجي، كما كانت تغوص في المياه الباردة للبحث عن الالغام ومنع تسلل الضفادع البشرية من القوات المعادية في البحر الاسود.
لكن بعد مرور أكثر من عشر سنوات من التقاعد العسكري. وتدمير الأسطول السوفييتي تحولت الدلافين من التقاعد العسكري إلى مهام علاجية وترفيهية للأطفال، وتحولت القاعدة العسكرية السرية رقم 99727 المحاطة بالسفن الضخمة التي كانت معزولة عن بقية أوكرانيا الى مركز رائد للعلاج بالدلافين وهو أسلوب مثير للجدل من أنواع العلاج البديل. تتكلف الجلسة العلاجية الواحدة20 دولارا للروس و50 دولارا للأجانب.
ومازال المركز يحمل شارة البحرية فكل المديرين من ضباط البحرية، تقول لوديميلا لوكينا رئيسة علوم البحار «في وقت سابق بحثنا في قدراتها النفسية على مساعدة أسطول البحر الأسود السوفييتي، فكانت مدربة على البحث عن الأشياء الغارقة وحماية مدخل الخليج».
من جانبهم نفى العاملون الروس في المركز ما كان يتردد عن ان الدلافين كانت تستخدم في القتل، ويقولون: ان هذه الكائنات التي تعيش حتى 50 عاما كانت تستخدم في الأساس لتحديد أماكن الالغام المخبأة تحت الماء ولرصد الضفادع البشرية ونقل المعلومات بالاشارات.
وقال الكسندر زانين: انني ضد استخدام الدلافين في الأعمال العسكرية. اذا كان الناس يريدون القتال تحت الماء فيجب ان يقوموا بذلك بأنفسهم. كما تدافع أولجا سميرنوفا عن الدلافين قائلة: «انهم مثل أطفالنا ما كنا لنرسلهم في مهام انتحارية أو شيء من هذا القبيل».
توبة أصحاب الدلافين
يذكر العالم البريطاني جون ليلى في كتابه عقل الدلافين ان هذه الكائنات تتمتع بقواعد سلوكية فريدة تحكم العلاقات بين أفرادها من جهة وبين البشر من جهة أخرى ويشير الى ان حبها الشديد للبشر هو نقطة الضعف التي يستغلها الخبراء لتدريبها سواء على القتال أو في انشطة ترفيهية وعلاجية. ولاشك ان هؤلاء الخبراء قد استفادوا أيضا من قدراتها الطبيعية الخاصة فهي تسمع الأصوات تحت الماء وتحدد مصدرها بدقة متناهية، كما تستطيع الرؤية تحت الماء، حتى عندما تكون الاضاءة خافتة، والغوص الى أعماق تصل الى أكثر من 220 مترا.
وقد حرصت السلطات الأمريكية على اخفاء الهدف من التدريبات التي تجريها للدلافين وروجت انها تدربها للقيام باعمال مدنية لكن حدث ان تمرد جرين وودمدير معمل أبحاث البحار على عمله وارسل خطابا الى الكونجرس والرئيس كارتر يعترف فيه بصدور قرار له لتدريب الدلافين وتحويلها الى كتائب مقاتلة، رافضا الاستمرار في هذا العمل الذي يخرج عن نطاق الأبحاث العلمية السلمية. بالطبع لم توقف الاستقالة جريمة الانسان في تحويل هذا الكائن المسالم الى قاتل .
كما كان سقوط الاتحاد السوفيتي فرصة لاعلان توبة أصحاب الدلافين ولاستثمار الاعداد المدربة في أنشطة سلمية متعددة، تقول لوديميلا لوكينا «قبل عشر سنوات عندما ساءت الأمور كان يتعين علينا البحث عن سبيل للبقاء، فلم يعد أحد بحاجة الينا، وكان يتعين ان نفكر فيما يمكننا عمله لحماية دلافيننا.
«فاخ» «وديانا» دلفينان من البحر الأسود جنديان سابقان ما زالا يعملان الى الآن ويستفاد من عقليهما المدربين تدريبا عاليا للمساعدة في شفاء الأطفال من مشكلات مثل الكوابيس والتبول اللاارادي والشرود الذهني والشلل المخي.
تقول اولجا سميرنوفا ان ديانا التي تتولى رعايتها منذ 24 عاما لم ترسل أبدا في مهام «مشينة» كانت فقط تبحث عن الاشياء الضائعة. وتضيف دياناحيوان جميل كانت تقوم بمهام سلمية. دربت على البحث عن الأشياء والآن تلقت تدريبا خاصا على اللعب مع الأطفال وهي تستمتع بذلك. مشيرة الى نجاح العلاج باللعب مع الدلافين مع الكثيرين ومنهم ستة أطفال من ملجأ أيتام في كييف كانوا يبولون أثناء النوم لكن بعد ثلاث جلسات فقط انتهت هذه المشكلة تماما .
اهتمام عالمي
ومنذ سنوات عدة يتزايد الاهتمام العالمى بتوظيف الدلافين في أنشطة سلمية وترفيهية خاصة مع تراكم الأبحاث التي تستكشف هذا الكائن وأسرار علاقته بالانسان وذكاءه الذي يكاد يضارع الذكاء البشرى، وأكدت التقارير الصادرة عن مركز ميامي للدلافين على التأثير الايجابي للدلفين على الإنسان، حيث تشيرالدراسات العديدة التي قام باجرائها مجموعة من الباحثين في المركز إلى ان الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب وبعض الاضطرابات المتعلقة بالتعلم يمكن ان تتحسن حالتهم عن طريق المعالجة بالدلفين.
وذكر الأطباء العاملون في المركز ان السباحة مع الدلفين تساعد الشخص على التخلص من التوتر والضغوط النفسية التي يعاني منها، وتعزز لديه المشاعرالايجابية، ولهذا سرعان ما يتخلص من الاكتئاب. والمشاعر السلبية التي كانت تنتابه والتي كانت تعكر صفو حياته. فالسباحة مع الدلفين والتعامل مع هذا الكائن الحي تؤدي إلى اثارة الدماغ وافراز الاندروفين «هرمون السعادة» وهي مادة كيماوية مسئولة عن المشاعر الايجابية. اضافة الى قدرة الدلافين على التعامل مع الصغار المنطوين على أنفسهم وتشجيعهم على اللعب .
يقول الدكتور هوراك دوبس مؤسس مجموعة اكسفورد للابحاث المتعلقة بالكائنات البحرية وتأثيرها على الإنسان ان الكائنات البحرية اللطيفة كالدلفين مثلا تعمل على تعزيز المشاعر الايجابية لدى الإنسان وتحقق له الاسترخاء التام والتوازن المطلوب لصحة الجسم.
المصدر http://www.al-jazirah.com/magazine/13052003/ah5.htm
التعديل الأخير بواسطة المشرف: