بسم الله الرحمن الرحيم
هل سيحررنا الأفغان من أمريكا كما حرروا الجمهوريات الإسلامية من السوفييت ؟
هل سيستمع الناتو للأصوات الغربية التي تناديه بالانسحاب ؟!
أم تأخذه العزة بالإثم كما يقول النائب البريطاني " ماثيو باريس" في " التايمز " ؟!
هل وُجه نفس هذا النداء من بعض حكماء روسيا للدب السوفيتي الذي كان يحتل أفغانستان في أواسط الثمانينات الماضية ؟!
ماذا سيحصل بعد رحيل النسر الأمريكي المتوقع ومعه الناتو الغاشم الظالم ؟
هل ستواصل أمريكا الغرق في مستنقع الاستنزاف الأفغاني حتى تخور وتنهار كما حصل للسوفييت ؟!
وهل ستكون الباكستان أول دولة يحررها الأفغان من الهيمنة الأمريكية ، كما حرروا الطاجيك والأوزبك وبقية الجمهوريات الإسلامية الستة من الهيمنة السوفيتية ؟
الأيام حبلى بالمفاجآت ، ومسرح الأحداث الآن يعرض فصولاً متباينة ومتناظرة يقرأها كل لبيب ..
السلام عليكم اخوتي ورحمته وبركاته ،،،
الحمد لله والصلاة والسلام على الرحمة المهداة ، وبعد :
أعرني سمعك هنيهة .. وأرجو أن تكون الصورة تتحرك بمواويلها في عينيك وأنت تقرأ هذه المرة ، لأني سأروي لك أهم حدث في تاريخ أمتنا المعاصر، والمشكلة أننا نؤمن به ونعيشه ولكننا عنه غافلون ..!!!
عليك مني سلام .. يا أرض أفغاني
ففيك طاب المقام .. وطاب جهادي
أهوى عيون العسل ..أهوى سواقيها
أهوى ثلوج الجبل .. والكوكب الهادي
هكذا كان ينشد أحد المجاهدين العرب من أرض الجزيرة وهو يلملم أغراضه عائداً إلى أفغانستان ليقاتل الروس من جديد ، فيدخل صرة زاده من فوهة بندقيته التي تظهر من خلف كتفه ، ميمماً شرقاً صاعداً جبال الهندكوش الضخمة ، منشداً مع نسيم العصاري الأفغانية ، ورائحة الشاي الأفغاني المميز اللذيذ .. مع عودة الحطابين والمزارعين ورعاة الغنم ، ويتابع مجاهدنا المهاجر صعود الجبل منشداً هذه الأنشودة العذبة .. والشمس قد آذنت برحيلٍ خلف الأفق ... هناك .. حيث الغرب العربي حيث ترك أهله ..
أهوى حنين الدوشكا .. و البيئا ميد وزدار
أهوى رنيين الرينوف ... والرشاش العادي
الأفغان ....
يقال بأن التسمية من الفُرس أيام حكم بختنصر ، وقيل أن " أفغان " اسم لحفيد شؤول جد الأفغان .
وبعض القبائل في " قندهار " و" قزن " يسمون أنفسهم ( بشتو ) ، أما سكان" باجور " و" خوست " فيسمون ( بغتو ).
وبشتو : مأخوذ من " باشتان" وهي قرية من قرى نيسابور ، أو مأخوذ من " بشت " وهي اسم مدينة من مدن " خراسان " . راجع كتاب : [ تاريخ أفغانستان قبيل الفتح الإسلامي حتى الوقت الحاضر ، لمؤلفه فاروق حامد بدر ]
أفغانستان بلاد غزاها الإسكندر ، وجنكيز خان الذي عاد إلى كابل بعد أن سمع بانهزام جنوده في باميان ، و غزاها عبد الله تيمور الذي توغل في البلاد الإسلامية وقتل ابن الخليفة العثماني بايزيد ، كل هؤلاء الملوك عانوا كثيراً ، كانوا يواصلون فتح البلدان وعيونهم تنظر إلى الخلف إلى جنودهم الذين تركوهم هناك تتكسر جماجمهم في قندهار و زابل وبكيتا و هلمند و باميان وغيرها من الولايات الأفغانية ..
ثم أتى البريطانيون إلى أفغانستان التي كانت مثل الغصة في حلوقهم ، تمنعهم من التنفس رغم أن الرئة البريطانية كانت بحجم الأرض طولاً وعرضا ، بريطانيا الدولة العظمى التي لا تغيب عنها الشمس ، كانت تتجرع آلام الهزائم في أفغانستان ، وقد دخلتها أصلاً بحجة أن بقاء أفغانستان قوية خطر يهدد نفوذها في الهند ، ووقعت معركة " بروان " سنة 1840م _ يعجبني الاسم لأنه يشبه اسم رئيس وزراء بريطانيا الحالي _ وبقيادة " شاه شجاع " هُزمت الدولة العظمى أمام الأفغان ومُرغ أنفها في سهول قندهار وكابل وزابل... وتولى " دوست محمد " الحكم بعد رحيل الإنجليز حتى توفي عن عمر يناهز التسعين .
الاجتياح الروسي :ـ
كان بداية التدخل الروسي في أفغانستان عام 1953م عندما طلب " شاه محمود" من الإتحاد السوفيتي مساعدات اقتصادية وعسكرية ، ثم صدرت أول صحيفة يسارية في أفغانستان عام 1966م أصدرها " نور محمد تراقي " رئيس منظمة " خلق " بسبب اعتناقه الفكر اليساري ، الرجل كان عميلاً مؤدلجاً للفكر الروسي ، ثم بعد ذلك بـ13 سنة غزا الروس أفغانستان وذلك في عام 1978م من أجل الصداقة والسلام ومساعدة الأصدقاء ( الرفاق ) وتخليصهم من الإرهابيين المتمردين الإسلاميين الرجعيين ، وقد قتل الروس وعملاءهم أكثر من800 ألف أفغاني من عام 1978 إلى عام 1989م من أجل نشر السلام والتقدم والصداقة والمساواة والكرامة ..!!!
و كان الدب الروسي الشيوعي الملحد قد ابتلع قبل أفغانستان ستة جمهوريات إسلامية ، لينشر فيها الحضارة والتقدم والصداقة والمساواة بقتل أكثر من ستة ملايين مسلم من أحفاد البخاري ومسلم و الترمذي .. قتل الملايين منهم في كل من " كازاخستان " و " تركستان " و " أوزبكستان " و " طاجستان " ، و " كيرغيزتان " ، و " أذربيجان " .... بحجة نشر التقدم و الحضارة والكرامة وقد حصلت هذه الدول على الحضارة و المساواة والتحرر والكرامة الحقيقية ، لكن بعد أن جندل الأفغان جنود الروس واستنزفوهم وهزموهم هزيمةً نكراء .. وبعد تم تفكيك الدب الروسي بعون من الله جلّ جلاله ..!!
وكان العالم كله ينظر إلى ترنح هذا الدب الروسي أمام ضربات المجاهدين الأبطال ، وبدأ الإتحاد السوفيتي ينهار في الحلبة الأفغانية وتخور قواه على يد رجال عقيدة التوحيد الأبطال الذين كانوا يقاتلون وينظرون إلى عجائب نصر الله لمن ينصره ، ونصر الله للمظلومين المنكوبين الذين لا يقبلون بأنصاف الحلول التنازلية ، بل يحاربون حرب طويلة المدى ، وسيلتهم الوحيدة في القتال هي " الصبر "، الصبر على ( طاعة الله ) وهي هنا " الجهاد " ، والصبر عن ( معصية الله ) وهي هنا " النفاق " ، والصبر على ( أقدار الله ) وهي هنا ما يحصل في الحروب من قتلٍ وأسرٍ و جراح ...!
قال موقع ( الأمارة الإسلامية ) التابع لطالبان قبل أيام ، وهو الموقع الذي أغلقه الأمريكان عشرات المرات قال : " هزيمة المجاهدين طرح خيالي ، المجاهدون بحسب تخطيطهم الطويل المدى، سيهزمون بشكل تدريجي ، وبصبر ، كل القوات المحتلة وعملاءها ، وسيلحقون بالعدو هزيمة نكراء كأسلافه ..."
وأنا أقرأ لهم تذكرت قول المولى عز وجل ( قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } ( البقرة 250 )
وقوله تعالى : ( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } ( آل عمران 120 ) .
وقوله تعالى : ( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) } ( آل عمران ) .
وقال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) } ( الأنفال ) .
التاريخ يعيد نفسه : ـ
قالت صحيفة " صنداي تايمز البريطانية " : الحرب السوفيتية الأفغانية تعتبر اليوم حرباً منسية ، وعدد قليل من الخبراء الاستراتيجيين بدأوا يفكرون بما يمكن تعلمه منها ، فتلك الحرب مثل اليوم ، وكانت تتميز بحدوث المنازعات بين العسكر والسياسيين كما كشفته حديثاً الوثائق الروسية "
وألمحت الصحيفة إلى وجود تقارير تتحدث عن فتنة حدثت بين كبار السياسيين الروس وبين القادة العسكريين أثناء الحرب الأفغانية.
وأنظر لقول الصحيفة " وتلك الحرب مثل اليوم " راجع الصنداي تايمز 19 يوليو 2009م .
قال تعالى : ( اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا } ( فاطر43_44 )
الناتو يحارب كالسوفييت لنشر الحرية والحضارة والمساواة والكرامة ؟! :ـ
وذلك بقتل وجرح وأسر وتشريد أهل البلد المحتل ، وقد جرّب هذا الغريب الغربي الأجنبي الغازي كل أنواع التكتيكات الحربية المعاصرة ، واستعان بكل العقول البشرية ، من عرب وعجم وشرق آسيويين وأوربيين وأفارقة ، جاب العالم كله يأتي بالخطط والأفكار الحربية المباشرة والغير مباشرة دون جدوى ، امتطى أصنافاً مختلفة من حمير النفاق دون جدوى ، وكان آخر ما أتى به من محاولات هي محاولته تطبيق فكرة " صحوات العراق " ، وتم نقل وترقية صاحب الفكرة "الجنرال باتريوس " قائد القيادة المركزية الوسطى ليقوم بتنفيذ نفس الفكرة في أفغانستان وأطلق على المشروع التدجيني هذا اسم [ برنامج حماية الشعب الأفغاني ] ، لكنها فكرة ماتت في مهدها في إقليم " ورداك " ، وأخذ المفكرون الغرب يتساءلون عن أسباب عدم نجاح صحوات أفغانستان كما نجحت صحوات العراق ..
هناك عدة أسباب أدت إلى عدم نجاح خطة الصحوات ، خطة " تأجير المنافقين أصحاب الدرك الأسفل" هذه ، ومن أهم هذه الأسباب :
1 ـ أن العقيدة الإسلامية لدى البشتو أقوى منها لدى الأنبار .
2 ـ أن هناك ضبابية لمعرفة الحق لدى الأنبار ، أما لدى الأفغان فالحق واضح ، لقد بلغنا أن أطفال الجنود العملاء ، وأطفال موظفي الحكومة العميلة المنافقة يأتيهم آباءهم بالمأكولات و الملابس الجميلة ورغم ذلك ينظرون إلى آبائهم نظرة ازدراء واحتقار ، وفي الوقت نفسه ينظرون إلى أسود الأمارة نظرة إكبار وإعجاب .. حتى جعلوهم القدوة العظمى ، هؤلاء الأطفال دون العاشرة والذين ولدوا قبيل وبعد غزوتي نيويورك وواشنطن المباركتين يعلمون فطرياً أن هؤلاء غزاة أجانب ،، وهؤلاء منافقين مطايا ،، وأولئك أبطال مجاهدين شجعان ..
3 ـ هناك سبب مهم أيضاً لعدم نجاح الصحوات الأفغانية ، وهو يتعلق بالطبيعة القروية القبلية ، فقبائل البشتو والبغتو السنية العريقة تعتبر هذا الذي ينظم إلى الصحوات في أحط المنازل الوضيعة اجتماعيا ، وهي كمنزلة " الصَلَب أو النَور" عند العرب حيث يصبح هو وأهله بلا شرف ولا كرامة وليس له أهلية الستر الاجتماعي ، بل يكون مُشرّع البيت والعرض والعياذ بالله ، لذلك فإن أبناء عمومته البشتو يسارعون إما بالتبرؤ منه أو نفيه أو قتله حفاظاً على سمعة القبيلة ..
هذه في رأيي من أهم أسباب عدم نجاح فكرة " الصحوات " في أفغانستان ، لكن أنى لهذه الدول الغربية العاهرة التي تشرعن البغاء أن تفهم ذلك ؟!!
في الباكستان ...الهدف الأمريكي المعلن هو التقسيم ، لكن ما أثر ذلك على ما يحدث في أفغانستان :
على غرار ما فعلته بريطانيا عام 1862م عندما احتلت الهند وقضت على الأسرة " التيمورية " المسلمة التي كان آخر ملوكها " بابرشاه التيموري " الذي نفته بريطانيا إلى " بورما " حيث قضى نحبه في المنفى هناك ، وسلّمت السلطة إلى الهندوس لتقضي على الحكم الإسلامي للهند الذي امتد لثمانمائة سنة ، ولكي تقلل من عدد المسلمين في الهند قامت بتقطيع تلك المملكة الهندية المسلمة إلى الهند وباكستان وبنغلاديش وفيما بعد كشمير ... و واضح أن كل أهداف الكفار كانت ضد الإسلام من البريطانيين إلى الروس إلى الناتو ..
الآن يريد الأمريكان تقسيم الباكستان بنفس الطريقة ، وهذا أمر معلن وليس بجديد ، حيث ورد ذكر ذلك التقسيم في خريطة " حدود الدم " التي تقسم عدداً من الدول أبرزها السعودية والسودان وباكستان ... والمقاطعة أو الولاية العميلة لأمريكا في باكستان في تلك الخطة _ الخريطة _ اسمها " جمهورية بلوشستان الحرة " العلمانية العميلة التي يراد لها أن تسيطر على القنبلة الذرية ، وبذلك ينجح الغرب الكافر منع المسلمين من " القنبلة الذرية الإسلامية " ، وهذا أمر معلن كما قلنا ، ويصب في مصلحة الأمريكان والهنود والإيرانيين ، ولكنه ليس في صالح الصين ولا الباكستانيين الوطنيين ..
ولذلك أتى الأمريكان بالعميل الرافضي اللص الأزعر رئيس العصابة " زرداري " الذي يُذكرنا بأحد قطاع الطرق في أفغانستان الطاجيكي " باتشه سقا " الذي قفز للسلطة في كابل عام 1929م ، بعد قتل الإنجليز للملك الأفغاني " أمان الله " ودخل قاطع الطرق " باتشه سقا " وعصابته إلى كابل في يناير 1929م ولقب نفسه بـ " حبيب الله غازي " وعاونه في ذلك الوقت حاكم الاتحاد السوفيتي "ستالين ".
وحكم "باتشه سقا " أفغانستان لمدة تسعة أشهر ، مارس خلالها هو وعصابته كل ما تمارسه العصابات وقطاع الطرق من سرقة ونهب وقتل وكل أنواع الظلم .. ومثل أولئك ممن لا شرف عندهم ، ولا عقيدة ، ولا أي وازع من دين ، من السهل أن يقوموا بالبيع لمن يدفع . بيع أي شيء حتى لو كان الدين والوطن والزوجة والأولاد ..
لكن هناك وطنيون شرفاء لا يعجبهم ما يحدث ، وهؤلاء من الممكن أن يُطيحوا بزرداري المجرم في أي وقت ، وربما يكون هؤلاء الشرفاء يدعمون " وزيرستان " و مصيفهم الجميل الرائع " وادي سوات " ، ولن يرضى الشرفاء بخطة التجزئة والتقسيم هذه التي يقوم بها الغرب مع الهند وإيران ، ولذلك فلربما دعموا مجاهدي " وادي سوات " ، رغم أن الخطة _ خريطة حدود الدم _غبية ، فهي ضمت الجزء الشمالي الغربي من باكستان إلى أفغانستان على اعتبار أن أفغانستان سوف لن يكون فيها أي أمارة إسلامية بل " منافقين كرزايات " ، وكأنهم حسموا معركتهم مع طالبان صاحبة الحكم الشرعي قبل قدوم الغازي المحتل وعملاءه ..
و الهيمنة الغربية على باكستان وغيرها من دول الخليج والعرب تذكرنا بهيمنة الإتحاد السوفيتي على الجمهوريات الإسلامية في شمال أفغانستان والتي حررها الأفغان وأطاحوا بالشيوعية ، فهل يحررنا أخواننا الأفغان بدءً من باكستاننا ؟
المشهد نفسه يكاد يتكرر الآن ، ولكن بتغير بسيط جداً لا يكاد يذكر ، وهو أن " البوصلة " تغير مؤشرها من الشمال إلى الجنوب .. هذا كل ما في الأمر !!
وهذه ليست المرة الأولى التي يعود فيها الإسلام قوياً بغير يد العرب أجدادي ، فالإسلام عندما تخلى عنه أهله قيض الله له من هم أحق به ليعيدوه من جديد نوراً يتلألأ ، ومجداً يصعد ، ليظهره الله على الدين كله ولو كره الكافرون ، فهذا البخاري ومسلم والترمذي ، وهذا محمود زنكي ، وهذا صلاح الدين الأيوبي ، وهذا الظاهر بيبرس ، وهذا محمد الفاتح العثماني ، وهذا أبو حنيفة النعمان "الأفغاني" .. ، واليوم نقول هاهم طالبان ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه : ** وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } ( سورة محمد _38 )
معركة نهر هلمند مع الناتو تذكرنا بمعركة خوست مع السوفييت :ـ
في الثمانينات من القرن الماضي كان الإتحاد السوفيتي يتبجح بقوته كما يفعل الأمريكان اليوم ، كان الدب الروسي يُذل الناتو نفسه الذي أتى بالكاوبوي "رونالد ريجان" ليغسل الإذلال الذي لحق بسلفه الرئيس السابق من قِـبل الرئيس السوفيتي " بريجينيف " ، كان بعض المهزومين داخلياً أصحاب الإيمان الضعيف قد افتتنوا وهم يشاهدون القوة الإلحادية التي لا تؤمن بوجود الرب تستعرض قوتها أمام العالم وتذل أمريكا ، ولم يكن أمام دول العالم إلا الشجب والاستنكار ، لا ... آسف لقد قاطعوا " أولمبياد موسكو " وهذا كان أقصى ما يمكنهم فعله ، لكن السوفييت مضوا بإقامة أولمبيادهم ، وشوهد علم أفغانستان عبر شاشات التلفاز وهو يُحمل من قبل أحد اللاعبين في مضمار ملعب موسكو الأولمبي من بين أعلام الدول المشاركة .. إعلاناً عن مشاركة الدولة المعنية في الأولمبياد، تحقيقاً لما ينشره السوفييت من سلام واستقلال وتقدم وتعاون مثمر ومساواة في أفغانستان !
وفي الوقت نفسه كانت قاعدة " باغرام " تمتلئ بطائرات الميج 21، وأخذ أكثر من 85 ألف جندي سوفيتي يبنون ثكناتهم المحصنة داخل المناطق السهلة في أفغانستان كالطرق المعبدة ، مثل طريق كابل _ غزنة ، وقندهار _ هرات .. ولم تستطع هذه القوة الضخمة المتبجحة من الوصول للمناطق الصعبة مثل " باكيتا " و " بدخشان " ثم " هزار جاي " و " بانجشير " و " كوهستان " و" كونار" ، بل إن المجاهدين كانوا يتوغلون إلى داخل كابل حتى قتلوا أخو العميل المنافق " كارميل " ..
وفي نوفمبر من عام 1987م دعا السوفييت العالم لمشاهدة قوته العسكرية التي سيبسطها في معركته في كل من " خوست " ومعركة " هيل " ليفتح الطريق بين " قارديز و خوست " ليفك الحصار عن جنوده ، كان الدب الروسي قد بلغ من الاستكبار في الأرض مبلغه ، ولكن المجاهدين أذاقوه وجنوده أنواعاً من الهزائم وصل لكسر الجماجم الروسية المتبجحة الظالمة ، وتفتيت عظامها على يد القائد " جلال الدين حقاني" ورجاله الذين كانوا يقاتلون ولم يكن معهم سلاح سوى ( الصبر ) بأنواعه الثلاثة كما أسلفنا ..
وما هي إلا سنتين إلا وأخذت القوات الغاشمة اليسارية الملحدة تجر أذيال الهزيمة ، واستجاب الله لدعاء المجاهدين في الصف عندما كانوا يدعون ربهم بأن يُخرج السوفيتي مشياً على الأقدام ، ففي عام 1989م شاهد العالم كله الأفواج الـ 345 السوفيتية تغادر أفغانستان عبر " جسر الصداقة " على نهر " " أموديا " مشياً على الأقدام .. وبعضهم حفاة وبدون البزة العسكرية..!!
وفي نفس اليوم 15 فبراير 1989م كان آخر رئيس للسوفييت " غورباتشوف " يخطب في " الكرملين " قائلاً : إن 15000 ألف من ( الرفاق ) ذهبت أرواحهم سدى في أفغانستان !!
و بعد عشرين سنة من ذلك ، وفي هذا الصيف عام 2009م الذي كان حاراً جداً على الناتو ، بل مُحرقاً بنارٍ متأججة نزلت كحمم البراكين على جنود أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا .. الخ !!
وقبل أيام ... قبل معركة " هلمند " ، كان الإعلام المنافق يطبل كثيراً لمعركة " الخنجر " في هلمند ، وكانت العبرية والجزيرة .. بل كلما تفتح على أي إعلام منافق عميل تجد كلاماً عن عملية " الخنجر " المرتقبة ، و التي سيباد فيها _ الإرهابيون المتمردون _ على يد الناتو الذي جاء ليحقق الحرية والمساواة والكرامة... إلى آخر الكلام الفارغ الذي يتسبب دائماً بقتل ملايين الأبرياء ، ضحايا حرية الغرب ومساواته المزعومة ..
الإعلام العميل رسالته دائماً غسل أدمغة الشعوب وتدجينهم عملاً بالمثل العربي ( نصف الحرب هيلمة ) والهيلمة تعني الدعاية والإشاعة لتحطيم معنويات العدو ، والعرب أصحاب المثل منذ أربعين سنة لم يستطيعوا تحرير ( قدسهم ) من بضعة أفراد .. من عصابات الهاجانا !!
تطبيل إعلامي نفاقي بلغ الأفق لمعركة " الخنجر " المنتظرة واستعراض للقوة لا يقل عن التبجح الروسي سالف الذكر ، وفي الغرب كانوا يتحدثون عن منطقة تدريب مسبقة " بناء هلمند تقليدي " كلّف البريطانيين 23 مليون دولار .. !
وأجريت المناورات في هلمند التقليدية , وأتى التطبيق العملي .... ليخيم بعد المعركة صمت القبور على الإعلام المنافق ، وأخذت الأخبار تنقل المشاهدين والقراء إلى أحداث أخرى في إيران و موريتانيا والصومال والسودان ، لكن الناس لم يبرد لهفهم لمعرفة ماذا حصل لإخوانهم المجاهدين في هلمند ؟! هل أبادتهم القوى الطاغية المتبجحة ؟!
لتأتي الأخبار السارة والمفاجئة التي لم يكن يتوقعها البعض ، بينما كان البعض الآخر مؤمن بتحققها وينتظرها بشغف .. وتأتي البشائر ... قالوا : بشراكم لقد تم تفتيت عظام الناتو وإحراقه بحمم المجاهدين ، وما هي إلا أيام إلا والعدو يقرّ بخسائره الفادحة ... فهذه أمريكا قاتلة الملايين تتباكى عند طالبان لاحترام حقوق الإنسان مع الأسرى ، وهذه ألمانيا وإيطاليا تندب حظها لأن جنودها أصبحوا كالخرفان المشوية للأمريكان في الحرب ، وهذه الصحف البريطانية تندب حظها بنفوق جنودها وضباطها !
والحديث عن طائرات تُسقط ، و مدرعات تتفتت ، و ناقلات جند تختفي ..
ويعترف النائب البريطاني السابق " ماثيو باريس " بالخسارة في مقالة نشرتها " التايمز" الذائعة الصيت بعنوان : [ الانتصار في حرب أفغانستان مستحيل ]
وهذا المقال لهذا النائب هو أشبه بـ " النعي " للجنرال " روبرت ثورينو" قائد الكتيبة البريطانية الأولى لقوات الحرس الخاص ، والذي سُحق في مدرعته مع مساعديه في معركة " هلمند العملية " وليست " هلمند التقليدية" ... ذات الـ 23 مليون دولار ..!
وقال النائب " ماثيو باريس" في مقالته " التأبينية " هذه : [ هذا أرفع ضابط بريطاني يُقتل منذ حرب فوكلاند في ثمانينات القرن الماضي ]
... وهاهو التاريخ يعيد نفسه من جديد ، وها نحن نشاهد النسر الغربي يترنح كما ترنح الدب الروسي من قبل في الحلبة الأفغانية ... ومع بزوغ كل فجر جديد تُُغير الأُسد على طرائدها الشقراء ذات العيون الزرقاء ، وعملاءهم الحمير كما أسمتهم " دانا رورا باتشر " النائبة الأمريكية في مقالة لها في " الواشنطن تايمز " بعنوان [ خطة بديلة في أفغانستان ] حيث أطلقت على المنافقين لقب " حميرنا " !!
إذاً لماذا يغضب المنافقون من هذا اللقب وقد أطلقه عليهم سادتهم ؟! أليس الواجب عليهم أن يطيعوهم في كل شيء ؟! وهل هم أصلاً يملكون أنفسهم وعقولهم أمام سادتهم ؟!
لقد كان مصير المنافقين عملاء السوفييت في الجمهوريات الإسلامية الستة وخيماً جداً حيث غيبهم التاريخ ، فمنهم من قتل ، ومنهم من فرّ ، ومنهم من لجأ إلى موسكو التي استنفذت ما لديه من مال ثم طردته، ومنهم من حوكم وسُجن .. والأيام دول ، وهذا المصير المحتوم يقترب منك يا " زرداري" الأزعر ، أنت و " كرزاياتك " ..!!!
وغداً بإذن الله يفرح المؤمنون بنصر الله ، ويسجدون سجود الشكر له سبحانه أن خلّصهم من أمريكا و شراذمها المقرفين .. ويرددون بفرح ..
عليك منا سلام .. يا أرض أفغاني
ففيك طاب ( المقال ) ... وطاب جهادي
نرجو من الرحمن .. يجمعنا وإياكم
في جنة الفردوس ... هي خير مثواكم
اللهم انصر المجاهدين واشف صدور قوم مؤمنين . اللهم آمين .
وكتبه الفقير لعفو ربه : فليت بن قنه في النصف من شعبان 1430هـ
هل سيحررنا الأفغان من أمريكا كما حرروا الجمهوريات الإسلامية من السوفييت ؟
هل سيستمع الناتو للأصوات الغربية التي تناديه بالانسحاب ؟!
أم تأخذه العزة بالإثم كما يقول النائب البريطاني " ماثيو باريس" في " التايمز " ؟!
هل وُجه نفس هذا النداء من بعض حكماء روسيا للدب السوفيتي الذي كان يحتل أفغانستان في أواسط الثمانينات الماضية ؟!
ماذا سيحصل بعد رحيل النسر الأمريكي المتوقع ومعه الناتو الغاشم الظالم ؟
هل ستواصل أمريكا الغرق في مستنقع الاستنزاف الأفغاني حتى تخور وتنهار كما حصل للسوفييت ؟!
وهل ستكون الباكستان أول دولة يحررها الأفغان من الهيمنة الأمريكية ، كما حرروا الطاجيك والأوزبك وبقية الجمهوريات الإسلامية الستة من الهيمنة السوفيتية ؟
الأيام حبلى بالمفاجآت ، ومسرح الأحداث الآن يعرض فصولاً متباينة ومتناظرة يقرأها كل لبيب ..
السلام عليكم اخوتي ورحمته وبركاته ،،،
الحمد لله والصلاة والسلام على الرحمة المهداة ، وبعد :
أعرني سمعك هنيهة .. وأرجو أن تكون الصورة تتحرك بمواويلها في عينيك وأنت تقرأ هذه المرة ، لأني سأروي لك أهم حدث في تاريخ أمتنا المعاصر، والمشكلة أننا نؤمن به ونعيشه ولكننا عنه غافلون ..!!!
عليك مني سلام .. يا أرض أفغاني
ففيك طاب المقام .. وطاب جهادي
أهوى عيون العسل ..أهوى سواقيها
أهوى ثلوج الجبل .. والكوكب الهادي
هكذا كان ينشد أحد المجاهدين العرب من أرض الجزيرة وهو يلملم أغراضه عائداً إلى أفغانستان ليقاتل الروس من جديد ، فيدخل صرة زاده من فوهة بندقيته التي تظهر من خلف كتفه ، ميمماً شرقاً صاعداً جبال الهندكوش الضخمة ، منشداً مع نسيم العصاري الأفغانية ، ورائحة الشاي الأفغاني المميز اللذيذ .. مع عودة الحطابين والمزارعين ورعاة الغنم ، ويتابع مجاهدنا المهاجر صعود الجبل منشداً هذه الأنشودة العذبة .. والشمس قد آذنت برحيلٍ خلف الأفق ... هناك .. حيث الغرب العربي حيث ترك أهله ..
أهوى حنين الدوشكا .. و البيئا ميد وزدار
أهوى رنيين الرينوف ... والرشاش العادي
الأفغان ....
يقال بأن التسمية من الفُرس أيام حكم بختنصر ، وقيل أن " أفغان " اسم لحفيد شؤول جد الأفغان .
وبعض القبائل في " قندهار " و" قزن " يسمون أنفسهم ( بشتو ) ، أما سكان" باجور " و" خوست " فيسمون ( بغتو ).
وبشتو : مأخوذ من " باشتان" وهي قرية من قرى نيسابور ، أو مأخوذ من " بشت " وهي اسم مدينة من مدن " خراسان " . راجع كتاب : [ تاريخ أفغانستان قبيل الفتح الإسلامي حتى الوقت الحاضر ، لمؤلفه فاروق حامد بدر ]
أفغانستان بلاد غزاها الإسكندر ، وجنكيز خان الذي عاد إلى كابل بعد أن سمع بانهزام جنوده في باميان ، و غزاها عبد الله تيمور الذي توغل في البلاد الإسلامية وقتل ابن الخليفة العثماني بايزيد ، كل هؤلاء الملوك عانوا كثيراً ، كانوا يواصلون فتح البلدان وعيونهم تنظر إلى الخلف إلى جنودهم الذين تركوهم هناك تتكسر جماجمهم في قندهار و زابل وبكيتا و هلمند و باميان وغيرها من الولايات الأفغانية ..
ثم أتى البريطانيون إلى أفغانستان التي كانت مثل الغصة في حلوقهم ، تمنعهم من التنفس رغم أن الرئة البريطانية كانت بحجم الأرض طولاً وعرضا ، بريطانيا الدولة العظمى التي لا تغيب عنها الشمس ، كانت تتجرع آلام الهزائم في أفغانستان ، وقد دخلتها أصلاً بحجة أن بقاء أفغانستان قوية خطر يهدد نفوذها في الهند ، ووقعت معركة " بروان " سنة 1840م _ يعجبني الاسم لأنه يشبه اسم رئيس وزراء بريطانيا الحالي _ وبقيادة " شاه شجاع " هُزمت الدولة العظمى أمام الأفغان ومُرغ أنفها في سهول قندهار وكابل وزابل... وتولى " دوست محمد " الحكم بعد رحيل الإنجليز حتى توفي عن عمر يناهز التسعين .
الاجتياح الروسي :ـ
كان بداية التدخل الروسي في أفغانستان عام 1953م عندما طلب " شاه محمود" من الإتحاد السوفيتي مساعدات اقتصادية وعسكرية ، ثم صدرت أول صحيفة يسارية في أفغانستان عام 1966م أصدرها " نور محمد تراقي " رئيس منظمة " خلق " بسبب اعتناقه الفكر اليساري ، الرجل كان عميلاً مؤدلجاً للفكر الروسي ، ثم بعد ذلك بـ13 سنة غزا الروس أفغانستان وذلك في عام 1978م من أجل الصداقة والسلام ومساعدة الأصدقاء ( الرفاق ) وتخليصهم من الإرهابيين المتمردين الإسلاميين الرجعيين ، وقد قتل الروس وعملاءهم أكثر من800 ألف أفغاني من عام 1978 إلى عام 1989م من أجل نشر السلام والتقدم والصداقة والمساواة والكرامة ..!!!
و كان الدب الروسي الشيوعي الملحد قد ابتلع قبل أفغانستان ستة جمهوريات إسلامية ، لينشر فيها الحضارة والتقدم والصداقة والمساواة بقتل أكثر من ستة ملايين مسلم من أحفاد البخاري ومسلم و الترمذي .. قتل الملايين منهم في كل من " كازاخستان " و " تركستان " و " أوزبكستان " و " طاجستان " ، و " كيرغيزتان " ، و " أذربيجان " .... بحجة نشر التقدم و الحضارة والكرامة وقد حصلت هذه الدول على الحضارة و المساواة والتحرر والكرامة الحقيقية ، لكن بعد أن جندل الأفغان جنود الروس واستنزفوهم وهزموهم هزيمةً نكراء .. وبعد تم تفكيك الدب الروسي بعون من الله جلّ جلاله ..!!
وكان العالم كله ينظر إلى ترنح هذا الدب الروسي أمام ضربات المجاهدين الأبطال ، وبدأ الإتحاد السوفيتي ينهار في الحلبة الأفغانية وتخور قواه على يد رجال عقيدة التوحيد الأبطال الذين كانوا يقاتلون وينظرون إلى عجائب نصر الله لمن ينصره ، ونصر الله للمظلومين المنكوبين الذين لا يقبلون بأنصاف الحلول التنازلية ، بل يحاربون حرب طويلة المدى ، وسيلتهم الوحيدة في القتال هي " الصبر "، الصبر على ( طاعة الله ) وهي هنا " الجهاد " ، والصبر عن ( معصية الله ) وهي هنا " النفاق " ، والصبر على ( أقدار الله ) وهي هنا ما يحصل في الحروب من قتلٍ وأسرٍ و جراح ...!
قال موقع ( الأمارة الإسلامية ) التابع لطالبان قبل أيام ، وهو الموقع الذي أغلقه الأمريكان عشرات المرات قال : " هزيمة المجاهدين طرح خيالي ، المجاهدون بحسب تخطيطهم الطويل المدى، سيهزمون بشكل تدريجي ، وبصبر ، كل القوات المحتلة وعملاءها ، وسيلحقون بالعدو هزيمة نكراء كأسلافه ..."
وأنا أقرأ لهم تذكرت قول المولى عز وجل ( قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } ( البقرة 250 )
وقوله تعالى : ( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } ( آل عمران 120 ) .
وقوله تعالى : ( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) } ( آل عمران ) .
وقال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) } ( الأنفال ) .
التاريخ يعيد نفسه : ـ
قالت صحيفة " صنداي تايمز البريطانية " : الحرب السوفيتية الأفغانية تعتبر اليوم حرباً منسية ، وعدد قليل من الخبراء الاستراتيجيين بدأوا يفكرون بما يمكن تعلمه منها ، فتلك الحرب مثل اليوم ، وكانت تتميز بحدوث المنازعات بين العسكر والسياسيين كما كشفته حديثاً الوثائق الروسية "
وألمحت الصحيفة إلى وجود تقارير تتحدث عن فتنة حدثت بين كبار السياسيين الروس وبين القادة العسكريين أثناء الحرب الأفغانية.
وأنظر لقول الصحيفة " وتلك الحرب مثل اليوم " راجع الصنداي تايمز 19 يوليو 2009م .
قال تعالى : ( اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا } ( فاطر43_44 )
الناتو يحارب كالسوفييت لنشر الحرية والحضارة والمساواة والكرامة ؟! :ـ
وذلك بقتل وجرح وأسر وتشريد أهل البلد المحتل ، وقد جرّب هذا الغريب الغربي الأجنبي الغازي كل أنواع التكتيكات الحربية المعاصرة ، واستعان بكل العقول البشرية ، من عرب وعجم وشرق آسيويين وأوربيين وأفارقة ، جاب العالم كله يأتي بالخطط والأفكار الحربية المباشرة والغير مباشرة دون جدوى ، امتطى أصنافاً مختلفة من حمير النفاق دون جدوى ، وكان آخر ما أتى به من محاولات هي محاولته تطبيق فكرة " صحوات العراق " ، وتم نقل وترقية صاحب الفكرة "الجنرال باتريوس " قائد القيادة المركزية الوسطى ليقوم بتنفيذ نفس الفكرة في أفغانستان وأطلق على المشروع التدجيني هذا اسم [ برنامج حماية الشعب الأفغاني ] ، لكنها فكرة ماتت في مهدها في إقليم " ورداك " ، وأخذ المفكرون الغرب يتساءلون عن أسباب عدم نجاح صحوات أفغانستان كما نجحت صحوات العراق ..
هناك عدة أسباب أدت إلى عدم نجاح خطة الصحوات ، خطة " تأجير المنافقين أصحاب الدرك الأسفل" هذه ، ومن أهم هذه الأسباب :
1 ـ أن العقيدة الإسلامية لدى البشتو أقوى منها لدى الأنبار .
2 ـ أن هناك ضبابية لمعرفة الحق لدى الأنبار ، أما لدى الأفغان فالحق واضح ، لقد بلغنا أن أطفال الجنود العملاء ، وأطفال موظفي الحكومة العميلة المنافقة يأتيهم آباءهم بالمأكولات و الملابس الجميلة ورغم ذلك ينظرون إلى آبائهم نظرة ازدراء واحتقار ، وفي الوقت نفسه ينظرون إلى أسود الأمارة نظرة إكبار وإعجاب .. حتى جعلوهم القدوة العظمى ، هؤلاء الأطفال دون العاشرة والذين ولدوا قبيل وبعد غزوتي نيويورك وواشنطن المباركتين يعلمون فطرياً أن هؤلاء غزاة أجانب ،، وهؤلاء منافقين مطايا ،، وأولئك أبطال مجاهدين شجعان ..
3 ـ هناك سبب مهم أيضاً لعدم نجاح الصحوات الأفغانية ، وهو يتعلق بالطبيعة القروية القبلية ، فقبائل البشتو والبغتو السنية العريقة تعتبر هذا الذي ينظم إلى الصحوات في أحط المنازل الوضيعة اجتماعيا ، وهي كمنزلة " الصَلَب أو النَور" عند العرب حيث يصبح هو وأهله بلا شرف ولا كرامة وليس له أهلية الستر الاجتماعي ، بل يكون مُشرّع البيت والعرض والعياذ بالله ، لذلك فإن أبناء عمومته البشتو يسارعون إما بالتبرؤ منه أو نفيه أو قتله حفاظاً على سمعة القبيلة ..
هذه في رأيي من أهم أسباب عدم نجاح فكرة " الصحوات " في أفغانستان ، لكن أنى لهذه الدول الغربية العاهرة التي تشرعن البغاء أن تفهم ذلك ؟!!
في الباكستان ...الهدف الأمريكي المعلن هو التقسيم ، لكن ما أثر ذلك على ما يحدث في أفغانستان :
على غرار ما فعلته بريطانيا عام 1862م عندما احتلت الهند وقضت على الأسرة " التيمورية " المسلمة التي كان آخر ملوكها " بابرشاه التيموري " الذي نفته بريطانيا إلى " بورما " حيث قضى نحبه في المنفى هناك ، وسلّمت السلطة إلى الهندوس لتقضي على الحكم الإسلامي للهند الذي امتد لثمانمائة سنة ، ولكي تقلل من عدد المسلمين في الهند قامت بتقطيع تلك المملكة الهندية المسلمة إلى الهند وباكستان وبنغلاديش وفيما بعد كشمير ... و واضح أن كل أهداف الكفار كانت ضد الإسلام من البريطانيين إلى الروس إلى الناتو ..
الآن يريد الأمريكان تقسيم الباكستان بنفس الطريقة ، وهذا أمر معلن وليس بجديد ، حيث ورد ذكر ذلك التقسيم في خريطة " حدود الدم " التي تقسم عدداً من الدول أبرزها السعودية والسودان وباكستان ... والمقاطعة أو الولاية العميلة لأمريكا في باكستان في تلك الخطة _ الخريطة _ اسمها " جمهورية بلوشستان الحرة " العلمانية العميلة التي يراد لها أن تسيطر على القنبلة الذرية ، وبذلك ينجح الغرب الكافر منع المسلمين من " القنبلة الذرية الإسلامية " ، وهذا أمر معلن كما قلنا ، ويصب في مصلحة الأمريكان والهنود والإيرانيين ، ولكنه ليس في صالح الصين ولا الباكستانيين الوطنيين ..
ولذلك أتى الأمريكان بالعميل الرافضي اللص الأزعر رئيس العصابة " زرداري " الذي يُذكرنا بأحد قطاع الطرق في أفغانستان الطاجيكي " باتشه سقا " الذي قفز للسلطة في كابل عام 1929م ، بعد قتل الإنجليز للملك الأفغاني " أمان الله " ودخل قاطع الطرق " باتشه سقا " وعصابته إلى كابل في يناير 1929م ولقب نفسه بـ " حبيب الله غازي " وعاونه في ذلك الوقت حاكم الاتحاد السوفيتي "ستالين ".
وحكم "باتشه سقا " أفغانستان لمدة تسعة أشهر ، مارس خلالها هو وعصابته كل ما تمارسه العصابات وقطاع الطرق من سرقة ونهب وقتل وكل أنواع الظلم .. ومثل أولئك ممن لا شرف عندهم ، ولا عقيدة ، ولا أي وازع من دين ، من السهل أن يقوموا بالبيع لمن يدفع . بيع أي شيء حتى لو كان الدين والوطن والزوجة والأولاد ..
لكن هناك وطنيون شرفاء لا يعجبهم ما يحدث ، وهؤلاء من الممكن أن يُطيحوا بزرداري المجرم في أي وقت ، وربما يكون هؤلاء الشرفاء يدعمون " وزيرستان " و مصيفهم الجميل الرائع " وادي سوات " ، ولن يرضى الشرفاء بخطة التجزئة والتقسيم هذه التي يقوم بها الغرب مع الهند وإيران ، ولذلك فلربما دعموا مجاهدي " وادي سوات " ، رغم أن الخطة _ خريطة حدود الدم _غبية ، فهي ضمت الجزء الشمالي الغربي من باكستان إلى أفغانستان على اعتبار أن أفغانستان سوف لن يكون فيها أي أمارة إسلامية بل " منافقين كرزايات " ، وكأنهم حسموا معركتهم مع طالبان صاحبة الحكم الشرعي قبل قدوم الغازي المحتل وعملاءه ..
و الهيمنة الغربية على باكستان وغيرها من دول الخليج والعرب تذكرنا بهيمنة الإتحاد السوفيتي على الجمهوريات الإسلامية في شمال أفغانستان والتي حررها الأفغان وأطاحوا بالشيوعية ، فهل يحررنا أخواننا الأفغان بدءً من باكستاننا ؟
المشهد نفسه يكاد يتكرر الآن ، ولكن بتغير بسيط جداً لا يكاد يذكر ، وهو أن " البوصلة " تغير مؤشرها من الشمال إلى الجنوب .. هذا كل ما في الأمر !!
وهذه ليست المرة الأولى التي يعود فيها الإسلام قوياً بغير يد العرب أجدادي ، فالإسلام عندما تخلى عنه أهله قيض الله له من هم أحق به ليعيدوه من جديد نوراً يتلألأ ، ومجداً يصعد ، ليظهره الله على الدين كله ولو كره الكافرون ، فهذا البخاري ومسلم والترمذي ، وهذا محمود زنكي ، وهذا صلاح الدين الأيوبي ، وهذا الظاهر بيبرس ، وهذا محمد الفاتح العثماني ، وهذا أبو حنيفة النعمان "الأفغاني" .. ، واليوم نقول هاهم طالبان ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه : ** وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } ( سورة محمد _38 )
معركة نهر هلمند مع الناتو تذكرنا بمعركة خوست مع السوفييت :ـ
في الثمانينات من القرن الماضي كان الإتحاد السوفيتي يتبجح بقوته كما يفعل الأمريكان اليوم ، كان الدب الروسي يُذل الناتو نفسه الذي أتى بالكاوبوي "رونالد ريجان" ليغسل الإذلال الذي لحق بسلفه الرئيس السابق من قِـبل الرئيس السوفيتي " بريجينيف " ، كان بعض المهزومين داخلياً أصحاب الإيمان الضعيف قد افتتنوا وهم يشاهدون القوة الإلحادية التي لا تؤمن بوجود الرب تستعرض قوتها أمام العالم وتذل أمريكا ، ولم يكن أمام دول العالم إلا الشجب والاستنكار ، لا ... آسف لقد قاطعوا " أولمبياد موسكو " وهذا كان أقصى ما يمكنهم فعله ، لكن السوفييت مضوا بإقامة أولمبيادهم ، وشوهد علم أفغانستان عبر شاشات التلفاز وهو يُحمل من قبل أحد اللاعبين في مضمار ملعب موسكو الأولمبي من بين أعلام الدول المشاركة .. إعلاناً عن مشاركة الدولة المعنية في الأولمبياد، تحقيقاً لما ينشره السوفييت من سلام واستقلال وتقدم وتعاون مثمر ومساواة في أفغانستان !
وفي الوقت نفسه كانت قاعدة " باغرام " تمتلئ بطائرات الميج 21، وأخذ أكثر من 85 ألف جندي سوفيتي يبنون ثكناتهم المحصنة داخل المناطق السهلة في أفغانستان كالطرق المعبدة ، مثل طريق كابل _ غزنة ، وقندهار _ هرات .. ولم تستطع هذه القوة الضخمة المتبجحة من الوصول للمناطق الصعبة مثل " باكيتا " و " بدخشان " ثم " هزار جاي " و " بانجشير " و " كوهستان " و" كونار" ، بل إن المجاهدين كانوا يتوغلون إلى داخل كابل حتى قتلوا أخو العميل المنافق " كارميل " ..
وفي نوفمبر من عام 1987م دعا السوفييت العالم لمشاهدة قوته العسكرية التي سيبسطها في معركته في كل من " خوست " ومعركة " هيل " ليفتح الطريق بين " قارديز و خوست " ليفك الحصار عن جنوده ، كان الدب الروسي قد بلغ من الاستكبار في الأرض مبلغه ، ولكن المجاهدين أذاقوه وجنوده أنواعاً من الهزائم وصل لكسر الجماجم الروسية المتبجحة الظالمة ، وتفتيت عظامها على يد القائد " جلال الدين حقاني" ورجاله الذين كانوا يقاتلون ولم يكن معهم سلاح سوى ( الصبر ) بأنواعه الثلاثة كما أسلفنا ..
وما هي إلا سنتين إلا وأخذت القوات الغاشمة اليسارية الملحدة تجر أذيال الهزيمة ، واستجاب الله لدعاء المجاهدين في الصف عندما كانوا يدعون ربهم بأن يُخرج السوفيتي مشياً على الأقدام ، ففي عام 1989م شاهد العالم كله الأفواج الـ 345 السوفيتية تغادر أفغانستان عبر " جسر الصداقة " على نهر " " أموديا " مشياً على الأقدام .. وبعضهم حفاة وبدون البزة العسكرية..!!
وفي نفس اليوم 15 فبراير 1989م كان آخر رئيس للسوفييت " غورباتشوف " يخطب في " الكرملين " قائلاً : إن 15000 ألف من ( الرفاق ) ذهبت أرواحهم سدى في أفغانستان !!
و بعد عشرين سنة من ذلك ، وفي هذا الصيف عام 2009م الذي كان حاراً جداً على الناتو ، بل مُحرقاً بنارٍ متأججة نزلت كحمم البراكين على جنود أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا .. الخ !!
وقبل أيام ... قبل معركة " هلمند " ، كان الإعلام المنافق يطبل كثيراً لمعركة " الخنجر " في هلمند ، وكانت العبرية والجزيرة .. بل كلما تفتح على أي إعلام منافق عميل تجد كلاماً عن عملية " الخنجر " المرتقبة ، و التي سيباد فيها _ الإرهابيون المتمردون _ على يد الناتو الذي جاء ليحقق الحرية والمساواة والكرامة... إلى آخر الكلام الفارغ الذي يتسبب دائماً بقتل ملايين الأبرياء ، ضحايا حرية الغرب ومساواته المزعومة ..
الإعلام العميل رسالته دائماً غسل أدمغة الشعوب وتدجينهم عملاً بالمثل العربي ( نصف الحرب هيلمة ) والهيلمة تعني الدعاية والإشاعة لتحطيم معنويات العدو ، والعرب أصحاب المثل منذ أربعين سنة لم يستطيعوا تحرير ( قدسهم ) من بضعة أفراد .. من عصابات الهاجانا !!
تطبيل إعلامي نفاقي بلغ الأفق لمعركة " الخنجر " المنتظرة واستعراض للقوة لا يقل عن التبجح الروسي سالف الذكر ، وفي الغرب كانوا يتحدثون عن منطقة تدريب مسبقة " بناء هلمند تقليدي " كلّف البريطانيين 23 مليون دولار .. !
وأجريت المناورات في هلمند التقليدية , وأتى التطبيق العملي .... ليخيم بعد المعركة صمت القبور على الإعلام المنافق ، وأخذت الأخبار تنقل المشاهدين والقراء إلى أحداث أخرى في إيران و موريتانيا والصومال والسودان ، لكن الناس لم يبرد لهفهم لمعرفة ماذا حصل لإخوانهم المجاهدين في هلمند ؟! هل أبادتهم القوى الطاغية المتبجحة ؟!
لتأتي الأخبار السارة والمفاجئة التي لم يكن يتوقعها البعض ، بينما كان البعض الآخر مؤمن بتحققها وينتظرها بشغف .. وتأتي البشائر ... قالوا : بشراكم لقد تم تفتيت عظام الناتو وإحراقه بحمم المجاهدين ، وما هي إلا أيام إلا والعدو يقرّ بخسائره الفادحة ... فهذه أمريكا قاتلة الملايين تتباكى عند طالبان لاحترام حقوق الإنسان مع الأسرى ، وهذه ألمانيا وإيطاليا تندب حظها لأن جنودها أصبحوا كالخرفان المشوية للأمريكان في الحرب ، وهذه الصحف البريطانية تندب حظها بنفوق جنودها وضباطها !
والحديث عن طائرات تُسقط ، و مدرعات تتفتت ، و ناقلات جند تختفي ..
ويعترف النائب البريطاني السابق " ماثيو باريس " بالخسارة في مقالة نشرتها " التايمز" الذائعة الصيت بعنوان : [ الانتصار في حرب أفغانستان مستحيل ]
وهذا المقال لهذا النائب هو أشبه بـ " النعي " للجنرال " روبرت ثورينو" قائد الكتيبة البريطانية الأولى لقوات الحرس الخاص ، والذي سُحق في مدرعته مع مساعديه في معركة " هلمند العملية " وليست " هلمند التقليدية" ... ذات الـ 23 مليون دولار ..!
وقال النائب " ماثيو باريس" في مقالته " التأبينية " هذه : [ هذا أرفع ضابط بريطاني يُقتل منذ حرب فوكلاند في ثمانينات القرن الماضي ]
... وهاهو التاريخ يعيد نفسه من جديد ، وها نحن نشاهد النسر الغربي يترنح كما ترنح الدب الروسي من قبل في الحلبة الأفغانية ... ومع بزوغ كل فجر جديد تُُغير الأُسد على طرائدها الشقراء ذات العيون الزرقاء ، وعملاءهم الحمير كما أسمتهم " دانا رورا باتشر " النائبة الأمريكية في مقالة لها في " الواشنطن تايمز " بعنوان [ خطة بديلة في أفغانستان ] حيث أطلقت على المنافقين لقب " حميرنا " !!
إذاً لماذا يغضب المنافقون من هذا اللقب وقد أطلقه عليهم سادتهم ؟! أليس الواجب عليهم أن يطيعوهم في كل شيء ؟! وهل هم أصلاً يملكون أنفسهم وعقولهم أمام سادتهم ؟!
لقد كان مصير المنافقين عملاء السوفييت في الجمهوريات الإسلامية الستة وخيماً جداً حيث غيبهم التاريخ ، فمنهم من قتل ، ومنهم من فرّ ، ومنهم من لجأ إلى موسكو التي استنفذت ما لديه من مال ثم طردته، ومنهم من حوكم وسُجن .. والأيام دول ، وهذا المصير المحتوم يقترب منك يا " زرداري" الأزعر ، أنت و " كرزاياتك " ..!!!
وغداً بإذن الله يفرح المؤمنون بنصر الله ، ويسجدون سجود الشكر له سبحانه أن خلّصهم من أمريكا و شراذمها المقرفين .. ويرددون بفرح ..
عليك منا سلام .. يا أرض أفغاني
ففيك طاب ( المقال ) ... وطاب جهادي
نرجو من الرحمن .. يجمعنا وإياكم
في جنة الفردوس ... هي خير مثواكم
اللهم انصر المجاهدين واشف صدور قوم مؤمنين . اللهم آمين .
وكتبه الفقير لعفو ربه : فليت بن قنه في النصف من شعبان 1430هـ