الدبابات الروسية من ت-٧٢ حتى ت-٩٠

JUGURTHA

عضو
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
3,441
التفاعل
4,784 1 0
الدبابات الروسية من ت-٧٢ حتى ت-٩٠
57_42_s.jpg
يتفق الخبراء العسكريون في الشرق والغرب على اختلاف عقائدهم العسكرية، على قاعدة قتالية مهمة وهي: ضرورة امتلاك القوات البرية في الجيوش الحديثة، لثلاث خصائص او صفات ايجابية، وضرورية من اجل احراز النصر في العملية الجوية - الارضية. وهذه الخصائص هي: القدرة القوة النيرانية، قوة الصدمة الضربة، والقدرة الحركية. وتوصلوا الى نتيجة اساسية وهي ان القوات المدرعة تحقق هذه المتطلبات كونها تتصف بهذه الخصائص. حيث اكدت خبرة الحروب السابقة والحروب المحلية التي جرت في منطقة الشرق الاوسط صحة هذه المقولة. وخاصة في عملية تحرير الكويت عام ١٩٩١، وعملية احتلال العراق الشقيق عام ٢٠٠٣.
ولما كان العتاد المدرع، او بالاحرى الصنف المدرع هو الصنف الاساسي في صفوف القوات البرية الحديثة، بات لزاما علينا ان ندرس صنف الدبابات لدى الجانب الروسي، وخصوصا الطرازات الحديثة المتوفرة منها، او قيد التطوير والانتاج، مركزين الاضواء او الدراسة الدقيقة على الطرازات: T-27، T-08، T-09، والنسخ المختلفة لكل طراز من تلك الطرازات. حيث يعتمد المذهب العسكري السوفياتي السابق وبديله المذهب العسكري الروسي الحالي في الحرب البرية اليوم على استخدام القوات المدرعة بكثافة كبيرة، كما يعتمد في الافادة القصوى من حركية الدبابات وسرعتها، وقدرتها على العمل بعيدة عن قواعدها. وهي طريقة متميزة في حرب المدرعات تقوم على خبرة السوفيات الفريدة في استخدام جيوش الخيالة الشهيرة في الحرب الاهلية، وتستند الى اسس عملية ملائمة تبلورت على مر السنين، ثم توجتها خبرة الحرب العالمية الثانية التي منحت الاتحاد السوفياتي السابق شهرة واسعة في مجال تصميم الدبابات وصناعتها.
حافظت المدرعات السوفياتية في كل مرحلة من مراحل تطورها على مستواها المتميز بين دبابات العالم طوال هذه السنين بتحقيق قفزات نوعية متجددة في كل جيل من الاجيال المتتالية الى جانب الاستجابة التامة لمتطلبات المرحلة الزمنية الراهنة التي تمر بها. كما اتجه السوفيات خلال عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كما اتجه الغرب ايضا، الى تبني دبابة القتال الرئيسة سلاحا رئيسيا واساسيا في الحرب المدرعة الحديثة. متخلين تدريجيا عن الدبابة الخفيفة والدبابة الثقيلة.
قد لا يتسع المجال، هنا، في هذا السياق لذكر او دراسة الطرازات السابقة من الدبابات الروسية، بل نكتفي بدراسة الدبابات المعاصرة، منوهين باهم الميزات التي تنفرد بها الدبابات الروسية الصنع عن مثيلاتها الغربيات وهي: انخفاض الضغط النوعي على التربة، وانخفاض ارتفاع الدبابة، وزيادة عيار مدافعها الى جانب الكثير من الخصائص المتميزة التي تمنحها سمات فريدة قد اختصت بها وحدها.

دبابة القتال الرئيسية طراز T-27
دخلت الدبابة ت - ٧٢ خط الانتاج عام ١٩٧٢، حيث قامت مصانع ماليشيف (Malyshev) الموجودة في منطقة خاركوف، واوكرانيا، ومصنع (UKBM Nizhny Tagil) بانتاجها ويقدر ما تم انتاجه من هذه الدبابات سواء في الاتحاد الروسي او برخصة في عدد من الدول بنحو ٥٠ الف دبابة، تم تصدير تلك الدبابة الى كل من الجزائر، بلغاريا، كوبا، جمهورية التشيك، سلوفاكيا، فنلندا، المجر، الهند، ايران، ليبيا، بولندا، رومانيا، سوريا، يوغوسلافيا، والعراق سابقا.
تؤكد تقارير مراكز الدراسات الدولية الحديثة ان اجمالي عدد الدبابات "ت - ٧٢" الموجودة في التسليح العربي يقدر ب ٢٢١٠ دبابات، منها ٣٥٠ دبابة في الجزائر، و٢٠٠ دبابة في ليبيا، و١٦٠٠ دبابة في سوريا، و٦٠ دبابة في اليمن. وتشكل نسبة ٨٤،٢٩ من تعداد الدبابات في الدول العربية السالفة الذكر والتي تملك ما مجموعه ٧٤٠٤ دبابات متنوعة ونسبة ٤٩،١٤ من اجمالي الدبابات العربية قاطبة، البالغة ١٥٢٨٢ دبابة متنوعة الطراز والنسخ وعائدت الصنع.
وقد ظل انتاج هذه الدبابة مستمرا حتى عام ١٩٨٥، وذلك لانتاج النسخ (T-27M) و(T-27M1) المخصصة للتصدير. دخلت النسخة (T-27B) في عام ١٩٨٥ وتتميز نسخة التصدير والتي تأخذ الطراز (T-27S) بان لها محرك ونظام تعليق جديدين، كما انه تم تصميمها لتستخدم درع الرد الفعلي.
ان ابرز الميزات الفنية للدبابة طراز (T-27) المصنعة في الاتحاد السوفياتي السابق عام ١٩٧٤ هي التالية: الوزن ٤٠ طنا، الطول ٧٤٣ سم، العرض الكلي ٣٠٧ كم، الارتفاع الاقصى ٢٤٦ سم، طراز المحرك ديزل متعدد الاشواط، الاستطاعة ٧٨٠ حصانا بخاريا، الوقود ديزل من النوع V-21، مدى العمل ٧٠٠ كم، السرعة القصوى ٦٠ كم"سا، التدريع الادنى ٢٠٠ ملم، التدريع الاقصى من ٥٠٠ - ٦٠٠ ملم، الطاقم ٣ اشخاص، التسليح: مدفع عيار ١٢٥ ملم املس السبطانة طراز D-18، ورشاش عيار ٦٢،٧ ملم يركب محوريا مع المدفع، ومدفع ضد الطائرات عيار ٧،١٢ ملم يركب على قبة قائد الدبابة في الجانب الايمن من البرج. الوحدة النارية: حوالي ٣٠٠٠ طلقة للرشاش ٦٢،٧ ملم، و٥٠٠ طلقة للرشاش عيار ٧،١٢ ملم. و٤٠ طلقة عيار ١٢٥ ملم للمدفع الرئيسي. يمكن للدبابة ان تعبر المخاضات بعمق ٢،١ متر، كما يمكنها عبور المخاضات بعمق ٥ امتار لكنها تحتاج الى تجهيزات اضافية بالاضافة الى استخدام خرطوم الهواء.
يوجد من هذه الدبابة (T-27) حوالي ثماني نسخ هي على التوالي: النسخة T-27A والنسخة T-27AK وهي دبابة قيادة، والنسخة T-27B، والنسخة SMT M4891، والنسخة T-27BK دبابة قيادة، والنسخة T-27BV المغطاة من الامام ببلاطات من الدروع، والنسخة T-27M2، والنسخة T-27B1. كما طورت كل من يوغوسلافيا ورومانيا، واوكرانيا، وبولندا وجمهورية التشيك نسخا من هذه الدبابة، وتوجد نسخ اخرى من الدبابة المذكورة تم تطويرها للاستخدامات الخاصة، منها واحدة لنشر الكباري الجسور، والثانية مجهزة برافعة هيدروليكية يتم استخدامها في اغراض النجدة والاصلاح.

دبابة القتال الرئيسية طراز T-08
يتم انتاج الدبابة طراز "ت-٨٠" في مصنع ترانس ماش (Transmash) في بلدة "أمسك" وظهرت لاول مرة كنموذج للانتاج في عام ١٩٨٤، تحتفظ تلك الدبابة بالخصائص الاساسية لسلسلة الدبابات T-46 بما في ذلك المدفع الاملس عيار ١٢٥ ملم ونظام التلقيم الآلي، تشمل التحديثات الرئيسية استخدام المحرك التوربيني الغازي وذلك لاول مرة في الاتحاد السوفياتي، وهو ما يحقق سرعة وقدرة اكبر، كما تم ايضا ولاول مرة استخدام جهاز تقدير المسافة بالليزر وهو ما حقق تحسينا كبيرا في السيطرة على النيران. تشبه الدبابة T-08 والى حد كبير الدبابة T-27، وتشترك معها في خصائص مميزة وخصوصا نظام التسليح. اما بالنسبة لخصائصها الخارجية فتشترك مع الدبابة T-27 في استخدام الدروع الجانبية المتدلية ووجود ١٢ قاذف قنابل دخانية، سبعة منها على الجانب الايسر، وخمسة على الجانب الايمن.
احتفظت الدبابة ت - ٨٠ بالشكل المنخفض الارتفاع نفسه مثل باقي الدبابات الروسية الصنع، ويتكون نظام التعليق من ست عجلات طريق من الصلب الالمنيوم المصبوب المغطاة بطبقة من المطاط وعجلة مسننة من الخلف لدفع عجلات الطريق، وعجلة حاملة في الامام وخمس عجلات طريق للرجوع للخلف. لا تتساوى المسافات بين عجلات الطريق حيث يوجد فاصل واضح بين كل من العجلة الثانية والثالثة، وبين الرابعة والخامسة، والخامسة والسادسة.
تغطي البروج الجانبية المتدلية بكرات الرجوع للخلف وتتميز تلك الدبابة بوجود فتحة لخروج العادم مستطيلة في خلفية الهيكل، ومركز فتحة السائق في قمة الميل الامامي الحاد لمقدمة الهيكل، توفر خلايا الوقود وعبوات التخزين المتكاملة وسيلة وقاية انسيابية. يتم تجهيز هذه الدبابة، بمجرفة مسننة نصل بلدوزر في مقدمة الهيكل، وتحت الجزء المائل الامامي منه لاستخدامها في اجتياز الموانع والتجهيز الهندسي لمرابض النيران، كما توجد نقاط تعليق في اسفل نصل البلدوزر لتركيب محراث لازالة الالغام طراز KMT-6، بينما توجد فتحة خروج الرامي في الجزء الايسر.
ان ابرز الميزات الفنية لهذه الدبابة ت - ٨٠ الآتي: صنعها في العام ١٩٨٢ الاتحاد السوفياتي السابق، الوزن ٤٥ طنا، الطول ٧٠٠ سم بدون المدفع، العرض ٣٥٠ سم، طراز المحرك غازي توربيني طراز GTO-0001 يستخدم وقودا مختلطا، واستطاعته تصل الى ١١٠٠ حصان بخاري. مدى العمل ٩٠٥ كم، السرعة القصوى ٩٠ كم"ساعة، التدريع الادنى والاقصى مركب ثلاثي الطبقات لكنه غير معروف السماكة. الطاقم ٣ افراد التسليح مدفع رئيسي عيار ١٢٥ ملم وثلاثة رشاشات الاول عيار ٦٢،٧ ملم والثاني في عيار ٧،١٢ ملم والثالث عيار ٥،١٤ ملم. الوحدة النارية لكل من المدفع الرئيسي والرشاشات الثلاثة غير معروفة. مع العلم بأن بيع هذه الدبابة وتصديرها الى دول اخرى كان ضئيلا، ولم تصدر الى الخارج الا الى الصين التي تعاقدت مع روسيا عام ١٩٩٢ على شراء ٢٠٠ دبابة ويوجد منها حوالي عشر نسخ روسية الصنع ونسخة واحدة اوكرانية الصنع. هي النسخة (T-08 UD).

دبابة القتال الرئيسية T-09 ونسخها المتوفرة
تعتمد هذه الدبابة الجديدة في تصميمها على تصميم الدبابة T-27 وتعتبر احدث دبابة في الترسانة الروسية، تستخدم تلك الدبابة، التي تعتبر تحديثا للدبابة (T-27 BM) المدفع ومناظير الرؤية للرامي طراز IG64 المستخدمة في الدبابة T-08 ومحركا جديدا ومناظير حرارية للرؤية، تشمل التجهيزات الوقائية الدرع الردي كنتاكت ٥٠ الموجهة المضادة للدبابات التي تعمل بالاشعة تحت الحمراء.
قام مصنع Nizhni Tagil بانتاج اعداد قليلة من دبابات T-27BM و T-27B المجهزة بالجيل الثالث من الدروع الردية التي يطلق عليها كونتاكت - ٥ الموجودة فعلا في الخدمة على الدبابة T-08U. لتطوير الدبابات T-27 بدرجة اكبر لجذب عملاء جدد ولزيادة فرصتها للاختيار كنوع وحيد من الدبابات، يتم انتاجه في روسيا ثم استخدام نظام السيطرة على النيران الاكثر تطورا، المستخدم مع الدبابة T-08U مع تلك الدبابة واخذت تلك الدبابة الطراز T-27 BUمع الدبابة واخذت تلك الدبابة الطراز T-27BU، لان الاخبار عن عملية عاصفة الصحراء اظهرت الدبابة T-27 على انها دبابة عراقية محترقة، مما اساء الى سمعة الدبابات الروسية واستقر الرأي على اعادة تسمية تلك الدبابة T-09.
دخلت الدبابة (T-09) خط الانتاج بمعدل منخفض في عام ١٩٩٣ على اساس انتاج النموذج الانتاجي الذي اخذ الطراز T-88، تم تطوير تلك الدبابة بواسطة مكتب التصميمات كارتسيف فيندكتوف (kartsev Venediktov) في ورش فاكونكا في مصنع نزاني تاجل الذي ذكرناه آنفا. كان الاعتقاد السائد لدى المراقبين الغربيين ان تلك الدبابة هي تصميم جديد بالكامل ولكن نموذج الانتاج ما هو الا تطوير للدبابة (T-27BM) مع اضافة بعض الخصائص التي تتميز بها سلسلة الدبابات (T-08).
تتميز الدبابة T-09 باستخدام جيل جديد من الدروع على الهيكل والبرج، يوجد نسختان من تلك الدبابة تم التعرف عليهما كنسخ للتصدير هما: النسخة T-09S، والنسخة T-09-E تم وضع الخطط الروسية على اساس استبدال كل الانواع السابقة من الدبابات بالدبابة T-09 قبل نهاية عام ١٩٩٧، وذلك طبقا للمتوفر من الاعتمادات المالية، ولكن بنهاية النصف الاول من عام ١٩٩٧ المذكور لم يدخل الخدمة في القوات البرية الروسية الا نحو ١٠٧ دبابات فقط، تم توزيعها على المناطق العسكرية الروسية في الشرق الاقصى.
لا يختلف تصميم الدبابة T-09 عن التصميم التقليدي للدبابات الروسية السابقة، ولكن يمكن اعتبار انها تطوير لكل نظم الدبابة T-27 بما في ذلك المدفع الرئيسي. تعتبر تلك الدبابة حلا مؤقتا حتى يتم تنفيذ التصميم الجديد لدبابة القتال الرئيسية الذي وضعه المصنع والذي تأخر نتيجة لصعوبة التمويل. تم انتاج الدبابة T-09 نتيجة لتكلفتها المنخفضة، ومن المتوقع ان يستمر انتاجها بمعدلات منخفضة وذلك لاستمرار فتح خطوط الانتاج، وحتى يمكن تنفيذ التصميمات الجديدة، ثم انتاج عدة مئات من تلك الدبابة يتراوح عددها بين ١٠٠ الى ٣٠٠ دبابة وقد دخلت الخدمة العملانية في الشرق الاقصى مع القوات البرية الروسية. والمعلومات المتوفرة عن هذه الدبابة الجديدة هي:
آ - نظام التسليح: احتفظت الدبابة T-09 بالمدفع الرئيسي عيار ١٢٥ ملم طراز 2A,64-M2 القادر على اطلاق الانواع المختلفة من الذخيرة، كما يطلق هذا المدفع ايضا صواريخ موجهة مضادة للدبابات من النوع Refleks 9m911 AT-11 sniper وللصاروخ المذكور رأس حربية مؤثرة ضد كل الاهداف المدرعة والطائرات العمومية التي تطير على ارتفاع منخفض. ويشمل التسليح الثانوي، رشاشا آليا محوريا عيار ٦٢،٧ ملم طراز PKT ومدفع عيار ٧،٢١ ملم لاستخدامه ضد الاهداف الجوية والبرية.
ب - نظام الوقاية الذاتية: تتميز الدبابة (T-09) مثل باقي الدبابات الروسية بارتفاعها المنخفض وببرج دائري يتم تركيزه فوق هيكل الدبابة ومجهز بتجهيزات دفاعية ايجابية وسلبية تجعل من هذه الدبابة واحدة من افضل دبابات القتال الرئيسية التي تتمتع بوقاية مضمونة في العالم. يتم تغطية المقدمة المائلة للهيكل بلاطات من الدروع الردية من الجيل الثاني مثلها في ذلك مثل البرج، تحقق بلاطات الدرع الردية للبرج مظهرا مضلعا، كما يستخدم الدرع الردي على قمة البرج لتوفير الوقاية من الاعلى.
ج - نظام الدفع: تستخدم هذه الدبابة محرك ديزل متعدد الوقود طراز V-48MS يوفر قدرة استطاعة قدرها ٨٤٠ حصانا كما يمكن ايضا استخدام محرك الديزل التوربيني طراز V-48KD الذي يوفر ١٠٠٠ قدرة حصانية، يمكن لطاقم الدبابة تجهيزها خلال ٢٠ دقيقة لخوض الموانع المائية التي يصل عمقها حتى ٥ امتار. وتجهز هذه الدبابة بنظام الوقاية من الاسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية.
د - النسخ المتوفرة: يوجد على الاقل ثلاث نسخ لتلك الدبابة، كما اكد الروس في يونيو ١٩٩٦ وجود نسخة من تلك الدبابة للتصدير مجهزة بمعدات ومحركات مختلفة. ويذكر هنا ان الهند اشترت حوالي ١٢٤ دبابة T-09، وتم تسليم اول دفعة من هذا العقد وعددها ١٠ دبابات في نياير عام ٢٠٠٢.

٤ - جدوى الدبابة ومستقبلها
ان دراسة جدوى ومستقبل الدبابة، لا تخص هنا دبابات القتال الرئيسية الروسية الصنع فقط بل انها تشمل الدبابات المماثلة الغربية الصنع ايضا، حيث يتبادر الى الاذهان السؤال التالي: ان بقاء الدبابة - هذا الديناصور الفولاذي - سيدة ميدان القتال في عصر التقنية والفضاء لامر محير فعلا؟ ولكنه قابل للتفسير دون صعوبة.
فالدبابة - بفضل خصائصها القتالية - اقدر على خوض اعمال القتال من اي سلاح آخر في ظروف الحرب الحديثة سواء كأانت حربا نووية ام تقليدية. وهي الاكثر قدرة على البقاء من اية وسيلة اخرى في ميدان القتال رغم الجهود الدؤوبة التي تبذل للصراع ضدها.
واذا ما عدنا الى رأي المنظرين العسكريين حل مكانة الدبابة في حروب المستقبل. لاستطعنا القول: ان القوات المدرعة ستشكل القوة الضاربة الرئيسية للقوات البرية، وان الدبابة ستبقى في المكان الرائد بين بقية المركبات المدرعة. وانها ستكون رأس الحربة المندفع الى الامام في اثر الضربات النووية او القصف المدفعي الصاروخي والجوي ساحقة في طريقها كل ما يتخلف من اهداف معادية او ما تصادفه من احتياطات عملانية. وسوف تكون الدبابة اول ما يقتحم حواجز العدو ويبلغ مؤخراته لنجدة الانزالات الجوية المسقطة هناك. لانها الوسيلة الجبارة القادرة على خوض القتال بنجاح في مختلف الظروف ومختلف المناطق في سهول اوروبا او صحاري افريقيا او جبال وهضاب آسيا.
وليس ثمة شك في ان القوات المدرعة ستبقى حتى عدة عقود - على الاقل - صنفا رئيسيا ومهما من صنوف القوات المسلحة في مختلف بلدان العالم. وان معظم الدبابات الموجودة في الخدمة حاليا او الدبابات الموضوعة قيد الانتاج والتصميم ستحتفظ بمكانتها في القوات المدرعة وتشكل عمودها الفقري، رغم انها تواجه في عصرنا الحاضر وسوف تواجه في المستقبل اعداء عنيدين شديدي الخطورة عليها ممثلين في مختلف الاسلحة الفعالة التي تؤثر على الدبابة، بما فيها الاسلحة النووية والنيوترونية والصاروخية والقذائف الموجهة والالغام م"د وقذائف المدفعية وجميع الوسائط الحاملة لها من طائرات وحوامات ومدفعية ودبابات ايضا. وكل ذلك يثبت - بما لا يقبل الشك - اهمية الدبابة وفاعليتها في اعمال القتال الهجومية والدفاعية على حد سواء.
الواضح ايضا ان ايا من تلك الاسلحة لا يضاهي الدبابة اطلاقا في قيمتها العملية وقدرتها على الجمع بين القوة النارية والحركية والوقائية، فهي الوسيلة الوحيدة القادرة على منح الاسلحة التي تحملها فاعلية وجدوى تفوق بكثير اية وسيلة اخرى. وهذه الميزة هي الاساس التي يستند اليه معظم المنظرين العسكريين في الشرق والغرب في البرهان على ثبات الدبابة وقدرتها على البقاء ضد تأثيرات العوامل التدميرية للاسلحة المختلفة بما في ذلك الاسلحة النووية شريطة ان يحسن استخدامها وان تعامل المعاملة الصحيحة وان تحظى بالتحسينات المناسبة.
ان مركبات القتال المدرعة عموما والدبابة خصوصا هي الهدف رقم واحد لكل الاسلحة العاملة في المستوى التكتيكي بسبب خطورتها واهمية النتائج التي تترتب على عملها والمهام التي تكلف بتحقيقها في ميدان القتال. وهي رغم تعرضها الشديد للتدمير بوسائط الصراع المسلح الحديثة المضادة للدبابات قادرة على تحقيق التفوق الضروري للقوات في ارض المعركة.. ولقد كان هذا شأنها منذ ان ظهرت الى الوجود في عام ١٩١٦، خلال الحرب العالمية الاولى وظلت كذلك في حرب لبنان الاخيرة عام ١٩٨٢، واجتازت في العقود الثلاثة الماضية جملة في الاختبارات العسيرة بنجاح تام بوأتها مكانتها المرموقة بين مختلف انواع العتاد الحربي. ولاقت من الانصار والخصوم ما لم يتوفر لسلاح آخر، ووضع مصيرها اكثر من مرة في كفة الميزان. كما وضعت جدواها موضع تساول. وقادت حرب تشرين عام ١٩٧٣ ان تحيلها الى نصب تذكارية ومعروضات لمتاحف التاريخ لولا ان اوجدت لها التقنيات الحديثة الحل المناسب في شكل تدريع مركب حديث وقدرة حركية حققت لها فرصا اكبر للبقاء واطالت من عمرها حتى وقتنا الحاضر ونحن في نهاية العقد الاول من القرن الحادي والعشرين.

مستقبل الدبابة
شكلت الحرب العربية - الاسرائيلية الرابعة ١٩٧٣ منعطفا مهما في حياة الدبابة، فلقد شهدت هذه الحرب اكبر معارك الدبابات في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. كما شهدت استخداما و اسعا لمختلف انواع الاسلحة المضادة للدبابات، وخصوصا الصاروخية الموجهة منها. وتميزت هذه الحرب عن غيرها بوقوع خسائر في الدبابات لدى الاطراف المتحاربة مصر، وسوريا واسرائيل تكاد تفوق نصف الدبابات التي يملكها كل طرف. وتشير المعلومات ان عدد الدبابات التي شاركت في هذه الحرب يقدر ب ٦٠٠٠ دبابة قتالية، منها ٢٠٠٠ دبابة مصرية، و١٥٠٠ دبابة سورية و١٥٠٠ دبابة اسرائيلية والباقي هي دبابات القوات العراقية والاردنية وغيرهما.
لقد طرحت كثرة الخسائر التي لحقت بالدبابات والدور الذي لعبته الوسائط م"د عددا من الاسئلة التي فرضت نفسها بعد ان وضعت هذه الحرب الطاحنة اوزارها، ما يلي:
١ - ما هو الدور الذي ستلعبه الدبابة في المستقبل وخصوصا في العمليات الهجومية وهل ستكون في العقود المقبلة الاداة القتالية البرية الرئيسية كما كانت في العهود السابقة؟
٢ - هل من المجدي الاستمرار في تسليح الجيوش بدبابات تكلف مبالغ طائلة، سواء من حيث قيمة الدبابات ذاتها، او قطع غيارها وذخيرتها المتنوعة، او التدريب عليها.. الخ، كي تدمر بسرعة وسهولة نسبية بصواريخ قليلة الكلفة، انتاجا وتدريبا، ومن مسافات تصل الى اربعة الاف متر، اي ابعد من مدى الرمي المجدي لمعظم مدافع الدبابات المتوفرة حاليا.
٣ - اليس من الافضل بناء القوات البرية على شكل وحدات مشاة ميكانيكية مجهزة بعربات ذات تدريع خفيف وتسليح رخيص، يشتمل على صواريخ م"د وم"ط، وتتمتع بقدرة حركية عالية، ودعم هذه الوحدات بالمروحيات المسلحة الهجومية والمدفعية الذاتية الحركة والمصفحات المسلحة بالصواريخ م"د.
ظهر في مجال الرد على هذه التساؤلات، رأيان متعارضان:
١ - يقول اولهما ان تطوير الدبابة قد وصل الى عتبة حدوده القصوى، وان اي تطوير جديد لمواجهة الصواريخ م"د يتطلب نفقات باهظة في مجالات البحوث والتصميم والصناعة والتدريب والصيانة وسيجعل الدبابة اداة صعبة الاستخدام وهدفا ثمينا يمكن تدميره بصاروخ واحد رخيص الثمن. لا يتطلب استخدامه سوى تدريب محدود وصيانة سهلة، وان من الافضل البحث عن اداة قتالية تحل محل الدبابة التي تعيش آخر ايامها وتمر في المرحلة التي مرت بها الخيالة بعد ظهور الرشاش واستخدامه على نطاق واسع.
٢ - ويرفض انصار الرأي الثاني هذا المنطق ويؤكدون على ان تعميم خبرة حرب تشرين ١٩٧٣ تتضمن قسطا كبيرا من المبالغة، لانه يتجاهل الظروف الخاصة التي رافقت حرب تشرين وضاعفت تأثير الصواريخ م"د كأخطاء التكتيك الاسرائيلي في المرحلة الاولى من الحرب واندفاع الدبابات الاسرائيلية في الهجمات المعاكسة دون مشاة مرافقة كافية ودون تغطية جوية او دعم موقعي مناسب. ومناخ الشرق الاوسط الصاحي الصافي الذي يساعد على الرمي من مسافات بعيدة. وطبيعة الارض المكشوفة التي دارت عليها المعارك.
ويشير انصار هذا الرأي الثاني الى ان الاسلحة م"د الحديثة ستكون محمولة على العربات المدرعة او المروحيات. لذا فانها ستشكل هدفا يمكن التعامل معه بالاسلحة م"د والاسلحة م"ط، ولا تقل امكانية اصابته عن امكانية اصابة الدبابة. وبالاضافة الى ذلك فان من الخطأ اعتبار المعركة الحديثة مجرد صدام بين الدبابة والسلاح المضاد، لانها عمل قتالي تشترك فيه كافة الاسلحة. لذا فان درء خطر الصواريخ م"د المنطلقة في الارض او الجو لا يقتصر على ما تستطيع الدبابة القيام به، بل يشمل ايضا ما تستطيع الصنوف الاخرى تنفيذه في مهمات.
ويصل مؤيدو بقاء الدبابة الى الاستنتاج القائل بان الدبابة ستبقى الاداة القتالية البرية الاساسية في الحروب المقبلة، وان اهميتها ستزداد مع احتمالات استخدام اسلحة الدمار الشامل، نظرا لما تؤمنه الدروع والاجهزة التقنية من حماية نسبية للطاقم بمواجهة اسلحة الدمار الشامل، وان حياة الدبابة ستستمر حتى يتم التوصل الى صنع اداة قتالية اخرى تستطيع تأدية المهام التكتيكية التي تؤديها الدبابة حاليا، مع تجنب عيوبها المتمثلة في بطء حركتها ومناورتها نسبيا وارتفاع كلفتها الاقتصادية بالقياس للاسلحة المضادة لها.
لقد اسفر الجدل بين انصار الرأيين الى اعتماد الرأي الثاني من قبل معظم المنظرين والقادة العسكريين الذين تمسكوا بالدبابة وحافظوا على مكانتها ولكنهم طالبوا في الوقت نفسه بضرورة تكثيف الجهد على نقطتين هما:
أ - تطوير الدبابة تقنيا وتسليحا لتكون اكثر قدرة على المناورة والتملص من الصواريخ م"د وعلى مجابهة العربات المدرعة او طائرات الهليوكبتر المسلحة بالصواريخ وليس من المستبعد التوجه في المستقبل نحو دبابة دون جنازير سلاسل محمولة على وسادة هوائية، الامر الذي يزيد في قدرتها الحركية ويجعلها سلاحا يختلف نوعيا عن الدبابة بشكلها الحالي.
ب - تعديل تشكيل وتكتيك الوحدات المدرعة لتتلاءم مع معطيات المعركة الحديثة او مع معطيات العملية الجوية - البرية على مستوى الدول الكبرى الصانعة للدبابات، او على مستوى الحرب للاتماسية التي ما زالت قيد الدراسة والتجربة في عملية احتلال افغانستان عام ٢٠٠١م، او في عملية احتلال العراق الشقيق في عام ٢٠٠٣ وما بعدها.
 
رد: الدبابات الروسية من ت-٧٢ حتى ت-٩٠

موضوع رائع اخي الغالي ارجو لك المزيد من المواضيعالشيقة
 
رد: الدبابات الروسية من ت-٧٢ حتى ت-٩٠

مشكور على الموضوع الجميل
 
رد: الدبابات الروسية من ت-٧٢ حتى ت-٩٠

موضوع ممتاز للغاية وتعجبني التي-72 فهي من انجح الدبابات التي ظهرت في الربع الأخير من القرن العشرين (رغم المواجهة الغير متكافئة في عاصفة الصحراء) فقد كانت التي-72 تؤرق الناتو طوال فترة السبعينيات فخصائصها التكنولوجية كنظام التلقيم الآلي والدروع المركبة والدروع التفاعلية وامكانية اطلاق الصواريخ الموجهة من مدفعها وإمكانية صنعها بأعداد هائلة شكلت تحدي كبير لأمريكا وحلفائها حتى ظهور الأبرامز (علماً ان الأبرامز لم تصمم كدبابة اقتحام هجومية فهي صممت كقاتلة دبابات فقط) والرائع في التي-72 امكانية استخدام شاسيها في طيف واسع من الإستخدامات كراجمة صواريخ او مدرعة قطر واصلاح وعربة جسور ... الخ ، كما لا ننسى ان التي-90 نفسها هي بالأساس مطورة من التي-72 .

تي-72 :

T-72%2C_Main_Battle_Tank.jpg
 
عودة
أعلى