تونس تستعيد إشعاعها الديني والحضاري

إنضم
25 سبتمبر 2009
المشاركات
202
التفاعل
0 0 0
ما انفكت تونس على امتداد العشريتين الماضيتين تتخذ من الإجراءات والمبادرات التي أعادت للإسلام مكانته وعززت من شأنه في البلاد التي احتضنت الفاتحين الأولين يتقدمهم الصحابي الجليل عقبة بن نافع الذي نشر تعاليم الدين الحنيف في شمال إفريقيا وأسس مدينة القيروان التي أشعت بنور علمها على أغلب بلدان الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط إضافة إلى القارة الإفريقية، ثم أخذ عن عقبة الراية رجال بررة وأبلغوا الرسالة المحمدية إلى أقاليم مترامية منها الأندلس شمالا وجنوب الصحراء الإفريقية جنوبا.

وكان إحداث تونس لإذاعة "الزيتونة للقرآن الكريم" مع تزامن بثها في بداية شهر رمضان العام الماضي وبناء جامع العابدين وهو أول جامع في مدينة قرطاج مهد الحضارات وكذلك تلاوة القرآن الكريم على مدار الساعة في كل من جامع الزيتونة المعمور وجامع عقبة بن نافع بالقيروان وغيرها من المبادرات جاءت لتجدد التأكيد على ما توليه تونس اليوم من عناية بالإسلام الحنيف وتعاليمه في رؤية اجتهادية مستنيرة تعزز مقومات الهوية العربية الإسلامية لهذا البلد.

ولقد ثابرت تونس الحديثة على الاجتهاد في مصالحة التونسيّين مع هويّتهم من خلال سياسة تنهل من تقاليد وقيم الإسلام السمحة.

وخط الثبات على هذه السياسة أخذ مضمونه شكلا تصاعديا كان له الفضل في تكريس وحدة القلوب والعزائم وبالتالي الوحدة الوطنية والالتفاف حول المشروع المجتمعي الجديد وهو مشروع حضاري مترابط الحلقات كل محطة فيه مفضية إلى مرحلة أهم على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ولئن ظل عنصر الهوية حاضرا باستمرار في سياسة وحركة عهد السابع من تشرين الثاني - نوفمبر فإن مفهوم الهوية كثيرا ما يأخذ مدلولات متعددة تتجاوز أبعادها أحيانا دائرة الحلقة الدينية إلا أن هذه المدلولات مهما اتسعت فان خيوط الربط التي تمسكها إلى الهوية وإلى مبادئ وتعاليم الدين الحنيف تظل أقوى من أي شئ آخر.

فهذه الصفات الجوهرية ليست نائمة أو ثابتة بل تكتسب حقيقتها من حركة التاريخ الدائمة التي تكيّفها عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية من الداخل ومن الخارج بحكم ما جبلت عليه تونس من تفتح يحكمه قانون الأخذ والعطاء في عصر التحولات العالمية الكبرى. وهو خط أكده الرئيس زين العابدين بن علي بتأكيده المستمر على" ان السياسة متغيّرة وجوهر الدّين ثابت".

يوم 28 تشرين الثاني - تشرين الثاني - نوفمبر 1987، اي أسابيع قليلة بعد التحول السياسي في البلاد سُرّ التونسيون لما نودي بالآذان للصلاة لأول مرّة بالإذاعة الوطنية وبكامل الإذاعات المحلية ثم بالتلفزة وبث خطبة الجمعة عبر مختلف أجهزة الإعلام.

ومنذ الأسابيع الأولى بادر الرئيس بن علي إلى توفير الاعتمادات اللاّزمة لإتمام بناء نحو 450 جامعا كانت معطّلة أو مجمّدة ثم تقرّر استشارة المجلس الإسلامي الأعلى في كلّ ما يتعلّق ببرامج الجامعة الزيتونية مع الترفيع في أعضاء المجلس. ثمّ تلاحقت الإجراءات والقرارات بتأسيس مركز الدّراسات الإسلاميّة بالقيروان والارتقاء بالهيكل القائم بالشؤون الدّينية من مجرّد إدارة إلى كتابة دولة ثمّ إلى وزارة وإصدار تشريع يحمي المساجد والجوامع ويضبط وضعها القانوني وتكوين وتأهيل الأيمّة والوعاظ والتنصيص على التاريخ الهجري في الرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة وإحداث خطّة معتمد مكلّف بالشؤون الدّينية في مركز كل محافظة وترميم جامع الزيتونة المعمور ومزيد تجهيزه ليكون دوما في مستوى عراقته وتاريخه وتلاوة القرآن الكريم على مدار أيّام السنة في فضائه وإعادة العمل بالرؤية مع الاستئناس بالحساب في تحديد أوائل الشهور القمرية والأعياد الدّينية ومراجعة برامج التربية الإسلاميّة في مراحل التعليم الأساسي والثانوي باعتماد ثوابت الدّين الحنيف ونزعته الاجتهادية مع مواكبة العصر والحداثة ووضع خريطة مسجديّة تنظّم الخدمات المسداة في المجال الدّيني بما يحقّق التوازن بين الجهات..

كما طبعت تونس المصحف الشريف على رواية الإمام قالون وفق الطابع التونسي الأصيل من حيث أشكال الخط وجمال التزويق وأناقة الإخراج وكانت مبادرتها المتمثلة في إصدار قانون المصاحف القرآنية المؤرخ في أغسطس – آب 1998 على غاية من الأهمية حفاظا على سلامة النص القرآني والمقصد وحفاظا على الهوية من أي تشويه.

ولإعطاء مدلول للمجلس الإسلامي الأعلى الذي أحدث منذ سنة 1989 بدت وظيفة هذا المجلس محترمة ما دام المجلس الإسلامي الأعلى ـ وهو هيكل استشاري ـ ينظر في كل المسائل التي تعرضها عليه الحكومة وفي المسائل المتعلقة بتطبيق ما جاء في الفصل الأول من الدستور وفي المسائل المتعلّقة بالنواحي الفقهية والاجتماعية فيقترح المجلس كل ما من شأنه أن يحصّن الأمّة في دينها من التفسّخ والانغلاق وكل ما يؤثّر سلبا في مقوّمات أصالتها وهو الذي ينظر في سير المؤسسات الإسلامية وما يضمن أداء رسالتها كما ينظر في طرق تكوين الأيمة والوعاظ.

ومن الإصلاحات الدينية لا يمكن إغفال قانون مركز الدراسات بالقيروان ومشمولاته وتنظيمه الإداري والمالي خلال شهر مارس1990 بعد إحداث المركز في شهر ديسمبر1988 بهدف التعريف بالحضارة الإسلامية وما قدّمته للحضارة الإنسانية في مختلف الميادين وتوفير المعلومات الموضوعية التي تساعد على فهم الإسلام وما يتصل به من علوم ومعارف الفهم الصحيح والقيام بالدراسات والبحوث في العلوم الإسلامية ومن الأهداف التي تمّ من أجلها إحداث مركز الدراسات الإسلامية أن تصبح تونس في عهدها الجديد سواء بفضل خدمة وإشعاع المركز الإسلامي أو بقيّة المؤسسات والهياكل الأخرى رائدة في البحث العلمي في مجالات الدّراسات الإسلامية والتعريف بنتائجها وتعميمها والتعريف أيضا بأعلام تونس وإفريقيا ومؤلّفاتهم وإنجازاتهم في كل العلوم وخاصة في علوم القراءات والتفسير والسنة والفقه…

وهكذا تحوّلت تونس إلى مركز عربي وإسلامي يجمع بين علماء الإسلام من خلال تنظيم الندوات والملتقيات التي تعود بالفائدة والنفع على الأمة الإسلامية حيث تناولت لقاءات الفقهاء والعلماء بالبحث والدرس مواضيع هامة ثمّ بحثها ومناقشتها برؤية متحرّرة واستشرافية وواقعية تعلي شأن الهوية والدين.

ومن الندوات الكثيرة التي بادرت بتنظيمها تونس يمكن ذكر ندوة " الإسلام ومواكبة العصر "التي تمّ تنظيمها خلال شهر تشرين الثاني - نوفمبر 1996 بمناسبة الاحتفال بذكرى مرور 1300 على تأسيس جامع الزيتونة ورعاها وافتتحها الرئيس زين العابدين بن علي الذي أحدث جائزة رئيس الجمهورية للدراسات الإسلامية تمنح سنويا لمن تولّى تقديم أحسن بحث في العلوم الإسلامية إسهاما في إثراء الفكر الاجتهادي وتنشيطه وعملا على إشاعة قيم الاعتدال والتسامح وترسيخها وغرض هذه الجائزة جلي بارز وهو موجّه أساسا لخدمة الدين الخالص.

وإذا كان الرئيس بن علي له فضل بناء وتشييد أكثر من ثلث مجموع المساجد والجوامع الموجودة في تونس في ظرف 21 عاما فسوف يسجّل التاريخ له انه شيد أيضا الجامع الكبير بقرطاج وهو من الطراز العربي الإسلامي الرفيع على أرض تمسح نحو ثلاثة هكتارات بتكاليف تقدر باثني عشر مليون دينار.

ومكوّنات الجامع الكبير بقرطاج تجعل هذه المؤسسة الدينية الجديدة أضخم إنجاز ديني في تونس لأن عهد السابع من تشرين الثاني - نوفمبر أراد أن يكون جامع العابدين متميّزا امتدادا واستكمالا لجملة المبادرات والإنجازات لفائدة الهوية وإعلاء شأن الإسلام في ربوع تونس.

إن تونس أو إفريقية كما كان يسمّيها المسلمون في السابق معتزّة اليوم برصيدها الحضاري وبرموزها الإسلامية الفذّة وبدورها التاريخي في نشر الدين الإسلامي وإشاعة قيمه الروحية السامية في شمال البحر الأبيض المتوسط وفي عمق القارة الإفريقية.

وهي إذ تعتزّ بصفاء هويّتها فإن دورها مؤثر في العالم الإسلامي من خلال نشاطها في منظّمة المؤتمر الإسلامي وحضورها المنتظم في كل القمم الإسلامية ودفاعها عن المقدّسات الإسلامية.

ولمّا كان يشارك في قمة الألفية بنيويورك خلال شهر سبتمبر 2000 ورغم تنوّع القضايا الدولية أمام تلك القمّة كانت قضية القدس مشغلا للرئيس بن علي التي يعتبرها قضية جوهرية لا تقبل المساومة.

ولقد دافعت تونس بقوّة عن كل القضايا الإسلامية بدون تحفّظ بدافع عقيدتها وعملت على توثيق عرى الترابط الإسلامي.

ولم يكن التضامن الوطني وتكريس التكافل في اسمى معانيه الاسلامية قيمة مطلقة في تونس بل هو ممارسة انسانية وعلاقة حضارية تسمو فوق كل الاعتبارات الفردية، ذلك ان التونسيين الذين اعاد لهم بن علي نخوة الانتماء للاسلام يعتزون بتلك اللحظات المؤثرة التي يجلس خلالها الرئـيس بن علي على مائدة الإفطار إلى جانب الفقراء أو المسنّين أو العجّز وفاقدي السند أو الفقراء من أبناء وبنات ما تبقّى من مناطق الظّل والذين خصّص لهم برنامجا وآليّة متمثّلة في صندوق 26-26 للرّقيّ بها وإدماجها في الدّورة الاقتصادية والاجتماعية.

إنّ تشييد المسجد أو الجامع في منطقة ظلّ تحوّلت إلى منطقة تنمية يفضي بالضرورة إلى التأمّل في هذا الواقع الجديد لحجم المعالم الدّينية التي شيّدتها تونس الجديدة في سياق مسيرة تعزيز الهويّة والعناية بالإسلام وببيوت الله.

في غمرة هذه التحوّلات انخرطت تونس وبحس استشرافي عميق في مشروع مجتمعي حديث عمق مقومات الاجتماع السياسي وعزز الهويّة بطريقة تونسية متميزة وبمقاربة تنهل من خصوصية وعراقة وحضارة الشعب ما يعزز دورها واشعاعها.

وتوجّهت القيادة التونسية إلى المجتمع بخطاب ديني جديد اقتنع من خلاله بأن العولمة ليست بالضرورة تتهدد الهويّات لا سيّما الهويّة التونسية المرتكزة على جوهر الإسلام الخالص وعلى إرث تاريخي عريق.

كما تركّز الخطاب الديني على أن الشعب التونسي أثبت على مرّ القرون تعلّقه بدينه.

وأيقظ الخطاب الدّيني في العقول خصال تونس التي كانت وظلّت موقعا متقدما لنشر الإسلام ودرء المخاطر عنه. فشعب تونس تضافرت في تشييد بنائه الاجتماعي وشدّه إلى الأمّة الإسلامية مقوّمات نبيلة وحّدت بين صفوفه ونفت عنه موجات الفرقة والتمزّق وأهّلته لأن يكون قطبا من أقطاب الإشعاع فقام على صغر المساحة الجغرافية بأعباء الفكر والنضال في سبيل الإسلام ونشر وإشاعة دعوة الحق.

وخلاصة القول إن تونس عملت على تركيز وتجسيد مشروع مجتمعي يكون الإسلام فيه مصدرا للقيم السامية وعاملا من عوامل توازن المجتمع في ظل القانون والمؤسسات الراعية والمسؤولة عن شأن الدين إيمانا بأن الدين الحنيف هو قوام الحضارة.

 
رد: تونس تستعيد إشعاعها الديني والحضاري

اي اشعاع حضاري اخي

و النظام التونسي يضيق علي المحجبات و يمنعهن من الدراسة تماما كتركيا العلمانية

و كثير و كثير

تونس للاسف اصبحت علمانية اكثر من تركيا

ممكن ان يكون رايي قاسي

لكنها الحقيقية للاسف
 
رد: تونس تستعيد إشعاعها الديني والحضاري

تلميع فقط .. لكن الواقع مخالف تماماً

سأتكلم عن المواطن العربي ( سواء مصري أو سوري أو سعودي أو ... )

[ نحن نكره الحكومة التونسية و نكره العلمنه . لكننا لا نكره الشعب التونسي المسلم ]
 
رد: تونس تستعيد إشعاعها الديني والحضاري

لا تستعجلون يمكن الرجل يتكلم عن بلد ثاني غير تونس
يمكن خطأ في العنوان

يارجل خاف الله في ما تنقل
 
رد: تونس تستعيد إشعاعها الديني والحضاري

يا أخ
capitaine abou med
ندعو الله تعالى أن يكون مانقلته صحيحا ولكن الذي نسمعه ونقراه عن أمور تحدث في تونس الخضراء تجعلنا نشك في صحة الموضوع الذي نقلته .
ولدي أسئلة مأخوذة من موضوعك الأخر عن المرحوم فضيلة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور :
حاول إنقاذ التعليم الزيتوني، ولكن هذه المنارة العلمية ألغيت سنة (1961م)، : فهل تم إعادة إفتتاحها ؟؟
حيث أحيل إلى الراحة بسبب موقفه تجاه الحملة ضد فريضة الصيام في رمضان.: فهل ألغيت هذه الحملة أم لاتزال موجودة ؟؟
صدق الله وكذب بورقيبة.. : هل هذه المقولة تحولت الى :
صدق الله وكذب بن علي أم لا ؟؟


وأدعوك الى قراءة هذين الموضوعين الموجودين على الشبكة لتعلم بأن لنا الحق في أن نشك في صحة ما نقلت والله من وراء القصد وشكرا

تونس الخضراء ولابد للقيد أن ينكسر /خالد حربي
تونس وقصة الحرب على الحجاب / الدكتور راغب السرجاني


 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى