نتبادل الرسائل .. والعديد من المعلومات .. ونتناقش ...
ومن المعلومات المواضيع التي نتفق عليهم ... أن سيناء ... هي المشكلة الحتمية القادمة ... وأن ما يحدث الأن من عملية "تخدير سياحي" .. ما هو إلا ذر الرمال في اللأعين ، حتي لا نري ... ما سيتم فجأة ..
ولن يتمكن أي تدخل ... من تغيير الوضع .... فإن لأنتشار ، قد تم توطيده ... وأخذ المرحلة المناسبة والمتقدمة مثل إنتشار مرض السرطان ... في الجسد
ولن ينقذ المريض .. إلا ... الأستئصـــــــال .... ليبقي علي جسده ...
من هو المريض ... وماذا سيستأصل ....
لا داعي للتخمين الطويل ... ولكن متابعة وتقييم ما يحدث علي ما كان يوما ...الحدود الشرقية للجمهورية المصرية ....
د. يحي الشاعر
اقتباس:
الدكتور حسن نافعة واحتلال سيناء
كتب الدكتور حسن نافعة المقال التالى عن خطة اسرائيلية لاحتلال سيناء وهوموضوع جدير بالدراسة والتحليل والحقيقة انا شخصيا اضع يدى على قلبى لأن الاحتمال وارد منطقيا خصوصا وان اتفاقية الكامب اخرجت القوات المسلحة المصرية من المعركة وكانت كلمات السادات عن آخر الحروب و99% من الأوراق فى يد امريكا كل هذه العناصر تشكل تخوفى
سامى شرف
31\1\2008
هل توجد خطة إسرائيلية للاستيلاء على سيناء
بقلم/حسن نافعة
المصدر : الدستور
التاريخ :30/1/2008
كنت قد كتبت مقالا بعنوان "جرح مصر المفتوح في رفح" نشر في هذا المكان منذ أسابيع ، وجهت فيه تحية خاصة للرئيس مبارك بسبب موقفه من أزمة الحجاج الفلسطينيين وقراره المنفرد بإنهاء معاناتهم والسماح لهم بالعودة إلى بيوتهم عبر معبر رفح دون انتظار موافقة إسرائيلية. واليوم نوجه التحية مرة أخرى للرئيس مبارك ، وهي تحية مضاعفة هذه المرة ، بسبب موقفه الرافض للحصار المضروب على غزة وتأكيده على أن مصر لن تسمح مطلقا بتجويع الشعب الفلسطيني ولن تكون شريكا في جرائم حرب وإبادة جماعية تصر إسرائيل على ارتكابها في حقه. غير أنني أشرت في مقالي السابق في الوقت نفسه إلى أن قرار الرئيس مبارك بخصوص الحجاج والذي وضع حدا سريعا لمهزلة كانت إسرائيل قد سعت متعمدة لإطالة أمدها إلى أقصى حد ممكن ، رغبة منها في إذلال مصر وجرح كبريائها ، لا يكفي وحده لوضع حد لاحتمال تكرار مهازل مماثلة في المستقبل ، وطالبت صناع القرار في مصر بإعادة النظر في الأسس التي تقوم عليها سياستها الراهنة تجاه كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية إذا ما أرادت الانعتاق من أسر القيود التي تكبلها وتوسيع هامش حريتها في الدفاع عن مصالحها. غير أن أحداث الأيام القليلة الماضية لا تؤكد فقط صحة ما ذهبنا إليه ، ولكنها تشير أيضا وبما لا يدع أي مجال للشك إلى أن جرح مصر المفتوح في رفح بدأ ينزف وربما يكون قد أصابه التلوث بالفعل.
وفي تقديري أن هذا التلوث لا يعرض فقط حياة الجسد المصري المريض للخطر وإنما بات يعرض للخطر أيضا مصير الشعب الفلسطيني ويهدد قضيته بالتصفية النهائية.
لست من المتحمسين كثيرا لنظرية المؤامرة ولا من المبالغين في تصوير قدرة إسرائيل والحركة الصهيونية على الإمساك بخيوط اللعبة على كل المستويات ، غير أن السذاجة لم تصل بي بعد إلى حد إنكار وجود مشروع صهيوني له رؤية وأهداف استراتيحية شديدة الوضوح ويملك مهارة خاصة في انتهاز كل ما يتاح أمامه من فرص تقربه من تحقيق أهدافه. لذلك فلا شك عندي في أن إسرائيل تعكف الآن على إعداد خطط للتعامل مع أحداث غزة الأخيرة. وفي تقديري أن هذه الخطط تشكل خطرا ماحقا على الأمن الوطني المصري ، كما تشكل خطرا في الوقت نفسه على القضية الفلسطينية التي باتت فعلا مهددة بالتصفية النهائية.
خطورتها على الأمن المصري تكمن في استهدافها لشبه جزيرة سيناء والعمل على استقطاعها من نطاق السيادة المصرية أملا في تحويلها إلى مجال حيوي وظيفي لحل مشكلة التكدس السكاني في قطاع غزة. أما خطورتها على القضية الفلسطينية فتكمن في إنها تصلح مدخلا آخر ربما يكون أكثر فعالية لإجهاض المحاولات الرامية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ما زالت النخبة الإسرائيلية تعتبرها خطرا عليها ولتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وتهيئة الأجواء المناسبة للبدء في المشروعات الرامية لتوطينهم. لإدراك طبيعة هذه الخطط يتعين العودة بالذاكرة إلى الوراء قليلا حين قاد رابين ، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق التيار الإسرائيلي الرامي لفتح حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية كسبيل أوحد للبحث عن تسوية سلمية للصراع شكلت اتفاقية أوسلو مرحلتها الأولى. وقد بنى هذا التيار تصوره للتسوية في ذلك الوقت على افتراض مفاده أن منظمة التحرير الفلسطينية ، والتي كانت في أشد حالاتها ضعفا بعد حرب الكويت ، ستقبل في نهاية المطاف "حكما ذاتيا" للشعب الفلسطيني أو "شبه دولة" على قطاع غزة ومعظم الضفة الغربية ترتبط اقتصاديا وسياسيا بإسرائيل وتشكل مدخلا للتطبيع مع العالم العربي (مشروع بيريز للشرق الأوسط). وبصرف النظر عما كان يدور في خلد ياسر عرفات في ذلك الوقت والأسباب التي دعته للتوقيع على اتفاقية أوسلو ، فمن المؤكد أن اليمين الإسرائيلي رفض أوسلو وقاومها بعناد وصلف وصمم على إجهاضها.
وربما كان اغتيال رابين على يد متطرف يهودي هو البداية الحقيقية لانتكاس مشروع اليسار الإسرائيلي للتسوية وصعود اليمين بقيادة نيتانياهو. وعندما عاد للسلطة في عهد باراك تبين أن مشروعه للتسوية ، والذي عرض في كامب ديفيد الثانية ، كان أقل مما يمكن قبوله فلسطينيا ، حتى من جانب الموقعين على أوسلو ، وأكبر مما يمكن قبوله إسرائيليا ، بدليل حصول شارون على أغلبية في الانتخابات التي أعقبت فشل قمة كامب ديفيد. لم يكن لدى اليمين الإسرائيلي في الواقع أي استعداد لقبول دولة فلسطينية مستقلة في حدود ,67 ولذلك فحينما طرح بوش رسميا رؤيته للحل على اساس الدولتين ، عمل شارون على إفراغها من مضمونها تمهيدا لإجهاضها بشكل غير مباشر دون أن يضطر للتصادم معها مباشرة ، ونجح في ذلك إلى حد بعيد. وكانت أول معالم النجاح على هذا طريق حصوله على خطاب ضمانات مكتوب من بوش يعطيه الحق في عدم الانسحاب إلى حدود 67 ورفض عودة اللاجئين ، أما آخر معالم هذا النجاح فكانت خطته للفصل أحادي الجانب وقيامه ببناء سور كان يأمل في تحوله إلى "حدود دائمة لدولة فلسطينية مؤقتة" ، إلى أن تتوافر ظروف أكثر ملاءمة لتصفية القضية الفلسطينية بنزع سلاح المقاومة وتوطين اللاجئين. وربما يكون نجاح حماس في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني عام 2005 قد عرقل ظاهريا هذه الخطط ، غير أنه ساعدها عمليا في واقع الأمر. فقد تعللت به إسرائيل لوقف التفاوض مع السلطة ومحاصرة القطاع وأثرت على حماس عسكريا واقتصاديا كي تلقي بسلاحها وتعترف بها وبالاتفاقيات السابقة تمهيدا لانخراطها في "العملية السلمية". وعندما رفضت حماس قبول هذه الإملاءات سعت إسرائيل لإفساد وعرقلة محاولات التقارب بين جناحي السلطة الفلسطينية إلى ان نجحت في دفع الأمور إلى حد الصدام المسلح بينهما ووقوع "الانفصال" بين غزة والضفة. وحتى وقت قريب كانت إسرائيل تعتقد أن الضغط العسكري والحصار الاقتصادي على سكان القطاع سيؤدي في النهاية إلى سقوط حماس وتمكين أبو مازن من إعادة فرض سيطرته على القطاع تمهيدا لإبرام تسوية بشروطها. غير أن حماس تمكنت ليس فقط من الصمود وإنما أثبتت أنها تملك ايضا أوراقا أخرى مؤثرة على الداخل الإسرائيلي ، وهي صواريخ تتطور ويزداد مداها بانتظام ردت بها على ما ترتكبه من مجازر بحق الفلسطينيين ، لينتهي بفقدان إسرائيل لأعصابها وإقدامها على ارتكاب جريمة الحصار والتجويع ، وهو ما أدى بدوره إلى دفع سكان قطاع غزة لتحطيم معبر رفح وبروز وضع جديد تعامل معه مبارك بحكمة. لا نملك دليلا يشير إلى أن إسرائيل كانت تدفع بالأمور عمدا نحو هذه الوجهة وفق خطة معدة سلفا ، غير أن هناك ألف دليل ودليل على أن وساطات إسرائيلية تعمل الآن بجدية لاستغلال التطورات الجديدة والاستفادة منها لأقصى حد ، وذلك من خلال خطوات محددة يمكن تلخيصها على النحو التالي:
1 - قطع صلات إسرائيل بقطاع غزة نهائيا واعتبارها غير مسئولة عن مده باحتياجاته الأساسية ، وخاصة من الكهرباء والطاقة.
2 - وضع مصر أمام خيار لا تستطيع معه سوى التكفل بمد القطاع بكافة احتياجاته.
3 - دفع مصر في خطوة تالية لضم القطاع وإدارته مباشرة ، خصوصا إذا استمر إطلاق الصواريخ ، وهو أمر يصعب تصوره بدون نزع سلاح المقاومة.
4 - تفعيل ما يسمى بالخيار الأردني وفتح مفاوضات مع الأردن لإعادة الضفة إليها ، بعد اقتطاع القدس والكتل الاستيطانية المحيطة وربما غور الأردن أيضا.
5 - الادعاء بأن هذه مرحلة مؤقتة تمهد لإقامة مؤسسات ديمقراطية قادرة على حمل أعباء الدولة الفلسطينية في المستقبل.
6 - ممارسة كل أنواع الضغوط المتصورة على كل الدول العربية المعنية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيث هم ، مع فتح "متنفس" لفلسطينيي غزة في شبه جزيرة سيناء المنزوعة السلاح تحت غطاء مشروعات تنموية تستهدف تحويل هذه المنطقة على المدى الطويل إلى منطقة "إدارة إسرائيلية مصرية مشتركة" يمكنها استيعاب فلسطينيي 48 حفاظا على يهودية إسرائيل. وفي تقديري أن أوساطا نافذة في إسرائيل بدأت تفكر الآن في مثل هذا الحل من منطلق أنه الوحيد الذي يتيح لها إمكانية نزع فتيل القنبلة الديمغرافية الفلسطينية ويضمن لها في الوقت نفسه المحافظة على يهوديتها وتنقيتها من دنس "الأغيار". والسؤال: هل لدى مصر والدول العربية خططا مضادة لمواجهة مثل هذه الاحتمالات؟. أظن أن هذه الخطط يجب ان تبدأ على الفور بالعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية ، وإلا فالطوفان قادم.
ومن المعلومات المواضيع التي نتفق عليهم ... أن سيناء ... هي المشكلة الحتمية القادمة ... وأن ما يحدث الأن من عملية "تخدير سياحي" .. ما هو إلا ذر الرمال في اللأعين ، حتي لا نري ... ما سيتم فجأة ..
ولن يتمكن أي تدخل ... من تغيير الوضع .... فإن لأنتشار ، قد تم توطيده ... وأخذ المرحلة المناسبة والمتقدمة مثل إنتشار مرض السرطان ... في الجسد
ولن ينقذ المريض .. إلا ... الأستئصـــــــال .... ليبقي علي جسده ...
من هو المريض ... وماذا سيستأصل ....
لا داعي للتخمين الطويل ... ولكن متابعة وتقييم ما يحدث علي ما كان يوما ...الحدود الشرقية للجمهورية المصرية ....
د. يحي الشاعر
اقتباس:
الدكتور حسن نافعة واحتلال سيناء
كتب الدكتور حسن نافعة المقال التالى عن خطة اسرائيلية لاحتلال سيناء وهوموضوع جدير بالدراسة والتحليل والحقيقة انا شخصيا اضع يدى على قلبى لأن الاحتمال وارد منطقيا خصوصا وان اتفاقية الكامب اخرجت القوات المسلحة المصرية من المعركة وكانت كلمات السادات عن آخر الحروب و99% من الأوراق فى يد امريكا كل هذه العناصر تشكل تخوفى
سامى شرف
31\1\2008
هل توجد خطة إسرائيلية للاستيلاء على سيناء
بقلم/حسن نافعة
المصدر : الدستور
التاريخ :30/1/2008
كنت قد كتبت مقالا بعنوان "جرح مصر المفتوح في رفح" نشر في هذا المكان منذ أسابيع ، وجهت فيه تحية خاصة للرئيس مبارك بسبب موقفه من أزمة الحجاج الفلسطينيين وقراره المنفرد بإنهاء معاناتهم والسماح لهم بالعودة إلى بيوتهم عبر معبر رفح دون انتظار موافقة إسرائيلية. واليوم نوجه التحية مرة أخرى للرئيس مبارك ، وهي تحية مضاعفة هذه المرة ، بسبب موقفه الرافض للحصار المضروب على غزة وتأكيده على أن مصر لن تسمح مطلقا بتجويع الشعب الفلسطيني ولن تكون شريكا في جرائم حرب وإبادة جماعية تصر إسرائيل على ارتكابها في حقه. غير أنني أشرت في مقالي السابق في الوقت نفسه إلى أن قرار الرئيس مبارك بخصوص الحجاج والذي وضع حدا سريعا لمهزلة كانت إسرائيل قد سعت متعمدة لإطالة أمدها إلى أقصى حد ممكن ، رغبة منها في إذلال مصر وجرح كبريائها ، لا يكفي وحده لوضع حد لاحتمال تكرار مهازل مماثلة في المستقبل ، وطالبت صناع القرار في مصر بإعادة النظر في الأسس التي تقوم عليها سياستها الراهنة تجاه كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية إذا ما أرادت الانعتاق من أسر القيود التي تكبلها وتوسيع هامش حريتها في الدفاع عن مصالحها. غير أن أحداث الأيام القليلة الماضية لا تؤكد فقط صحة ما ذهبنا إليه ، ولكنها تشير أيضا وبما لا يدع أي مجال للشك إلى أن جرح مصر المفتوح في رفح بدأ ينزف وربما يكون قد أصابه التلوث بالفعل.
وفي تقديري أن هذا التلوث لا يعرض فقط حياة الجسد المصري المريض للخطر وإنما بات يعرض للخطر أيضا مصير الشعب الفلسطيني ويهدد قضيته بالتصفية النهائية.
لست من المتحمسين كثيرا لنظرية المؤامرة ولا من المبالغين في تصوير قدرة إسرائيل والحركة الصهيونية على الإمساك بخيوط اللعبة على كل المستويات ، غير أن السذاجة لم تصل بي بعد إلى حد إنكار وجود مشروع صهيوني له رؤية وأهداف استراتيحية شديدة الوضوح ويملك مهارة خاصة في انتهاز كل ما يتاح أمامه من فرص تقربه من تحقيق أهدافه. لذلك فلا شك عندي في أن إسرائيل تعكف الآن على إعداد خطط للتعامل مع أحداث غزة الأخيرة. وفي تقديري أن هذه الخطط تشكل خطرا ماحقا على الأمن الوطني المصري ، كما تشكل خطرا في الوقت نفسه على القضية الفلسطينية التي باتت فعلا مهددة بالتصفية النهائية.
خطورتها على الأمن المصري تكمن في استهدافها لشبه جزيرة سيناء والعمل على استقطاعها من نطاق السيادة المصرية أملا في تحويلها إلى مجال حيوي وظيفي لحل مشكلة التكدس السكاني في قطاع غزة. أما خطورتها على القضية الفلسطينية فتكمن في إنها تصلح مدخلا آخر ربما يكون أكثر فعالية لإجهاض المحاولات الرامية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ما زالت النخبة الإسرائيلية تعتبرها خطرا عليها ولتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وتهيئة الأجواء المناسبة للبدء في المشروعات الرامية لتوطينهم. لإدراك طبيعة هذه الخطط يتعين العودة بالذاكرة إلى الوراء قليلا حين قاد رابين ، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق التيار الإسرائيلي الرامي لفتح حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية كسبيل أوحد للبحث عن تسوية سلمية للصراع شكلت اتفاقية أوسلو مرحلتها الأولى. وقد بنى هذا التيار تصوره للتسوية في ذلك الوقت على افتراض مفاده أن منظمة التحرير الفلسطينية ، والتي كانت في أشد حالاتها ضعفا بعد حرب الكويت ، ستقبل في نهاية المطاف "حكما ذاتيا" للشعب الفلسطيني أو "شبه دولة" على قطاع غزة ومعظم الضفة الغربية ترتبط اقتصاديا وسياسيا بإسرائيل وتشكل مدخلا للتطبيع مع العالم العربي (مشروع بيريز للشرق الأوسط). وبصرف النظر عما كان يدور في خلد ياسر عرفات في ذلك الوقت والأسباب التي دعته للتوقيع على اتفاقية أوسلو ، فمن المؤكد أن اليمين الإسرائيلي رفض أوسلو وقاومها بعناد وصلف وصمم على إجهاضها.
وربما كان اغتيال رابين على يد متطرف يهودي هو البداية الحقيقية لانتكاس مشروع اليسار الإسرائيلي للتسوية وصعود اليمين بقيادة نيتانياهو. وعندما عاد للسلطة في عهد باراك تبين أن مشروعه للتسوية ، والذي عرض في كامب ديفيد الثانية ، كان أقل مما يمكن قبوله فلسطينيا ، حتى من جانب الموقعين على أوسلو ، وأكبر مما يمكن قبوله إسرائيليا ، بدليل حصول شارون على أغلبية في الانتخابات التي أعقبت فشل قمة كامب ديفيد. لم يكن لدى اليمين الإسرائيلي في الواقع أي استعداد لقبول دولة فلسطينية مستقلة في حدود ,67 ولذلك فحينما طرح بوش رسميا رؤيته للحل على اساس الدولتين ، عمل شارون على إفراغها من مضمونها تمهيدا لإجهاضها بشكل غير مباشر دون أن يضطر للتصادم معها مباشرة ، ونجح في ذلك إلى حد بعيد. وكانت أول معالم النجاح على هذا طريق حصوله على خطاب ضمانات مكتوب من بوش يعطيه الحق في عدم الانسحاب إلى حدود 67 ورفض عودة اللاجئين ، أما آخر معالم هذا النجاح فكانت خطته للفصل أحادي الجانب وقيامه ببناء سور كان يأمل في تحوله إلى "حدود دائمة لدولة فلسطينية مؤقتة" ، إلى أن تتوافر ظروف أكثر ملاءمة لتصفية القضية الفلسطينية بنزع سلاح المقاومة وتوطين اللاجئين. وربما يكون نجاح حماس في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني عام 2005 قد عرقل ظاهريا هذه الخطط ، غير أنه ساعدها عمليا في واقع الأمر. فقد تعللت به إسرائيل لوقف التفاوض مع السلطة ومحاصرة القطاع وأثرت على حماس عسكريا واقتصاديا كي تلقي بسلاحها وتعترف بها وبالاتفاقيات السابقة تمهيدا لانخراطها في "العملية السلمية". وعندما رفضت حماس قبول هذه الإملاءات سعت إسرائيل لإفساد وعرقلة محاولات التقارب بين جناحي السلطة الفلسطينية إلى ان نجحت في دفع الأمور إلى حد الصدام المسلح بينهما ووقوع "الانفصال" بين غزة والضفة. وحتى وقت قريب كانت إسرائيل تعتقد أن الضغط العسكري والحصار الاقتصادي على سكان القطاع سيؤدي في النهاية إلى سقوط حماس وتمكين أبو مازن من إعادة فرض سيطرته على القطاع تمهيدا لإبرام تسوية بشروطها. غير أن حماس تمكنت ليس فقط من الصمود وإنما أثبتت أنها تملك ايضا أوراقا أخرى مؤثرة على الداخل الإسرائيلي ، وهي صواريخ تتطور ويزداد مداها بانتظام ردت بها على ما ترتكبه من مجازر بحق الفلسطينيين ، لينتهي بفقدان إسرائيل لأعصابها وإقدامها على ارتكاب جريمة الحصار والتجويع ، وهو ما أدى بدوره إلى دفع سكان قطاع غزة لتحطيم معبر رفح وبروز وضع جديد تعامل معه مبارك بحكمة. لا نملك دليلا يشير إلى أن إسرائيل كانت تدفع بالأمور عمدا نحو هذه الوجهة وفق خطة معدة سلفا ، غير أن هناك ألف دليل ودليل على أن وساطات إسرائيلية تعمل الآن بجدية لاستغلال التطورات الجديدة والاستفادة منها لأقصى حد ، وذلك من خلال خطوات محددة يمكن تلخيصها على النحو التالي:
1 - قطع صلات إسرائيل بقطاع غزة نهائيا واعتبارها غير مسئولة عن مده باحتياجاته الأساسية ، وخاصة من الكهرباء والطاقة.
2 - وضع مصر أمام خيار لا تستطيع معه سوى التكفل بمد القطاع بكافة احتياجاته.
3 - دفع مصر في خطوة تالية لضم القطاع وإدارته مباشرة ، خصوصا إذا استمر إطلاق الصواريخ ، وهو أمر يصعب تصوره بدون نزع سلاح المقاومة.
4 - تفعيل ما يسمى بالخيار الأردني وفتح مفاوضات مع الأردن لإعادة الضفة إليها ، بعد اقتطاع القدس والكتل الاستيطانية المحيطة وربما غور الأردن أيضا.
5 - الادعاء بأن هذه مرحلة مؤقتة تمهد لإقامة مؤسسات ديمقراطية قادرة على حمل أعباء الدولة الفلسطينية في المستقبل.
6 - ممارسة كل أنواع الضغوط المتصورة على كل الدول العربية المعنية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيث هم ، مع فتح "متنفس" لفلسطينيي غزة في شبه جزيرة سيناء المنزوعة السلاح تحت غطاء مشروعات تنموية تستهدف تحويل هذه المنطقة على المدى الطويل إلى منطقة "إدارة إسرائيلية مصرية مشتركة" يمكنها استيعاب فلسطينيي 48 حفاظا على يهودية إسرائيل. وفي تقديري أن أوساطا نافذة في إسرائيل بدأت تفكر الآن في مثل هذا الحل من منطلق أنه الوحيد الذي يتيح لها إمكانية نزع فتيل القنبلة الديمغرافية الفلسطينية ويضمن لها في الوقت نفسه المحافظة على يهوديتها وتنقيتها من دنس "الأغيار". والسؤال: هل لدى مصر والدول العربية خططا مضادة لمواجهة مثل هذه الاحتمالات؟. أظن أن هذه الخطط يجب ان تبدأ على الفور بالعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية ، وإلا فالطوفان قادم.