العملية الفاشلة : تهريب لوك
تُعد قضية Mordechai Louk أو كما عُرفت بـ"الرجل في الحقيبة" واحدة من أشهر وأغرب قصص التجسس في التاريخ الحديث
حيث حاولت المخابرات المصرية نقل عميلها بطريقة غير تقليدية ومخاطرة عالية ، لتتحول العملية إلى فضيحة دولية
وأزمة دبلوماسية , في هذا الموضوع نستعرض تفاصيل هذه العملية وأبعادها الأمنية والسياسية.
خلفية العميل Mordechai Louk
وُلد Mordechai Ben Masoud Louk في المغرب الإسباني وهاجر إلى إسرائيل عام 1949، حيث انضم إلى الجيش الإسرائيلي.
في عام 1961، قرر الانشقاق عن الجيش والهروب إلى قطاع غزة الذي كان خاضعًا آنذاك للسيطرة المصرية
وبعد هروبه بدأ التعاون مع المخابرات المصرية ما جعله هدفًا رئيسيًا لجهاز الأمن الإسرائيلي
الذي اتهمه بالخيانة والتجسس.
تفاصيل عملية "الرجل في الحقيبة"
بعد فترة من التعاون مع المخابرات المصرية في غزة ، قررت القاهرة استغلال موردخاي لوك كعميل مزدوج
لجمع معلومات استخباراتية من داخل أوروبا ، خاصة من الجاليات اليهودية والإسرائيلية هناك , لذلك ،
وبموجب خطة سرية تم تهريبه أولاً من غزة إلى مصر حيث خضع لتدريبات وتجهيزات أمنية
ثم أُرسل بجواز سفر مزور إلى إحدى الدول الأوروبية يُرجح أنها سويسرا أو فرنسا وذلك بهدف أداء مهمة استخباراتية محددة
لكن مع مرور الوقت بدأت السلطات الإسرائيلية تشتبه بوجوده هناك ما جعل وجوده في أوروبا خطرًا عليه , وبالتالي
قررت المخابرات المصرية إعادته إلى القاهرة بشكل سري وهنا جاءت فكرة تهريبه في "حقيبة دبلوماسية"
كانت المخابرات المصرية تريد نقل Mordechai Louk من أوروبا إلى القاهرة بشكل سري وآمن لكنها لجأت إلى أسلوب غريب وغير تقليدي
تم وضع Louk داخل حقيبة كبيرة تحمل ختم "بريد دبلوماسي" حيث كان يعتقد المصريين أنها ستمر دون تفتيش في المطارات
لكن السلطات الإيطالية اكتشفت أمره بفضل وعي أحد العاملين في المطار الذي لاحظ الحجم الغريب للحقيبة الدبلوماسية
وكذلك شعوره بالاصوات والحركة
الحقيبة كانت مجهزة بفتحات صغيرة للتهوية كما تم إعطاء Louk مخدرًا لتقليل حركته خلال النقل.
خلال الرحلة في مطار روما استيقظ Louk داخل الحقيبة وشعر بالاختناق الشديد ، فبدأ بالحركة والطرق على الحقيبة
أثار صوته انتباه موظفي الجمارك الإيطالية ، الذين فتحوا الحقيبة ليجدوه محتجزًا بداخلها , حيث تم اعتقاله فورًا
مما أدى إلى فضيحة دبلوماسية بين مصر وإيطاليا بسبب انتهاك القوانين الدولية للبريد الدبلوماسي
ثم قامت إيطاليا بطرد عدد من الدبلوماسيين المصريين المتورطين في العملية بسبب استغلال
البريد الدبلوماسي لتهريب شخص حي.
بعد القبض على Louk تم تسليمه للسلطات الإسرائيلية التي وجهت له تهم التجسس والخيانة وأصدرت حكمًا بسجنه
بين 10 إلى 12 عامًا , وعلى الصعيد السياسي أثارت القضية توترًا بين مصر وإيطاليا كما شكلت تحذيرًا قويًا لإسرائيل
من محاولات تهريب العملاء واستخدام وسائل غير قانونية.
قضية Mordechai Louk تظل واحدة من أشهر قصص التجسس التي انتهت بفشل ذريع لكنها أيضًا تعكس أهمية الاستخبارات
وأثرها الكبير في السياسة الدولية , "الرجل في الحقيبة" ليس فقط عنوانًا لقصة غريبة بل درسًا في ضرورة معرفة
فنون التجسس والتحديات الأمنية التي تواجه الدول في عالم مليء بالتوترات والصراعات.