أدى النمو الاقتصادي الصيني المتواصل ما بين 8 في المائة إلى 10 في المائة على مدى 20 عاماً، وتوسع الصين صناعياً وعمرانياً إلى تعطشها للطاقة. وبحسب بعض المصادر الخاصة بمعلومات الطاقة، فإن الصين اعتمدت في 40 في المائة من نموها خلال السنوات الأربع الأخيرة على النفط. فمنذ أن انخرطت الصين في الاقتصاد العالمي عام 1978، اتضح لها بفعل نموها الاقتصادي السريع، ونجاحها الهائل في تطوير تقنياتها المدنية والعسكرية المتقدمة، أن وصولها إلى الموارد الاقتصادية والتكنولوجية والمعدنية العالمية أمر جوهري في نجاحها المستقبلي. والواردات النفطية مثال على حتمية اعتماد الصين المتزايد على الموارد الخارجية. ففي عام 2000 استهلكت الصين نحو أربعة ملايين برميل نفط في اليوم، وأنتجت نحو 3 ملايين برميل يومياً.
وعلى افتراض استمرار النمو الاقتصادي الصيني بمعدل 5.5 في المائة، يقدّر أن تستورد الصين 4 ملايين برميل نفط في اليوم بحلول عام 2010 و6 ملايين برميل في اليوم عام 2020.
وتفوقت الصين على اليابان في العام 2003 لتصبح ثاني أكبر مستهلك للمنتجات البترولية في العالم بعد الولايات المتحدة. وفي عام 2004 زاد استهلاك الصين النفطي 15 في المائة، في حين أن إنتاجها البترولي لم يزد سوى 2 في المائة. ويتوقع أن يزداد الطلب الصيني على النفط بنسبة 150 في المائة بحلول عام 2020 فاستهلاكها للنفط ينمو سنوياً بنسبة 7.5 في المائة مما يعني سبع مرات تقريباً أسرع من الولايات المتّحدة.
وتستورد الصين حالياً 32 في المائة من مستلزماتها النفطية من الخارج، ومن المتوقع أن يتضاعف استيرادها للنفط ليصل إلى 65 في المائة بحلول عام 2010. هذا فيما تتوقع وكالة الطاقة الدولية أنّ مستوردات الصين من النفط ستساوي في عام 2030 ما تستورده الولايات المتّحدة من النفط اليوم.
وبما أنّ قدرة الصين على تأمين احتياجاتها النفطية من أراضيها تعتبر محدودة باعتبار أنّه قد تمّ التثبّت من أنّ احتياطيات النفط الصينية تعتبر قليلة قياساً بنسبة الاستهلاك، فإنّه من المرجّح بمعدلات الإنتاج الحالية، أن تنفد هذه الاحتياطيات في غضون عقدين من الزمان.
أهميّة النفط السعودي في استراتيجية الصين النفطية:
إنّ التوقعات المستقبلية باعتماد الصين المتنامي على استيراد النفط دفعتها للاهتمام باستكشاف وإنتاج النفط في مناطق عديدة ومتنوعة مثل: كازاخستان، روسيا، فنزويلا، السودان، غرب إفريقيا، إيران، وكندا. ولكن على الرغم من محاولتها تنويع مصادرها النفطية، فإنّ الصين ستبقى تعتمد على نفط الشرق الأوسط بشكل أساسي مستقبلا، ومن المتوقع أن تستورد الصين من الشرق الأوسط حوالي 70 في المائة من مجموع مستورداتها النفطية الخارجية بحلول عام 2015.
وعلى الرغم من أنّ الصين في التاريخ الحديث لم تكن لديها علاقات استراتيجية دائمة بمنطقة الشرق الأوسط، إلاّ أنّ علاقتها بالمنطقة التي تستورد منها معظم مستلزماتها النفطية أصبحت أكثر أهمية بشكل تصاعدي.
ومن هذا المنطلق، فإنّ مفتاح الاستراتيجية الصينية لضمان الوصول إلى نفط الخليج هو العلاقات المميزة مع المملكة العربية السعودية. إذ ترتبط العلاقات الصينية -السعودية بشكل كبير بحاجة الصين المتزايدة للنفط، فالمملكة تمتلك بحسب Oil and Gas Journal ما مقداره 261.9 مليار برميل من الاحتياطي النفطي المؤكّد في البلاد وهو ما يشكل حوالي 25 في المائة من الاحتياطي النفطي المؤكّد في العالم. وتعتبر المملكة العربية السعودية المنتج والمصدّر الأول للنفط في العالم، وهي تنتج ما بين 10.5 و11 مليون برميل نفط يومياً. وبحسب تقرير إدارة الطاقة الأمريكية (EIA)، فإنّ الصين جاءت بالمرتبة السادسة في قائمة الدول التي تصدّر المملكة العربية السعودية النفط إليها بواقع ما بين 200 و 300 ألف برميل نفط يوميا في 2004.
ولما كانت المملكة أكبر مصدر للنفط إلى الصين بنسبة 17 في المائة من مستوردات الصين النفطية من الخارج، فكان لا بد للأخيرة أن تهتم بتوثيق التعاون والترابط مع المملكة، خاصّة أنّ الصين تعي أنّه لا يمكنها تفادي اعتمادها المتنامي على بترول السعودية في المستقبل القريب والبعيد. ولضمان الحصول على إمدادات النفط السعودية مستقبلاً، فإنّ الصين تسعى إلى تقوية علاقاتها بالمملكة مما سيؤدي إلى زيادة الروابط السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية بين البلدين.
صفقات بترولية متبادلة
وفي هذا الاطار، بدأ التعاون الثنائي الصيني-السعودي بالازدياد خاصة في مجال الطاقة. ففي ديسمبر من العام 2003، قام سفير الصين لدى المملكة العربية السعودية (وو تشن هاو) وفور توليه منصبه الجديد بزيارة وزير النفط السعودي علي النعيمي معبّراً له عن شكره وتقديره لإسهاماته في التعاون الصيني-السعودي في مجال الطاقة. وفي مارس من العام 2004 قام مدير الطاقة الذريّة في الصين (يو جيان فينج) بزيارة للمملكة العربية السعودية من أجل تعزيز التعاون في مجال الطاقة.
وقد أثمرت هذه الزيارات المتبادلة عن اتفاقيات ضخمة عديدة. ففي مارس من العام 2005 وقّعت كل من الصين والمملكة العربية السعودية اتفاق تعاون في مجال الطاقة في الرياض، وبحسب الاتفاق فقد شكّلت كل من (سينوبك الصينية) و(أرامكو السعودية) مشروعاً تمهيدياً مشتركاً للتنقيب عن الغاز الطبيعي في منطقة تبلغ مساحتها 40 ألف كيلومتر جنوب المملكة، وتبلغ حصّة الشركة الصينية في المشروع 80 في المائة، بينما تبلغ حصّة أرامكو 20 في المائة. ويعدّ هذا المشروع بمثابة إطلاق إشارة البداية في التعاون بين الصين والمملكة في مجال الطاقة.
وعلى الجانب الآخر وفي الصين، وقعت شركتا أرامكو السعودية وأكسون موبيل مع شركة سينوبك الصينية في 8 يوليو 2005 صفقة قيمتها 3.5 مليار دولار لتوسعة مصفاة في جنوب الصين، فيما وصف بأنه أكبر مشروع نفطي في البلاد، وذلك في إطار محاولة الصين زيادة طاقتها التكريرية لتغذية اقتصادها، وأعطت هذه الصفقة شركة أرامكو موطئ قدم في قطاع التكرير الصيني الذي يبلغ حجمه 6.2 مليون برميل يومياً والذي تهيمن عليه حالياً الشركة الحكومية سينوبك وشركة بتروتشاينا. وحالياً تتفاوض شركة أرامكو لشراء حصة من مصفاة تعتزم شركة سينوبك الصينية تشييدها بقيمة 1.2 مليار دولار في جنوب الصين.
العلاقات العسكرية
للمفارقة فقد بدأت العلاقات الصينية- السعودية في منتصف وأواخر الثمانينات عبر صفقات عسكرية وتجارية تضمنت تزويد المملكة بصواريخ باليستية متوسطة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية، ويبلغ مداها 3000 كلم وهي قادرة نظرياً على الوصول إلى معظم مناطق الشرق الأوسط، وبناء عدة منصات صواريخ في جنوب الرياض.
وفي عام 1991، ساعدت الصين المملكة العربية السعودية على تطوير رؤوس حربية كيماوية. وفي عام 1992 ورد العديد من التقارير الأمريكية عن قيام الصين بمساعدة المملكة على تطوير قدراتها النووية. وتعتبر السعودية من أكثر بلدان العالم شراء للأسلحة، وهي الأولى بالتأكيد في منطقة الشرق الأوسط، ولا شك أنّ المملكة إذا أرادت أن تفكّر بطريقة استراتيجية، فإنّه من الخطأ الكبير والكبير جدّاً الاعتماد على مورد واحد للأسلحة، والمشكلة أنّ هذا المورد وهو الولايات المتّحدة الأمريكية يعتبر الحليف الأوّل لإسرائيل في المنطقة والمساعد الأوّل لها على تطوير قدراتها العسكرية التقليدية وغير التقليدية. كما أنّ على المملكة، كما على الدول العربية، أن تلجأ إلى الصين إذا ما أرادت الحصول على التكنولوجيا غير المشروطة بشروط سياسية واقتصادية واجتماعية على أن يأتي ذلك في إطار المنافع المتبادلة مع الصين وهو ما لا يحصل أبداً مع الولايات المتّحدة.
العلاقات التجارية
منذ عام 1989، أقامت اللجنة الصينية لتنمية التجارة مع الخارج 6 معارض للسلع الصينية في المملكة العربية السعودية. وفي فبراير 1996 عقد أول اجتماع للجنة الصينية - السعودية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي في بكين. وفي نوفمبر 1999 عقدت هذه اللجنة اجتماعها الثاني في الرياض.
ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، ارتفع حجم التبادل التجاري بين الطرفين سريعاً، من 290 مليون دولار في عام 1990 إلى 1.855 مليار دولار في عام 1999، منها 944 مليون دولار لصادرات الصين، و911 مليون دولار لواردات الصين. وبحسب أرقام السفارة الصينية في المملكة العربية السعودية، فإنّ التبادل التجاري بين الطرفين تطور من 571.67 مليون دولار في العام 1992 (444.26 مليون دولار صادرات صينية مقابل 127>41 واردات من السعودية) إلى 5 مليارات و106.75 مليون دولار في العام 2002 (منها مليار و671.70 مليون دولار صادرات صينية إلى السعودية مقابل 3 مليارات و435.05 مليون دولار واردات من المملكة) وهو ما يعني فائضاً في الميزان التجاري وتحولاً لصالح السعودية. كما أن التبادل التجاري في ازدياد دائم حيث تصدر الصين المنسوجات والأزياء ومنتجات الصناعات الخفيفة والحبوب والزيوت بشكل رئيسي، وتستورد من المملكة البترول والأسمدة الكيماوية والمواد الخام للصناعة الكيماوية.
التخوّف الأمريكي من تنامي العلاقات السعودية- الصينية
هذه العلاقات المتنامية بين الطرفين على كافة الصعد التجارية والاقتصادية والسياسية تثير قلق أصحاب القرار ومراكز الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية. وبدأ بعضهم بتقييم هذه العلاقة بين البلدين على أنّها تهديد لمصالح الأمن القومي الأمريكي. وهذه المواقف الأمريكية هي نتيجة تخوّف من أن تصبح الصين مستقبلاً البديل الاستراتيجي عن الولايات المتحدة الأمريكية في الخليج وخاصّة في المملكة وهم يطرحون عدداً من الأسباب منها:
أولاً: إنّ المملكة بدأت تشعر وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بضغوط أمريكية غير مسبوقة، وإنّ الولايات المتحدة باتت تنتقدها بشكل غير مسبوق وتتدخل بشكل غير محدود في القضايا الداخلية فيها.
ثانياً: إنّ الأمريكيين هددوا مراراً وعبر دعايات وترويجات لرجال سياسة ودين وعسكر بضرب المملكة العربية السعودية، وهناك تسريب دائم لمثل هذه السيناريوهات، الأمر الذي يدفع المملكة مستقبلاً إلى التفكير جدّياً بالحصول على غطاء غير أمريكي، وقد تكون الصين حاضرة بقوة في تلك المرحلة ومستعدة لإبداء تعاون غير مشروط وغير مسبوق للمملكة في إطار الحاجة إلى نفطها.
ثالثاً: إنّ الصين مستعدة لتقديم كل التكنولوجيا الموجودة لديها عسكرياً وصناعياً وحتى نووياً ومساعدة المملكة على التطور بشكل غير محدود وهو ما لا تقدمه الولايات المتحدة للمملكة إلا بشروط تعجيزية إذا حصل ذلك.
رابعاً: يتخوف بعض المحللين أيضاً من حصول انقلاب في الحكم في المستقبل في المملكة وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تغيير جذري في التحالفات القائمة حالياً. وبالتأكيد فإن الصين جاهزة دائماً لتقديم كل المساعدة مقابل تأمين مستلزماتها المستقبلية من النفط والتي ستزاحم الولايات المتحدة عليها قريباً جداً.
وتشير بعض التقديرات إلى أن الطلب العالمي على النفط قد يزداد بمقدار 35 مليون برميل يومياً بحلول عام 2010، حيث يكون الإنتاج الكلي أقل من المطلوب بكثير، ويشير ذلك إلى أن الدول الرئيسية المستوردة للنفط مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية واليابان سوف تخوض منافسة شديدة مع الصين إذا لم تلب موارد النفط العالمي الطلب المتزايد في العالم.
ويعني الاعتماد على النفط بطبيعة الحال الاعتماد على الشرق الأوسط الذي يضم 70 في المائة من حجم الاحتياطيات المؤكدة في العالم. وباعتبار أن 60 في المائة من واردات الصين النفطية آتية من الشرق الأوسط، فإن الصين لا تستطيع أن تبقى ساكنة على هوامش هذه المنطقة المضطربة، ولذلك سعت وستسعى إلى تشكيل موطئ قدم لها في المنطقة. فالقوى العظمى تجد صعوبة في التعايش في خضم تنافسها على الموارد النادرة، وسيتمحور الخلاف الدائم على الأرجح حول علاقات الصين بالمملكة العربية السعودية التي تمتلك ربع نفط العالم والتي قد تكون مفتاح الصين إلى المنطقة في المستقبل وهذا ما تتخوف منه الولايات المتحدة.
وزير الدفاع الصينى يلتقى ولى العهد السعودى
التقى وزير الدفاع الصينى تساو قانغ تشوان ولى العهد السعودى الامير سلطان بن عبد العزيز هنا يوم الثلاثاء, حيث اعرب الجانبان عن رغباتهما فى تحسين الروابط العسكرية بين البلدين.
وقال تساو الذى وصل الى هنا يوم الاحد, ان الصين تثمن علاقاتها العسكرية الودية والتعاونية مع المملكة العربية السعودية, ومستعدة لبذل الجهود المشتركة مع الدولة الواقعة فى منطقة الشرق الاوسط من اجل دفع هذه العلاقات الى مستوى اعلى.
واشار الى ان السنوات الأخيرة قد شهدت زيادة مستمرة لتبادل الافراد والتعاون السليم فى مختلف المجالات بين الجيشين الصينى والسعودى.
واكد تساو ان كافة انشطة التعاون يتم تنفيذها فى اطار الاخلاص والصداقة والمساواة والمنفعة المتبادلة.
واطلع تساو ايضا ولى العهد السعودى على موقف الصين ازاء قضية تايوان.
يذكر ان سلطان, وهو ايضا نائب رئيس الوزراء السعودى ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام للقوات المسلحة, اعرب عن اتفاقه مع تساو فى الرأى.
واضاف ان الرياض تولى اهتماما للعلاقات السعودية - الصينية, وتأمل فى الحفاظ على العلاقات الثنائية الودية للابد.
كما اعرب ولى العهد السعودى عن دعم بلاده الثابت لسياسة صين واحدة