صاروخ DF-3A من رماد الحرب الباردة إلى لهيب الشرق الأوسط
مشاهدة المرفق 804118
مقدمة
صاروخ Dong Feng 3 (بالصينية: 东风-3، وتعني "رياح الشرق") والمعروف لدى الناتو بأسم ( CSS-2 ) هو من الصواريخ الباليستية متوسطة الى طويلة المدى (MRBM-IRBM) التي طورتها جمهورية الصين الشعبية خلال الحرب الباردة عبر مصنع 211 (شركة العاصمة للملاحة الفضائية Capital Aerospace)، والذي صُمّم هو ونسخته المطوّرة (DF-3A) لتعزيز قدرات الردع النووي الصينية، بقدرة على حمل رؤوس نووية أو تقليدية، وارتبط اسمه في المنطقة العربية بواحدة من أكبر صفقات الصواريخ الباليستية عندما حصلت عليه المملكة العربية السعودية في أواخر الثمانينات.
مشاهدة المرفق 804147
الخلفية التاريخية لتطوير DF-3
بدأ تطوير DF-3 مطلع الستينيات بالتوازي مع الصاروخ DF-2، وكان الهدف إنشاء صاروخ يعمل بالوقود السائل ويُخزن بدرجة حرارة الغرفة، باستخدام مؤكسد AK-20 (حمض النيتريك الأحمر بنسبة 20%) والوقود TG-02 (خليط من ثنائي ميثيل الأنيلين وثلاثي إيثيل أمين) لكن توتر العلاقات مع الاتحاد السوفيتي حال دون حصول الصين على تقنيات الصاروخ السوفيتي R-12، مما اضطرها للاعتماد على قدراتها الذاتية.
في أبريل 1964، أعادت الصين تعريف متطلبات المشروع، حيث تم رفع المدى الأقصى من 2000 كم إلى 2500 كم لتغطية القواعد الأمريكية في الفلبين، كما رُفع وزن الرأس الحربي من 1500 كجم إلى 2000 كجم لاستيعاب قنبلة هيدروجينية قيد التطوير. لتحقيق ذلك، زيد الدفع المخطط للمحرك من 64 طنًا إلى 96 طنًا واستُبدل المؤكسد من AK-20 إلى AK-27 (تركيبة أكثر قوة)، بينما تحول الوقود من TG-02 إلى وقود أكثر استقرارًا يُعرف بـ UDMH (الهيدرازين غير المتماثل).
و في 12 سبتمبر 1964، أقرّت اللجنة العسكرية المركزية رسميًا تسمية الصاروخ الجديد باسم DF-3 (Dong Feng3)، وفي مايو 1971، بدأ جيش التحرير الشعبي الصيني نشر النسخة الأساسية من DF-3 ضمن قوات المدفعية الثانية. ومع مطلع الثمانينات، تم تطوير النسخة المحسنة DF-3A بمدى أبعد ودقة أكبر، ودخلت هذه النسخة مرحلة الاختبارات عام 1986م.
مشاهدة المرفق 804115
الدوافع الاستراتيجية لتطوير DF-3 / DF-3A:
في ستينيات القرن الماضي، ومع تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، واجهت جمهورية الصين الشعبية تحديات جيوسياسية معقّدة دفعتها إلى تبني سياسة تطوير مستقلة لمنظومات الردع النووي والصواريخ الباليستية. وكان على رأس هذه التحديات تدهور العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وتصاعد التواجد العسكري الأمريكي في منطقة المحيط الهادئ.
❖ الردع ضد الاتحاد السوفيتي:
كانت الصين قد وقّعت معاهدة صداقة وتحالف مع الاتحاد السوفيتي عام 1950، ما مكّنها من الحصول على مساعدات تقنية لتطوير صواريخها الأولى مثل DF-1 وDF-2. لكن ابتداءً من أواخر الخمسينيات، توترت العلاقات بين الجانبين بسبب الخلافات الأيديولوجية بين ماو تسي تونغ ونيكيتا خروتشوف، وصولًا إلى الانقسام الصيني-السوفيتي الرسمي عام 1960، وما تبعه من انسحاب الخبراء السوفييت وقطع الدعم التقني.
هذا التحول جعل موسكو نفسها تُصنّف كهدف استراتيجي محتمل، فتم تصميم الصاروخ DF-3 ليكون قادرًا على الوصول إلى العمق السوفيتي واستهداف مدن رئيسية مثل موسكو، بمدى يتراوح بين 2,500 و3,000 كيلومتر، مما منح الصين قدرة ردع نووي حقيقية ضد القوة العسكرية الأكبر في جوارها الشمالي، خصوصًا في ظل التوترات الحدودية مثل نزاع جزيرة أوسوري عام 1969.
❖ مواجهة التهديدات الأمريكية:
لم تكن موسكو التهديد الوحيد، إذ شكل الوجود العسكري الأمريكي في آسيا تهديدًا مباشرًا للصين، خاصة القواعد المنتشرة في غوام، اليابان، كوريا الجنوبية، والفلبين. لذلك، سعت الصين إلى تطوير صاروخ قادر على تهديد هذه القواعد من عمق أراضيها، وكان DF-3 الوسيلة المناسبة لذلك، ما أتاح لبكين تحسين ميزان الردع ضد واشنطن وحلفائها.
❖ توصيل القدرات النووية:
بعد نجاح الصين في إجراء أول تجربة نووية عام 1964، برزت الحاجة إلى وسيلة توصيل استراتيجية فعّالة. مثّل DF-3 أول صاروخ صيني قادر على حمل رأس نووي حراري بقوة تقارب ميغاطن واحد، ما عزّز مكانة الصين كقوة نووية ذات مصداقية.
❖ الاعتماد التقني الذاتي:
مع انقطاع الدعم السوفيتي، أصبحت الصين مجبرة على تطوير بنيتها التحتية الصاروخية بشكل مستقل. ورغم أن تصميم DF-3 استند جزئيًا إلى الصاروخ السوفيتي R-14 "Chusovaya"، فقد تم تطويره محليًا بالكامل بقيادة علماء صينيين بارزين مثل تو شو إي وسون جيادونغ، وهو ما رسخ مبدأ الاعتماد الذاتي في البرنامج الصاروخي الصيني.
❖ تطوير النسخة المحسنة DF-3A:
بحلول الثمانينيات، وجدت الصين نفسها بحاجة إلى تعزيز قدرات DF-3، من حيث المدى والدقة والحمولة. فجاءت النسخة المحسنة DF-3A، التي دخلت الخدمة عام 1987، بمدى أطول يصل إلى 4,000 كم، لم تكن هذه النسخة موجهة فقط للاستخدام المحلي، بل صُممت أيضًا لتكون قابلة للتصدير، ما أدى لاحقًا إلى صفقة تصديرها إلى المملكة العربية السعودية، في واحدة من أكبر صفقات الصواريخ الباليستية التي عقدتها الصين حتى ذلك الحين.
مشاهدة المرفق 804151
العنصر | DF-3 | DF-3A |
---|
النوع | صاروخ متوسط المدى MRBM | صاروخ متوسط إلى طويل المدى IRBM |
سنة دخول الخدمة | 1971م | 1987م |
الطول | 21 متر | 24 متر |
القطر | 2.25 متر | 2.25 متر |
الوزن عند الإطلاق | 54 طن | 64 طن |
المدى الأقصى | 2,500 – 3,000 كم | 2,800 – 4,000 كم |
نظام التوجية | بالقصور الذاتي INS | بالقصور الذاتي،مع استخدام جيروسكوبات أكثر دقة وأنظمة حوسبة محسنة |
الحمولة القتالية | 2,150 كجم | 2,500 كجم |
نوع الرأس الحربي | نووي (0.7 ميغاطن) | نووي (3 ميغاطن)أو تقليدي |
الدقة (CEP) | 1,000 - 3,000 م | 300 – 500 م ( 2,800 كم ) ، 1000 م ( 4,000 كم ) |
مساحة التدمير (نووي) | قطر 10 كم | قطر 15 كم |
مساحة التدمير (تقليدي) | دائرة 100- 300 متر | دائرة 300-500 متر |
السرعة النهائية | ماخ 10 - 12 (3.4-4.1 كم/ثانية) | 15 ماخ (5.1 كم/ثانية) |
وقت التجهيز للإطلاق | 2.5 ساعة | 1.5 ساعة |
منصات الإطلاق | شاحنة TEL (مثل WS2400) | شاحنة TEL (مماثلة) |
عدد العربات الداعمة | 8 - 13 عربة (وقود، قيادة، دعم لوجستي) | مماثلة |
استبدال الصاروخ بمنظومة DF-21
مع بداية القرن الحادي والعشرين، أصبحت الصواريخ العاملة بالوقود السائل مثل DF-3A غير مناسبة للمتطلبات العملياتية الحديثة، نظرًا لطول وقت التجهيز وصعوبة الإخفاء والاستجابة.
❖ في الصين
:
بدأت عملية الإحلال التدريجي لصواريخ DF-3A في أواخر التسعينات، مع إدخال صواريخ DF-21A العاملة بالوقود الصلب. وقد مثّل DF-21A طفرة في الدقة والمرونة التشغيلية. ومع مرور الوقت، أصبحت النسخ المطوّرة من DF-21 هي العمود الفقري للصواريخ الباليستية الصينية متوسطة المدى.
• المدى: 1770 كم
• الحمولة : 750 كجم
• الدقة (CEP) : أقل من 200 متر
مشاهدة المرفق 804152
❖ في المملكة العربية السعودية
:
أشارت تقارير استخباراتية وصور أقمار صناعية إلى أن المملكة قامت في عام 2007 بإدخال صواريخ DF-21C إلى الخدمة ضمن قواتها الاستراتيجية، لتحل محل صواريخ DF-3A.
ويمتاز DF-21C بالمواصفات التالية:
• المدى: يصل إلى 1,700 – 2,150 كم
• الحمولة: رأس تقليدي دقيق التوجيه ( 2000 كجم)
• الدقة (CEP): 40 ~ 30 متر
• نوع الدفع: وقود صلب
• منصة الإطلاق: متنقلة (TEL) عالية الجاهزية
• زمن التحضير: أقل من 15 دقيقة
مشاهدة المرفق 804145
- النهاية -
مشاهدة المرفق 804117