
برزت الجزائر كقوة دفاعية متقدِّمة بعد أن أصبحت الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400، المصنّفة بين الأقوى عالميًا، وذلك في منطقة تعج بالتحديات الأمنية والتسابق العسكري وإحدى البقاع الساخنة عسكريًا.
هذا التطور لم يأت من فراغ، بل يعكس فلسفة تسليح جزائرية تقوم على الردع الصلب والاعتماد على التكنولوجيا الروسية الأكثر تطورًا في مجالات الدفاع الجوي.
الجزائر وS-400 .. خطوة لبناء درع سيادي
في خطوة غير مسبوقة عربيًا، أصبحت الجزائر أول دولة في المنطقة تتسلم وتشغل منظومة S-400 “تريومف” الروسية، التي تعد من أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورًا في العالم.وقد تم تأكيد هذه الصفقة بعد تسريبات متطابقة منذ عام 2021، لتُظهر صور الأقمار الصناعية والمنصات العسكرية لاحقًا وجود عناصر المنظومة داخل الأراضي الجزائرية، وقد نشرت الجزائر رسمياً صوراً لمنظومة S-400 الروسية خلال أحد التدريبات العسكرية.
وتنضم الجزائر بهذه الخطوة إلى نادي النخبة الذي يضم دولًا كالصين والهند وتركيا وروسيا، بينما لا تزال أغلب الجيوش العربية تعتمد على أنظمة غربية مثل باتريوت وNASAMS أو أنظمة روسية أقدم مثل بيتشورا.

قدرات S-400 “جوهرة” الدفاع الجوي الروسي
تُصنّف S-400 ضمن الجيل الرابع من أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى متعددة الطبقات، وهي قادرة على اعتراض:الطائرات المقاتلة، بما فيها الشبحية مثل F-22 وF-35 .. وكذلك الصواريخ الباليستية والتكتيكية، وصواريخ كروز.
وتصل مدى تغطية النظام إلى 400 كم ضد الطائرات و60 كم ضد الصواريخ الباليستية، مع قدرة على تتبع 300 هدف في آنٍ واحد، وتوجيه 72 صاروخًا نحو أهداف مختلفة في نطاقات متعددة، حسب نوعية الصاروخ المستخدم (40N6، 48N6DM، 9M96E2).
يتميّز النظام برادارات متقدمة ذات قدرة على الكشف ثلاثي الأبعاد بزاوية 360 درجة، ومقاومة قوية للحرب الإلكترونية، إضافة إلى زمن استجابة فائق السرعة لا يتجاوز الثواني.
لماذا الجزائر وحدها تمتلكS-400 دون غيرها من الدول العربية؟
يعكس قرار الجزائر بعدة مستويات .. فالجزائر لديها تحول عقائدي في فلسفة الدفاع .. إذ تعتبر الجزائر أن التهديدات المحتملة قد تأتي من الجو، سواء من طائرات شبحية أو صواريخ دقيقة التوجيه، لذا تركز على مظلة جوية لا تعتمد على الغرب وتستطيع العمل في بيئات تشويش عالية.استقلال استراتيجي عن الغرب: رفضت الجزائر مرارًا الانخراط في تحالفات عسكرية تقودها واشنطن أو باريس، ما جعلها تركز على السلاح الروسي الذي يمنحها حرية تشغيل كاملة دون قيود أو ضغوط سياسية، بخلاف أنظمة مثل الباتريوت.
التهديدات الإقليمية: خصوصًا في ضوء ما تشهده منطقة المغرب العربي، والتوترات مع المغرب، بالإضافة إلى التمدد الإرهابي، وتصاعد النزاعات في ليبيا، وهو ما يعزز الحاجة لنظام قادر على تأمين عمق استراتيجي جوي واسع.

منظومة ردع إقليمي ترسم “خطًا أحمر” جويًا
يُعتبر إدخال S-400 إلى الخدمة في الجزائر بمثابة رسالة ردع صلبة موجهة لكل من يفكر في اختبار المجال الجوي الجزائري.فعلى خلاف أنظمة دفاع جوي تقليدية تعتمد على الاعتراض القريب أو المتوسط، توفر S-400 قدرات اعتراض استباقي على مسافات كبيرة، ما يمنح القيادة العسكرية الجزائرية القدرة على تحييد التهديد قبل أن يقترب من المجال الجوي السيادي.
وبينما تتجه بعض الدول العربية للاعتماد على أنظمة عسكرية دفاعية أمريكية، فإن الجزائر تراهن على استراتيجية دفاعية مزدوجة: مقاتلات قوية من نوع سو-30 وميغ-29M2 وسوخوي-34، ومقاتلات الجيل الخامس SU-57، ومدعومة بمنظومة دفاع جوي شبكي على رأسه S-400، بالإضافة إلى أنظمة أخرى مثل S-300PMU2 وبوك-M2 وتور-M2.
هل تفتح الجزائر الباب لسباق عربي نحو S-400؟
حتى الآن، لم تعلن أي دولة عربية غير الجزائر امتلاك هذه المنظومة. وكانت السعودية وقطر وتركيا قد دخلت مفاوضات مع روسيا بشأن S-400، لكن الضغوط الأمريكية، خاصة عبر قانون CAATSA، حالت دون إتمام الصفقة.وبالتالي، تبقى الجزائر النموذج العربي الوحيد الذي كسر هذا الحصار الغربي، مستفيدة من علاقتها التاريخية مع موسكو، واستقلالية قرارها السياسي والعسكري.
الجزائر تقود التحول نحو مظلة سيادية للدفاع الجوي
في عالم تتغير فيه موازين القوى الجوية بسرعة، تبدو الجزائر قد حسمت خيارها باتجاه امتلاك أداة ردع متقدمة وقابلة للتطوير.ومن خلال منظومة S-400، ترسّخ الجزائر عقيدة دفاعية تقوم على السيادة الكاملة، والاستعداد لأي سيناريو جوي محتمل، دون الاعتماد على طرف خارجي قد يساوم في لحظة أزمة.
فاقتناء المنظومة الروسية ليست مجرد صفقة تسليح.. بل عنوان لمعادلة جديدة في ميزان الردع العربي.

الجزائر تكسر الاحتكار.. أول دولة عربية تمتلك منظومة الدفاع الجوي الروسية الخارقة S-400
برزت الجزائر كقوة دفاعية متقدمة بعد أن أصبحت الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400، المصنّفة بين الأقوى عالميًا،
