وثائق تكشف دور الصين في تصنيع مسيرات حرب روسيا وأوكرانيا
الوثائق تأتي فيما تؤكد بكين رقابة صادرات الطائرات المسيرة وتنفي تزويد أي طرف بأسلحة فتاكة
شارك
تابع آخر الأخبار على واتساب
وثائق تكشف دور الصين في تصنيع مسيرات حرب روسيا وأوكرانيا
التالي:من الشرق إلى الغرب.. كيف تقلب "الدرونز" موازين الحروب الحديثة؟
المسيرات أصبحت سلاحاً هاماً لكل من أوكرانيا وروسيا مع دخول الحرب عامها الرابع

المصدر:
بلومبرغ
بعد وقت وجيز من شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربه الشاملة على أوكرانيا، وضعت شركة روسية مغمورة، تقع على بُعد آلاف الأميال، خطة للتعاون مع شركات صينية بهدف معالجة أحد أكثر التحديات إلحاحاً التي واجهها الجيش الروسي الغازي، وهو تأمين طائرات مسيرة قتالية كانت تحولاً جذرياً في ساحة المعركة.
الوثائق التي اطلعت عليها "بلومبرغ"، والتي تشمل مذكرات شركة "آيرو-هيت" (Aero-HIT) ومراسلات مع مسؤولين حكوميين روسي، تكشف تفاصيل غير مسبوقة حول كيفية استغلال موسكو لعلاقاتها الودية مع بكين للتحايل على العقوبات الغربية واكتساب الخبرات والقدرات اللازمة لتصنيع طائرات مسيرة تُستخدم ضد أوكرانيا. وتستعرض الوثائق بالتفصيل دراسة حالة غير معلنة سابقاً عن تعاون بين شركات روسية وصينية في تقنيات الدفاع.
تُظهر الوثائق مجمعةً كيف يمكن للتقنيات الحساسة الانتقال من الصين إلى روسيا، حتى في ظل إنكار حكومة الرئيس شي جين بينغ تزويد أياً من طرفي الحرب بأي إمدادات.
اقرأ أيضاً: الرئيس الصيني يأمل في اتفاق سلام عادل لإنهاء الحرب في أوكرانيا
تزعم شركة "آيرو-هيت"، التي تلقت دعماً مالياً من الحكومة الروسية، أن مصنعها القريب من مطار مدينة خاباروفسك في أقصى شرق البلاد يمتلك القدرة على إنتاج نحو 10 آلاف طائرة مسيرة شهرياً هذا العام، مع خطط لتوسيع الإنتاج ليشمل نماذج أكثر تطوراً.
ونمت الشركة سريعاً لتُصبح واحدة من الموردين الرئيسيين للطائرات المسيرة المخصصة للعمليات العسكرية الروسية في منطقة خيرسون الأوكرانية، التي تسيطر روسيا جزئياً عليها ويطالب بوتين بضمها الكامل إلى السيادة الروسية كشرط لإنهاء الحرب.
"فيلس".. مسيرة رخيصة التكلفة
تشمل منتجات الشركة طائرة "فيلِس" (Veles)، وهي مسيرة بتقنية منظور الشخص الأول (FPV)، والتي تتيح للطيارين متابعة ساحة المعركة لحظياً عبر شاشة أو نظارات واقع افتراضي متصلة بكاميرا الطائرة الرباعية. وقد أصبحت هذه التقنية عنصر قتالي أساسي لكلا الطرفين في الحرب، بينما تشير عدة تقارير إلى أن روسيا استخدمتها عمداً لاستهداف المدنيين وملاحقتهم في مدينة خيرسون التي استعادتها أوكرانيا بنجاح أواخر عام 2022.تتفاوت أسعار الطائرات المسيرة بتقنية منظور الشخص الأول بحسب تجهيزاتها، إذ تبدأ من بضع مئات وقد تصل إلى عدة آلاف من الدولارات. وبحسب أمر شراء في مارس اطلعت عليه "بلومبرغ"، بلغ ثمن صفقة تضم 100 طائرة من طراز "فيلِس" نحو 8 ملايين روبل، أي ما يعادل حوالي 1000 دولار للطائرة الواحدة.
وفي يونيو من العام الماضي، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية شركة "آيرو-هيت" على قائمة العقوبات، مؤكدة أن مسيرات "فيلِس" التي تنتجها الشركة "استُخدمت من قبل القوات الروسية في خيرسون لاستهداف مواقع أوكرانية".
لم ترد شركة "آيرو-هيت" على طلب للتعليق أو على مجموعة مفصلة من الأسئلة المقدمة إليها.
شركات وهمية لإخفاء سلسلة الإمدادات
تكشف الوثائق، التي تمتد من أواخر عام 2022 حتى يونيو 2025، عن مدى سعى موسكو لإخفاء هوية موردي المعدات العسكرية لجيشها، وذلك من خلال الاعتماد غالباً على وسطاء يعملون في مجالات أخرى مثل تموين شركات الطيران وإمدادات المنتجات الزراعية وخدمات نقل المأكولات البحرية.في رسالة بتاريخ 16 يونيو من هذا العام، خاطبت شركة "آيرو-هيت" رئيس قسم البحوث متعددة التخصصات والمشاريع الخاصة في وزارة الدفاع بموسكو، مطالبة بدعم مالي لتعزيز قدراتها الإنتاجية عبر توطين تصنيع الطائرة المسيرة "أوتيل إيڤو ماكس 4 تي" (Autel EVO Max 4T) داخل روسيا.
تُعد شركة "أوتيل روبوتيكس" (Autel Robotics) واحدة من أبرز الشركات الصينية المصنعة للطائرات المسيرة وقطع غيارها. لكنها نفت توريد أي منتجات أو إقامة علاقات تجارية مع جهات روسية اعتباراً من فبراير 2022.
توثيق شراكة تقنية مع مهندسي الصين
تتضمن الرسالة خططاً مالية لاستثمارات تقدر بقيمة 7.1 مليار روبل (90 مليون دولار)، إلى جانب جدول زمني للنتائج المتوقعة يمتد على مدى 28 شهراً. وتنص على أن الشركة الروسية تتعاون مع مهندسي شركة "أوتيل" منذ أوائل عام 2023. وانقطعت العلاقة بين الشركتين لفترة وجيزة بفعل العقوبات، ثم استُئنفت الاتصالات مجدداً مع "أوتيل" أواخر عام 2024 تقريباً. كما أشارت الرسالة إلى أن الطرفين يتفاوضان على توطين إنتاج الطائرة المسيرة "أوتيل إيڤو ماكس 4 تي"منذ مايو 2025.تُظهر الوثائق أن الطائرة صُممت بالأساس لأغراض مدنية، لكنها أثبتت كفاءة عالية في العمليات العسكرية، بفضل مزايا رئيسية مثل وحدة اتصال لاسلكي مقاومة للتشويش الإلكتروني.
ويُقدر سعر بيع الطائرة الواحدة بـ650 ألف روبل شاملة ضريبة القيمة المضافة، فيما تستهدف الخطة إنتاج ما يصل إلى 30 ألف طائرة سنوياً، وفقاً للتفاصيل الموضحة في الاتفاق.
ترى "آيرو-هيت" أن توطين إنتاج هذا الطراز سيعزز من قدرة روسيا على تصنيع طائرات مسيرة عالية التقنية، وسيمكنها من نقل التقنيات والمعرفة، بما في ذلك البرمجيات الثابتة وتصحيح الأخطاء وعمليات الإنتاج والصيانة. والأهم من ذلك أن المشروع سيدمج هذه الطائرات مع أنظمة تكنولوجيا المعلومات المحلية، بما يضمن تكييفها لتخدم متطلبات الجبهات القتالية الروسية.
لم يتضح من المراسلات ما إذا كانت شركة "أوتيل"، التي فرضت عليها المملكة المتحدة عقوبات في نوفمبر بتهمة توفير سلع وتقنيات تُقوض سيادة أوكرانيا، على دراية بهذا المشروع، أم أن التعاون يتم عبر موظفين أفراد في الشركة أو موزعين لتقنياتها. كما أُدرجت الشركة على القائمة السوداء لوزارة الدفاع الأميركية بسبب مزاعم ارتباطها بالجيش الصيني.
لم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب للتعليق.
نفي أي تعاون مع روسيا
من جانبها، قالت شركة "أوتيل روبوتيكس" في بيان عبر البريد الإلكتروني إنها لم تتعاون قط مع شركة روسية تُدعى "آيرو-هيت"، كما أنها لا تعلم بأي ترتيبات إنتاج محلي تشمل "آيرو-هيت" أو الطائرة المسيرة "أوتيل إيڤو ماكس 4 تي". وأكدت الشركة أنها أنهت تماماً كافة علاقاتها ومعاملاتها التجارية مع روسيا منذ فبراير 2022، بما في ذلك المبيعات المباشرة وغير المباشرة للكيانات الروسية، ووضعت سياسات امتثال داخلية صارمة.وفي بيان منفصل صدر في يناير، نفت "أوتيل" بشكل قاطع المزاعم الأميركية التي تشير إلى وجود علاقات لها مع الجيش الصيني. وقالت أنها "شركة تكنولوجية متقدمة متخصصة في الطائرات المسيرة المدنية، وليست مقاولاً عسكرياً، ولا مورداً للجيش، ولا تمتلك أي مؤهلات عسكرية".
بكين تفرض رقابة صارمة
من جهتها، أكدت بكين مراراً أنها تفرض رقابة على تصدير ما يُعرف بالسلع ذات الاستخدام المزدوج، مثل الطائرات المسيرة التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، وأنها لم تزود أي طرف من أطراف الحرب بأسلحة فتاكة. غير أن الوثائق لا تكشف ما إذا كانت الحكومة في بكين على دراية بمدى استمرار بعض الشركات الصينية في العمل مع كيانات روسية.لم ترد وزارة الخارجية الصينية على طلب التعليق.
تُظهر الوثائق أنه مع تشديد بكين للقيود على تصدير الطائرات المسيرة، تراجعت بعض الشركات الصينية عن المشاركة في المشروع الروسي وانسحبت من العقود المبرمة، فيما تدخلت شركات أخرى لتتولى تنفيذ المهام محلها.
الطائرات المسيرة.. سلاح حاسم في الحروب
أصبحت الطائرات المسيرة سلاحاً بالغ الأهمية لكل من أوكرانيا وروسيا مع بلوغ الحرب عامها الثالث والنصف. وكثفت روسيا هجماتها مؤخراً على المدن الأوكرانية، وأحياناً ترسل وابلاً من ما يقرب من 500 طائرة مسيرة في ليلة واحدة، ما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين.اقرأ أيضاً: مارك تشامبيون: صفقة السلام الأوكرانية آيلة للفشل
تُقدر أوكرانيا أن روسيا تستعد لإنتاج ما بين 300 إلى 350 طائرة مسيرة بعيدة المدى يومياً، وتسعى لرفع هذا الرقم إلى 500 طائرة يومياً، بحسب ما صرح به الرئيس فولوديمير زيلينسكي في أواخر مايو. وفي الشهر ذاته، أبلغ زيلينسكي مجموعة من الصحفيين أن الصين أوقفت بيع الطائرات المسيرة لأوكرانيا، لكنها واصلت شحنها إلى روسيا.

تكشف الوثائق أن جذور شركة "آيرو-هيت" وشبكة علاقاتها مع موردين صينيين تعود إلى النصف الثاني من عام 2022، وهي علاقة أساسية مكنت روسيا من تصنيع طائرات "فيلِس" المسيرة على نطاق واسع.
في خريف عام 2022، بدأت مفاوضات بين شركة روسية تُدعى "كوماكس" (komax)، وممثلين عن المنطقة الحرة الشاملة في هاربين بالصين، ومطار خاباروفسك، الواقع على بُعد نحو 20 ميلاً فقط من الحدود الصينية، لبناء مستودع يتمتع بامتيازات ضريبية وجمركية خاصة لتسهيل الواردات، إلى جانب إنشاء خط إنتاج للطائرات المسيرة باستخدام قطع غيار وتقنيات صينية في المنطقة المجاورة.
تُظهر السجلات التجارية الروسية أن "كوماكس" مملوكة لشخص يُدعى كونستانتين باسيوك. وهو، بحسب تقارير إعلامية روسية، عميل سابق في جهاز الاستخبارات السوفيتية (KGB)، ويشغل منذ عام 2022 منصب سيناتور عن منطقة خيرسون التي تحتلها روسيا. كما فرض عليه الاتحاد الأوروبي عقوبات في عام 2023. وتشير الوثائق إلى أن شركة "كوماكس" هي الجهة المسؤولة عن إدارة مطار خاباروفسك.
تحالف بين موسكو وبكين لإنتاج المسيرات
تشير الوثائق إلى أن الطائرات المسيرة التي كان من المقرر إنتاجها ضمن المشروع كانت شبيهة بتلك التي تصنعها شركات صينية مثل "أوتيل" و"إس زد دي جي آي تكنولوجي" (SZ DJI Technology)، المعروفة اختصاراً باسم "دي جي آي" (DJI). كما حُددت وزارة الدفاع الروسية وعدد من الجهات الحكومية الأخرى كعملاء رئيسيين محتملين لهذا المشروع.لم يرد باسيوك على طلب التعليق بشأن شركته "كوماكس" أو مطار خاباروفسك، كما لم تصدر المنطقة الحرة الشاملة في هاربين أي رد على استفسارات تتعلق بالمحادثات التي جرت مع الجانب الروسي.
تطورت العلاقة بين الجانبين حينما توجه وفد روسي إلى الصين بين 28 أبريل و3 مايو 2023، لعقد اجتماعات مع ممثلين عن المنطقة الحرة الشاملة في هاربين وشركات مرتبطة بمعهد هاربين للتكنولوجيا (HIT)، الذي يُعد أحد أفضل الجامعات الهندسية في الصين، والمعروف بتفوقه في مجالات الملاحة الفضائية والتقنيات العسكرية.
وأثارت علاقات معهد هاربين للتكنولوجيا بالجيش الصيني مخاوف الولايات المتحدة، بشأن دوره في تطوير أسلحة متقدمة لصالح جيش التحرير الشعبي، مما دفع وزارة التجارة الأميركية إلى إدراجه على قائمة العقوبات في عام 2020. ويتمتع المعهد بعلاقات راسخة مع روسيا، إذ زاره بوتين خلال زيارته الرسمية إلى الصين في مايو 2024.
ولم يرد معهد هاربين للتكنولوجيا على طلب للتعليق.
اتفق الطرفان على تأسيس مشروع مشترك في مدينة خاباروفسك، وتسليم عينة من 100 مجموعة تجهيز لطائرات مسيرة إلى روسيا. وخلال الرحلة نفسها، زار الوفد الروسي أيضاً مقر شركة "أوتيل روبوتيكس"، إضافة إلى مصنع لإنتاج طائرات مسيرة في مدينة شينزين، وفقاً لمذكرة روسية.
وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وتحديداً في 22 مايو، التقى ممثلون روس وصينيون عن المشروع المشترك مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأقصى يوري تروتنيف، وذلك على هامش منتدى الأعمال الصيني الروسي الذي انعقد في شنغهاي. ووفقاً لمذكرة أخرى، اعتبر تروتنيف المشروع أولوية، وتعهد بتقديم الدعم اللازم للحصول على تصاريح من هيئة الجمارك الروسية تتيح استيراد المكونات المعفاة من الرسوم.
كما أكد بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للحكومة الروسية أن تروتنيف التقى بمسؤولين تنفيذيين صينيين "لبحث سبل تطوير التعاون بين روسيا والصين في منطقة الشرق الأقصى الروسي".
لم يصدر أي رد من تروتنيف على طلب التعليق.
عقب ذلك الاجتماع بفترة وجيزة، سُجلت شركة "آيرو-هيت" في مدينة خاباروفسك، وطلبت الحكومة الروسية تلقي تحديثات أسبوعية حول المشروع، بحسب ما ورد في المذكرة. وأوضح مسؤول حكومي أوروبي مطلع أن اسم الشركة يجمع بين الكلمة الروسية "آيرو"، المطابقة لنظيرتها الإنجليزية، واختصار اسم معهد هاربين للتكنولوجيا.
وتُظهر السجلات التجارية الروسية أن الشركة تخضع لسيطرة شركة "كوماكس".
شركات تنسحب وأخرى تظهر كبديل
واجهت العلاقة بعض التحديات في يونيو 2023، حين انسحبت شركات مقرها هاربين الصينية من المفاوضات. إلا أن شركة خاصة تُدعى "شينزين هواشينغ إندستري" (Shenzhen Huasheng Industry) سرعان ما تدخلت ووقعت في الشهر التالي اتفاقاً مشابهاً إلى حد كبير الصفقة التي كانت تسعى إليها الجهات الروسية.فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة "شينزين هواشينغ إندستري" العام الماضي نظراً لتعاقدها مع شركة "آيرو-هيت" لتزويدها بقطع غيار لطائرات مسيرة. ولم ترد الشركة الصينية على طلب التعليق.
تعرضت شبكة التوريد لانتكاسة أخرى في سبتمبر 2023، عندما فرضت وزارة التجارة الصينية قيوداً جديدة على تصدير الطائرات المسيرة ومكوناتها، ما أدى إلى إلغاء بعض العقود المبرمة سابقاً، رغم دفع نحو 65 مليون روبل كدفعات مقدمة ضمن تلك الاتفاقيات.
لكن بحلول ذلك الوقت، كان خط إنتاج الطائرات المسيرة "فيلِس" في خاباروفسك قد بدأ العمل فعلياً، إذ بلغ معدل الإنتاج الشهري ما بين 200 إلى 300 طائرة، مع تسارع وتيرة الإنتاج.
المسيرات تبرز ضمن الحملات الانتخابية
في يناير 2024، استعرضت شركة "آيرو-هيت" أعمالها خلال فعالية نظمها الكرملين في مدينة خاباروفسك لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، ضمن الحملة الانتخابية الرئاسية التي كانت تُجرى آنذاك. وقبل الفعالية، بعثت الشركة إلى الكرملين بموجز يتضمن خططها لإنتاج طائرات مسيرة لأغراض عسكرية تحت اسم "فيلِس"، وقدمت طلباً رسمياً للحصول على دعم حكومي، دون أي إشارة إلى أي دور للشركات الصينية. ولم يُعرف ما إذا كانت الشركة قد نالت هذا الدعم بالفعل.مع ذلك، تكشف وثائق أخرى عن علاقات تجارية مباشرة بين "آيرو-هيت" ووزارة الدفاع الروسية، إذ وجد أن الطائرات التي تنتجها الشركة، والمصنوعة في الغالب من مكونات صينية، كانت تُنقل فعلياً إلى ساحات القتال في أوكرانيا.
ففي أواخر مارس 2024، جرى تسليم 20 طائرة مسيرة وبطاريات إلى كتيبة عسكرية متمركزة في خيرسون، عبر شركة تُظهر سجلات الأعمال الروسية أنها تنشط عادةً في مجالات العقارات وتجارة الجملة في المأكولات البحرية وخدمات الشحن.
وفي 29 أغسطس من العام نفسه، أرسلت وزارة الدفاع الروسية خطاباً إلى "آيرو-هيت" تضمن خططاً لشراء 5,000 طائرة مسيرة من طراز "فيلِس" بتقنية منظور الشخص الأول، بالإضافة إلى 30 هوائي توجيه ومعدات أخرى. ولم تتمكن "بلومبرغ" من التحقق مما إذا كانت الصفقة قد نُفذت.
تُظهر وثيقة أخرى أن "آيرو-هيت" كانت في تلك المرحلة على الأرجح تشتري المكونات وقطع الغيار من شركة "أوتيل" الصينية عبر وسطاء. ومن بين هذه الشركات وسيط يُدعى "رينوفاتسيو-إنفست" (Renovatsio-Invest)، والتي فُرضت عليها عقوبات أميركية في يونيو 2024، بسبب توريدها طائرات مسيرة صينية الصنع نيابة عن "آيرو-هيت".
وقد حاولت "بلومبرغ" التواصل مع "رينوفاتسيو-إنفست" عبر رقم الهاتف المُسجل باسمها، لكنها لم تتلقَّ أي رد، ولم تتمكن من الوصول إلى وسيلة اتصال بديلة.
في مارس الماضي، بعث قائد وحدة عسكرية متمركزة في مدينة بسكوف، شمال غرب روسيا، خطاباً إلى شركة تُدعى "آيرومار-دي ڤي" (Aeromar-DV)، يطلب فيه مساعدتها في شراء 100 طائرة مسيرة من طراز "فيلِس". وذكر الخطاب أن هذا الطلب حظي بدعم وزارة الدفاع الروسية، وأن الهدف من استخدام الطائرات هو "تنفيذ مهام خاصة ضمن منطقة العملية العسكرية الخاصة".
ويؤكد أمر دفع أن شركة "آيرومار-دي ڤي"، التي تختص بتقديم خدمات التموين والطعام لشركات الطيران الروسية بما فيها الناقل الحكومي "إيروفلوت"، كانت تعتزم شراء الطائرات من شركة "آيرو-هيت" مقابل نحو 8 ملايين روبل.
لم ترد شركة "آيرومار-دي ڤي" على طلب التعليق.
كما لم تتمكن "بلومبرغ" من التأكد مما إذا كانت هذه الطائرات قد وصلت بالفعل إلى فرقة الإنزال الجوي 76 التابعة للحرس في بسكوف.
ومع ذلك، فإن طائرات "فيلِس" المسيرة، والتي يسهل تصنيعها على نطاق واسع طالما استمر توفر المكونات الصينية، لا تزال تستهدف المدن الأوكرانية يومياً.

وثائق تكشف دور الصين في تصنيع مسيرات حرب روسيا وأوكرانيا
الوثائق تأتي فيما تؤكد بكين رقابة صادرات الطائرات المسيرة وتنفي تزويد أي طرف بأسلحة فتاكة
asharqbusiness.com