قراءة " ماركسية " لحرب اسرائيل ايران .. و الريال السعودي .

باشق

مراسلين المنتدى
إنضم
4 أكتوبر 2021
المشاركات
7,298
التفاعل
24,429 615 4
الدولة
Saudi Arabia
تحية أصدقائي ..

بعيداً عن الضحك والقفز وراء الأخبار .. أحببت أن أكتب لكم شيئاً " أفهم فيه " قليلاً ... عن الحرب والمال والأسواق .





“الربح، هو الله الحقيقي للرأسمالية”
– كارل ماركس


لم تكن الرأسمالية يومًا معنيّة بالحقيقة، بل بتسعيرها. وفي قاموس السوق، لا تُسعَّر الحرب بالخراب، بل بموقع الضربة من خطوط الإمداد.
فإن سقطت قنبلة على ملجأ، فهي حدث سياسي؛ وإن سقطت على أنبوب نفط، فهي حدث تضخمي.


من هنا، نفهم المفارقة المريرة التي كشفها تقرير BlackRock لشهر أبريل 2025:
الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط مصنفة على أنها من أعلى المخاطر الجيوسياسية احتمالًا، لكنها تأتي في أدنى مرتبة من حيث اهتمام السوق المالي.

GqOKE_eWsAAazf9




لماذا؟
لأن الرأسمالية لا ترى كل الحروب، بل ترى فقط تلك التي تُهدد رأس المال — أو بالأحرى: تلك التي تُهدد وسيلة إنتاجه المفضلة... الطاقة.

هكذا تفرز الرأسمالية مفاهيمها الخاصة عن “الخطر”، وتحوّل الجغرافيا إلى مصفوفة سعرية، حيث تموت المدن كـ"خسائر هامشية"، وتُقصف الدول ما لم تكن حاملة لبرميل نفط.


----


الريال السعودي ..من عملة محلية إلى صمّام تضخم عالمي !


حين زار الأمير خالد بن سلمان طهران في مارس 2025، لم يكن يحمل ملفًّا سياسيًا، بل طمأنينة سوقية.

GqOttGuWcAAZH11


الزيارة لم تُقرأ كتحوّل دبلوماسي، بل كضمانة نفطية:

الرياض لن تسمح بأن تصل نيران الحرب إلى الاسواق النفطية

وكانت النتيجة فورية:
مؤشر المخاطر الجيوسياسية على السعودية (GPR) بلغ ذروته مع بداية مارس — أعلى مستوى منذ هجوم أرامكو 2019 — لكنه انهار فجأة بعد الزيارة.

GqOnZeEWEAAPbOF



هكذا، يتحوّل وزير الدفاع إلى أداة نقدية، ويصبح القرار السيادي أداة لضبط توقعات التضخم الأمريكية.

ففي اقتصاد عالمي مؤتمَن على خوارزميات البورصة، لم يعد يُهم من يحكم أو من يقاتل، بل فقط: من يستطيع منع اشتعال البئر، أو ضمان استمرار تدفّق البرميل.
وبهذا المعنى، فإن الريال السعودي لم يعُد مجرد عملة، بل تحوّل إلى أداة لقياس صدقية الحرب من عدمها.


---------

كيف تقيس الأسواق من يجب أن يحترق أولًا؟

" إن السوق لا يثق بأحد ، لكنه يثق بالخوف " شتريك

عندما يرتفع مؤشر CDS على دولةٍ ما، فإن السوق لا يقول: "هذه الدولة على وشك الانهيار"، بل يقول: " أعطني مالاً أكثر ، لأؤمن نفسي من رعبك القادم "

وفي أبريل 2025، سجّل مؤشر Credit Default Swap للسعودية أعلى مستوياته منذ جائحة كورونا: 100 نقطة أساس.

ما الذي يعنيه هذا؟ أن السوق لم يصدق كل ما قيل عن التهدئة..

اللافت، أن إسرائيل التي تخوض الحرب فعليًا، قفز مؤشر CDS عليها إلى أعلى مستوياته منذ 2011 — وهذا مفهوم.
لكن أن يرتفع المؤشر في السعودية رغم حيادها المعلن؟ فهذه علامة بنيوية ..

هكذا يتحوّل الخليج إلى سوق خطر مُشتقّ. وتُقرأ المدن لا باعتبارها مجتمعات، بل كـ"عقود تأمين" على سلامة الغرب من التضخم.


---------


" إذا أردتَ أن تفهم قرارات إمبراطورية، فتابع سعر الجالون "


قبل الحرب الاسرائيلية الايرانية ... في مقابلة متوترة على قناة NBC، قاطَع ترامب الصحفية مرارًا، ليس للحديث عن حقوق الإنسان، ولا عن أوكرانيا، بل عن أهم ما في الكوكب عنده: سعر البنزين.

قالها بوضوح: لقد سحقنا ، تضخم الطاقة 🔥 .
أوصلتُ سعر الجالون إلى 1.98 دولار، وهذا أعظم إنجازاتي"

كل شيء آخر لا يهم، طالما أن النفط تحت السيطرة. بل أكثر من ذلك: كان يوبّخ الصحفية لأن انشغالها بالكماليات يُعميها عن فقه السوق الإمبراطوري:

GqO9lLVWYAE9GnB



لم يكن يتحدث عن سياسة، بل عن هندسة عصب السوق. فهو يعلم أن الناخب الأمريكي لا يُصوّت بناءً على مبدأ، بل على ما يراه في محطّة الوقود.

-----


" حين تختنق الرأسمالية، لا تطلب الهواء... بل تطلب نفطًا." المجنون سلافوي جيجك 😘

في بورصات التنبؤ السياسي، قفز احتمال دخول أمريكا في ركود اقتصادي خلال 2025 إلى أكثر من 70٪، وفق بيانات Polymarket.

GqPA9ydXIAAIDts



هذه ليست مجرد أرقام، بل صفارة إنذار في قلب وول ستريت. ومع فشل أدوات الفيدرالي، والتضخم العنيد، تبقّى لدى ترامب خيار واحد فقط:

النفط

البرميل لم يعد مجرد سلعة، بل صمّام نجاة للبيت الأبيض. أيّ تهديد له — حتى لو كان افتراضيًا — يُقرأ كتهديد وجودي للرأسمالية الأمريكية.


----


حين فَقَدَت طهران مخلبها النفطي .. بدأت الحرب الحقيقية


" الحرب ليست نقيض الاقتصاد، بل امتداده العنيف " كلاوزفيتز


حين كانت إيران تلوّح سابقًا بإغلاق مضيق هرمز، كانت الأسواق ترتجف، والأسعار تقفز، والساسة يتصببون عرقًا.
لكن ما الذي تغيّر الآن؟
لماذا لم تتحرك الأسواق رغم انفجارات بندر عباس، وقصف بيروت، وتصعيد الحوثي؟

لأن السوق توصّل إلى قناعة خطيرة:

ايران فقدت ورقة النفط

لم تعد تمتلك ما يكفي من السيطرة على شبكة الإمداد، ولا من القدرة على إيذاء منشآت الخليج، ولا حتى من الجرأة الجيوسياسية لإعادة تسعير النفط بالقوة.
وهنا بدأ فصل جديد من الحرب، لا يُكتب في نشرات الأخبار، بل في تقارير المخاطرة:
  • تفجير ميناء بندر عباس.
  • تهديدات غير مسبوقة من تل أبيب.
  • انهيار المفاوضات مع الغرب.
  • تأديب الحوثي وتقليم أظافره في حرب ترامب الاخيرة 😉

هذه ليست أحداثًا متفرقة، بل عناصر تكتيك مركب لما يُعرف في أدبيات الأمن القومي الأمريكي بـ"الحرب غير النظامية" — حين لا تستطيع سحق العدو عسكريًا، فتُحطّمه اقتصاديًا... من الداخل.
الهدف؟
جرّ إيران إلى مستنقع استنزاف، بعد أن فقدت القدرة على التأثير في التسعير العالمي، وإظهارها كقوة تصرخ كثيرًا، لكن لا تغيّر شيئًا في السوق.


-----

حرب الـ12 يومًا .. حين انفجرت إيران، ولم يرتفع السعر


images


في اليوم الرابع من الحرب، انفجرت منشأة نطنز.
وفي اليوم السادس، احترقت أصفهان.
وفي اليوم العاشر، أكدت صور الأقمار الصناعية أن إيران فقدت برنامجها النووي بالكامل


وفي اليوم الثاني عشر، كانت إسرائيل تضع الخاتمة: ........ استسلام ايراني خفي ........


لكن ماذا فعل السوق؟
لا شيء تقريبًا.


برميل برنت تذبذب 7٪ فقط.
أسعار الغاز استقرت.
الريال السعودي لم يرتجف.



وكأن التفجير النووي لم يقع في قلب الشرق الأوسط، بل في قبوٍ فارغ من التأثير، في اقتصاد تم عزله وتشويهه وسلخه من أدواته.

"ما لا يمكن تسعيره، يمكن تجاهله." فكر السوق ...

هكذا تلقّى العالم واحدًا من أخطر التفجيرات الجيوسياسية في هذا القرن، لكنّه لم يُدخله في حساباته، لأنه ببساطة:
لم يهدد التدفق.

حرب بلا أثر مالي هي حرب خاسرة. وإيران — كما تبيّن — لم تفقد منشآتها فقط، بل فقدت حقّها في التخويف الاقتصادي.


-----


خاتمة :



من يتحكم في التسعير، يتحكم في المصير



في النهاية، لم تكن حرب إيران وإسرائيل سوى عرض جانبي. الحدث الحقيقي كان في الأسواق. هناك، حيث يُقاس الألم بالنقاط، والموت بالمؤشرات، والدماء بإشارات الدولار.

السعودية لم تطلق رصاصة، لكنها ربحت جولة كبرى. بثبات الريال، وقوة أرامكو، وقدرة الدولة على امتصاص الضغط والتحكم في وتيرة الإنتاج،
تقدّمت المملكة إلى موقع جديد: من لاعب إقليمي، إلى مفتاح مالي لبنية العالم الإمبراطوري.

أما إيران، فقد خاضت حربًا فعلية، لكنها وجدت نفسها مُفصولة عن السوق، كمن يصرخ في العراء، وقد سُحبَ من يده آخر سلاح كان يهابه العالم: التأثير على التدفق.

" الحرب الحديثة لا تُكسب بالقوة، بل بمن يملك زرّ السعر " - ملاحظة اقتصادية ما بعد حداثية


الريال السعودي لم يعد فقط رمزًا سياديًا، بل صار أداةً جيوسياسية تُستخدم لتهدئة الدولار، وضبط التضخم، وإعادة تشكيل خريطة الخوف.


هكذا تُكتب خرائط النفوذ اليوم: ليست بالجيوش، بل بالبراميل. وليست بالبطولات، بل بالأرقام التي لا ترتجف.
 
تحية أصدقائي ..

بعيداً عن الضحك والقفز وراء الأخبار .. أحببت أن أكتب لكم شيئاً " أفهم فيه " قليلاً ... عن الحرب والمال والأسواق .





“الربح، هو الله الحقيقي للرأسمالية”
– كارل ماركس


لم تكن الرأسمالية يومًا معنيّة بالحقيقة، بل بتسعيرها. وفي قاموس السوق، لا تُسعَّر الحرب بالخراب، بل بموقع الضربة من خطوط الإمداد.
فإن سقطت قنبلة على ملجأ، فهي حدث سياسي؛ وإن سقطت على أنبوب نفط، فهي حدث تضخمي.


من هنا، نفهم المفارقة المريرة التي كشفها تقرير BlackRock لشهر أبريل 2025:
الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط مصنفة على أنها من أعلى المخاطر الجيوسياسية احتمالًا، لكنها تأتي في أدنى مرتبة من حيث اهتمام السوق المالي.

GqOKE_eWsAAazf9




لماذا؟
لأن الرأسمالية لا ترى كل الحروب، بل ترى فقط تلك التي تُهدد رأس المال — أو بالأحرى: تلك التي تُهدد وسيلة إنتاجه المفضلة... الطاقة.

هكذا تفرز الرأسمالية مفاهيمها الخاصة عن “الخطر”، وتحوّل الجغرافيا إلى مصفوفة سعرية، حيث تموت المدن كـ"خسائر هامشية"، وتُقصف الدول ما لم تكن حاملة لبرميل نفط.


----


الريال السعودي ..من عملة محلية إلى صمّام تضخم عالمي !


حين زار الأمير خالد بن سلمان طهران في مارس 2025، لم يكن يحمل ملفًّا سياسيًا، بل طمأنينة سوقية.

GqOttGuWcAAZH11


الزيارة لم تُقرأ كتحوّل دبلوماسي، بل كضمانة نفطية:

الرياض لن تسمح بأن تصل نيران الحرب إلى الاسواق النفطية

وكانت النتيجة فورية:
مؤشر المخاطر الجيوسياسية على السعودية (GPR) بلغ ذروته مع بداية مارس — أعلى مستوى منذ هجوم أرامكو 2019 — لكنه انهار فجأة بعد الزيارة.

GqOnZeEWEAAPbOF



هكذا، يتحوّل وزير الدفاع إلى أداة نقدية، ويصبح القرار السيادي أداة لضبط توقعات التضخم الأمريكية.

ففي اقتصاد عالمي مؤتمَن على خوارزميات البورصة، لم يعد يُهم من يحكم أو من يقاتل، بل فقط: من يستطيع منع اشتعال البئر، أو ضمان استمرار تدفّق البرميل.
وبهذا المعنى، فإن الريال السعودي لم يعُد مجرد عملة، بل تحوّل إلى أداة لقياس صدقية الحرب من عدمها.


---------

كيف تقيس الأسواق من يجب أن يحترق أولًا؟

" إن السوق لا يثق بأحد ، لكنه يثق بالخوف " شتريك

عندما يرتفع مؤشر CDS على دولةٍ ما، فإن السوق لا يقول: "هذه الدولة على وشك الانهيار"، بل يقول: " أعطني مالاً أكثر ، لأؤمن نفسي من رعبك القادم "

وفي أبريل 2025، سجّل مؤشر Credit Default Swap للسعودية أعلى مستوياته منذ جائحة كورونا: 100 نقطة أساس.

ما الذي يعنيه هذا؟ أن السوق لم يصدق كل ما قيل عن التهدئة..

اللافت، أن إسرائيل التي تخوض الحرب فعليًا، قفز مؤشر CDS عليها إلى أعلى مستوياته منذ 2011 — وهذا مفهوم.
لكن أن يرتفع المؤشر في السعودية رغم حيادها المعلن؟ فهذه علامة بنيوية ..

هكذا يتحوّل الخليج إلى سوق خطر مُشتقّ. وتُقرأ المدن لا باعتبارها مجتمعات، بل كـ"عقود تأمين" على سلامة الغرب من التضخم.


---------


" إذا أردتَ أن تفهم قرارات إمبراطورية، فتابع سعر الجالون "


قبل الحرب الاسرائيلية الايرانية ... في مقابلة متوترة على قناة NBC، قاطَع ترامب الصحفية مرارًا، ليس للحديث عن حقوق الإنسان، ولا عن أوكرانيا، بل عن أهم ما في الكوكب عنده: سعر البنزين.

قالها بوضوح: لقد سحقنا ، تضخم الطاقة 🔥 .
أوصلتُ سعر الجالون إلى 1.98 دولار، وهذا أعظم إنجازاتي"

كل شيء آخر لا يهم، طالما أن النفط تحت السيطرة. بل أكثر من ذلك: كان يوبّخ الصحفية لأن انشغالها بالكماليات يُعميها عن فقه السوق الإمبراطوري:

GqO9lLVWYAE9GnB



لم يكن يتحدث عن سياسة، بل عن هندسة عصب السوق. فهو يعلم أن الناخب الأمريكي لا يُصوّت بناءً على مبدأ، بل على ما يراه في محطّة الوقود.

-----


" حين تختنق الرأسمالية، لا تطلب الهواء... بل تطلب نفطًا." المجنون سلافوي جيجك 😘

في بورصات التنبؤ السياسي، قفز احتمال دخول أمريكا في ركود اقتصادي خلال 2025 إلى أكثر من 70٪، وفق بيانات Polymarket.

GqPA9ydXIAAIDts



هذه ليست مجرد أرقام، بل صفارة إنذار في قلب وول ستريت. ومع فشل أدوات الفيدرالي، والتضخم العنيد، تبقّى لدى ترامب خيار واحد فقط:

النفط

البرميل لم يعد مجرد سلعة، بل صمّام نجاة للبيت الأبيض. أيّ تهديد له — حتى لو كان افتراضيًا — يُقرأ كتهديد وجودي للرأسمالية الأمريكية.


----


حين فَقَدَت طهران مخلبها النفطي .. بدأت الحرب الحقيقية


" الحرب ليست نقيض الاقتصاد، بل امتداده العنيف " كلاوزفيتز


حين كانت إيران تلوّح سابقًا بإغلاق مضيق هرمز، كانت الأسواق ترتجف، والأسعار تقفز، والساسة يتصببون عرقًا.
لكن ما الذي تغيّر الآن؟
لماذا لم تتحرك الأسواق رغم انفجارات بندر عباس، وقصف بيروت، وتصعيد الحوثي؟

لأن السوق توصّل إلى قناعة خطيرة:

ايران فقدت ورقة النفط

لم تعد تمتلك ما يكفي من السيطرة على شبكة الإمداد، ولا من القدرة على إيذاء منشآت الخليج، ولا حتى من الجرأة الجيوسياسية لإعادة تسعير النفط بالقوة.
وهنا بدأ فصل جديد من الحرب، لا يُكتب في نشرات الأخبار، بل في تقارير المخاطرة:
  • تفجير ميناء بندر عباس.
  • تهديدات غير مسبوقة من تل أبيب.
  • انهيار المفاوضات مع الغرب.
  • تأديب الحوثي وتقليم أظافره في حرب ترامب الاخيرة 😉

هذه ليست أحداثًا متفرقة، بل عناصر تكتيك مركب لما يُعرف في أدبيات الأمن القومي الأمريكي بـ"الحرب غير النظامية" — حين لا تستطيع سحق العدو عسكريًا، فتُحطّمه اقتصاديًا... من الداخل.
الهدف؟
جرّ إيران إلى مستنقع استنزاف، بعد أن فقدت القدرة على التأثير في التسعير العالمي، وإظهارها كقوة تصرخ كثيرًا، لكن لا تغيّر شيئًا في السوق.


-----

حرب الـ12 يومًا .. حين انفجرت إيران، ولم يرتفع السعر


images


في اليوم الرابع من الحرب، انفجرت منشأة نطنز.
وفي اليوم السادس، احترقت أصفهان.
وفي اليوم العاشر، أكدت صور الأقمار الصناعية أن إيران فقدت برنامجها النووي بالكامل


وفي اليوم الثاني عشر، كانت إسرائيل تضع الخاتمة: ........ استسلام ايراني خفي ........


لكن ماذا فعل السوق؟
لا شيء تقريبًا.


برميل برنت تذبذب 7٪ فقط.
أسعار الغاز استقرت.
الريال السعودي لم يرتجف.



وكأن التفجير النووي لم يقع في قلب الشرق الأوسط، بل في قبوٍ فارغ من التأثير، في اقتصاد تم عزله وتشويهه وسلخه من أدواته.

"ما لا يمكن تسعيره، يمكن تجاهله." فكر السوق ...

هكذا تلقّى العالم واحدًا من أخطر التفجيرات الجيوسياسية في هذا القرن، لكنّه لم يُدخله في حساباته، لأنه ببساطة:
لم يهدد التدفق.

حرب بلا أثر مالي هي حرب خاسرة. وإيران — كما تبيّن — لم تفقد منشآتها فقط، بل فقدت حقّها في التخويف الاقتصادي.


-----


خاتمة :



من يتحكم في التسعير، يتحكم في المصير



في النهاية، لم تكن حرب إيران وإسرائيل سوى عرض جانبي. الحدث الحقيقي كان في الأسواق. هناك، حيث يُقاس الألم بالنقاط، والموت بالمؤشرات، والدماء بإشارات الدولار.

السعودية لم تطلق رصاصة، لكنها ربحت جولة كبرى. بثبات الريال، وقوة أرامكو، وقدرة الدولة على امتصاص الضغط والتحكم في وتيرة الإنتاج،
تقدّمت المملكة إلى موقع جديد: من لاعب إقليمي، إلى مفتاح مالي لبنية العالم الإمبراطوري.

أما إيران، فقد خاضت حربًا فعلية، لكنها وجدت نفسها مُفصولة عن السوق، كمن يصرخ في العراء، وقد سُحبَ من يده آخر سلاح كان يهابه العالم: التأثير على التدفق.

" الحرب الحديثة لا تُكسب بالقوة، بل بمن يملك زرّ السعر " - ملاحظة اقتصادية ما بعد حداثية


الريال السعودي لم يعد فقط رمزًا سياديًا، بل صار أداةً جيوسياسية تُستخدم لتهدئة الدولار، وضبط التضخم، وإعادة تشكيل خريطة الخوف.


هكذا تُكتب خرائط النفوذ اليوم: ليست بالجيوش، بل بالبراميل. وليست بالبطولات، بل بالأرقام التي لا ترتجف.

مقال جميل يالباشق سلمت أناملك
 
عودة
أعلى