استخدام الذكاء الاصطناعي في فساد الأخلاق وخدش الحياء بقلم العميد الركن محمد الخضيري الجميلي

محمد الجميلي

عضو جديد
إنضم
5 مارس 2025
المشاركات
52
التفاعل
63 1 0
الدولة
Egypt
:استخدم الذكاء الاصطناعي في فساد الأخلاق وخدش الحياء
«حين يُساء للذكاء الاصطناعي : خطورة تسخير التقنية لإفساد الأخلاق وخدش الحياء»



أولًا: المقدمة



في عالم تتسارع فيه الابتكارات، ويغدو الذكاء الاصطناعي أداةً حاضرة في تفاصيل حياتنا، يبرز تساؤل جوهري: هل التقنية دومًا في صفّ الفضيلة؟

لقد أُتيح للذكاء الاصطناعي أن يكون عونًا في التعليم، والصحة، والإبداع، لكنه أيضًا – حين يُساء استخدامه – قد يتحول إلى أداة تهديد لمنظومة القيم، وخاصة حين يُوظف لإنتاج كلمات نابية أو محتوى مخلّ بالحياء، تحت عباءة «الحرية» أو «التجربة».

إن هذا الانحراف ليس مسألة عابرة، بل هو خطر فادح على أخلاق المجتمع، يتطلب وعيًا ومواجهة جادة.



ثانيًا: الذكاء الاصطناعي… بين النعمة والنقمة



١. الوجه المضيء للتقنية

لقد أثبت الذكاء الاصطناعي قدرته في خدمة الإنسان؛ من تطوير النظم الطبية، إلى تسريع التعليم، وتحسين الخدمات اللوجستية.

أصبح أداة فعّالة لتعزيز الإنتاجية وتسهيل الحياة اليومية.



٢. الانزلاق إلى المحتوى المنحرف

عندما يُستغل الذكاء الاصطناعي لتوليد ألفاظ نابية أو صور غير لائقة، فإننا لا نتحدث عن تجربة فنية أو حدود حرية، بل عن انهيار أخلاقي.

مثل هذه الاستخدامات لا تُنتج محتوى فقط، بل تُشكّل ثقافة، وتؤثر في السلوك، وتخلق بيئة تتسامح مع الانحطاط.



٣. منصة بلا رقيب تعني خطرًا دائمًا

بعض المستخدمين يسعون إلى تحدي الأنظمة والقيود الأخلاقية في النماذج الذكية، محاولين دفعها إلى التفوه بألفاظ مبتذلة أو إيحاءات منحرفة، متناسين أنهم لا يبرمجون الآلة فحسب، بل يسهمون في برمجة الجيل القادم على القبول بالإسفاف.



ثالثًا: أثر هذا الاستخدام على الفرد والمجتمع



١. التأثير في الأطفال والناشئة

في ظل غياب رقابة فعالة، قد تصل هذه المواد إلى أيدي الصغار، فيتلقون محتوى منحرفًا من أدوات تبدو في ظاهرها علمية وموثوقة.

هذا يُربك الفطرة، ويشوّه الذوق العام، ويؤدي إلى اعتياد ألفاظ ومفاهيم لا تليق.



٢. تآكل الاحترام المجتمعي

حين تتساهل المجتمعات مع انتشار المحتوى المبتذل، تبدأ خطوط الحياء بالتلاشي، ويغدو الاستهزاء والسخرية والسوقية أمرًا مألوفًا، بل مطلوبًا في بعض المنصات.

هذا يُضعف هيبة الكلمة، ويجرّح الذوق العام، ويفقد اللغة هيبتها.



٣. تشويه سمعة التقنية وتشكيك الناس بها

لا يعود الذكاء الاصطناعي رمزًا للتقدم، بل أداة للتسلية الرخيصة، ما يُفقده احترام الناس وثقتهم، ويؤدي إلى تقويض المشاريع الجادة التي تبنى عليه.



رابعًا: مسؤوليتنا تجاه هذا الانحراف



١. التوعية أولًا

علينا أن نربي الأجيال على التفريق بين الحرية والإباحية، وبين الإبداع والانحراف.

التقنية ليست عدوًا، لكنها سلاح ذو حدين، ومن يوجهه هو الإنسان.



٢. سنّ القوانين والتشريعات الرادعة

يجب أن تُفرض ضوابط صارمة على استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى، وتُلاحق المنصات التي تسمح بانتشار الابتذال، ويُحاسب من يسيء استخدام هذه الأداة.



٣. دور المؤسسات التربوية والدينية

ليس من المقبول أن تقف المؤسسات موقف المتفرج، بل عليها أن توجّه وتُرشد وتُحذر من هذه الظواهر، وتُعيد الاعتبار للحياء واللغة الرفيعة والذوق السليم.



٤. مسؤولية كل فرد

كل من يستخدم هذه التقنية، يجب أن يسأل نفسه: هل أرتقي بها أم أُسقطها؟

إن تسخير الذكاء الاصطناعي لصناعة القبح ليس “ذكاءً” بل سوء نية.



خامسًا: الخاتمة



الذكاء الاصطناعي هبةٌ عظيمة، لكن حين يُستخدم لخلق محتوى مخلّ بالحياء، فإنه يتحول إلى نقمة تهددنا في جوهرنا الأخلاقي.

وإن مسؤوليتنا الكبرى تكمن في حماية المجتمع من هذا الانحدار، بالحزم، والوعي، والتوجيه، فالأمم لا تنهار حين تفقد قوتها، بل حين تفقد حياءها.

لنُبقِ التقنية في خدمة الإنسان… لا في هدم إنسانيته.
 
عودة
أعلى