مراتب العقول في ميدان الفكر والقيادة
بقلم العميد الركن محمد الخضيري الجميلي
تمهيد:
في فضاء الحوار والمعرفة، تتباين العقول كما تتباين الرتب في ساحة الميدان. هناك من يرتقي بفكره نحو الآفاق الكبرى، يناقش الأفكار ويخطط للمستقبل. وهناك من يبقى حبيس اللحظة، لا يرى أبعد من حدث عابر. أما البعض، فيغرق في تفاصيل الأشخاص، متخليًا عن جوهر القضايا.
هذه المحاضرة تسبر أغوار هذا التباين، وتكشف أثره العميق على القيادة والتفكير الاستراتيجي.
⸻
أولًا: الفكرة… نقطة التحول الكبرى
1. العقول العظيمة تناقش الأفكار لأنها تصنع التغيير.
لا تكتفي برؤية الواقع كما هو، بل تبحث عن أسباب ما وراءه، وتحاول تغيير ما يمكن تغييره.
2. في القيادة:
• القائد الذي يناقش الأفكار هو من يسأل: لماذا نقاتل؟ ما الهدفالاستراتيجي؟ كيف نعيد تشكيل العقيدة العسكرية؟
• إنه لا يرى الخندق فقط، بل يرى ما بعد النصر أو الانسحاب.
3. السمات المرتبطة بهذه العقول:
• التحليل العميق
• الرؤية البعيدة
• الانشغال بالبناء لا بالهدم
⸻
ثانيًا: الحدث… سطح البحر لا أعماقه
1. العقول المتوسطة تناقش الأحداث لأنها أسيرة اللحظة.
تتفاعل مع ما يحدث، لكنها نادرًا ما تبادر أو تتوقع.
2. في القيادة:
• يركز هذا النوع على ما حدث في المعركة بالأمس: كم شهيدًا؟ كمدبابة؟ من انسحب؟
• لكنه لا يطرح سؤال: ماذا نتعلّم؟
3. السمات المرتبطة بهذه العقول:
• رد الفعل لا الفعل
• التفسير دون توقع
• انشغال بالنتائج دون الأسباب
⸻
ثالثًا: الشخص… العائق الأول أمام التطوير
1. العقول الصغيرة تناقش الأشخاص لأنها تفتقد للرؤية.
تنشغل بالذات لا بالقضية، وبالهوية لا بالفكرة.
2. في القيادة:
• يكثر الحديث عن: من اتخذ القرار؟ من أخطأ؟ من يستحق اللوم؟
• بينما يغيب السؤال الأهم: ما الذي أوصلنا إلى هنا؟
3. السمات المرتبطة بهذه العقول:
• الشخصنة
• الغيبة والنميمة المغلفة بالرأي
• ضعف التفكير المنهجي
رابعًا: من التنظير إلى التطبيق
1. كيف نُعيد ترتيب تفكيرنا؟
• اسأل دومًا: ما الفكرة وراء هذا؟ قبل أن تسأل: من قال هذا؟
• ابتعد عن ردود الأفعال السريعة، وامنح الفكرة وقتًا للنمو.
2. في الصف القيادي:
• علّم ضباطك أن التحليل يبدأ من فهم الفكرة، وليس من الحكم على الأشخاص.
• كرّس ثقافة احترام الرأي المختلف لا شخصنة الموقف.
3. في التربية العسكرية والفكرية:
• اجعل النقاش مبنيًا على المحاور، لا على الأسماء.
• قم بتدريبات تحليلية تبدأ من سيناريو وتطلب استخراج الفكرة، لا المتهم.
خامسًا: اقتراحات عملية للقادة والمدرّسين
1. خصّص في كل لقاء جزءًا بعنوان: ما الفكرة وراء هذا الحدث؟
2. اطلب من الضباط قراءة نصوص أو دراسات، وقياسها على الواقعالميداني.
3. درّبهم على الفصل بين “الفكرة” و”صاحب الفكرة”.
4. في تقييم أداء الأفراد، راقب ما يناقشون: الفكرة أم الحدث أم الشخص؟
خاتمة:
العقول كالسيوف، منها ما يُحدث فرقًا في اتجاه المعركة، ومنها ما لا يُجيد إلا الضوضاء. أما القيادة الحقيقية، فهي التي ترتقي بعقول من حولها نحو مناقشة الأفكار، لأن الأفكار وحدها هي التي تُغيّر المجتمعات، وتبني الجيوش، وتُلهِم الأجيال .
بقلم العميد الركن محمد الخضيري الجميلي
بقلم العميد الركن محمد الخضيري الجميلي
تمهيد:
في فضاء الحوار والمعرفة، تتباين العقول كما تتباين الرتب في ساحة الميدان. هناك من يرتقي بفكره نحو الآفاق الكبرى، يناقش الأفكار ويخطط للمستقبل. وهناك من يبقى حبيس اللحظة، لا يرى أبعد من حدث عابر. أما البعض، فيغرق في تفاصيل الأشخاص، متخليًا عن جوهر القضايا.
هذه المحاضرة تسبر أغوار هذا التباين، وتكشف أثره العميق على القيادة والتفكير الاستراتيجي.
⸻
أولًا: الفكرة… نقطة التحول الكبرى
1. العقول العظيمة تناقش الأفكار لأنها تصنع التغيير.
لا تكتفي برؤية الواقع كما هو، بل تبحث عن أسباب ما وراءه، وتحاول تغيير ما يمكن تغييره.
2. في القيادة:
• القائد الذي يناقش الأفكار هو من يسأل: لماذا نقاتل؟ ما الهدفالاستراتيجي؟ كيف نعيد تشكيل العقيدة العسكرية؟
• إنه لا يرى الخندق فقط، بل يرى ما بعد النصر أو الانسحاب.
3. السمات المرتبطة بهذه العقول:
• التحليل العميق
• الرؤية البعيدة
• الانشغال بالبناء لا بالهدم
⸻
ثانيًا: الحدث… سطح البحر لا أعماقه
1. العقول المتوسطة تناقش الأحداث لأنها أسيرة اللحظة.
تتفاعل مع ما يحدث، لكنها نادرًا ما تبادر أو تتوقع.
2. في القيادة:
• يركز هذا النوع على ما حدث في المعركة بالأمس: كم شهيدًا؟ كمدبابة؟ من انسحب؟
• لكنه لا يطرح سؤال: ماذا نتعلّم؟
3. السمات المرتبطة بهذه العقول:
• رد الفعل لا الفعل
• التفسير دون توقع
• انشغال بالنتائج دون الأسباب
⸻
ثالثًا: الشخص… العائق الأول أمام التطوير
1. العقول الصغيرة تناقش الأشخاص لأنها تفتقد للرؤية.
تنشغل بالذات لا بالقضية، وبالهوية لا بالفكرة.
2. في القيادة:
• يكثر الحديث عن: من اتخذ القرار؟ من أخطأ؟ من يستحق اللوم؟
• بينما يغيب السؤال الأهم: ما الذي أوصلنا إلى هنا؟
3. السمات المرتبطة بهذه العقول:
• الشخصنة
• الغيبة والنميمة المغلفة بالرأي
• ضعف التفكير المنهجي
رابعًا: من التنظير إلى التطبيق
1. كيف نُعيد ترتيب تفكيرنا؟
• اسأل دومًا: ما الفكرة وراء هذا؟ قبل أن تسأل: من قال هذا؟
• ابتعد عن ردود الأفعال السريعة، وامنح الفكرة وقتًا للنمو.
2. في الصف القيادي:
• علّم ضباطك أن التحليل يبدأ من فهم الفكرة، وليس من الحكم على الأشخاص.
• كرّس ثقافة احترام الرأي المختلف لا شخصنة الموقف.
3. في التربية العسكرية والفكرية:
• اجعل النقاش مبنيًا على المحاور، لا على الأسماء.
• قم بتدريبات تحليلية تبدأ من سيناريو وتطلب استخراج الفكرة، لا المتهم.
خامسًا: اقتراحات عملية للقادة والمدرّسين
1. خصّص في كل لقاء جزءًا بعنوان: ما الفكرة وراء هذا الحدث؟
2. اطلب من الضباط قراءة نصوص أو دراسات، وقياسها على الواقعالميداني.
3. درّبهم على الفصل بين “الفكرة” و”صاحب الفكرة”.
4. في تقييم أداء الأفراد، راقب ما يناقشون: الفكرة أم الحدث أم الشخص؟
خاتمة:
العقول كالسيوف، منها ما يُحدث فرقًا في اتجاه المعركة، ومنها ما لا يُجيد إلا الضوضاء. أما القيادة الحقيقية، فهي التي ترتقي بعقول من حولها نحو مناقشة الأفكار، لأن الأفكار وحدها هي التي تُغيّر المجتمعات، وتبني الجيوش، وتُلهِم الأجيال .
بقلم العميد الركن محمد الخضيري الجميلي