القراءة المصرية :
د. محمد السعيد إدريس مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يرى أن زيارة وزير الخارجية الإيراني مهمة جدا في وقت شديد الصعوبة لا يخفى على أحد سواء في سياق المفاوضات الإيرانية- الأمريكية وانعكاساتها الإقليمية والدور الإيراني المستقبلي في ظل معادلات ما بعد الاتفاق نجاحا وفشلا.
ويضيف أن الأمر الثاني ما يحدث في غزة وشبه الفشل للخطة المراد فرضها على غزة، لافتا إلى أن إيران تقطعت أوصالها مع أهم أطرافها في الإقليم: حزب الله وسورية والعراق بدرجة ما.
وبحسب إدريس فإن إيران بحاجة إلى التنسيق مع مصر التي تعتبر طرفا إقليميا مهما.
ويضيف لـ”رأي اليوم” أن إيران تسعى منذ سنوات لإقامة علاقات كاملة ولكن مصر تتمنع بسبب مبررات قد تكون حقيقية أو متوهمة.
ويقول إن مصر لأسباب معينة تخص أوضاعها الإقليمية والدولية والداخلية ربما كانت في مراحل متعددة منذ عهد مبارك ثم مرسي ثم المجلس العسكري ثم جمهورية الرئيس السيسي ، ظلت متمنعة على علاقات قوية مع إيران رغم أنها تعلم أن الدول الخليجية تعادي إيران ظاهريا ولكنها باطنيا لها علاقات اقتصادية قوية.
وعن جديد الزيارة اليوم يرى د. إدريس أن من الواضح أن زيارة ترامب للدول الخليجية الثلاث كانت بها شبه تجاهل للدور المصري وشبه تهميش.
ويؤكد د. إدريس أن مصر بحاجة إلى مراجعة لسياسة التمنع تجاه إيران، مشيرا إلى أن التهميش الذي تعرضت له مصر ليس من أمريكا فقط، بل من الدول الشقيقة ، فضلا عن الضغوط التي تتعرض لها من كل الاتجاهات، تفرض عليها التفكير بجدية في علاقاتها مع إيران، مشيرا إلى أن خطوة من هذا النوع ستضع مصر في إطار وزنها الإقليمي الحقيقي، وسترد كثيرا من اعتباراتها.
وعبر د.إدريس عن تفاؤله بلقاء الرئيس السيسي مع وزير الخارجية الإيراني متمنيا أن يكون التفاؤل في محله، لافتا إلى أن الزيارة في هذا التوقيت وفي خضم مفاوضات طهران مع أمريكا لها دلالة لا تخفى.
ويختتم د. إدريس متمنيا إقامة علاقات مصرية إيرانية تركية لتكوين مثلث النهضة الحضاري الإسلامي يجمع الأمم الثلاث: العرب، الايرانيون، الأتراك.
من جهته يرى الكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين رئيس تحرير صحيفة الشعب أن زيارة وزير الخارجية الإيراني للقاهرة اليوم ولقاءه مع السيسي تؤكد أن هناك خطا مفتوحا مع إيران ، مشيرا إلى أنه حان الوقت لإقامة علاقة حقيقية بين القاهرة وطهران تحقق مصالح كلتا البلدين.
ويضيف لـ”رأي اليوم” أن مصر لم يعد معها أحد، لافتا إلى أن الصدام وارد بينها وبين تل أبيب لاسيما أن فكرة التهجير لا تزال قائمة.
ويؤكد أن علاقة القاهرة مع محور المقاومة والصين وروسيا ضرورية وخالصة وليس لاستخدامها مع أمريكا.
ويقول حسين إنه داعم دائما وأبدا للعلاقة العربية والإسلامية، منتقدا أن يكون هناك خط طيران بين القاهرة وتل أبيب ولا يوجد خط بين القاهرة وطهران، محذرا ممن يحاولون تضخيم الخطر الإيراني.
الأديب عباس منصور قالها صراحة ودون مواربة: ” لن تستقيم علاقات مصر الدولية إلا بإعادة العلاقات مع إيران ومعاملة دول الخليج بالمثل”.
اللافت في ردود الأفعال على زيارة عراقجي الترحيب والتأكيد على أن إعادة العلاقات بين القاهرة وطهران يفتح المجال لعدم التبعية والاحتكار ونمو الاقتصاد نموا حقيقيا بما هو أفضل لمصلحة مصر أولا وفوق كل اعتبار.
القراءة الخليجية :
•(التهديد البنيوي لأمن الخليج) التلاقي (المصري-الإيراني) إذا تجاوز سقف التهدئة نحو: تموضع أمني استراتيجي مشترك، فإنه يهدد العمق الخليجي من زاويتين:
1)جغرافية: مصر غرب الجزيرة، وإيران شرقها. والجزيرة هي قلب الأمة، ومحور استقرارها.فتحويلها إلى (منطقة بينية) بين تحالفين خارجيين، سيضغط بالضرورة على أمنها الذاتي بحكم وضعية هذا التحالف، وذلك لأن بُنية التحالف ستجعله يعمل وفقا لمنطق جيوسياسي يعتبر الجزيرة العربية ساحة تأثير مشتركة بينهما وليست مركزًا جيوسياسيا منفصلا بذاته.
2)ديموغرافية: مصر وإيران أكبر كتلتين سكانيتين محاذيتين لجغرافية الجزيرة.وتحالفهما –إن تم– سيعني عمليا تطويق الجزيرة من أطرافها بديموغرافيا وظيفية ذات امتدادات أمنية خطيرة.
(لم يتم تصميم هذا المقال من منطلق عدائي لمصر، وإنما تحليلي و تحذيري بذات الوقت)
موقف الخليج لا ينبني على عداء لمصر، بل على إدراك استراتيجي للمخاطر.لا نرفض الانفتاح المصري على ايران، ولكننا نُفرّق بين:
•تصفير المشكلات: وهو مقبول وواقعي.
•وبين التموضع الاستراتيجي/الأمني المصري مع إيران في حلف اقليمي: وهو مرفوض قطعياً، لأنه يهدد صميم أمن الخليج.
والسؤال: هل تتحرك مصر وفق منطق دولةٍ وظيفية تسعى للبقاء، أم وفق وعي أمةٍ تسعى لصوغ المصير العربي المشترك؟
التقارب المصري/الإيراني -إذا استمر بهذا الاتجاه- سيجعل من (الوجود المصري) في الخليج (عمالة وتحويلات) محل مراجعة حتمية، ليس كعقوبة، بل كحاجة أمنية.
•(تموضع أم ارتداد ؟) مصافحة طهران دون حساب لتاريخها في زعزعة الأمن العربي، لا يصنع سلامًا، بل يُغامر بمصير العرب.
والأخطر أن يكون هذا التموضع ليس نتيجة ظرف، بل نتيجة وعي متغلغل (فاطمي الجوهر، ساداتي الشكل) لا يرى في الخليج حليفًا، بل "فرصة" يجب استغلالها، حتى لو كان الثمن هو زعزعة قلب الأمة: (أرض الحرمين).
ختاماً: (الثابت الجيو/استراتيجي المؤكد) أن عقيدة الخليج الجيوسياسية، لن تسمح أن يعانق (جغرافية أرضها المُقدسة) ، كيانٌ جغرافيٌ خميني من الشرق" وكيانٌ جغرافيٌ فاطميٌ من الغرب" .
المؤكد سنتخذ كل الوسائل الضرورية لتفكيك كل "الوقائع" التي من المحتمل أن تؤدي لخلق هذا "الواقع".