شاهد مدينة "قُرح" الأثرية.. محطة تاريخية لقوافل الحجاج والتجارة

رابح2012

عضو
إنضم
23 نوفمبر 2020
المشاركات
1,825
التفاعل
4,072 291 0
الدولة
Saudi Arabia

شاهد مدينة "قُرح" الأثرية.. محطة تاريخية لقوافل الحجاج والتجارة​

تقع على بُعد نحو عشرين كيلومترًا جنوب البلدة القديمة في "العُلا"

1748366671667.png


تُعد مدينة "قُرح" الأثرية من أبرز المحطات التاريخية الواقعة جنوب محافظة "العُلا"، وقد شكّلت عبر العصور مركزًا مهمًا على طرق قوافل الحجاج والتجار، لما امتازت به من موقع جغرافي استراتيجي ومقومات اقتصادية وعمرانية، أولت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا هذا الموقع عناية خاصة ضمن برامجها المستمرة لاستكشاف المكنونات الحضارية، من خلال أعمال التنقيب والمسح والدراسة الأثرية.

وتقع "قُرح" على بُعد نحو عشرين كيلومترًا جنوب البلدة القديمة في "العُلا"، بالقرب من قرية "مغيْراء"، وتنتشر آثارها في سهل فسيح تحيط به جبال متوسطة الارتفاع، ما يجسد أهميتها الجغرافية في شبكة الطرق القديمة، كما عُرفت منذ ما قبل الإسلام بنشاطها التجاري، حيث كانت حاضرة وادي القرى ومجمعًا لأسواق العرب، كما ورد في وصف المؤرخ "ابن الكلبي" الذي عدّها مركزًا تجاريًا وثقافيًا ومهدًا للفنون.

وتوالت الإشارات إلى قُرح في مؤلفات الجغرافيين والرحالة، إذ وصفها "الأصطخري" في القرن الرابع الهجري بأنها من كبريات مدن الحجاز بعد مكة، والمدينة، واليمامة، مشيرًا إلى ما فيها من عيون ونخيل وحركة تجارية مزدهرة، كما صنّفها "المقدسي" ضمن أهم نواحي الجزيرة العربية، وذكر أنها من أكثر البلاد عمرانًا وأهلاً وتجّارًا بعد مكة المكرمة، مشيدًا بأسواقها وقلاعها وتنوع سكانها القادمين من مناطق متعددة.

ومع مرور الزمن، بدأت ملامح الانحسار تظهر على المدينة، وقد رصد الجغرافي "ياقوت الحموي" في القرن السابع الهجري ما أصابها من اندثار نسبي، إلا أنه أشار إلى استمرار تدفق مياهها وبقاء آثارها شاهدة على ماضيها المزدهر.

وفي أواخر القرن السادس الهجري، بدأ اسم "قُرح" يتوارى تدريجيًا، لتحل مكانها مدينة "العُلا" الواقعة شمال الوادي، والتي وصفها الرحالة "ابن بطوطة" خلال مروره بها عام 725 هـ بأنها قرية كبيرة حسنة تتوفر فيها المياه والبساتين، وكانت تمثل محطة استراحة رئيسة لقوافل الحجاج المتجهين إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة.

وتضم آثار "قُرح" بقايا منشآت معمارية وأسواقًا وشوارع وقصورًا تجسد حجم النشاط الاقتصادي والعمراني الذي شهدته المدينة، كما تظهر أنماط معمارية تعود للعصور الإسلامية الأولى، ما يدل على استمرار الاستيطان والنمو الحضاري بعد الإسلام.

وكانت المدينة تقع على مسار "طريق البخور" التاريخي، الذي كان يستخدمه التجار في نقل السلع الثمينة من جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها، مرورًا بوادي القرى، ما منحها دورًا حيويًا في الربط بين المراكز التجارية والحضارية في شبه الجزيرة.

وتواصل الهيئة الملكية لمحافظة العُلا جهودها في الكشف عن أسرار هذه المدينة العريقة، من خلال تنفيذ أعمال مسح وتنقيب ميداني بالتعاون مع خبراء دوليين ومراكز بحثية متخصصة، بهدف توثيق تاريخ "قُرح" وإبراز دورها كمركز محوري في مسارات الحجاج والتجار عبر القرون.

1748366775324.png


1748366798854.png


 

مشاهد من قرية "زُبالا".. آثار خالدة ومورد ماء تاريخي على طريق الحجاج جنوب رفحاء​

تتميز بآبارها المنحوتة بدقة هندسية تعكس رقيّ الأساليب المستخدمة في إدارة الموارد المائية

1748443271030.png


اشتهرت منطقة الحدود الشمالية بآثارها المتقاطعة مع حضارة الإنسان وإبداعه في فنون البناء وأنظمة الخزن الإستراتيجي للمياه، ما يجعلها شاهدًا حيًا على تطور المجتمعات عبر العصور.

وتُعدّ قرية "زُبالا" الواقعة جنوب محافظة رفحاء بمنطقة الحدود الشمالية، واحدة من أبرز القرى الأثرية الغنية بالتاريخ والموروث الحضاري، وقد وثّق المؤرخون سوق ومورد "زُبالا" باعتبارها محطة تجارية بارزة كانت تستقطب الحجاج والتجار القادمين من بلاد العراق والشام في طريق عودتهم، عبر درب القوافل "درب زبيدة"، وهي مورد ماء راهي ومحطة من محطات الحجاج والقوافل، ما يؤكد أهميتها الاقتصادية والاجتماعية في ذلك الحين.

وتتميز القرية بآبارها المنحوتة بدقة هندسية تعكس رقيّ الأساليب المستخدمة في إدارة الموارد المائية، إضافة إلى البرك المائية لتجميع مياه الأمطار، إلى جانب بقايا قصور أثرية تحيط بها معالم بارزة، كما يُعد حصن "زُبالا" الواقع شرق القرية، معلمًا سياحيًا بارزًا للزوّار والمهتمين بالتاريخ والتراث.

ويُعدّ "بئر زُبالا" التاريخي من أعمق وأبرز آثار قرية "زُبالا" الأثرية، حيث حفر هذا البئر العميق والضخم في الصخر الأصم تحيطه الصخور الصلدة والقاسية، لذلك تم قصه من أعلاه حتى آخر نقطة في أسفل البئر ليصبح شكله (هندسيًا مربعًا) وتبلغ مساحة فوهته نحو 10*10 أمتار، وعمقه نحو 250 مترًا، ويحتوي على سلم وأماكن للاستراحة، واستخدمت فيه الحبال والأخشاب لمزاولة العمل، واستخراج الماء العذب بخفة وسهولة.

ويُرجع اسم القرية إلى مؤسسها "زُبالة بن الحارث"، وتضم آثارًا معمارية تشهد على مدنية متوارثة عبر العصور، وتركت بصماتها في تفاصيل المكان.

وورد اسم "زُبالا" في أشعار "الأخطل": (في مُظلم الرِّبابِ كأنّما، يسقي الأشقَّ وعالجًا بدواي، وعلى زُبالة باتَ منه كلكلٌ، وعلى الكثيبِ فَقُنةِ الأوحالِ، وعلى البسيطة فالشقيقِ بريقٍ، فالضَّوح بين رُوَيَّةٍ فطُحالِ).

وذكرت "زُبالا" في كتب التاريخ منها: "مدخل إلى الآثار الإسلامية" و"معجم البلدان"، و"معجم ما استعجم"، وتحدث عنها المؤرخ السعودي حمد الجاسر في كتابه "المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية"، وذكرها الدكتور سعد الراشد في رسالة الدكتوراه المخصصة لدرب زبيدة.

1748443388863.png
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى