مركزية العبادة في سورة الفاتحة / إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي

Nabil

طاقم الإدارة
مـراقــب عـــام
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
25,399
التفاعل
21,314 386 0
مركزية العبادة في سورة الفاتحة

إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي


الحياة مهما طالت لا تتجاوز دقيقتين بمعايير الآخرة!
ويقدر علماء الجيولوجيا عمر الأرض بنحو 4.5 مليار سنة!
والفترة الزمنية منذ نزول آدم إلى الأرض وحتى الآن لا تتجاوز 50 ألف سنة!
ولك أن تتخيّل.. عمر البشرية حتى الآن لا يتجاوز 50 ألف سنة، ويوم القيامة وحده 50 ألف سنة!
إن يوم الحساب يعادل 50 ألف سنة من سني الدنيا، وإذا قسمت هذا العدد على 24 بعدد ساعات اليوم فإن ساعة واحدة من ذلك اليوم سوف تعادل 2083.33 سنة من سنين دنيانا! وإذا قسمت هذا العدد مرة أخرى على 60 بعدد دقائق الساعة فإن الناتج سوف يكون 34.72 سنة! وبذلك فإن دقيقة واحدة من يوم القيامة تعادل 34.72 سنة من سنين حياتنا الدنيا.
الآن ننظر لنرى كم يعيش أحدنا في هذه الدنيا! إن نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلّم- الذي مات وعمره 63 عامًا وأخبرنا أن أعمارنا ما بين الستين والسبعين، ومن خلال عملية حسابية بسيطة يمكننا أن نتحقق من أن متوسط أعمارنا هو 65 سنة، وهذا يعادل دقيقة واحدة و52 ثانية من يوم القيامة!
هناك 15 عامًا قبل مرحلة الرشد، وينام أحدنا في اليوم واللَّيلة 8 ساعات في المتوسط، وهذا يعادل ثلث ساعات اليوم وهو يعادل ثلث العمر أيضًا، ونعمل لكسب أرزاقنا 8 ساعات في اليوم واللَّيلة، وهذا يعادل ثلثًا آخر من ساعات اليوم وثلثًا آخر من العمر أيضًا! فماذا تبقّى لنا من أعمارنا؟
نستبعد سنين ما قبل الرشد من أعمارنا فيتبقّى لنا 50 عامًا، ونستبعد النوم والعمل اللذين أخذا منها 33.33 عامًا وتبقى لنا 16.67 عامًا! وهذه الفترة الزمنية تعادل 28.9 ثانية من يوم القيامة!
الآن تبقّى لنا أقل من نصف دقيقة نحتاج إليها في قضاء حوائجنا، وفيها المرض ومجاملة الآخرين والسفر والترحال والأكل والشرب، وغير ذلك من أمور الحياة، وأهم من ذلك كلّه، فيها العبادة التي خلقنا اللَّه عزّ وجلّ من أجلها! والآن كم تصرف من نصف الدقيقة في عبادة ربك؟

إن عبادة اللَّه عزّ وجلّ هي الهدف الأسمى والمطلب الأقصى والغاية العظمى التي خُلق الجن والإنس من أجلها، وكل ما سوى هذه الغاية هو وسيلة لتحقيقها. ومن أجل هذه الغاية الكبرى خلق اللَّه الخلق، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب لبيان دينه ومنهجه وشرائعه. فالدّين كلّه يدور في فلك هذه الغاية، والقرآن الكريم هو دستور هذا الدّين، وسورة الفاتحة هي خُلاصته. ولذلك سماها النبي -صلى الله عليه وسلّم- بأم الكتاب وأم القرآن والشافية والوافية. فالقرآن كلّه يتلخّص في سورة الفاتحة، وسورة الفاتحة كلها تتلخّص في كلمتها المركزية { نَعْبَدُ }!
لماذا أنت في هذا الوجود؟! يجيبك سبحانه وتعالى بوضوح:

{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُوْنِ (56)} [الذاريات]

إجابة شافية كافية وافية وموجزة في 6 كلمات فقط!
إن عبادة اللَّه عزّ وجلّ هي الغاية التي خُلق الجن والإنس من أجلها!
وكل ما سوى هذه الغاية الكبرى هو وسيلة لتحقيقها!
فمن أجل هذه الغاية خلق اللَّه الخلق وأرسل الرسل وأنزل الكتب!
الدّين كلّه يدور في فلك هذه الغاية العظمى، والقرآن هو دستور هذا الدّين، وسورة الفاتحة هي خلاصته.
إن القرآن الكريم كلّه يتلخّص في سورة الفاتحة، وسورة الفاتحة كلها تتلخّص في كلمة (نعبد)!
وكلمة بهذا الوزن، فماذا تتوقع من معاملة القرآن لها؟! أين سيضعها؟!
لقد جاءت هذه الكلمة المركزية { نَعْبَدُ } في مركز سورة الفاتحة تمامًا 14 كلمة قبلها و14 كلمة بعدها، فتأمّل:

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّيْنِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِيْنُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ‎(6)‏ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}

7 * 2 كلمة قبل كلمة { نَعْبَدُ }
7 * 2 كلمة بعد كلمة { نَعْبَدُ }
تأمّل..
كلمة { نَعْبَدُ } مركزية في موقعها، ومركزية في مضمونها أيضًا!
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة { نَعْبَدُ } يساوي 53
مجموع تكرار أحرف اسم { اللَّه } في سورة الفاتحة يساوي 53 مرّة!
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم (الفاتحة) يساوي 53 أيضًا!
ورد اسم { اللَّه } في أوّل سورة نزلت من القرآن (العلق) في ترتيب الكلمة رقم 53
ورد اسم { اللَّه } في أوّل 53 سورة من بداية المصحف من دون انقطاع!
أوّل سورة من سور القرآن لم يرد فيها اسم { اللَّه } جاءت مباشرة بعد 53 سورة من بداية المصحف!
ورد اسم { اللَّه } في آخر موضع له في القرآن الكريم قبل 53 كلمة من نهاية المصحف!

تأمّل..
كما كانت كلمة { نَعْبَدُ } في مركز سورة الفاتحة، تأمّل هذه الآية من سورة المؤمنون:

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوْحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُوْنَ (23)}

لقد وردت كلمة { اعْبُدُوا } في مركز الآية تمامًا!
رقم الآية 23، وترتيب السورة 23 أيضًا، والعدد 23 أوّليّ، ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 9
جاءت كلمة { اعْبُدُوا } في ترتيب الكلمة رقم 9 من بداية الآية، وفي ترتيب الكلمة رقم 9 من نهايتها!
23 هو عدد أعوام الوحي الذي تنزل ليعلمنا كيف { نَعْبَدُ } اللَّه عزّ وجلّ!

سورة الزمر تؤكد المركزية
تأمّل أيضًا هذه الآية من سورة الزمر:

{ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّيْنَ (11)}

جاءت كلمة { أَعْبُدَ } في مركز الآية 4 كلمات قبلها، و4 كلمات بعدها!
عدد كلمات الآية 9، وهذا العدد هو ترتيب العدد 23 في قائمة الأعداد الأوّليّة، وهذا هو رقم آية المؤمنون!
عدد حروف الآية 31 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 11، وهذا هو رقم الآية!

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ }
تأمّل تكرار أحرف كلمة { نَعْبَدُ } في سورة الفاتحة:
مجموع تكرار أحرف كلمة { نَعْبَدُ } في سورة الفاتحة هو 25، وهذا العدد = 5 × 5
رقم الآية نفسها 5

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} الفاتحة

وتأمّل أوّل ما نزل به الوحي من السماء:
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق]
أوّل ما نزل من القرآن 5 آيات!
ومعلوم أن أركان الإسلام 5، وعموده الصلاة، وهي 5 فرائض في اليوم والليلة!

أحرف كلمة { نَعْبَدُ } في القرآن
تأمّل تكرار أحرف كلمة { نَعْبَدُ } في القرآن:
مجموع تكرار أحرف كلمة { نَعْبُدُ } في القرآن كاملًا = 54157
العدد 54157 = 114 × 25 × 19 + 7
114 هو عدد سور القرآن!
25 هو مجموع تكرار أحرف كلمة { نَعْبَدُ } في سورة الفاتحة!
19 هو عدد حروف آية العبادة { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِيْنُ (5)}!
7 هو عدد آيات سورة الفاتحة! والله أعلم

تأمّل..
وردت كلمة { نَعْبَدُ } في القرآن 7 مرّات في 7 آيات.
عدد كلمات هذه الآيات السبع 121 كلمة، وهذا العدد = 114 + 7

كلمة { نَعْبَدُ }.. بين سورة الفاتحة وسورة الأنبياء
تأمّل هذه الآية وهذه الغاية التي أرسل من أجلها الرسل:

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوْحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُوْنِ (25)} [الأنبياء]
تأمّل مجموع تكرار أحرف كلمة { نَعْبَدُ } في سورة الفاتحة ورقم آية سورة الأنبياء والكلمة الأخيرة فيها!
عدد حروف هذه الآية 53 حرفًا ومجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة { نَعْبَدُ } يساوي 53

تأمّل أين جاءت كلمة { نَعْبَدُ } في سورة الفاتحة وكلمة { فَاعْبُدُوْنِ } في سورة الأنبياء:

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّيْنِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ 15 وَإِيَّاكَ نَسْتَعِيْنُ (5)}
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُوْلٍ إِلَّا نُوحِيْ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُوْنِ 15 (25)} [الأنبياء]


جاءت كلمة { نَعْبَدُ } في ترتيب الكلمة رقم 15 من بداية السورة!
وجاءت كلمة { فَاعْبُدُوْنِ } في ترتيب الكلمة رقم 15 من بداية الآية!

وتذكّر.. عدد كلمات سورة الإخلاص 15 كلمة!
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}

مخ العبادة في سورة الإخلاص!
هذه السورة على صغرها تتضمَّن توحيد اللَّه عزّ وجلّ في ألوهيته وفي ربوبيته وفي صفاته!

النداء الأوّل .. للعبادة!
ورد النداء من اللَّه في القرآن كثيرًا إلَّا أن النداء في الآية التالية مميز!
إنه أوّل نداء مباشر من اللَّه عزّ وجلّ إلى الناس كافة:

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ (21)} [البقرة]

كلمة { اعْبُدُوا } في هذه الآية هي الكلمة التي ترتيبها رقم 263 من بداية المصحف!
والعدد 263 أوّليّ في إشارة لطيفة إلى إفراد اللَّه عزّ وجلّ بالعبودية!
ولكن الأهم من ذلك هو ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة!
ترتيب العدد 263 في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 56

آيات الرقم (56)!
تأمّل هذه الآيات التي تحمل الرقم 56 في المصحف:

{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُوْنِ (56)} [الذاريات]
{ قُلْ إِنِّي نُهِيْتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِيْنَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِيْنَ (56)} [الأنعام]
{ يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُوْنِ (56)} [العنكبوت]
{ وَأَقِيْمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيْعُوا الرَّسُوْلَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْنَ (56)} [النور]


رقم كل منها 56، والعدد يساوي 5 + 17 + 34
عدد الصلوات المفروضة + عدد ركعاتها + عدد سجداتها!

عودة إلى العدد 263
نعود مرّة أخرى إلى كلمة { اعْبُدُوا } في آية النداء الأوّل، وترتيبها الكلمة رقم 263 من بداية المصحف!
الآية التي ترتيبها رقم 263 من بداية المصحف هي هذه الآية، فتأمّل:

{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّيْنِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوْتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيْعٌ عَلِيْمٌ (256)} [البقرة]

تأمّل جيّدًا مضمون الآية.. إنها تتحدّث عن الدّين!
وتأمّل أيضًا رقم الآية فهو 56 نفسه، وبجواره 2 وهو ترتيب سورة البقرة!

تأمّل..
العدد 56 يساوي 7 × 7 + 7
كلمة { الْإسْلَام } تتشكّل من 7 أحرف!
وكلمة التوحيد { لا إلَه إلا اللَّه مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّه } تتشكَّل من 7 كلمات!
أحرف كلمة { الْإسْلَام } كلها متَضَمِّنة في حروف كلمة التوحيد!
فلا يدخل الإنسان في الإسلام إلَّا بعد أن يشهد بأن { لا إلهَ إلا اللَّه مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه }!
ولذا فهي الركن الأوّل من أركان الإسلام!
----------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

بتصرف بسيط عن موقع طريق القرآن
 
عودة
أعلى