الولايات المتحدة والسعودية توقعان صفقة أسلحة قياسية بقيمة 142 مليار دولار تركز على التحديث العسكري والتشغيل البيني .
في 13 مايو 2025، وقّعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية
اتفاقية دفاعية بقيمة 142 مليار دولار في الرياض، وصفها البيت الأبيض بأنها "أكبر اتفاقية تعاون عسكري في تاريخ الولايات المتحدة". أُبرمت هذه الاتفاقية خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب للخليج، وهي تُمثّل مرحلة جديدة في الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن والرياض، مع تركيز واضح على تحديث المعدات العسكرية السعودية وتعزيز التعاون التشغيلي طويل الأمد بين القوات المسلحة لكلا البلدين.
تابعوا أخبار الجيش على جوجل عبر هذا الرابط
طائرة إف-15 إس إيه تابعة للقوات الجوية الملكية السعودية (مصدر الصورة: وزارة الدفاع الأمريكية)
تشمل الاتفاقية حزمةً مُنظّمة من عمليات التسليم والتحديث وبرامج التدريب المتعلقة بأنظمة الأسلحة الحالية في الترسانة السعودية، بالإضافة إلى قدرات جديدة. وتُقسّم هذه البرامج إلى خمسة قطاعات رئيسية: القوات الجوية والفضائية، والدفاع الصاروخي، والأمن البحري والساحلي، والقوات البرية والحدودية، وأنظمة المعلومات والاتصالات. ويشارك في البرنامج أكثر من اثنتي عشرة شركة دفاعية أمريكية، منها لوكهيد مارتن، وRTX، وبوينغ، ونورثروب غرومان، وبالانتير.
في المجال الجوي، من المتوقع أن تُحدّث المملكة العربية السعودية أسطولها من طائرات
F-15 SA المقاتلة تدريجيًا، والتي تُشكّل العمود الفقري لقدراتها القتالية الجوية. قد تُطوّر هذه الطائرات إلى مستوى يُقارب مستوى F-15EX، مع زيادة سعة الحمولة، وتحسين الاتصال الشبكي، والتوافق مع ذخائر الجيل التالي. على الرغم من عدم الإعلان عن أي اتفاق لبيع طائرات F-35، إلا أن صحيفة البيت الأبيض تُشير إلى أن المناقشات لا تزال مفتوحة. قد يُعاد تصميم طائرات النقل، مثل
C-130J -30 Hercules وC-17 Globemaster III، المصنوعة أيضًا في الولايات المتحدة، لمهام متخصصة، وتُطوّر بأنظمة ملاحة وحرب إلكترونية واتصالات جديدة.
وفيما يتعلق بالطائرات المروحية، فإن طائرات الهليكوبتر الهجومية من طراز AH-64E أباتشي الـ 24 الموجودة في الخدمة حالياً يمكن تحديثها إلى أحدث المعايير، بما في ذلك أجهزة استشعار Longbow المحسنة، والذخائر الموجهة مثل صواريخ APKWS، وأجنحة جديدة مضادة للتهديدات أرض-جو.
في مجال الدفاع الجوي والصاروخي، تشمل الاتفاقية توسيع وتعزيز نظام باتريوت
PAC-3 MSE، الذي تشغّل السعودية منه حاليًا 34 منصة إطلاق M903. ويمكن تحسين هذه الأنظمة بإضافة رادارات مصفوفة المسح الإلكتروني النشط (AESA)، وبرمجيات متطورة للتحكم في النيران، وواجهات تكامل متوافقة مع أنظمة دفاعية متعددة الطبقات. وقد تشمل الاتفاقية أيضًا تطوير أنظمة قيادة متكاملة ومنصات استشعار شبكية، مما يدعم طموحات الرياض في مجال مراقبة الفضاء.
على الصعيد البحري، من المتوقع أن تُعزز البحرية الملكية السعودية قدراتها في مراقبة السواحل وحماية البنية التحتية للطاقة من خلال اقتناء أجهزة استشعار، وأنظمة سطحية بدون طيار، وتقنيات مراقبة متطورة. وبينما لم يُؤكد وجود منصات محددة، تُشير مصادر إلى إمكانية توسيع قدرات الدوريات المُجهزة بأنظمة أمريكية الصنع مثل هاربون بلوك 2.
بالنسبة للقوات البرية، تتناول الاتفاقية تحديث الوحدات المدرعة، وحماية الحدود، والدفاع عن البنية التحتية الاستراتيجية. قد يشمل ذلك مركبات مدرعة، ورادارات مراقبة أرضية، وأنظمة صواريخ مضادة للدبابات، وحلول دفاعية قصيرة المدى مصممة لمواجهة التهديدات الناشئة، مثل الطائرات المسيرة المسلحة والهجمات غير النظامية.
فيما يتعلق بأنظمة المعلومات والاتصالات (C4ISR)، من المقرر إجراء تحديث جوهري. ومن المتوقع أن تستفيد شبكات القيادة التكتيكية والاستراتيجية في المملكة العربية السعودية من التقنيات الجديدة لدمج البيانات، والحرب الإلكترونية، والاتصالات الآمنة، والاستخبارات الآنية. ومن المتوقع أن تساهم شركات مثل بالانتير في هذا التحول الرقمي، مما يُمكّن القوات السعودية من العمل بقدرات قتالية تعاونية تُضاهي قدرات الجيوش الغربية.
وفي مجال الدفاع الجوي والصاروخي، تشمل الاتفاقية توسيع وتعزيز منظومة باتريوت PAC-3 MSE، التي تشغل السعودية منها حالياً 34 منصة إطلاق M903 (مصدر الصورة: لوكهيد مارتن)
تتضمن الاتفاقية أيضًا تدابير دعم شاملة للقوات المسلحة السعودية، تشمل التدريب المتقدم للكوادر، وتطوير الأكاديميات العسكرية، والصيانة طويلة الأمد للأنظمة المُسلّمة، وتحسين خدمات الرعاية الصحية العسكرية. ويتماشى هذا العنصر المتعلق ببناء القدرات مع هدف الرياض المتمثل في زيادة الاستقلالية التشغيلية مع توسيع المشاركة الصناعية المحلية من خلال الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) المملوكة للدولة.
تُعدّ صفقة الأسلحة هذه جزءًا من التزام سعودي أوسع باستثمار 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي. ويشمل هذا الالتزام 20 مليار دولار لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، و14.2 مليار دولار لتوربينات الغاز من جنرال إلكتريك، و4.8 مليار دولار لطائرات بوينغ 737-8، بالإضافة إلى مشاريع مشتركة أخرى في قطاعات الرعاية الصحية والبنية التحتية والطاقة.
من خلال هذه الاتفاقية، يُؤكد البلدان عزمهما على الحفاظ على شراكة استراتيجية بُنيت على مدى ثمانية عقود، تعود إلى لقاء عام ١٩٤٥ بين الرئيس فرانكلين روزفلت والملك عبد العزيز على متن السفينة يو إس إس كوينسي. وتُواصل المملكة العربية السعودية، التي تُعدّ بالفعل أكبر شريك مبيعات عسكرية أجنبي للولايات المتحدة، بصفقات نشطة بلغت قيمتها ١٢٩ مليار دولار قبل هذه الاتفاقية الجديدة، مواءمة قدراتها العسكرية مع المعايير الأمريكية. وبالنسبة لواشنطن، يعكس هذا الدعم الشامل هدفًا أوسع نطاقًا يتمثل في دعم هيكل الأمن الإقليمي، وتعزيز قدرات الردع الحليفة، ومواجهة التهديدات المتطورة مثل الصواريخ الباليستية، وحرب الطائرات المسيرة، والتكتيكات الهجينة.
تُمثّل اتفاقية الدفاع البالغة قيمتها 142 مليار دولار بين واشنطن والرياض أكثر من مجرد صفقة أسلحة. فهي تُشكّل إعادة هيكلة شاملة لقدرات الجيش السعودي، تُركّز على التوافق التشغيلي مع القوات الأمريكية، والتحديثات التكنولوجية، والتنمية الصناعية المشتركة. تُؤكّد هذه الشراكة المُتجدّدة التوافق الاستراتيجي طويل الأمد بين البلدين في شرق أوسط مُتحوّل، حيث تترابط اعتبارات الأمن والتكنولوجيا والطاقة بشكل متزايد.