لماذا تدفع دول الخليج السعودية والامارات وقطر الاموال والمبالغ الطائلةوالمهولة لدونالد ترامب والولايات المتحدة الأمريكية ؟ ما السبب ؟
كثير من الأشخاص سيجدون هذا السؤال مزعجًا؛ بعضهم قد يشخّص الموضوع، وبعضهم يعتقد أن هذه الأسئلة محرّمات، وأن من يطرحها مصيره جهنّم وبئس المصير.
بعض الأشخاص سيردّون عليك بقلة أدب، كالمتعصّب الجامد الذي يعتبر أي سؤال حساسٍّ في الدين ممنوعًا. بالنسبة إليهم – جلّهم خليجيون وربما مقيمون في الخليج – لا يجوز طرح مثل هذا النوع من الأسئلة. والبعض الآخر سيقوم بحظرك مباشرة، فيما سيجد آخرون في سؤالك فرصة للطعن بدول الخليج.
ولكن إذا نظّرنا إلى الموضوع من دون تعصّب، فالسؤال من نوع الأسئلة التي لا بدّ من طرحها، حتى لو كان الدافع هم الكوريون أو غيرهم.
المبلغ المتوقع يقدّر تقريبًا بين ثلاثة و(3.6) تريليونات دولار، رقمٌ مهول؛ فإذا سألنا الذكاء الاصطناعي عن المزايا التي ستحصل عليها دول الخليج مقابل ذلك، لوجدنا أنها تشمل:
- ضمانات أمنية وتعزيز التعاون الدفاعي
- نفوذًا دبلوماسيًّا أوسع
- الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة
- تطوير البنية التحتية والقطاعات الصناعية
- التعاون في قطاع الطاقة
هذه المشتريات تعتبر قفزة لدول الخليج من الناحية الاقتصادية و العسكرية ولو بشكل خفيف، فهي سوف تجعل دول الخليج اكثر تطورا وقوة ولكن..
صحيح، نحن نحتاج إلى صناعات متطورة مثل أشباه الموصلات، ومعدات عسكرية مثل طائرات الـ F-35.
لكن صناعة أشباه الموصلات في دول الخليج لن تتجاوز عشرة مليارات دولار، كما أن هذه الصناعة تحتاج إلى مهندسين، وهم العنصر الأهم فيها. فهل هناك سعوديون متمكنون من هذه الصناعة؟
لو أن هذه الأموال صُرفت في السوق الصيني، ألم نكن لنستطيع بناء مصانع عديدة لأشباه الموصلات وبالحجم الذي نريده؟ الصين الآن على أعتاب تصنيع معالجات بتقنية 3 و2 نانومتر، وتصنع طائرات حربية متطورة بما يكفي لتضاهي نظيراتها الأميركية.
هل نحتاج حقًا إلى عدد قليل من طائرات الـ F-35 التي على الأرجح لن نستخدمها في أي حرب مع حليف للولايات المتحدة مثل إسرائيل (وهذا مؤكد تقريبًا)؟
خاصةً أن هناك تقارير تفيد بوجود زر يعتبر بمثابة "مفتاح إيقاف" يجعل الطائرة عديمة الفعالية تقريبًا، وقد قامت عدة دول بإرجاع هذه الطائرة بعد صدور مثل هذه التقارير.
الجيش الأوكراني كان مصدومًا عندما أصبحت صواريخ "هيمارس" الأميركية بلا جدوى تقريبًا، وذلك بعد أن طرد ترامب زيلينسكي إثر خلاف بينهما، مما أدى إلى وقف التعاون الاستخباراتي وإيقاف دعم الأقمار الاصطناعية لتلك الصواريخ، ففقدت فعاليتها.
عدا عن التكلفة الباهظة لهذه الأسلحة، فتكلفة الصاروخ الواحد منها تبلغ نحو 170 ألف دولار، وطائرة الـ F-35 تكلف حوالي 80 مليون دولار. بالإضافة إلى أن أجزاء هذه الطائرة لا تتوفر إلا في أميركا، كما أن برمجياتها مملوكة بالكامل من قِبل الولايات المتحدة، ولا تستطيع الدول المشترية التعديل عليها.
نعم، دول الخليج بحاجة إلى التطور وأن تصبح أقوى، لكن كانت لدينا فرصة، وفرصة كبيرة جدًا. أميركا اليوم بحاجة إلى دول الخليج، وليس العكس. ووفقًا للتقديرات، من المتوقع أن تدخل أميركا في ركود اقتصادي بعد ثلاثة إلى ستة أشهر بسبب سياسات ترامب. تخيّل كيف يمكن لهذه الأموال أن تنقذ اقتصادهم! هم يحتاجوننا بشدة، ويحتاجون هذه الأموال.
الضغط من خلال النفط لن يكون مثل حرب 1973، بل من خلال رفع أسعاره عن طريق خفض الإنتاج. هذا من شأنه أن يزيد الضغط على ترامب داخليًا، خاصة أن الشعب الأميركي، وهو شعب مرفّه، لن يتقبل بسهولة الغلاء والركود، وسيضغط أكثر على الحكومة.
لقد كانت لدينا أكثر من فرصة لإيقاف حرب غزة، فقط لإيقافها وإدخال المساعدات. ولكن حتى إدخال صندوق مساعدات لم تستطع دول الخليج تنفيذه.
هناك لعبة إسمها Risk، العبها في الكثير من الاوقات، وخاصة انني اجلس على الكمبيوتر معظم الوقت، ودوري في اللعبة يأتي كل دقيقتين او ثلاثة، حسب عدد الاشخاص في المباراة الواحدة، انني سوف فقط اقوم بحركة لن تأخذ مني اكثر من خمسة الى عشرة ثواني كلما يأتي دوري،
اللعبة تحتاج الى صبر كبير، قد تستغرق المباراة الواحدة ساعتين الى ثلاث ساعات، نعم من الممكن ذالك لو كان هناك اشخاص طويلوا البال مثلك وعنيدون،
اللعبة هي انك سوف تحاول اخذ اجزاء من البلدان، تحصل على اموال بمقابل سيطرتك على اجزاء مترابطة من الخريطة،
هل تعلمون لماذا انا ماهر في هذه اللعبة؟، وخاصة لو بقي فقط لاعبان بالإضافي لي، لانني اجعل احد الاعبين يأخذ من ارضي قليلا، ويحصل على عناصر اكثر من الاخر بقليل، هنا يبدأ حصول الخلاف بينهما، ويبدأن في القتال و صرف العناصر في الحرب،
اما انا، فأقف متفرجا منتظر اللحظة المناسبة للإنقضاض عليهما سويا، هما الإثنان ينظران لي على انني لا احصل على عناصر كثيرة، واحدها سوف يقضي علي بعد ان يقضي على خصمه، ولكنني في الحقيقة، انتظر ان يصلا الى حد معين من الضعف بسبب إقتتلالهما، فأفرض نفسي كأمر واقع عليهما، وهذا الامر الذي لا افهم لماذا لا تستغله دول الخليج.
أمريكا منذ الأزل والى اليوم لديها سطوة على دول الخليج، وهي لا تستطيع (أو لا تريد) التخلّص منها. قال ترامب منذ عدة سنوات: «لو كان الأمر بيدي، لجعلت دول الخليج تدفع ربع مدخولها سنويًّا»، وها هو يحقّق أقواله.
لو حاولت دول الخليج الخروج من هذه السطوة، لكشفت عن صمتها المطبق، فكيف تطالب بحرية قرارها الاقتصادي والعسكري وفي الوقت نفسه تترك قضيتها الأساسية – قضية الشعب الفلسطيني – في كفّ رحمة أمريكا وإسرائيل؟
ولو أن دول الخليج استخدمت ثروتها النفطية أداة ضغط حقيقية، لفرضت شروطًا سياسية وإنسانية على الولايات المتحدة، لا اكتفاءً بمزايا تقنية وعسكرية فقط.
كما أن توزيع جزء من هذه الثروة على مشاريع إغاثية وتنموية داخل غزة – أو عبر الأمم المتحدة – كان سيمنحها مصداقية لدى الأمة الإسلامية، ويخفف وطأة الاتهامات بأنها شريكة في «صمت الدماء».
ولعل من المفارقات أن بعض هذه الدول، التي تسعى لبناء «مدينة المستقبل» بمليارات الدولارات، لم تجد مكانًا لاستضافة مؤتمر إنساني يطالب بوقف القتل وفتح المعابر.