فريق دولي يضع خريطة التسلسل الجيني الإرثي لفطر العفونة الشهباء
الاكتشاف له آثار هامة بالنسبة لإنتاج الوقود العضوي وصيانة الغابات
صورة مجهرية لفطر العفونة الشهباء (بوزيتا بلاسنتا) يكسو خلايا الحطب
من دانييل غورليك، المحرر في موقع أميركا دوت غوف
بداية النص
واشنطن،- يقف اللغنين، وهي مادة عضوية مشتركة في تكشيل مادة الخشب، بصلابته وتركيبه الكيميائي المعقد عائقا في طريق العلماء الساعين إلى استخراج الوقود من النبات. غير أن الباحثين توصلوا الآن إلى رسم خريطة التسلسل الجيني الإرثي للفطر الذي يستمد الطاقة من النباتات دون أن يمس اللغنين ويبقيه محافظا على سلامته، مما يكشف عن أمكانية التوصل إلى المفتاح الذي يمهد الطريق لإنتاج الوقود من النباتات بشكل مجد فاعل التكاليف وطاقة عالية الكفاءة.
فمن المعروف أن إنتاج وقود الإثانول العضوي من سلولوز النباتات يشكل تحديا فنيا ويستهلك كثيرا من الطاقة. أما بوضع خريطة كاملة للتسلسل الجيني لفطر العفونة الشهباء، أو السمراء، (اسمه العلمي بوزيتا بلاسنتا posita placenta)، فقد عرف العلماء أن الفطر يستخدم استراتيجية فريدة لتحليل السلولوز وتفكيكه بكفاءة من جدار الخلايا النباتية الذي يحميه، تختلف عن الطريقة الاستراتيجية التي تستخدمها كل الميكروبات الجرثومية الأخرى المعروفة.
يقول إداورد روبين، مدير المعهد المشترك للجينات في وزارة الطاقة الأميركية حيث تم التوصل إلى وضع الخريطة الجينية، إنه على الرغم من "الاكتشافات المحدودة في عالم الميكروب (الحيي) فإنها مصدر وافر السخاء للأنزيمات (الخمائر) التي يمكن أن تلعب دورا أساسيا في تفكيك الكتلة العضوية للنبات، الأمر الذي يشكل خطوة أولى نحو إنتاج الوقود البيولوجي العضوي. ويوفر لنا مَجين (جينوم) العفن الأشهب بوزيتا بلاسنتا قائمة كاملة مفصلة لأنزيمات تفكيك الكتلة العضوية الحيوية التي يملكها هذا الفطر وغيره من أنواع الفطر."
ويقول راندي بيركا، وهو من علماء مؤسسة نوفوزايمز التي شاركت في الدراسة، إن "هذا النوع من المعرفة قد يمكّن الخبراء الفنيين في الصناعات البيولوجية من ابتكار استراتيجيات جديدة كفيلة بزيادة الكفاءة وتخفيض التكاليف المترتبة على تحويل الكتلة العضوية الحيوية إلى وقود متجدد ومركّبات كيميائية وسيطة."
ويرى كريس ريسبرادت، مدير مختبر منتجات فورست التابع لدائرة خدمة الغابات الأميركية في ولاية ويسكونسن إن "تحليل مَجين بوزيتا يوفر أيضا فرصة لا مثيل لها لتطوير أساليب أكثر فاعلية للمحافظة على الغابات وتكون ملائمة للبيئة."
ومما يذكر أن فطر بوزيتا بلاسنتا يهاجم الخشب ويسبب التعفن الذي تنجم عنه خسائر وأضرار اقتصادية. والعلاجات المستخدمة حاليا لمكافحة تعفن الأخشاب غير فعالة تماما، أو أنها ضارة بالبيئة.
وقد توصل إلى هذه النتائج ووضع تقريرا عنها فريق من العلماء الذين يعملون في النمسا وكندا والتشيلي والجمهورية التشيكية وألمانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة ونشرت في عدد 10 شباط/فبراير من مجلة محاضر الأكاديمة القومية للعلوم.
تفكيك جدار الخلايا وتحلله
أنشأت النباتات جدارا، أو غلافا، واقيا للخلايا وطورته لمقاومة التفكك والتحلل. ويتألف الجدار من مادتي السلولوز والخشبين (اللغنين) (مركب يعرف باسم ليغنوسلولوز) وهو مصدر للطاقة.
ويمكن تفكيك السلولوز إلى مواد سكرية بسيطة مثل الغلوكوز الذي يمكن تخميره كي ينتج كحولا مثل الإثانول واستعماله كوقود. واللغنين (أو الخشبين) يشكل حاجزا يمنع الوصول إلى السلولوز. والأساليب الحالية المستخدمة لتدمير الجدار الخلوي للوصول إلى السلولوز تتطلب استهلاك كمية كبيرة من الطاقة مما يجعلها غير مجدية اقتصاديا.
يقول أنطونيو بيسابارّو، أستاذ علم الأحياء المجهرية في جامعة نافار الرسمية في إسبانيا، إن "الفطور الشبيهة ببوزيتا بلاسنتا (فطر العفونة الشهباء) قادرة على القضاء على السلولوز وأكله دون الإضرار بالخشبين (اللينغين). وهدفنا هو العثور على الطريقة التي تعمل بها هذه الفطور، وكيف تستطيع الوصول إلى السلولوز، ونحصل بهذه الطريقة على أكبر كمية من الغلوكوز من الخشب واستخدامه لإنتاج الكحول."
ويقول دان كالين، الذي ترأس الدراسة، وهو عالم أحياء مجهرية في مختبرات منتجات فورست "كانت الخطوة الأولى في هذه الدراسة هي تفسير الآلية التي يستخدمها فطر بوزيتا في تفكيك السلولوز."
وأضاف كالين أن فطر "بوزيتا تخلص أثناء مراحل تطوره من آلية الأنزيمات التقليدية المستخدمة لمهاجمة المادة النباتية. وتشير الدلائل إلى أن بوزيتا (فطر العفن) يستخدم بدلا من ذلك أسلحة من عناصر صغيرة تسبب التأكسد وتخترق جدران الخلايا لتفكيك بلمرة السلولوز (فصل المركّبات). وتفتح هذه العملية البيولوجية الباب أمام إيجاد استراتيجيات أكثر فاعلية وأقل استهلاكا للطاقة وأفضل للبيئة لتفكيك الليغنوسلولوز."
وقال بيركا إن "هذه أول مرة استطعنا فيها مقارنة الخريطة الأساسية لجينات فطر العفونة الشهباء والعفن الأبيض وفطر العفن الطري التي تلعب دورا هاما في الدورة الكربونية لكوكبنا. ومن شأن هذه المقارنات أن تزيد من فهمنا للآليات والكيميائيات المختلفة المستخدمة لتفكيك الليغنوسلولوز."
غير أن ريسبرادت يحذّر من أن الآليات التي تم اكتشافها من خلال هذه الدراسة "ما زال أمامها طريق طويل قبل أن تصل إلى الاستخدام التجاري" لكنها قد تساعد في حل لغز الفعالية الاقتصادية لإنتاج الوقود العضوي.
ويبرز بيسابارو، بمعزل عن التطبيقات المحتملة في ميدان إنتاج الوقود العضوي، أهمية الأبحاث الأساسية للجينات ويقول "إن هناك جوانب من تنظيم الجينات يمكننا دراستها في الأنظمة البسيطة التركيب مثل الفطر والتوصل إلى أجوبة تنطبق علينا نحن."
الاكتشاف له آثار هامة بالنسبة لإنتاج الوقود العضوي وصيانة الغابات
من دانييل غورليك، المحرر في موقع أميركا دوت غوف
بداية النص
واشنطن،- يقف اللغنين، وهي مادة عضوية مشتركة في تكشيل مادة الخشب، بصلابته وتركيبه الكيميائي المعقد عائقا في طريق العلماء الساعين إلى استخراج الوقود من النبات. غير أن الباحثين توصلوا الآن إلى رسم خريطة التسلسل الجيني الإرثي للفطر الذي يستمد الطاقة من النباتات دون أن يمس اللغنين ويبقيه محافظا على سلامته، مما يكشف عن أمكانية التوصل إلى المفتاح الذي يمهد الطريق لإنتاج الوقود من النباتات بشكل مجد فاعل التكاليف وطاقة عالية الكفاءة.
فمن المعروف أن إنتاج وقود الإثانول العضوي من سلولوز النباتات يشكل تحديا فنيا ويستهلك كثيرا من الطاقة. أما بوضع خريطة كاملة للتسلسل الجيني لفطر العفونة الشهباء، أو السمراء، (اسمه العلمي بوزيتا بلاسنتا posita placenta)، فقد عرف العلماء أن الفطر يستخدم استراتيجية فريدة لتحليل السلولوز وتفكيكه بكفاءة من جدار الخلايا النباتية الذي يحميه، تختلف عن الطريقة الاستراتيجية التي تستخدمها كل الميكروبات الجرثومية الأخرى المعروفة.
يقول إداورد روبين، مدير المعهد المشترك للجينات في وزارة الطاقة الأميركية حيث تم التوصل إلى وضع الخريطة الجينية، إنه على الرغم من "الاكتشافات المحدودة في عالم الميكروب (الحيي) فإنها مصدر وافر السخاء للأنزيمات (الخمائر) التي يمكن أن تلعب دورا أساسيا في تفكيك الكتلة العضوية للنبات، الأمر الذي يشكل خطوة أولى نحو إنتاج الوقود البيولوجي العضوي. ويوفر لنا مَجين (جينوم) العفن الأشهب بوزيتا بلاسنتا قائمة كاملة مفصلة لأنزيمات تفكيك الكتلة العضوية الحيوية التي يملكها هذا الفطر وغيره من أنواع الفطر."
ويقول راندي بيركا، وهو من علماء مؤسسة نوفوزايمز التي شاركت في الدراسة، إن "هذا النوع من المعرفة قد يمكّن الخبراء الفنيين في الصناعات البيولوجية من ابتكار استراتيجيات جديدة كفيلة بزيادة الكفاءة وتخفيض التكاليف المترتبة على تحويل الكتلة العضوية الحيوية إلى وقود متجدد ومركّبات كيميائية وسيطة."
ويرى كريس ريسبرادت، مدير مختبر منتجات فورست التابع لدائرة خدمة الغابات الأميركية في ولاية ويسكونسن إن "تحليل مَجين بوزيتا يوفر أيضا فرصة لا مثيل لها لتطوير أساليب أكثر فاعلية للمحافظة على الغابات وتكون ملائمة للبيئة."
ومما يذكر أن فطر بوزيتا بلاسنتا يهاجم الخشب ويسبب التعفن الذي تنجم عنه خسائر وأضرار اقتصادية. والعلاجات المستخدمة حاليا لمكافحة تعفن الأخشاب غير فعالة تماما، أو أنها ضارة بالبيئة.
وقد توصل إلى هذه النتائج ووضع تقريرا عنها فريق من العلماء الذين يعملون في النمسا وكندا والتشيلي والجمهورية التشيكية وألمانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة ونشرت في عدد 10 شباط/فبراير من مجلة محاضر الأكاديمة القومية للعلوم.
تفكيك جدار الخلايا وتحلله
أنشأت النباتات جدارا، أو غلافا، واقيا للخلايا وطورته لمقاومة التفكك والتحلل. ويتألف الجدار من مادتي السلولوز والخشبين (اللغنين) (مركب يعرف باسم ليغنوسلولوز) وهو مصدر للطاقة.
ويمكن تفكيك السلولوز إلى مواد سكرية بسيطة مثل الغلوكوز الذي يمكن تخميره كي ينتج كحولا مثل الإثانول واستعماله كوقود. واللغنين (أو الخشبين) يشكل حاجزا يمنع الوصول إلى السلولوز. والأساليب الحالية المستخدمة لتدمير الجدار الخلوي للوصول إلى السلولوز تتطلب استهلاك كمية كبيرة من الطاقة مما يجعلها غير مجدية اقتصاديا.
يقول أنطونيو بيسابارّو، أستاذ علم الأحياء المجهرية في جامعة نافار الرسمية في إسبانيا، إن "الفطور الشبيهة ببوزيتا بلاسنتا (فطر العفونة الشهباء) قادرة على القضاء على السلولوز وأكله دون الإضرار بالخشبين (اللينغين). وهدفنا هو العثور على الطريقة التي تعمل بها هذه الفطور، وكيف تستطيع الوصول إلى السلولوز، ونحصل بهذه الطريقة على أكبر كمية من الغلوكوز من الخشب واستخدامه لإنتاج الكحول."
ويقول دان كالين، الذي ترأس الدراسة، وهو عالم أحياء مجهرية في مختبرات منتجات فورست "كانت الخطوة الأولى في هذه الدراسة هي تفسير الآلية التي يستخدمها فطر بوزيتا في تفكيك السلولوز."
وأضاف كالين أن فطر "بوزيتا تخلص أثناء مراحل تطوره من آلية الأنزيمات التقليدية المستخدمة لمهاجمة المادة النباتية. وتشير الدلائل إلى أن بوزيتا (فطر العفن) يستخدم بدلا من ذلك أسلحة من عناصر صغيرة تسبب التأكسد وتخترق جدران الخلايا لتفكيك بلمرة السلولوز (فصل المركّبات). وتفتح هذه العملية البيولوجية الباب أمام إيجاد استراتيجيات أكثر فاعلية وأقل استهلاكا للطاقة وأفضل للبيئة لتفكيك الليغنوسلولوز."
وقال بيركا إن "هذه أول مرة استطعنا فيها مقارنة الخريطة الأساسية لجينات فطر العفونة الشهباء والعفن الأبيض وفطر العفن الطري التي تلعب دورا هاما في الدورة الكربونية لكوكبنا. ومن شأن هذه المقارنات أن تزيد من فهمنا للآليات والكيميائيات المختلفة المستخدمة لتفكيك الليغنوسلولوز."
غير أن ريسبرادت يحذّر من أن الآليات التي تم اكتشافها من خلال هذه الدراسة "ما زال أمامها طريق طويل قبل أن تصل إلى الاستخدام التجاري" لكنها قد تساعد في حل لغز الفعالية الاقتصادية لإنتاج الوقود العضوي.
ويبرز بيسابارو، بمعزل عن التطبيقات المحتملة في ميدان إنتاج الوقود العضوي، أهمية الأبحاث الأساسية للجينات ويقول "إن هناك جوانب من تنظيم الجينات يمكننا دراستها في الأنظمة البسيطة التركيب مثل الفطر والتوصل إلى أجوبة تنطبق علينا نحن."