"ميسترال": اختبار للأسطول والدولة

JUGURTHA

عضو
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
3,441
التفاعل
4,784 1 0
t.gif
t.gif
t.gif
122851218.jpg

"ميسترال": اختبار للأسطول والدولة





تأكدت خطط الأسطول البحري الحربي الروسي لاقتناء سفينة الإنزال الهجومية الفرنسية الصنع التي ترددت أنباؤها في الصيف من العام الحالي، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية رسميا نيتها اقتناء سفينة من فئة "ميسترال" وإنشاء ثلاث سفن أخرى من الفئة نفسها في مصانع بناء السفن الروسية بدعم فني فرنسي وبموجب الترخيص.
هذا العقد - في حالة إبرامه - قد يكون حدثا هاما في سوق الأسلحة العالمية بسبب قيمته أولا، إذ تفوق كلفة بناء السفن الأربع 1.2 مليار يورو. وثانيا، لأن روسيا حتى الآونة الأخير كانت تتجنب استيراد منتجات عسكرية بهذا الحجم، بل فقط كانت تشتري معدات وتكنولوجيات معينة.
أثارت خطط وزارة الدفاع الروسية نقاشات كثيرة وحظيت بتقييمات مختلفة تماما. فماذا قد يقف وراء هذا الاقتناء؟
يعتبر العديد من الخبراء أن السبب الرئيسي لتوجه وزارة الدفاع الروسية إلى الموردين الأجانب هو تدهور وضع قطاع صناعة السفن الوطني، إذ أنه - بعد الفشل في التسعينيات وبداية الألفية الجديدة - لم يعد قادرا على تصنيع عدد كاف من السفن. يمكن ويجب تغيير الوضع الراهن، ولكن الإصلاح الضروري المتكامل يستغرق وقتا طويلا، بينما تقادم أغلبية سفن الأسطول البحري الحربي الروسي لا يسمح بالانتظار. العمر الافتراضي للأغلبية الساحقة من السفن الروسية العاملة سينتهي خلال الأعوام الـ 10 - الـ 15 المقبلة، بينما تستغرق مراحل بناء السفينة الحربية الكبيرة - من التصميم وحتى التسليم - ما لا يقل عن عشرة أعوام.
إن روسيا لديها مشروعات جديدة جاهزة لبناء السفن وبدء تصنيعها المتسلسل. إلا أن وضع سفن الإنزال الهجومية مختلف، إذ أن روسيا ليس لديها مشروع جاهز للبدء الفوري لبناء سفينة مماثلة ذات نفس المستوى. المشروع السوفيتي "سفينة الإنزال الهجومية-11780" - الذي لم يتم تحقيقه - تم إعداده منذ أكثر من 25 عاما مع استخدام التكنولوجيا المتأخرة ويجب تطويره بشكل شامل. في حالة الإسراع في اتخاذ قرار تطويره، لن يحصل الأسطول البحري الحربي على السفينة قبل عام 2020. ولكن السفينة الفرنسية الصنع - في حالة إبرام العقد قبل نهاية العام الحالي - قد تدخل ضمن تشكيلة الأسطول الروسي في عام 2014. وبحلول العام 2020 قد تنضم سفينة أو سفينتان روسيتان الصنع إلى الأسطول الوطني.
السفن من هذا المستوى ضرورية بالنسبة للأسطول البحري الحربي الروسي. إن سفن الإنزال الموجودة في تشكيلة الأسطول الحربي الوطني حاليا عبارة بشكل أساسي عن قطع بحرية تم بناؤها في بولندا في السبعينيات والثمانينيات وهي تتقادم بسرعة. وفي الوقت نفسه، فإن الأمر الواقع يؤكد حاجة روسيا إلى وحدات المشاة البحرية القادرة على القتال والمجهزة بكل وسائل الإنزال. وتعد هذه الوحدات ضرورية ليس في حالات زيادة حدة توتر العلاقات مع دول الجوار مثل حرب الأيام الخمسة مع جورجيا في أغسطس من العام الماضي، بل أيضا في مواقع القتال النائية، وخاصة لدى مكافحة القرصنة. وتصلح سفن الإنزال الهجومية بدرجة أكبر لهذه الأهداف وتعد أكثر اقتصادية من السفن العملاقة المضادة للغواصات التي ترسلها روسيا إلى خليج عدن.
فما هي السفن التي تنوي روسيا شرائها؟
يبلغ حجم "ميسترال" 200 x 32 مترا. تبلغ حمولتها 900 جندي إنزال أو 40 دبابة أو ما لا يقل عن 15 طائرة مروحية ثقيلة أو 35 طائرة مروحية خفيفة، وذلك ناهيك عن صنادل إنزال الجنود والزوارق الكائنة في مستودع في مؤخرة السفينة. تصل سرعة السفن من هذه الفئة إلى 19 عقدة، بينما تبلغ مسافة السير 20 ألف ميل بشرط ضبط نظام التوفير.
تعود فكرة بناء واستخدام هذه الفئة من السفن إلى الولايات المتحدة إبان الحرب في فيتنام، إذ واجهت القوات البحرية الأمريكية مشكلة تنسيق أعمال سفن الإنزال المختلفة التي تقوم بإنزال الجنود. وكانت لكل سفينة وظائفها الخاصة، إذ حملت سفن الشحن وسائل الإنزال، بينما قامت سفن إنزال الدبابات بنقل المعدات البرية. وكانت المشاة البحرية متواجدة على متن السفن الأخرى لتُنقَل بواسطة الطائرات المروحية الكائنة على متن حاملات المروحيات المصنوعة من حاملات الطائرات "إسيكس" القديمة. بالإضافة إلى ذلك واجه الأسطول مشكلة تنسيق أعمال المشاة البحرية على الساحل آنذاك.
ليست سفن الإنزال الهجومية قادرة على إنزال الجنود فحسب، بل أيضا على دعمهم جوا. وبعد إضافة السفن المقاتلة المجهزة بالأسلحة الصاروخية والمدفعية، تصبح سفينة الإنزال الهجومية عنصرا حيويا للبعثة العسكرية القادرة على إجراء "حرب صغيرة" بصورة مستقلة.
ومع ذلك، على الرغم من المميزات الواضحة لنظرية تصنيع واستخدام سفن الإنزال الهجومية، يطرح التعاقد على اقتناء مثل هذه السفينة العديد من التساؤلات. وأولاها: كيف تندمج السفينة الجديدة في برنامج بناء السفن الحالي وصورة الأسطول البحري الحربي الروسي ككل. شراء سفينة واحدة من هذا المستوى دون الحصول على تكنولوجيات تسمح بتصنيع مثلها ليس له معنى سلفا. وفي هذا الصدد يجب أن تنص بنود العقد المحتمل على بناء السفن في المنشآت الروسية بدعم تقني فرنسي.
 
عودة
أعلى