في ضوء الضربة الإسرائيلية (عملية «أسدٍ صاعد») على منشآت إيران النووية وردّ طهران الصاروخي‑المسيَّر، يظهر أنّ مسار الأزمة سيُحسم بتفاعل ستة مجموعات عوامل: الوزن العسكري (والسيبراني)، القدرة الاقتصادية على إدامة القتال، شبكة التحالفات والشرعية، تماسك الجبهة الداخلية، التفوّق الاستخباراتي‑التكنولوجي، وأخيرًا وضوح الأهداف وحدودها.
تحليل هذه العناصر يُشير إلى ترجيح صراعٍ «مُدار» طويل (6–12 شهرًا) مع خطر توسّع إقليمي يبلغ ≈ 25 ٪، فيما يبقى ذبحٌ سريعٌ للحرب عبر اتفاق تهدئة طارئ احتمالًا راجحًا بـ ≈ 45 ٪. فيما يلي تفصيل العوامل والسيناريوهات، مع مؤشرات مبكرة للرصد.
1 – العوامل العسكرية
1.1 ميزان القوى
بند | إسرائيل | إيران |
---|
قوّات جوية | 36 مقاتلة F‑35I Adir و 25 F‑15I Ra’am مشاركة في الهجوم الأوّل على نطنز وفوردو وأصفهان | أسطول مقاتلات F‑14 و Su‑35 (روسية) محدود العدد؛ يعتمد على صواريخ BVR روسية‑صينية |
صواريخ باليستية/كروز | «أريحا III» (4,800–6,500 كم) و«باباي توربو» يُطلق من غواصات «دولفين | «سجّيل» و«خرمشهر» حتى 2,000 كم، قدرة salvo ≥ 150 مقذوف في دفعة واحدة |
دفاع جوّي/صاروخي | طبقات Arrow‑3, Arrow‑2, David’s Sling, Iron Dome؛ اختبرت بنجاح ضد صواريخ إيران مساء 14 يونيو لكن تعرّضت للإنهاك | S‑300PMU‑2 روسية حول طهران وأصفهان، ودفاع جوّي طبقي ضعيف ضد الشبحية |
قوة سيبرانية | وحدة 8200 (تعطيل شبكة الكهرباء الإيرانية لساعتين أثناء الضربة) | «قسم شهيد كاظمي» للعمليات السيبرانية؛ استهدف بنوكًا إسرائيلية بهجمات DDoS محدودة التأثير |
1.2 التكتيك والاستراتيجية
- إسرائيل تنفذ حملة جو‑صاروخية على مراحل معزَّزة بحرب معلومات وعمليات خاصة داخل إيران لهدم منظومات القيادة والرادار قبل كل موجة قصف
- إيران تسعى لخلق توازن رعب عبر «سيل صواريخ جماعية» وفتح جبهات وكلاء (حزب الله، الحوثي) لتمديد خطوط النار على خمس جبهات متباعدة
1.3 العقيدة العسكرية والأهداف المعلنة
- تل أبيب تصرّح بأن الهدف «إزالة قدرة إيران على حيازة سلاح نووي وردع أي تهديد وجودي» .
- طهران تعلن أنّ الضربات مضادة «لردع العدوان» وتهدد «بإخراج القوات الأميركية من المنطقة» وإغلاق هرمز إذا استمرت العملية
2 – العوامل الاقتصادية
2.1 تمويل الحرب وقدرة التحمل
- إسرائيل تعتمد على تمويل داخلي مرتفع (إنفاق دفاعي ≈ 5 ٪ من GDP) ودعم عسكري أميركي فوري ($3.8 مليار/سنة)
- قدرة إيران النقدية تضررت بفعل عقوبات أميركية، لكن احتياطياتها من العملات الصعبة ارتفعت إلى ≈ $60 مليار بعد تحايل نفطي مع الصين العام 2024
2.2 أسواق الطاقة وسلاسل الإمداد
- قفز خام برنت 7–13 ٪ خلال 24 ساعة الأولى لتداول 13–14 يونيو, إغلاق هرمز لـ 30 يومًا قد يرفع السعر إلى $150 بحسب ING Barings .
- أوروبا وآسيا أكثر هشاشة لانقطاع الغاز والـ LNG، بينما استفادت موسكو من الارتفاع لتعزيز إيراداتها
3 – العوامل الجيوسياسية والدبلوماسية
محور | اصطفاف محتمل |
---|
الولايات المتحدة + الاتحاد الأوروبي | دعم دفاعي لإسرائيل (بطاريات SM‑3، THAAD) ودعوات لاحتواء التصعيد – مع تباينات داخل الاتحاد حول مشروعية الضربة |
روسيا + الصين | إدانة رسمية لإسرائيل في مجلس الأمن، طلب جلسة طارئة، وتلويح بفيتو على عقوبات ضد طهران |
مجلس التعاون الخليجي | نداءات تهدئة علنية؛ استعداد دفاعي داخل السعودية والإمارات تحسبًا لصواريخ عابرة |
منظمات دولية | جامعة الدول العربية تطالب بوقف فوري؛ الوكالة الدولية IAEA تحذر من «فراغ رقابي» بعد تهديد إيران بالخروج من NPT |
4 – العوامل النفسية والمجتمعية
- الروح المعنوية في إسرائيل مرتفعة بعد نجاح التصديات الأولى، لكن تكرار صفارات الإنذار والخسائر المدنية قد يولّد ضغطًا سياسيًا لإتمام الحملة بسرعة .
- داخل إيران يتنوّع المزاج بين دعم «ردّ الكرامة» والخشية من حرب مدمِّرة؛ احتجاجات متفرقة في أصفهان وطهران على نقص الوقود والكهرباء بعد الضربة السيبرانية الإسرائيلية
- الحرب الإعلامية: طهران تبثّ فيديوهات اعتراض F‑35 مزعومة؛ تحليل الأقمار الصناعية لِـISW ينفي صحتها
5 – البيئة التكنولوجية والاستخباراتية
- إسرائيل تمتلك تفوق استشعار (أقمار Ofek‑16) وقدرة ISR تُحدث بنك أهداف حيًا؛ نجاح Arrow‑3 يعزّز الردع العلوي
- إيران تطور «سرب شاهد‑136» منخفض الكلفة يهدف لإغراق الدفاعات عبر الكثرة؛ خبراء WSJ حذروا سابقًا من تحوّل «سرب AI» إلى عامل ترجيح في الحروب القادمة .
- هجمات سيبرانية على شبكة الكهرباء الإسرائيلية فشلت نتيجة تبديل سريع لشبكات احتياطية، بينما عطّل هجوم إسرائيلي منصة التحكم بخط أنابيب نفط عبادان 6 ساعات
6 – أهداف الحرب ومحددات نهايتها
طرف | الحدّ الأدنى للفوز | الخطوط الحمراء |
---|
إسرائيل | إرجاع البرنامج النووي الإيراني ≥ 5 سنوات، وتحجيم صواريخ MRBM | هجوم كيميائي أو إغلاق هرمز يدفع لتوسيع الحملة |
إيران | إظهار قدرة ردّ معتبرة لردع هجمات مستقبلية والحفاظ على النظام | تدمير منشآت القيادة الأساسية أو قتل القيادة العليا |
وقف إطلاق النار يصبح ممكنًا إذا:
- تعهّدت إيران بعدم تخصيب > 60 ٪ والعودة للـ NPT،
- وافقت إسرائيل على وقف الغارات خارج النووي،
- ضمنت أميركا وروسيا آلية تحقق مشتركة.
7 – نماذج مسار الحرب
حرب قصيرة محدودة (احتمال ≈ 45 ٪)
- 2–3 أسابيع قصف متبادل، يعقبها وساطة عُمانية.
- يظل هرمز مفتوحًا، والأسواق تتراجع إلى مستويات ما قبل الضربة.
حرب إقليمية متدرجة (احتمال ≈ 25 ٪)
- دخول حزب الله بجبهة الصواريخ نحو حيفا والجليل.
- إضراب بحري حوثي في باب المندب؛ ارتفاع النفط > $110.
- أميركا تفعّل «عملية الحارس II» لحماية الملاحة.
حرب شاملة/انهيار نووي (احتمال ≈ 10 ٪)
- انسحاب إيران من NPT، تخصيب > 90 ٪ بمفاعل فوردو المُحصَّن.
- ضربة أميركية‑إسرائيلية مشتركة على 30 هدفًا استراتيجيًا؛ احتمال تدخّل روسي سياسيًا.
8 – مؤشرات مبكرة للرصد
- كثافة إطلاق الصواريخ الإيرانية: انخفاضها دون 20 يوميًا يدل على ميل نحو الاحتواء.
- إعلانات IAEA: تعليق عمليات التفتيش = اقتراب السيناريو النووي.
- أسعار شحن ناقلات VLCC عبر هرمز: قفز > 300 ٪ يعني تحضير لإغلاق.
- تصويت مجلس الأمن: مشروع قرار روسي‑صيني بوقف النار مع تهديد فيتو على عقوبات إضافية.
- حجم التداول على الذهب و اليوان الرقمي: ارتفاع مزدوج يشير إلى استقطاب مالي شرق‑غرب.
الخلاصة
مع أن موازين القوة التقليدية والسيبرانية تميل لإسرائيل بفضل التفوق الجوّي والدفاعي، تستطيع إيران إطالة أمد النزاع عبر الصواريخ والوكلاء وتوظيف ورقة هرمز لإيذاء الاقتصاد العالمي. قدرة كل طرف على تحمّل كلفة التصعيد، واستجابة القوى الكبرى في مجلس الأمن، ستحددان إن كانت الضربة الحالية «جولة ردع» أم بداية لانزلاقٍ أوسع. رصد المؤشرات المذكورة يمنح صانعي القرار مساحة للتنبؤ واتخاذ خطوات استباقية لتجنّب أسوأ السيناريوهات.