التنافس بين السعودية وإيران هو المحرك الأساسي لتوازن القوى في المنطقة، حيث تتنافسان على النفوذ في الخليج والعراق واليمن وسوريا ولبنان. كل طرف يستخدم أدواته الدينية والسياسية والعسكرية، وتدخل القوى العالمية (أمريكا، روسيا) يضيف طبقات جديدة لهذا التوازن.
تركيا لاعب إقليمي بارز، خاصة بعد تراجع النفوذ الإيراني في بعض المناطق مثل سوريا وجنوب القوقاز. أنقرة تستثمر في نفوذها العسكري والسياسي، وتستفيد من ضعف خصومها لتوسيع مجالها الحيوي، مما يؤثر مباشرة على توازن القوى.
إسرائيل قوة عسكرية واستخباراتية متفوقة، وتستفيد من دعم أمريكي استثنائي، لكنها ليست خارج معادلة التوازن، بل هي جزء منها عبر علاقاتها المتغيرة مع السعودية وبعض دول الخليج، إضافة إلى عدائها مع إيران.
مصر رغم تراجع دورها العسكري والتكنولوجي مقارنة بالدول المذكورة، إلا أن مصر لا تزال تملك وزناً سكانياً وجغرافياً وسياسياً يجعلها رقماً صعباً في أي معادلة توازن إقليمي، حتى وإن كان دورها أقل حدة في الصراعات المباشرة مع إيران أو إسرائيل.
التحولات الأخيرة مثل الاتفاقات النووية، والتقارب الخليجي مع إيران، وتغير مواقف بعض الدول تجاه إسرائيل، كلها مؤشرات على وجود محاولات لصياغة توازن جديد وليس غياب التوازن. وحتى في حالات التصعيد أو الحرب بالوكالة، يظل الهدف النهائي لكل طرف هو منع الآخر من تحقيق هيمنة مطلقة، أي إبقاء التوازن قائماً ولو بصيغته الهشة أو المتغيرة.
القول بعدم وجود توازن إقليمي في الشرق الأوسط يتجاهل حقيقة أن المنطقة تعيش حالة توازن ديناميكي متغير باستمرار. المنافسة بين السعودية وإيران، وصعود تركيا، ودور إسرائيل، كلها عناصر تخلق توازن ردع متبادل حتى لو كان غير مستقر أو تقليدي. أما مصر، فدورها أقل عسكرياً لكنه لا يُلغى سياسياً أو جغرافياً. التوازن الإقليمي ليس غائباً، بل هو في حالة إعادة تشكيل مستمرة بفعل التحالفات والتفاهمات والصراعات، وهذا ما يفسر غياب هيمنة مطلقة لأي طرف على حساب الآخرين.