قرقاش يسلّم طهران رسالة ترامب: الإمارات الطرف الإقليمي الذي يمكن الركون إلى مصداقيته
الإماراتيون حريصون على التخفيف من الاحتقان بالمنطقة، لكن ضمن ترتيبات أوسع وضمانات وليس على أساس العودة إلى الأزمة كلما قدّر الحرس الثوري ذلك.
الخميس 2025/03/13
هل يقتنص خامنئي اللحظة
طهران – أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ووسائل إعلام رسمية الأربعاء أن أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد سلم المسؤولين الإيرانيين رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في إشارة واضحة إلى أن الإمارات قد تكون هي قناة التواصل المستقبلية مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق جديد بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي.
ومن شأن اعتماد إدارة ترامب على الإمارات كقناة تواصل مع الإيرانيين أن يجعلها في موقع الطرف الإقليمي الذي يمكن الركون إلى مصداقيته من ناحية الولايات المتحدة، ومن ناحية إيران كذلك.
والإمارات من الدول الرئيسية الشريكة لواشنطن في الشرق الأوسط كما تحافظ على علاقات طيبة مع طهران. وعلى الرغم من البرود الذي قد يكون شاب العلاقات الثنائية في مراحل سابقة ظلت الصلات التجارية بين البلدين قوية.
وما يدعم لعب الإمارات دور قناة التواصل بين واشنطن وطهران ونقل المقترحات هو غياب طرف إقليمي آخر مؤهل لهذه المهمة، خاصة أنها تركز على التخفيف من حالة التوتر التي تزيد منها التصريحات والتصريحات المضادة، وتليين المواقف في القضايا الخلافية سياسيا، وهي مرحلة تسبق الوساطة بشأن التوصل إلى اتفاق جديد في ما يخص البرنامج النووي الإيراني على أنقاض اتفاق 2015.
دولة الإمارات من الدول الرئيسية الشريكة لواشنطن في الشرق الأوسط كما تحافظ على علاقات طيبة مع طهران
ومن الواضح أن السعودية ليست على القائمة نتيجة لاعتبارات كثيرة، منها الانشغال بإنهاء تدخلها في اليمن، وهي مهمة لا تتحمل أي تدخل في العلاقة بين واشنطن وطهران قد يقود إلى توتير العلاقة مع الحوثيين ويربك الحل السياسي الذي تبحث عنه الرياض للتفرغ لمشاغل أخرى وعلى رأسها إنجاز المشاريع العملاقة واستقبال مناسبات كبرى مثل إكسبو 2030 وبطولة كأس العالم لكرة القدم 2034.
كما أن السعودية قد تجد أن من المطلوب منها أن تتحول إلى أكثر من ناقل للرسائل، في وقت لا يُعرف فيه ما إذا كان ترامب يريد البحث عن وسيط أم ناقل رسائل، وهو أمر من المبكر الحكم عليه قبل معرفة فحوى الرسالة التي سلمها المسؤول الإماراتي إلى المسؤولين الإيرانيين.
أما بخصوص قطر فإن ترامب ليس من النوع الذي يضع كل البيض في سلة واحدة، وترك الدوحة للوساطة في موضوع غزة، وهو بالأساس ليس بعيدا عن إيران، وهي موجودة من خلالها على طاولة مفاوضات غزة.
لكن قيام قرقاش بنقل رسالة ترامب إلى طهران لا يعني أن أبوظبي ساعية إلى لعب دور الوسيط لأجل الوساطة في حد ذاتها، وهي ستنتظر تفاعل الإيرانيين لتقرر ما إذا كانت ستواصل الاستمرار في لعب هذا الدور أم ستكف عن ذلك.
ويحرص الإماراتيون على التخفيف من الاحتقان بالمنطقة، ولكن ضمن ترتيبات أوسع وضمانات وليس على أساس العودة إلى الأزمة كلما قدّر الحرس الثوري ذلك أو ترك فيلق القدس الأمر لأحد فصائله بأن يبدأ بشن هجمات في العراق أو الخليج أو مناطق المضائق، وخصوصا كما نرى الآن في عودة التصعيد الحوثي غير البريء والذي تكاد إيران تضع عليه يافطة “صنع في إيران”.
وتوفر الرسالة التي حملها قرقاش إلى الإيرانيين فرصة لطهران للقيام بأول خطوة في مسار كسر عزلتها وتراجع دورها بعد الخسائر التي تكبدتها في ميادين مختلفة. كما أنها يمكن أن تهدئ من تشدد ترامب تجاهها وتخفف الضغوط القصوى من إدارته، وكذلك التهديدات الإسرائيلية.
وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بأن قرقاش اجتمع مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأربعاء. ولم يتطرق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إلى تفاصيل اللقاء.
وقال ترامب قبل أيام إنه بعث رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي تقترح إجراء محادثات بشأن اتفاق نووي، محذرا من تبعات عدم الاستجابة لذلك. وأضاف “هناك طريقتان للتعامل مع إيران، عسكريا أو إبرام اتفاق” يمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية.
ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن خامنئي الأربعاء وصْفه دعوة ترامب إلى التفاوض بأنها خداع للرأي العام، وأن “إيران قادرة على الرد (على التهديدات العسكرية) وستفعل ذلك بالتأكيد.”
كما نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية الثلاثاء عن الرئيس مسعود بزشكيان تصريحه بأن طهران لن تتفاوض مع الولايات المتحدة تحت التهديد، قائلا لنظيره الأميركي “افعل ما تريد.”
وأبدى ترامب انفتاحه على التوصل إلى اتفاق مع طهران رغم استئنافه سياسة “أقصى الضغوط” التي تبناها خلال ولايته الرئاسية الأولى لعزل إيران عن الاقتصاد العالمي ووقف صادراتها النفطية بالكامل.
وانسحب ترامب في 2018 من الاتفاق النووي المبرم في 2015 بين إيران وقوى عالمية وأعاد فرض عقوبات على طهران التي ردت بالتخلي عن التزاماتها النووية بعد عام.
وتنفي طهران رغبتها في صنع سلاح نووي. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت الشهر الماضي إن إيران تسرّع وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60 في المئة، وهي نسبة قريبة من درجة 90 في المئة تقريبا اللازمة لصنع أسلحة.
وتعليقا على اجتماع مجلس الأمن الدولي المغلق الأربعاء بشأن البرنامج النووي الإيراني، قال عراقجي إن الاجتماع “عملية جديدة وغريبة تشكك في حسن نية الدول التي دعت إليه.”
ودعت إلى الاجتماع ست دول من أصل 15 عضوا في المجلس، وهي فرنسا واليونان وبنما وكوريا الجنوبية وبريطانيا والولايات المتحدة، بسبب زيادة إيران لمخزونها من اليورانيوم المخصب إلى درجة تقارب المستوى المطلوب لصنع أسلحة.
وقال عراقجي إن إيران ستجري قريبا جولة خامسة من المحادثات مع القوى الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وأكد عقد اجتماع في بكين الجمعة مع دولتين مشاركتين أيضا هما روسيا والصين.
Alarab