اليوم سوف يكون الموضوع عن هجوم و حصار قلعة الرها الصليبية التي بسببها شنت الحملة الصليبية الثانية و مهدت الطريق لتحرير القدس.
-مقدمة:
نتيجة الحملة الصليبية الأولى، تمكنت ممالك الإفرنج الأوروبية من السيطرة نصف بلاد الشام، من القدس إلى الرها و في هذه الفترة كان في الشام إنقسام بعد الدولة السلوجقية و ظهور ملوك الطوائف في الشام.
●إمتداد ممالك الإفراج في الشام، و تعتبر مملكة الرها الصليبية أول مملكة إفرنجية تم تأسيسها و أول من سقطت
و في نفس الوقت كانت الدولة الزنكية هي الدولة الأكبر من بين ملوك طوائف الشام و كان يحكمها عماد الدين الزنكي.
●الدولة الزنكية بالأخضر
-حصار الرها: بداية الحصار و تطوره:
كان من بين دوافع هجوم مملكة الرها الافرنجية هو ضعف الممالك الصليبية بعد وفاة ملك مملكة القدس الصليبية بلدوين الثاني عام 1131 و الذي كان من بين حماة الرها ، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي في الولايات الصليبية. بالإضافة انه هناك عداء طويل الأمد بين مملكة الرها وأنطاكية الصليبيتين؛ و استغل عماد الدين الزنكي غياب جوسلين الثاني عن الرها، حيث كان قد غادرها لدعم ريموند دي بواتييه في نزاعه مع الإمبراطورية البيزنطية، مما ترك المدينة دون دفاعات قوية، فكانت فرصة مثالية للهجوم. و بدأ الهجوم سنة 1144 في 28 نونبر.
●صورة لقلعة الرها
حسب المؤرخ للتاريخ الاسلامي ابن الأثير; أدرك عماد الدين زنكي أنه إذا حاول محاصرة الرها، فإن الفرنجة سيحشدون قواتهم هناك للدفاع عنها، ولن يتمكن من الاستيلاء عليها بسبب قوتها. لذلك، انشغل بشؤون ديار بكر ليجعل الفرنجة يعتقدون أنه غير متفرغ لمهاجمة أراضيهم. وعندما ظنوا أنه لا يستطيع مغادرة حكام الأرتقيين والأمراء الآخرين في ديار بكر، بسبب انشغاله بالحرب معهم، شعروا بالاطمئنان، وغادر جوسلين الرها وعبر الفرات إلى ممتلكاته الغربية.
وصل جواسيس عماد الدين زنكي إليه بهذه المعلومات. فأعلن أن قواته يجب أن تتجهز، وألا يتخلف أحد عن التجمع أمام الرها في اليوم التالي. ثم جمع أمراءه وقال: "أحضروا الطعام"، وأضاف: "لا يأكل معي على هذه المائدة إلا من سيشهر سيفه معي غدًا عند أبواب الرها."
لم يتقدم إلا أمير واحد و غلام للانضمام إليه، لأن جرأته وبسالته كانتا معروفتين للجميع، وكذلك حقيقة أنه لا يمكن لأحد أن يجاريه في القتال. فقال ذلك الأمير للغلام: "ما شأنك بهذا؟" فرد عماد الدين زنكي قائلاً: "دعه! والله، إني أرى قلبًا شجاعًا لن يخذلني."
سار عماد الدين زنكي بجيشه ووصل إلى الرها. وكان أول من هاجم الفرنجة، وكان ذلك الغلام معه. هاجم فارس من فرسان الفرنجة على عماد الدين زنكي من الجانب، لكن ذلك الأمير اعترض طريقه وطعنه طعنة قاتلة، منقذًا حياة زنكي.
●خريطة تبين هجوم عماد الدين الزنكي على مملكة الرها الافرنجية:
وحسب ابن الأثير؛ حاصر عماد الدين زنكي المدينة، و دخلها بعد حصارها لمدة ثماني و عشرين يوما، نفذ خلالها عدة هجمات. أرسل الحفارين إلى الأمام، الذين قاموا بحفر جدار المدينة. وواصل الهجوم باستمرار خوفًا من أن يجمع الفرنجة قواتهم، ويسيروا ضده لإنقاذ المدينة. سقط الجدار الذي كان قد حفره الحفارون، وتم الاستيلاء على المدينة بالقوة. ثم حاصر القلعة واستولى عليها أيضًا.
●خريطة تظهر حصار جيش الزنكي لقلعة الرها قبل سقوطها و دخول جيوش الزنكي.
كان خبر سقوط الرها صدمة كبيرة للصليبيين، وتم نقله إلى أوروبا أولاً بواسطة سفراء مملكة القدس الصليبية في أوائل عام 1145، ثم بواسطة وفود من أنطاكية والقدس وأرمينيا. أبلغ الأسقف هيو من جبلة البابا يوجين الثالث بالخبر، الذي أصدر النداء البابوي "كوانتوم بريديسيسوريس" في 1 ديسمبر، داعيًا إلى حملة صليبية ثانية. كما أخبر هيو البابا عن ملك مسيحي شرقي، الذي كان يُأمل أن يقدم الإغاثة لدول الصليبيين؛ وكان سقوط الرها هو السبب في بدء الحملة الصليبية الثانية و هجوم ممالك أوروبا المسيحية على بلاد الشام.
-خلاصة:
كان حملة الزنكي على الرها نقطة تغير في التاريخ الإسلامي و أول هجمة منذ سقوط القدس سنة 1099, حيث أن الصليبيين مباشرة بعد هذه الكارثة تحالفو لإستعادة الرها سنة 1146 لكنهم فشلو في ذلك فقررو هجوم مدينة دمشق كونها من أهم المدن الإسلامية و عاصمة الأمويين سابقا، فكانت هذه الأحداث كلها بداية تسلسل مدهت لتحرير القدس حيث أن بعدما أدرك الصليبيين عدم القدرة على إخضاع الشام قررو مهاجمة الدولة الفاطمية فقام نور الدين الزنكي مع صلاح الدين بالعبور لأجل التصدي للغزو الصليبي لمصر، و بعد وفاة نور الدين الزنكي، قام صلاح الدين الأيوبي بتوحيد الشام مع مصر و كانت بداية النهاية للمملكة الإفرنج في القدس.
إعداد: MQ-1 Predator.