ن تاريخ الجيش السوداني/ تاريخ ما أهمله التأريخ(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دروس وعبر
مقدمة
1- القوات المسلحة السودانية وعبر تاريخها الطويل وسجلها الحافل بالبطولات والانتصارات، لعبت أدوارا محلية وإقليمية ودولية بارزة، الأمر الذي أكسبها سمعة إقليمية ودولية طيبة، كما أكسبها خبرات عسكرية جديدة فقد خاضت معظم حروب محمد علي باشا الخارجية، كما شاركت مع القوات الفرنسية حربها فى المكسيك، وكان لها دور محسوب في الحرب العالمية الاولى، ولكن دورها البارز كان فى الحرب العالمية الثانية، وذهب الكثيرون الى القول بأن إفريقيا مدينة بحصولها على حريتها للجيش السودانى، وأسهمت أيضاً فى انشطة حفظ السلام ومراقبة وقف اطلاق النار من خلال عملها مع الامم المتحدة ، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الافريقية. وبالرغم من ان واجب القوات المسلحة هو واجب قتالى يهدف لبسط الامن والاستقرار وحمايه الدولة السودانية والتصدى للعدو بكافة إشكاله، إلا أنها لعبت دورا بارزا فى ارساء قواعد السلام بأفريقيا وبعض دول العالم.
المشاركات الخارجية:
2- شاركت القوات السودانية فى كثير من النزاعات الدولية وذلك خلال فترات متلاحقه من تاريخها الطويل، خاصه بعد تكوين جيش سودانى فى عهد محمد على باشا والى مصر، وقد استخدم محمد على باشا جزء من هذا الجيش فى حروبه الخارجيه فى سوريا وفى الاناضول عام 1831م، كما شاركت الوحدات السودانية فى الحربين العالميتن الاولى والثانية وقبلهما شاركت الوحدات السودانية فى حرب المكسيك، والقرم.
حرب القرم :
3- عندما نشبت حرب القرم (1854_1856م) بين تركيا وروسيا لجأ الباب العالي (السلطان العثمانى) الى وآلى مصر طالبا منه مده بقوات لتشارك فى الحرب، فقام بإمداده بالأورطة التاسعة (كتيبة) والتي شاركت في الحرب إلى جانب تركيا وكان دورها كبيرا وفاعلا.وكان آدم بك العريفى احد ضباط هذه الاورطة وترقى فى عام 1867م الى رتبة أمير اللواء ومنح لقب باشا.
أورطة (كتيبة) المكسيك 1863م :
4- نتيجة لإساءة معاملة رعايا كل من فرنسا، انجلترا، واسبانيا، ونهب ممتلكاتهم بواسطة حكومة المكسيك، رأت الدول الثلاث إستخدام القوة لحماية رعاياها، وبعد فترة انسحبت بريطانيا واسبانيا وتحملت فرنسا عبء الحرب وحدها، مما أنهك قدراتها وأضعف جيشها، وعند ذلك طلب نابليون الثالث ملك فرنسا من خديوى مصر محمد سعيد باشا مده بأورطة(كتيبة) للمساعدة فى الحرب التى تقودها فرنسا فى المكسيك، وتكونت الاورطة بعد موافقة الخديوى من اربعة بلكات (سرايا) قوتها أربعمائة ثلاثة وخمسين ضابط وضابط صف وجندي، وعين البكباشى جبر الله أفندي محمد قائداً لها وينوب عنه اليوزباشى محمد افتدى مياس غادرت الاورطة ميناء الاسكندرية فى
8 يناير 1863م ووصلت فيراكروز بالمكسيك فى 23 فبراير 1863 م، وشاركت القوة السودانية في إثنتي عشرة معركة ضد العصابات المكسيكية وكسبتها جميعها محدثة خسائر كبيرة وسط هذه العصابات . كما دافعت القوة عن موقعين لها وللقوات الفرنسية تعرضا للهجوم مرتين من قبل العصابات، ورغم صغر حجم القوة السودانية التي كانت تدافع عن الموقعين ورغم كبر حجم القوات المهاجمة، إلا أنها تمكنت من صد الهجومين وأحدثت خسائر جسيمة في صفوف القوات المهاجمة، بجانب العمليات العسكرية قامت القوة السودانية بحراسة عمال السكة الحديد وتحصين مدينة فيراكروز المكسيكية، ولما رأي قائد القوات الفرنسية بطولة وصمود القوة السودانية كتب إلي القائد العام في فرنسا مشيداً بهم وبدورهم، وعندما علم الخديوي إسماعيل باشا، والذي خلف الخديوي محمد سعيد باشا قام بارسال خطاب لقائد الاورطة مبدياً ارتياحه وثناءه على ما قامت به الاورطة، وكان قائد الاورطة فى هذا الوقت الصاغ محمد افندى مياس حيث أن قائدها البكباشا جبر الله أفندي محمد توفي نسبة لإصابته بالحمي الصفراء ودفن بالمكسيك.
عودة القوة
5- بعد انتهاء مهمة الأورطة السودانية قادرت منطقة فيراكروز في 12 مارس 1867 م وإستعرضها الإمبراطور نابليون بنفسه قبل تحركها، وقد تخلف بعض الأفراد الذين تزوجوا هناك، وبعد وصولها لمصر إستعرضها الخديوي إسماعيل باشا معلناً عن الترقيات التي تمت في صفوف الأورطة حيث تمت ترقية كل الرتب الي رتبة أعلي وقد شارك بعض ضباط وعساكر أورطة المكسيك بعد عودتهم في حملات صموئيل بيكر وغردون باشا في الإستوائية . كما شارك عدد منهم في الدفاع عن مدينة الخرطوم عندما حاصرتها جيوش الثورة المهدية في عام1885 م . وقد قام غردون باشا بترقيتهم . ثم بقي بعض منهم وشارك في جيش كتشنر الذي غزا السودان في عام1898 م.
الحرب العالمية الأولي 1914 - 1918 م :
6- بتاريخ 28 يونيو 1914 م تم إغتيال المارشال فرانز فيردناند المفتش العام للجيش النمساوي الهنقاري بواسطة أحد الطلاب الوطنيين وذلك بمدينة سيرايفو . وقد أدي ذلك الي زيادة التوتر وقيام الحرب العالمية الاولي تم ضم المعسكر الاول في الحرب ألمانيا ، تركيا ، بلغاريا ، النمسا . بينما ضم المعسكر الآخر كلاً من بريطانيا ، فرنسا ، روسيا ، رومانيا ، البرتغال ، بلجيكيا وصربيا . وإنتهت الحرب بانتصار محور بريطانيا وقبول ألمانيا شروط الإستسلام في 7 نوفمبر 1918 م، خلال فترة الحرب العالمية الاولي كان السودان دولة مستعمرة بواسطة بريطانيا بينما فرضت بريطانيا حمايتها علي مصر وأصبحت هي المسيطرة علي الأمر كله. إكتسب الجندي السوداني سمعة جيدة وأهمية كبري خلال الحرب العالمية الأولي حيث أبدت عدة دول رغبتها في مشاركة قوات سودانية في الحرب، خاصة في قطاع الحجاز . كما طُلب ارسال ثلاث أورطة بيادة لتعمل في منطقة ينبع، أما فرنسا فقد طالبت باستبدال أورطتين سنغاليتين في جيبوتي وإرسالها للسودان او مصر فتحل محلها أورطتان سودانيتان، شاركت الوحدات السودانية في الحرب العالمية الأولي بصورة واسعة وفعالة على النحو الآ تي :
أ* المساهمة في الدفاع عن قناة السويس باقامة نقاط عسكرية في سيناء .
ب* المشاركة في العمليات العسكرية في حدود مصر الغربية .
ج* تصنيع أربع وسبعين ألف قنبلة " غارانيت " اليدوية لصالح القوات التي كانت تعمل في البحر الأحمر.
د* مشاركة أورطة من الأشغال في معارك الدردنيل ضمن الحملة البرية التي نظمت في أعقاب فشل الحملة البحرية .
هـ* ألحقت قوات سودانية ضمن وحدات الجيش المصري للخدمة في فلسطين وفي خطوط المواصلات الأمامية والخلفية .
و* أرسلت قوات سودانية صغيرة الي الحجاز لتعمل مع ملك الحجاز كما تم تنظيم قوة متحركة قامت بهجمات علي سكك حديد الحجاز وخطوط التلغراف.
ز_ قامت وحدات سودانية من النقل بالعمل في فلسطين.
ح_ شارك قسم المخازن ، والمستشفي العسكري والمستودعات وقد وضعت كلها تحت تصرف قائد الحملة.
ط* قامت سكك حديد السودان بارسال مقطورات الي فلسطين.
ى* تمت أعارت باخرة من حكومة السودان لرئاسة البحرية لتساعد في أعمال الدورية.
ك* أرسلت قوات تقدر ببلكين من الأورطة التاسعة السودانية لشمال يوغندا وذلك لمواجهة التهديد الألماني علي يوغندا .
الحرب العالمية الثانية 1939_1945 م :
أولاً معارك شرق أفريقيا :
7- في 10 يونيو 1940 م اعلن موسوليني رئيس إيطاليا الحرب علي بريطانيا وفرنسا، وكان الرئيس الإيطالي يطمع في إنشاء إمبراطورية إيطالية في افريقيا والتي تمتد من طرابلس الي اريتريا، الحبشة ، الصومال الايطالي والسودان، ولتحقيق تلك الخطة الزائدة الطموح حشد موسوليني جيشاً قوامه ثلاثة ألف عسكري بمعاونة حملة ميكانيكية ، وأربعمائة مدفع ومائتي طائرة، وخصص مائة الف من المشاه تدعمها وحدات من المدفعية ، العربات المدرعة لغزو السودان، وفي مواجهة هذه القوات الإيطالية كانت تقف قوة دفاع السودان وقوامها أربعة ألآف وخمسمائة مقاتل مسلحين بالبنادق والرشاشات المركبة علي العربات المدرعة مع بعض العربات غير المدرعة هذا بالإ ضافة الي بنادق لبويذ المضادة للدبابات . وقد عملت القوات السودانية ولفترات طويلة بدون قطاع جوي . وقد قامت القوات السودانية رغم قلة أفرادها وضعف تسليحها بأعمال بطولية وشجاعة مكانتها من تحقيق انتصارات كبيرة علي القوات الإيطالية . يمكن إجمال ذلك فيما يلي :
أ- إفشال الهجوم الاول علي كسلا الذي قامت به القوات الايطالية في 4 يوليو 1940 م . حيث تقدم لواءان ايطاليان قوة كل منهما ثلاثة آلاف مقاتل نحو كسلا تدعمهما أربعة كتائب فرسان قوتها الفي رجل . وكانت تسند قوات المشاه ثماني عشرة دبابة ، وعدد من قطع المدفعية وعدد من الطائرات الحربية . القوة السودانية المدافعة عن كسلا كانت تتكون من بلك مشاه آلية ،بلك مدافع رشاشة وعدد من افراد الشرطة . وقد تمكنت هذه القوة التي لا يزيد تعدادها عن أربعمائة مقاتل من الصمود أمام القوات الايطالية وإحداث خسائر في صفوفها بلغت خمسمائة قتيل وتدمير ست دبابات، أما خسائر القوة السودانية فكانت واحد شهيد ، ثلاثة جرحي وستة عشر مفقودين إستطاع بعض منهم اللحاق بوحداتهم في وقت لاحق . وقد اضطرت القوة السودانية للإنسحاب ولكن بعد إحداث هذه الخسائر الكبيرة في صفوف الايطاليين .
ب- إفشال الهجوم الثاني علي كسلا في الاسبوع الأ خير من شهر يوليو 1940 م . حيث تقدمت قوة ايطالية قوامها الف وخمسمائ مقاتل تجاه كسلا وتصدت لهم قوة بقيادة الملازم ( آنذاك ) محمد نصر عثمان قوامها ثلاثين ضابط صف وجندي محمولين علي ثماني من عربات المدافع الرشاشة . وتمكنت هذه القوة البسيطة من صد القوات الايطالية وإحداث خسائر في صفوفها والقبض علي بعض الاسري دون ان تفقد القوة اياً من أفرادها
ج- تعطيل الهجوم علي مدينة القلابات بواسطة قوة سودانية قوامها واحد واربعين مقاتلاً بقيادة الملازم عبد الله مصطفي وقد تمكنت هذه القوة من الصمود أمام القوات الايطالية المتفوقة عليها عدة وعتاداً لمدة ستة عشر يوماً . وقد منح قائد القوة ميدالية الحرب العالمية الثانية وذلك كأول ضابط سوداني يتقلدها .
د- ضرب خطوط إمداد القوات الايطالية وخطوط مواصلا تها مع اريتريا بواسطة بلكات المدافع الرشاشة السودانية .
هـ- أدي نشاط العمليات حول مدينة كسلا والذي لعبت فيه بلكات المدافع الرشاشة السودانية دوراً كبيراً وقد أدي الي إنسحاب القوات الايطالية من كسلا في ليلة 17/18 يناير 1941 م.
و- شاركت بلكات المدافع الرشاشة في إحتلال كل من مدينة كرن و مدينة أسمرا ومدينة قندار . وفي الاخيرة كان دور القوات السودانية كبيراً حيث استسلم لها أحدي عشرة الف وخمسمائة من القوات الإيطالية واثني عشر من الافارقة . هذا بالإضافة الي الإستيلاء علي أربعمائة مدفع رشاش ، اربعة وعشرين مدفع مورتر وثمانية واربعين صحن مدفع ميدان من مختلف العيارات ، وقد وصف جاكسون دور القوات السودانية في المعارك الثلاثة بقوله: (خلال هذه المعارك قاتلت قوة دفاع السودان بشهامة وشجاعة بالرغم من التفوق العددي والتفوق في الاسلحة والمعدات التي كان يتمتع بهما الجيش الإيطالي . وقد إستطاع الجنود السودانيون الإلتحام والإشتباك بالسلاح الأبيض مع الجنود الإيطاليين الذين إضطروا للتراجع عن مواقعهم وتحصيناتهم .
ز- حراسة الإمبراطور هيلاسلاسى بعد عودته من انجلترا وإعادته الي أديس أبابا في 5 مايو 1941 م علي ظهر جواد . وذلك بعد الإستيلاء علي منطقة قوجام وحصن دبراماركوس 6/4/1941م . وقد قامت بكل هذه الأعمال أورطة الحدود السودانية بقيادة العقيد بوستيد وعاونتها في ذلك أورطة اللاجئين الأثيوبيين .
ثانياً معارك شمال افريقيا :
8- كما أسهمت القوات السودانية ببطولة وشهامة في معارك شرق أفريقيا فقد قامت بنفس هذا الدور في معارك شمال أفريقيا . بينما كانت القوات السودانية تعمل منفرد ة في معارك شرق أفريقيا مما أبرز دورها الفاعل إلا أنها وفي معارك شمال افريقيا فقد تم صهرها في قوات الشرق الأوسط وعملت تحت قيادة الجيش الثامن . ولكن رغم ذلك فقد فقد برز الدور البطولي الفاعل للقوات السودانية والذي يمكن إيجازه فيما يلي :
أ- شاركت اول قوة سودانية في العمليات العسكرية بشمال أفريقيا عندما أرسلت وحدة إستطلاع في 7 مارس 1941م تحت قيادة إثنين من الضباط الإنجليز وإثنين من الضباط السودانيين هما اليوزباشي عبد اللطيف الضو والملازم يوسف حمد النيل . وكانت مهمة القوة إستطلاع طريق سهل للهجوم علي الكفرة وجالو بشمال أفريقيا.
ب- انضمت قوة الاستطلاع المذكورة في الفقرة الاولي في منطقة العوينات الي مجموعة الصحراء البعيدة المدي وهي قوة متعددة الجنسيات وبها عدد من العسكريين السودانيين . وكانت مهمة القوة هي منع القوات الإيطالية من القيام بأية عمليات هجومية ضد السودان ومصر . كما قامت هذه القوة بدور كبير في حماية مؤخرة القوات البريطانية .
ج- كلفت الأورطة الأولي السودانية جالو لشل حركة القوات الالمانية . وقد إستبسل ضباط وجنود الأورطة وهم يقتحمون تحصينات الألمان مبدين مهارة فائقة، وذلك بالرغم من قوة دفاعات العدو وسيطرته الجوية .
د- في معركة العلميين قامت الأورطة الثانية السودانية بحماية ظهر الجيش الثامن وإحباط خطة روميل .
هـ كلفت قوات سودانية بحراسة المدن وحراسة خطوط المواصلات داخل أراضي العدو
المحتلة .
و- عملت كل من أورطة الحدود الثانية ، الأورطة 14 شرقياً ، فرقة المهندسين ، بلكات النقل ، اقسام الإشارة والسجن الحربي في الصحراء الغربية بالإشتراك مع القوات البريطانية خاصة في مناطق مصر، طبرق،دونا، ترانسيت ، بنغازي وطرابلس الغرب.
لخًص "دنكات" دور القوات السودانية في معرك شرق وشمال افريقيا بقوله :
"أن أثار الحرب العالمية الثانية كانت اعمق في افريقيا .وان افريقيا اصبحت مدينة بحصولها علي حريتها للجيش السوداني الصغير الممتاز ". وقد شارك الآلوف منهم في الحرب العالمية الثانية وقد وجدوا فرصة للتدريب الذي شمل التدريب الفني ، صيانة المركبات وبعض المهارات الفنية بالإضافة الي الشئون الصحية . اما الآثار الإيجابية للحرب علي قوة دفاع السودان فتمثلت في الآتي :
أ- رأت الحكومة البريطانية أن تتكفل إعتباراً من اول سبتمبر 1940 بمصاريف قوة دفاع السودان الزائد نتيجه لحالة الأمن الداخلي باريتريا واثيوبيا . علي ان تدفع حكومة السودان ما كانت تدفعه لقوة دفاع السودان.
ب- وضع إعتبار خاص للقوات السودانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دروس وعبر
مقدمة
1- القوات المسلحة السودانية وعبر تاريخها الطويل وسجلها الحافل بالبطولات والانتصارات، لعبت أدوارا محلية وإقليمية ودولية بارزة، الأمر الذي أكسبها سمعة إقليمية ودولية طيبة، كما أكسبها خبرات عسكرية جديدة فقد خاضت معظم حروب محمد علي باشا الخارجية، كما شاركت مع القوات الفرنسية حربها فى المكسيك، وكان لها دور محسوب في الحرب العالمية الاولى، ولكن دورها البارز كان فى الحرب العالمية الثانية، وذهب الكثيرون الى القول بأن إفريقيا مدينة بحصولها على حريتها للجيش السودانى، وأسهمت أيضاً فى انشطة حفظ السلام ومراقبة وقف اطلاق النار من خلال عملها مع الامم المتحدة ، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الافريقية. وبالرغم من ان واجب القوات المسلحة هو واجب قتالى يهدف لبسط الامن والاستقرار وحمايه الدولة السودانية والتصدى للعدو بكافة إشكاله، إلا أنها لعبت دورا بارزا فى ارساء قواعد السلام بأفريقيا وبعض دول العالم.
المشاركات الخارجية:
2- شاركت القوات السودانية فى كثير من النزاعات الدولية وذلك خلال فترات متلاحقه من تاريخها الطويل، خاصه بعد تكوين جيش سودانى فى عهد محمد على باشا والى مصر، وقد استخدم محمد على باشا جزء من هذا الجيش فى حروبه الخارجيه فى سوريا وفى الاناضول عام 1831م، كما شاركت الوحدات السودانية فى الحربين العالميتن الاولى والثانية وقبلهما شاركت الوحدات السودانية فى حرب المكسيك، والقرم.
حرب القرم :
3- عندما نشبت حرب القرم (1854_1856م) بين تركيا وروسيا لجأ الباب العالي (السلطان العثمانى) الى وآلى مصر طالبا منه مده بقوات لتشارك فى الحرب، فقام بإمداده بالأورطة التاسعة (كتيبة) والتي شاركت في الحرب إلى جانب تركيا وكان دورها كبيرا وفاعلا.وكان آدم بك العريفى احد ضباط هذه الاورطة وترقى فى عام 1867م الى رتبة أمير اللواء ومنح لقب باشا.
أورطة (كتيبة) المكسيك 1863م :
4- نتيجة لإساءة معاملة رعايا كل من فرنسا، انجلترا، واسبانيا، ونهب ممتلكاتهم بواسطة حكومة المكسيك، رأت الدول الثلاث إستخدام القوة لحماية رعاياها، وبعد فترة انسحبت بريطانيا واسبانيا وتحملت فرنسا عبء الحرب وحدها، مما أنهك قدراتها وأضعف جيشها، وعند ذلك طلب نابليون الثالث ملك فرنسا من خديوى مصر محمد سعيد باشا مده بأورطة(كتيبة) للمساعدة فى الحرب التى تقودها فرنسا فى المكسيك، وتكونت الاورطة بعد موافقة الخديوى من اربعة بلكات (سرايا) قوتها أربعمائة ثلاثة وخمسين ضابط وضابط صف وجندي، وعين البكباشى جبر الله أفندي محمد قائداً لها وينوب عنه اليوزباشى محمد افتدى مياس غادرت الاورطة ميناء الاسكندرية فى
8 يناير 1863م ووصلت فيراكروز بالمكسيك فى 23 فبراير 1863 م، وشاركت القوة السودانية في إثنتي عشرة معركة ضد العصابات المكسيكية وكسبتها جميعها محدثة خسائر كبيرة وسط هذه العصابات . كما دافعت القوة عن موقعين لها وللقوات الفرنسية تعرضا للهجوم مرتين من قبل العصابات، ورغم صغر حجم القوة السودانية التي كانت تدافع عن الموقعين ورغم كبر حجم القوات المهاجمة، إلا أنها تمكنت من صد الهجومين وأحدثت خسائر جسيمة في صفوف القوات المهاجمة، بجانب العمليات العسكرية قامت القوة السودانية بحراسة عمال السكة الحديد وتحصين مدينة فيراكروز المكسيكية، ولما رأي قائد القوات الفرنسية بطولة وصمود القوة السودانية كتب إلي القائد العام في فرنسا مشيداً بهم وبدورهم، وعندما علم الخديوي إسماعيل باشا، والذي خلف الخديوي محمد سعيد باشا قام بارسال خطاب لقائد الاورطة مبدياً ارتياحه وثناءه على ما قامت به الاورطة، وكان قائد الاورطة فى هذا الوقت الصاغ محمد افندى مياس حيث أن قائدها البكباشا جبر الله أفندي محمد توفي نسبة لإصابته بالحمي الصفراء ودفن بالمكسيك.
عودة القوة
5- بعد انتهاء مهمة الأورطة السودانية قادرت منطقة فيراكروز في 12 مارس 1867 م وإستعرضها الإمبراطور نابليون بنفسه قبل تحركها، وقد تخلف بعض الأفراد الذين تزوجوا هناك، وبعد وصولها لمصر إستعرضها الخديوي إسماعيل باشا معلناً عن الترقيات التي تمت في صفوف الأورطة حيث تمت ترقية كل الرتب الي رتبة أعلي وقد شارك بعض ضباط وعساكر أورطة المكسيك بعد عودتهم في حملات صموئيل بيكر وغردون باشا في الإستوائية . كما شارك عدد منهم في الدفاع عن مدينة الخرطوم عندما حاصرتها جيوش الثورة المهدية في عام1885 م . وقد قام غردون باشا بترقيتهم . ثم بقي بعض منهم وشارك في جيش كتشنر الذي غزا السودان في عام1898 م.
الحرب العالمية الأولي 1914 - 1918 م :
6- بتاريخ 28 يونيو 1914 م تم إغتيال المارشال فرانز فيردناند المفتش العام للجيش النمساوي الهنقاري بواسطة أحد الطلاب الوطنيين وذلك بمدينة سيرايفو . وقد أدي ذلك الي زيادة التوتر وقيام الحرب العالمية الاولي تم ضم المعسكر الاول في الحرب ألمانيا ، تركيا ، بلغاريا ، النمسا . بينما ضم المعسكر الآخر كلاً من بريطانيا ، فرنسا ، روسيا ، رومانيا ، البرتغال ، بلجيكيا وصربيا . وإنتهت الحرب بانتصار محور بريطانيا وقبول ألمانيا شروط الإستسلام في 7 نوفمبر 1918 م، خلال فترة الحرب العالمية الاولي كان السودان دولة مستعمرة بواسطة بريطانيا بينما فرضت بريطانيا حمايتها علي مصر وأصبحت هي المسيطرة علي الأمر كله. إكتسب الجندي السوداني سمعة جيدة وأهمية كبري خلال الحرب العالمية الأولي حيث أبدت عدة دول رغبتها في مشاركة قوات سودانية في الحرب، خاصة في قطاع الحجاز . كما طُلب ارسال ثلاث أورطة بيادة لتعمل في منطقة ينبع، أما فرنسا فقد طالبت باستبدال أورطتين سنغاليتين في جيبوتي وإرسالها للسودان او مصر فتحل محلها أورطتان سودانيتان، شاركت الوحدات السودانية في الحرب العالمية الأولي بصورة واسعة وفعالة على النحو الآ تي :
أ* المساهمة في الدفاع عن قناة السويس باقامة نقاط عسكرية في سيناء .
ب* المشاركة في العمليات العسكرية في حدود مصر الغربية .
ج* تصنيع أربع وسبعين ألف قنبلة " غارانيت " اليدوية لصالح القوات التي كانت تعمل في البحر الأحمر.
د* مشاركة أورطة من الأشغال في معارك الدردنيل ضمن الحملة البرية التي نظمت في أعقاب فشل الحملة البحرية .
هـ* ألحقت قوات سودانية ضمن وحدات الجيش المصري للخدمة في فلسطين وفي خطوط المواصلات الأمامية والخلفية .
و* أرسلت قوات سودانية صغيرة الي الحجاز لتعمل مع ملك الحجاز كما تم تنظيم قوة متحركة قامت بهجمات علي سكك حديد الحجاز وخطوط التلغراف.
ز_ قامت وحدات سودانية من النقل بالعمل في فلسطين.
ح_ شارك قسم المخازن ، والمستشفي العسكري والمستودعات وقد وضعت كلها تحت تصرف قائد الحملة.
ط* قامت سكك حديد السودان بارسال مقطورات الي فلسطين.
ى* تمت أعارت باخرة من حكومة السودان لرئاسة البحرية لتساعد في أعمال الدورية.
ك* أرسلت قوات تقدر ببلكين من الأورطة التاسعة السودانية لشمال يوغندا وذلك لمواجهة التهديد الألماني علي يوغندا .
الحرب العالمية الثانية 1939_1945 م :
أولاً معارك شرق أفريقيا :
7- في 10 يونيو 1940 م اعلن موسوليني رئيس إيطاليا الحرب علي بريطانيا وفرنسا، وكان الرئيس الإيطالي يطمع في إنشاء إمبراطورية إيطالية في افريقيا والتي تمتد من طرابلس الي اريتريا، الحبشة ، الصومال الايطالي والسودان، ولتحقيق تلك الخطة الزائدة الطموح حشد موسوليني جيشاً قوامه ثلاثة ألف عسكري بمعاونة حملة ميكانيكية ، وأربعمائة مدفع ومائتي طائرة، وخصص مائة الف من المشاه تدعمها وحدات من المدفعية ، العربات المدرعة لغزو السودان، وفي مواجهة هذه القوات الإيطالية كانت تقف قوة دفاع السودان وقوامها أربعة ألآف وخمسمائة مقاتل مسلحين بالبنادق والرشاشات المركبة علي العربات المدرعة مع بعض العربات غير المدرعة هذا بالإ ضافة الي بنادق لبويذ المضادة للدبابات . وقد عملت القوات السودانية ولفترات طويلة بدون قطاع جوي . وقد قامت القوات السودانية رغم قلة أفرادها وضعف تسليحها بأعمال بطولية وشجاعة مكانتها من تحقيق انتصارات كبيرة علي القوات الإيطالية . يمكن إجمال ذلك فيما يلي :
أ- إفشال الهجوم الاول علي كسلا الذي قامت به القوات الايطالية في 4 يوليو 1940 م . حيث تقدم لواءان ايطاليان قوة كل منهما ثلاثة آلاف مقاتل نحو كسلا تدعمهما أربعة كتائب فرسان قوتها الفي رجل . وكانت تسند قوات المشاه ثماني عشرة دبابة ، وعدد من قطع المدفعية وعدد من الطائرات الحربية . القوة السودانية المدافعة عن كسلا كانت تتكون من بلك مشاه آلية ،بلك مدافع رشاشة وعدد من افراد الشرطة . وقد تمكنت هذه القوة التي لا يزيد تعدادها عن أربعمائة مقاتل من الصمود أمام القوات الايطالية وإحداث خسائر في صفوفها بلغت خمسمائة قتيل وتدمير ست دبابات، أما خسائر القوة السودانية فكانت واحد شهيد ، ثلاثة جرحي وستة عشر مفقودين إستطاع بعض منهم اللحاق بوحداتهم في وقت لاحق . وقد اضطرت القوة السودانية للإنسحاب ولكن بعد إحداث هذه الخسائر الكبيرة في صفوف الايطاليين .
ب- إفشال الهجوم الثاني علي كسلا في الاسبوع الأ خير من شهر يوليو 1940 م . حيث تقدمت قوة ايطالية قوامها الف وخمسمائ مقاتل تجاه كسلا وتصدت لهم قوة بقيادة الملازم ( آنذاك ) محمد نصر عثمان قوامها ثلاثين ضابط صف وجندي محمولين علي ثماني من عربات المدافع الرشاشة . وتمكنت هذه القوة البسيطة من صد القوات الايطالية وإحداث خسائر في صفوفها والقبض علي بعض الاسري دون ان تفقد القوة اياً من أفرادها
ج- تعطيل الهجوم علي مدينة القلابات بواسطة قوة سودانية قوامها واحد واربعين مقاتلاً بقيادة الملازم عبد الله مصطفي وقد تمكنت هذه القوة من الصمود أمام القوات الايطالية المتفوقة عليها عدة وعتاداً لمدة ستة عشر يوماً . وقد منح قائد القوة ميدالية الحرب العالمية الثانية وذلك كأول ضابط سوداني يتقلدها .
د- ضرب خطوط إمداد القوات الايطالية وخطوط مواصلا تها مع اريتريا بواسطة بلكات المدافع الرشاشة السودانية .
هـ- أدي نشاط العمليات حول مدينة كسلا والذي لعبت فيه بلكات المدافع الرشاشة السودانية دوراً كبيراً وقد أدي الي إنسحاب القوات الايطالية من كسلا في ليلة 17/18 يناير 1941 م.
و- شاركت بلكات المدافع الرشاشة في إحتلال كل من مدينة كرن و مدينة أسمرا ومدينة قندار . وفي الاخيرة كان دور القوات السودانية كبيراً حيث استسلم لها أحدي عشرة الف وخمسمائة من القوات الإيطالية واثني عشر من الافارقة . هذا بالإضافة الي الإستيلاء علي أربعمائة مدفع رشاش ، اربعة وعشرين مدفع مورتر وثمانية واربعين صحن مدفع ميدان من مختلف العيارات ، وقد وصف جاكسون دور القوات السودانية في المعارك الثلاثة بقوله: (خلال هذه المعارك قاتلت قوة دفاع السودان بشهامة وشجاعة بالرغم من التفوق العددي والتفوق في الاسلحة والمعدات التي كان يتمتع بهما الجيش الإيطالي . وقد إستطاع الجنود السودانيون الإلتحام والإشتباك بالسلاح الأبيض مع الجنود الإيطاليين الذين إضطروا للتراجع عن مواقعهم وتحصيناتهم .
ز- حراسة الإمبراطور هيلاسلاسى بعد عودته من انجلترا وإعادته الي أديس أبابا في 5 مايو 1941 م علي ظهر جواد . وذلك بعد الإستيلاء علي منطقة قوجام وحصن دبراماركوس 6/4/1941م . وقد قامت بكل هذه الأعمال أورطة الحدود السودانية بقيادة العقيد بوستيد وعاونتها في ذلك أورطة اللاجئين الأثيوبيين .
ثانياً معارك شمال افريقيا :
8- كما أسهمت القوات السودانية ببطولة وشهامة في معارك شرق أفريقيا فقد قامت بنفس هذا الدور في معارك شمال أفريقيا . بينما كانت القوات السودانية تعمل منفرد ة في معارك شرق أفريقيا مما أبرز دورها الفاعل إلا أنها وفي معارك شمال افريقيا فقد تم صهرها في قوات الشرق الأوسط وعملت تحت قيادة الجيش الثامن . ولكن رغم ذلك فقد فقد برز الدور البطولي الفاعل للقوات السودانية والذي يمكن إيجازه فيما يلي :
أ- شاركت اول قوة سودانية في العمليات العسكرية بشمال أفريقيا عندما أرسلت وحدة إستطلاع في 7 مارس 1941م تحت قيادة إثنين من الضباط الإنجليز وإثنين من الضباط السودانيين هما اليوزباشي عبد اللطيف الضو والملازم يوسف حمد النيل . وكانت مهمة القوة إستطلاع طريق سهل للهجوم علي الكفرة وجالو بشمال أفريقيا.
ب- انضمت قوة الاستطلاع المذكورة في الفقرة الاولي في منطقة العوينات الي مجموعة الصحراء البعيدة المدي وهي قوة متعددة الجنسيات وبها عدد من العسكريين السودانيين . وكانت مهمة القوة هي منع القوات الإيطالية من القيام بأية عمليات هجومية ضد السودان ومصر . كما قامت هذه القوة بدور كبير في حماية مؤخرة القوات البريطانية .
ج- كلفت الأورطة الأولي السودانية جالو لشل حركة القوات الالمانية . وقد إستبسل ضباط وجنود الأورطة وهم يقتحمون تحصينات الألمان مبدين مهارة فائقة، وذلك بالرغم من قوة دفاعات العدو وسيطرته الجوية .
د- في معركة العلميين قامت الأورطة الثانية السودانية بحماية ظهر الجيش الثامن وإحباط خطة روميل .
هـ كلفت قوات سودانية بحراسة المدن وحراسة خطوط المواصلات داخل أراضي العدو
المحتلة .
و- عملت كل من أورطة الحدود الثانية ، الأورطة 14 شرقياً ، فرقة المهندسين ، بلكات النقل ، اقسام الإشارة والسجن الحربي في الصحراء الغربية بالإشتراك مع القوات البريطانية خاصة في مناطق مصر، طبرق،دونا، ترانسيت ، بنغازي وطرابلس الغرب.
لخًص "دنكات" دور القوات السودانية في معرك شرق وشمال افريقيا بقوله :
"أن أثار الحرب العالمية الثانية كانت اعمق في افريقيا .وان افريقيا اصبحت مدينة بحصولها علي حريتها للجيش السوداني الصغير الممتاز ". وقد شارك الآلوف منهم في الحرب العالمية الثانية وقد وجدوا فرصة للتدريب الذي شمل التدريب الفني ، صيانة المركبات وبعض المهارات الفنية بالإضافة الي الشئون الصحية . اما الآثار الإيجابية للحرب علي قوة دفاع السودان فتمثلت في الآتي :
أ- رأت الحكومة البريطانية أن تتكفل إعتباراً من اول سبتمبر 1940 بمصاريف قوة دفاع السودان الزائد نتيجه لحالة الأمن الداخلي باريتريا واثيوبيا . علي ان تدفع حكومة السودان ما كانت تدفعه لقوة دفاع السودان.
ب- وضع إعتبار خاص للقوات السودانية.