تحليل بقلم : طلعت رميح
نيوز أرشيف : الشئ الوحيد الذي إتفق عليه كلاً من الإعلام العربي والأمريكي والإعلام العراقي وكل المحللين الإستراتيجيين والعسكريين ، هو ان معركة بغداد هى المعركة الفاصلة فى العدوان الامريكى البريطانى على العراق.. كان ذلك محل تركيز و اتفاق منذ اليوم الأول ، بل كان كذلك أيضاً قبل بدء المعركة .. معركة بغداد هي المعركة الفاصلة .. معركة بغداد هى المعركة الفاصلة ..معركة بغداد هى المعركة الفاصلة .
الرئيس العراقى أعلن في خطابات متعددة فبل وأثناء العدوان أن مغول العصر الحديث سيهزمون على أبواب بغداد .. ووزير إعلامه المتميز وكذا وزير دفاعة والمتحدث العسكري جميعهم كانوا يتحدثون طوال الوقت عن معركة بغداد التي سيلقى الأعداء هزيمتهم فيها . ومع تعثر خطوات القوات الأمريكية والبريطانية أمام أم قصر ثم البصرة والناصرية والنجف وكربلاء ، زاد القادة العراقيين من إعلاء أهمية معركة بغداد ، وأطلق وزير الإعلام العراقي تصوراً إستراتيجياً للمعركة زاد من أهمية بغداد ، حينما شدد على فكرة إطالة " الأفعى " لكي يسهل تقطيعها ، وبطبيعة الحال ، فإن الأفعى سيتم دق راسها في بغداد. وحينما بدأت المعارك حول المطار ، كان الإعلام العراقي قوي في تأكيده على قوة ومنعة بغداد ، خاصة بعد الاعلان أنه قد تم ذبح المهاجمين لمطار بغداد الدولى و إبادتهم .
و الإعلام الحربي الأمريكي و البريطاني ركز بدوره على المعركة الفاصلة في بغداد ، وجرى تهيئة الرأي العام في بريطانيا و أمريكا للقبول بخسائر كبيرة في الأفراد في عملية احتلال بغداد ، وصار التركيز كله يجري حول كفاية أو عدم كفاية القوات الأمريكية حول بغداد لكي يمكن اقتحامها ، الأمر الذى جعل الجميع يشعر أن وقتا طويلا سيمر قبل احتلال بغداد و أن القوات الأمريكية في حاجة إلى عون ومدد عسكري لن يصل قبل أسابيع .
وبين الإعلام الأمريكي من ناحية ، و الإعلام العراقى من ناحية أخرى ، كان " الإعلام الفضائي " بدوره أشد حماسة لفكرة ان معركة بغداد هى المعركة الفاصلة .. وصار المعلقون و المحللون يتحدثون عن طبيعة التحصينات في بغداد .. و اعداد قوات الحرس الجمهوري بها ، ونوعية تسليحها ، ومدى ما يمكن أن تسببه من خسائر للقوات المهاجمة ، التى رأوا أنها يجب أن تكون ضعف القوات المواجهة .. الخ .
و بينما كل هذا الحديث يجرى ، وقبل أن يعلن احد عن بدء معركة بغداد ، إذا بالقوات الأمريكية تدخل بغداد ودون معركة او مقاومة تذكر !.
انهارت الروح المعنوية لكل الجماهير العربية و الاسلامية . وارتبك المحلين العسكريين .. و أصابهم الإضراب .
وصارت الحيرة والشعور بالهزيمة والاضطراب هي سيدة الموقف ، خاصة بعدما ضرب الإعلام العراقي وخرج من الساحة الإعلامية ، فلم يعد قادرا عن تقديم تفسير.. أي تفسير لما جرى ، وزاد الطين بلة ، أن القيادة العراقية ، بكل مكوناتها وطواقمها السياسية و العسكرية والاعلامية اختفت أيضا ..فلم يجد احد لا معلومات .. ولا تفسير !.
ترواحت التخمينات بين المغالاة والدهشة .. والصمت .. و القلق .. والترقب .. قيل أن القيادة العراقية قتلت عن بكرة أبيها .. وقيل أن خيانة جرت من بعض القادة وتنوعت التفسيرات لكيفية الخيانة .. البعض قال أن اتفاقا جرى بين قادة الحرس الجمهوري .. والأمريكان .. بأن يتركوا مواقعهم ويفتحوا الطريق ليجد الحرس الرئاسي- غير المجهز بالأسلحة الثقيلة - نفسه في مواجهة غير متكافئة ، وقيل أن البعض أرشد عن مكان انعقاد اجتماع للقيادة فقصفت ، وهناك من فسر الأمر بأن صفقة ما تمت بين صدام وأركان النظام والأمريكان ففى مقابل ان يخرجواهم سالمين من بغداد -اى القيادة العراقية-فانهم سيطلقون سراح الأسرى الأمريكان ويسلمون بغداد بلا مقومة .. وكان أشد تعبير عن هول المفاجأة ، ما تناقله سكان بغداد من أن صدام سيظهر مرة أخرى ، ويقضي على كل القوات المريكية في بغداد.
إذن ما الذي حدث ؟
القضية الأولى في فهم ما حدث هى ضرورة إزالة الفهم الخاطئ حول معركة بغداد .. وهذا الفهم الخاطئ ، تأتى ازالة زاويتين ، أولاهما : أن ما حدث في بغداد .. هو نفس ما حدث في البصرة ، التي ظلت صامدة لأكثر من ثلاثة عشر يوماً ، حيث ظل القتال يدور فيما حولها ، لكن حينما وصلت القوات البريطانية إلى مشارف البصرة ، وبدأت عملية الاقتحام والاحتلال ، فوجئت بأن لا مقاومة في عملية الاقتحام ودخلت البصرة وهي غير مصدقة لماهى فيه .
وثانيهما : هو تصور أن المعركة تجري بين جيشين وأننا كنا نتابع معارك بين الجيشين العراقي و الأمريكي بينما الحال كان على العكس من ذلك .
حقا لقد جرى التخلص من فكرة حدوث معارك مفتوحة بين الجيشين العراقى والامريكى في الأراضي الصحراوية المكشوفة .. لكن المشكلة هى ان الفهم العام المسيطر على عقولنا جميعا هو حدوث معارك بين الجيشين داخل المدن .. وذلك هو الخطأ الذي وقع فيه كل من تصدوا للتحليل الاستراتيجي و العسكري ، حيث ، وبعد تفكير وتدبر ، لا يمكن قيام مثل هذه المعركة من الأساس ، حيث أن عوامل قوة الجيش المهاجم وإن ضعفت بعض الشئ في مواجهة الجيش المدافع فى حالة المدن ، إلا أنها تظل قوة ساحقة ، يعتبر معها الدفاع عن المدن من خلال مواقع و خنادق ثابتة ( خنادق - حفر - أماكن مموهة ) عملية انتحار لجيش ومدينة بالكامل ، حيث يمتلك الجيش المهاجم أسلحة تدمير للمباني و الخنادق ، وحيث يمتلك وفرة هائلة من طائرات الهليكوبتر القادرة على العمل بحرية ضد الخنادق و الحفر ، والقادرة على اكتشاف مواقع الدبابات أو العربات أو االمدافع ، والأهم هو أن الجيش المعتدي ليست لديه أية نية ، لا عملية ولا نظرية ، للاستمساك بقواعد القتال النظيف أو وفقا لقواعد الحرب وأنه سيستخدم أسلحة تدمير شامل ،وإبادة كاملة .
لقد تخلص الجميع من فكرة القتال في الأماكن المكشوفة ، لكن لم يتخلص من فكرة أن التفوق يظل ساحقا في حرب المدن ، مع إمكانيات التدمير الشامل بالقنابل الضخمة - بعيداً حتي عن أسلحة الدمار الشامل - التي لها القدرة علي انهاء المقاومة الثابتة والسكان في وقت واحد .
والقضية الثانية هي أن الجميع لم يدرك حجم الدمار الذي اصيب به الجيش العراقي ، اسلحة ومعدات من جراء 13 عاما من الحصار ، منع خلالها من قبل جميع دول المحيط من تطوير قدراته الدفاعية لا الهجومية فقط ، وقد ثبت من خلال مشاهدة حالة المعدات القتالية العراقية ، انها توقفت في تطويراتها عند الحال الذي كانت عليه أثناء الحرب العدوانية الأولى عام 1991 ، وأن حالتها بالغة السوء ، فكيف يمكن لنا تصور أنها ستواجه اسلحة في غاية التطور .
والقضية الثالثة : هي ان الجميع لم يدرك انه ليس بالامكان خوض معركة فاصلة في مدينة تحاصر من كافة الاتجاهات .. من أين إذن في هذه الحالة تأتي الذخائر .. والإمداد والتموين .
إن التاريخ لم يعرف أبداً امكانية أن تخوض مدينة محاصرة من جميع الاتجاهات معركة فاصلة .. حيث النتيجة في هذه الحالة هي الانتحار الجماعي ، خاصة في ظل وضع محيط بالعراق لا أمل في تطويره لفك الحصار .. ووضع دولي لا يسمح بالإمداد للمدن المحاصرة بأي نوع من الامداد .
و القضية الرابعة : أن نتيجة خوض معركة ، وفق هذه الظروف ، وبنهاية " مشرفة " كما يتصور البعض ، أو بصمود مشرف ، لم يكن له سوى نتيجة واحدة ، هى انتهاء المقاومة فى كافة أرجاء العراق فى المستقبل .. و السيطرة المطلقة لقوات العدوان على بغداد .. وبلا إمكانية لحرب عصابات مقبلة .
كيف نفهم ما جرى
بداية نحن لا نملك معلومات فى القضية .. لا عن خيانة أو عن اتفاق .. وإن كان كل ذلك يتهاوى الآن مع ما بدأ يتسرب عن استخدام قوات العدوان لسلاح تدمير شامل غير معروف ، قتل فيه عدة الآف من الجيش و المواطنين العراقيين .لكن الأهم لفهم ما جرى هو ما يلى :
الأول : أن ما حدث فى معركة بغداد ، كان هو التصرف الطبيعي و الضروري ، لإنقاذ بغداد سكانا ، ولإنقاذ المدافعين معها ، استعدادا لمعارك تجرى الآن بالفعل فى بغداد ، حيث تتناثر كثرة من المعلومات حول مدى استمرار المقاومة وقوتها المتصاعدة .. و تأثيرها الذي يقوى ويتصاعد .
الثاني : أنه لم يكن ممكنا بالفعل خوض معركة على أسس الدفاع الثابت عن بغداد بالنظر إلى حالة التسليح بين طرفى المعركة .. خاصة سلاح الهليوكبتر .. وكذلك أسلحة التدمير الهائلة من خلال القنابل الضخمة .
و الأهم فى كل ذلك :
هو أن يتخلص الجميع من الانكباب على محاولة حل لغز ما جرى ، لينطلق باتجاه واحد و وحيد ، هو كيف ندعم المقاومة التى تجرى ، وكيف نساند و نساهم فى عملية تحرير العراق.
منقووول
نيوز أرشيف : الشئ الوحيد الذي إتفق عليه كلاً من الإعلام العربي والأمريكي والإعلام العراقي وكل المحللين الإستراتيجيين والعسكريين ، هو ان معركة بغداد هى المعركة الفاصلة فى العدوان الامريكى البريطانى على العراق.. كان ذلك محل تركيز و اتفاق منذ اليوم الأول ، بل كان كذلك أيضاً قبل بدء المعركة .. معركة بغداد هي المعركة الفاصلة .. معركة بغداد هى المعركة الفاصلة ..معركة بغداد هى المعركة الفاصلة .
الرئيس العراقى أعلن في خطابات متعددة فبل وأثناء العدوان أن مغول العصر الحديث سيهزمون على أبواب بغداد .. ووزير إعلامه المتميز وكذا وزير دفاعة والمتحدث العسكري جميعهم كانوا يتحدثون طوال الوقت عن معركة بغداد التي سيلقى الأعداء هزيمتهم فيها . ومع تعثر خطوات القوات الأمريكية والبريطانية أمام أم قصر ثم البصرة والناصرية والنجف وكربلاء ، زاد القادة العراقيين من إعلاء أهمية معركة بغداد ، وأطلق وزير الإعلام العراقي تصوراً إستراتيجياً للمعركة زاد من أهمية بغداد ، حينما شدد على فكرة إطالة " الأفعى " لكي يسهل تقطيعها ، وبطبيعة الحال ، فإن الأفعى سيتم دق راسها في بغداد. وحينما بدأت المعارك حول المطار ، كان الإعلام العراقي قوي في تأكيده على قوة ومنعة بغداد ، خاصة بعد الاعلان أنه قد تم ذبح المهاجمين لمطار بغداد الدولى و إبادتهم .
و الإعلام الحربي الأمريكي و البريطاني ركز بدوره على المعركة الفاصلة في بغداد ، وجرى تهيئة الرأي العام في بريطانيا و أمريكا للقبول بخسائر كبيرة في الأفراد في عملية احتلال بغداد ، وصار التركيز كله يجري حول كفاية أو عدم كفاية القوات الأمريكية حول بغداد لكي يمكن اقتحامها ، الأمر الذى جعل الجميع يشعر أن وقتا طويلا سيمر قبل احتلال بغداد و أن القوات الأمريكية في حاجة إلى عون ومدد عسكري لن يصل قبل أسابيع .
وبين الإعلام الأمريكي من ناحية ، و الإعلام العراقى من ناحية أخرى ، كان " الإعلام الفضائي " بدوره أشد حماسة لفكرة ان معركة بغداد هى المعركة الفاصلة .. وصار المعلقون و المحللون يتحدثون عن طبيعة التحصينات في بغداد .. و اعداد قوات الحرس الجمهوري بها ، ونوعية تسليحها ، ومدى ما يمكن أن تسببه من خسائر للقوات المهاجمة ، التى رأوا أنها يجب أن تكون ضعف القوات المواجهة .. الخ .
و بينما كل هذا الحديث يجرى ، وقبل أن يعلن احد عن بدء معركة بغداد ، إذا بالقوات الأمريكية تدخل بغداد ودون معركة او مقاومة تذكر !.
انهارت الروح المعنوية لكل الجماهير العربية و الاسلامية . وارتبك المحلين العسكريين .. و أصابهم الإضراب .
وصارت الحيرة والشعور بالهزيمة والاضطراب هي سيدة الموقف ، خاصة بعدما ضرب الإعلام العراقي وخرج من الساحة الإعلامية ، فلم يعد قادرا عن تقديم تفسير.. أي تفسير لما جرى ، وزاد الطين بلة ، أن القيادة العراقية ، بكل مكوناتها وطواقمها السياسية و العسكرية والاعلامية اختفت أيضا ..فلم يجد احد لا معلومات .. ولا تفسير !.
ترواحت التخمينات بين المغالاة والدهشة .. والصمت .. و القلق .. والترقب .. قيل أن القيادة العراقية قتلت عن بكرة أبيها .. وقيل أن خيانة جرت من بعض القادة وتنوعت التفسيرات لكيفية الخيانة .. البعض قال أن اتفاقا جرى بين قادة الحرس الجمهوري .. والأمريكان .. بأن يتركوا مواقعهم ويفتحوا الطريق ليجد الحرس الرئاسي- غير المجهز بالأسلحة الثقيلة - نفسه في مواجهة غير متكافئة ، وقيل أن البعض أرشد عن مكان انعقاد اجتماع للقيادة فقصفت ، وهناك من فسر الأمر بأن صفقة ما تمت بين صدام وأركان النظام والأمريكان ففى مقابل ان يخرجواهم سالمين من بغداد -اى القيادة العراقية-فانهم سيطلقون سراح الأسرى الأمريكان ويسلمون بغداد بلا مقومة .. وكان أشد تعبير عن هول المفاجأة ، ما تناقله سكان بغداد من أن صدام سيظهر مرة أخرى ، ويقضي على كل القوات المريكية في بغداد.
إذن ما الذي حدث ؟
القضية الأولى في فهم ما حدث هى ضرورة إزالة الفهم الخاطئ حول معركة بغداد .. وهذا الفهم الخاطئ ، تأتى ازالة زاويتين ، أولاهما : أن ما حدث في بغداد .. هو نفس ما حدث في البصرة ، التي ظلت صامدة لأكثر من ثلاثة عشر يوماً ، حيث ظل القتال يدور فيما حولها ، لكن حينما وصلت القوات البريطانية إلى مشارف البصرة ، وبدأت عملية الاقتحام والاحتلال ، فوجئت بأن لا مقاومة في عملية الاقتحام ودخلت البصرة وهي غير مصدقة لماهى فيه .
وثانيهما : هو تصور أن المعركة تجري بين جيشين وأننا كنا نتابع معارك بين الجيشين العراقي و الأمريكي بينما الحال كان على العكس من ذلك .
حقا لقد جرى التخلص من فكرة حدوث معارك مفتوحة بين الجيشين العراقى والامريكى في الأراضي الصحراوية المكشوفة .. لكن المشكلة هى ان الفهم العام المسيطر على عقولنا جميعا هو حدوث معارك بين الجيشين داخل المدن .. وذلك هو الخطأ الذي وقع فيه كل من تصدوا للتحليل الاستراتيجي و العسكري ، حيث ، وبعد تفكير وتدبر ، لا يمكن قيام مثل هذه المعركة من الأساس ، حيث أن عوامل قوة الجيش المهاجم وإن ضعفت بعض الشئ في مواجهة الجيش المدافع فى حالة المدن ، إلا أنها تظل قوة ساحقة ، يعتبر معها الدفاع عن المدن من خلال مواقع و خنادق ثابتة ( خنادق - حفر - أماكن مموهة ) عملية انتحار لجيش ومدينة بالكامل ، حيث يمتلك الجيش المهاجم أسلحة تدمير للمباني و الخنادق ، وحيث يمتلك وفرة هائلة من طائرات الهليكوبتر القادرة على العمل بحرية ضد الخنادق و الحفر ، والقادرة على اكتشاف مواقع الدبابات أو العربات أو االمدافع ، والأهم هو أن الجيش المعتدي ليست لديه أية نية ، لا عملية ولا نظرية ، للاستمساك بقواعد القتال النظيف أو وفقا لقواعد الحرب وأنه سيستخدم أسلحة تدمير شامل ،وإبادة كاملة .
لقد تخلص الجميع من فكرة القتال في الأماكن المكشوفة ، لكن لم يتخلص من فكرة أن التفوق يظل ساحقا في حرب المدن ، مع إمكانيات التدمير الشامل بالقنابل الضخمة - بعيداً حتي عن أسلحة الدمار الشامل - التي لها القدرة علي انهاء المقاومة الثابتة والسكان في وقت واحد .
والقضية الثانية هي أن الجميع لم يدرك حجم الدمار الذي اصيب به الجيش العراقي ، اسلحة ومعدات من جراء 13 عاما من الحصار ، منع خلالها من قبل جميع دول المحيط من تطوير قدراته الدفاعية لا الهجومية فقط ، وقد ثبت من خلال مشاهدة حالة المعدات القتالية العراقية ، انها توقفت في تطويراتها عند الحال الذي كانت عليه أثناء الحرب العدوانية الأولى عام 1991 ، وأن حالتها بالغة السوء ، فكيف يمكن لنا تصور أنها ستواجه اسلحة في غاية التطور .
والقضية الثالثة : هي ان الجميع لم يدرك انه ليس بالامكان خوض معركة فاصلة في مدينة تحاصر من كافة الاتجاهات .. من أين إذن في هذه الحالة تأتي الذخائر .. والإمداد والتموين .
إن التاريخ لم يعرف أبداً امكانية أن تخوض مدينة محاصرة من جميع الاتجاهات معركة فاصلة .. حيث النتيجة في هذه الحالة هي الانتحار الجماعي ، خاصة في ظل وضع محيط بالعراق لا أمل في تطويره لفك الحصار .. ووضع دولي لا يسمح بالإمداد للمدن المحاصرة بأي نوع من الامداد .
و القضية الرابعة : أن نتيجة خوض معركة ، وفق هذه الظروف ، وبنهاية " مشرفة " كما يتصور البعض ، أو بصمود مشرف ، لم يكن له سوى نتيجة واحدة ، هى انتهاء المقاومة فى كافة أرجاء العراق فى المستقبل .. و السيطرة المطلقة لقوات العدوان على بغداد .. وبلا إمكانية لحرب عصابات مقبلة .
كيف نفهم ما جرى
بداية نحن لا نملك معلومات فى القضية .. لا عن خيانة أو عن اتفاق .. وإن كان كل ذلك يتهاوى الآن مع ما بدأ يتسرب عن استخدام قوات العدوان لسلاح تدمير شامل غير معروف ، قتل فيه عدة الآف من الجيش و المواطنين العراقيين .لكن الأهم لفهم ما جرى هو ما يلى :
الأول : أن ما حدث فى معركة بغداد ، كان هو التصرف الطبيعي و الضروري ، لإنقاذ بغداد سكانا ، ولإنقاذ المدافعين معها ، استعدادا لمعارك تجرى الآن بالفعل فى بغداد ، حيث تتناثر كثرة من المعلومات حول مدى استمرار المقاومة وقوتها المتصاعدة .. و تأثيرها الذي يقوى ويتصاعد .
الثاني : أنه لم يكن ممكنا بالفعل خوض معركة على أسس الدفاع الثابت عن بغداد بالنظر إلى حالة التسليح بين طرفى المعركة .. خاصة سلاح الهليوكبتر .. وكذلك أسلحة التدمير الهائلة من خلال القنابل الضخمة .
و الأهم فى كل ذلك :
هو أن يتخلص الجميع من الانكباب على محاولة حل لغز ما جرى ، لينطلق باتجاه واحد و وحيد ، هو كيف ندعم المقاومة التى تجرى ، وكيف نساند و نساهم فى عملية تحرير العراق.
منقووول