مخيم العُلا الشتوي.. الدفء والطبيعة والتاريخ والدبلوماسية السعودية الرصينة
هناك تُلعب السياسة وتُحل الأزمات وتُدار العلاقات مع الدول الصديقةبألوانه وتصميماته الفريدة المستوحاة من الثقافة والطبيعة السعودية يبرز مخيم العُلا الشتوي محاطًا بالدفء وعبق التاريخ والاعتزاز بالهوية الوطنية في قلب السياسة والدبلوماسية السعودية؛ إذ اعتاد سمو ولي العهد رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان على استقبال كبار الشخصيات وضيوف المملكة في هذا المخيم خلال فصل الشتاء.
ومن السيناتور لندسي جراهام إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مرورًا برئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي وقائد الجيش الباكستاني رئيس الأركان عاصم منير، وآخر هؤلاء الشخصيات السياسية كان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والرابط كان المخيم الشتوي في العُلا.
وفي الخيمة المحاطة بتصميمات السدو التي نسجت بأيادٍ سعودية ماهرة من كل جانب، تُلعب السياسة، وتُحل الأزمات والمشكلات، ويُقرب بين وجهات النظر، وتنسج العلاقات والروابط بين المملكة والدول الصديقة.
وتعكس لقاءات المخيم الدبلوماسية حرص سمو ولي العهد على إبراز الثقافة السعودية، واعتزازه بهوية البلاد وإرثها التاريخي، فقبل أعوام شاهدنا رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي مرتديًا العباءة الشتوية السعودية (الفروة) في مشهد تناقلته وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم، وكان بمثابة ترويج للثقافة والهوية السعودية.
موطن الحضارة
وبالحديث عن العُلا، فالمدينة التي تقع شمال غرب المملكة، تزخر بطبيعتها الجبلية الساحرة، وآثارها وتراثها الأصيل، فمناظرها الطبيعية تغطي مساحة 22,561 كيلومترًا مربعًا، وتُقدم لزوارها رحلة فريدة عبر الواحات الساحرة، وتكوينات الحجر الرملي، والمعالم الثقافية.ويزخر تاريخ العُلا بالعديد من الثقافات الإنسانية التي ازدهرت بفضل خيراتها، وأبدعت ببناء الحضارات على أرضها منذ آلاف السنين. وتتميّز بيئتها بالتنوع الجيولوجي المذهل من تكوينات صخرية مذهلة بين الوديان الصحراوية، وعجائب طبيعية شامخة فوق الكثبان الرملية.
مقاصد سياحية ساحرة
ولا شك فإن موقع مدائن صالح يعد أحد أهم المواقع الأثرية التي تمتلكها العُلا خاصة والمملكة عامة؛ وهو موقع فريد أثريًا ومعماريًا؛ وقد أكسبته البيئة المحيطة به مهابة الماضي وعظمته.وتُعد مدائن صالح إحدى العجائب الفنية الخالدة، التي يقف أمامها العقل البشري كثيرًا للتفكر كيف استطاع الإنسان القديم تشكيلها في ظروف غير مواتية ومغايرة عن العصر التكنولوجي الحالي، وهي موطن قوم ثمود قوم نبي الله صالح (عليه السلام)، وتضم آثارُها 153 واجهة صخرية منحوتة. وتم تسجيل الموقع ضمن قائمة مواقع التراث العالمي؛ ليصبح بذلك أول موقع يتم تسجيله في السعودية.
ومن بين المقاصد الأخرى في العُلا جبل الفيل، وهو تشكيل صخري ضخم يُشبه في شكله الفيل، ويُعد من أبرز المعالم الطبيعية في العُلا، حيث يزوره السياح للاستمتاع بجمال المنظر وتكويناته الصخرية الفريدة.
وفي جبل عِكمة تجد كنزًا دفينًا من الحكايات التي تُلهم الرواة، فقد سُمي بـ"المكتبة المفتوحة" في العُلا؛ لكونه يحتوي على التراث الوثائقي الذي يمثل أكبر مجموعة في العالم للنقوش الدادانية واللحيانية المحفوظة بشكل جيد.
ومن الكنوز المنسية في العُلا مدينة دادان القديمة، وهي عاصمة مملكتَي دادان ولحيان، من أهم الاكتشافات الأثرية في العُلا. بُنيت هذه المدينة التاريخية خلال القرن التاسع قبل الميلاد من الحجارة المتوفرة في وادي الواحة، وتحتضن ما يزيد على اثني عشر من المقابر المنحوتة بمنتهى الحرفية والإبداع في المنحدرات الصخرية الحمراء.
وفي المرايا ستجد تحفة معمارية تعكس جمال العُلا؛ إذ تستقبل قاعة مرايا عُشّاق الثقافة والفنون بين أروع معالم الطبيعة الصحراوية في وادي عِشار، وتستضيف العديد من المناسبات الفنية والترفيهية المتميّزة لتحفر اسم العُلا كمركز ثقافي على مستوى عالمي. تُعد هذه التحفة المعمارية أكبر مبنى مغطى بالمرايا في العالم، وتُقدم لكل من يتأملها من بعيد تجربة أشبه بالخيال مع انعكاس المناظر الساحرة لمنحدرات الحجر الرملي على جدرانها بمنتهى الروعة والجمال.