هذا المشروع، يندرج ضمن برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس بالعيون، سنة 2015، بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، وهو بمثابة خارطة طريق ترتكز في مضمونها على استراتيجية النهوض بالتنمية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وهكذا، سيُمكّن بناء الميناء الجديد على الواجهة الأطلسية «الداخلة الأطلسي»، الذي وصلت نسبة الأشغال فيه إلى 20 بالمائة، ويُرتقب أن تنتهي كليا سنة 2028، (سيُمكن) من تحقيق تنمية جهوية عموما وتطوير قطاع الصيد البحري فضلا عن الأهداف الجيوستراتيجية.
بالصور: ميناء الداخلة الأطلسي.. مشروع ملكي ضخم بالصحراء المغربية
وفي ما يخص الجانب التجاري للميناء، فإنه من المرتقب أن يضم: أرصفة متعددة الاختصاصات (600 متر طولي بعمق 16 متر هيدرو)؛ محطة نفط؛ رصيف مخصص للخدمات (100 متر طولي)؛ أراضي مسطحة تصل مساحتها إلى 24,6 هكتار.
أما في ما يتعلق بجانب الصيد البحري، فإنه من المنتظر إحداث أرصفة (1650 متر طولي بعمق 12 متر هيدرو)؛ وأراضي مسطحة تصل مساحتها إلى 28,8 هكتار، علاوة على أرصفة مخصصة لإصلاح السفن (أرصفة 200 متر طولي بعمق 12 متر هيدرو) ثم أراضي مسطحة مساحتها إلى 8,6 هكتار.
وقد تم اختيار منطقة نتيرفت مسرحا لإقامة ميناء الداخلة الأطلسي، والتي تقع على بعد 40 كلم شمال مدينة الداخلة، في الجماعة القروية العركوب.
نقلا عن نسرين إيوزي، مديرة المديرية المؤقتة للإشراف على إنجاز ميناء الداخلة الأطلسي، التابعة لوزارة التجهيز والماء، إلى أنه "بحلول عام 2029، من المتوقع أن يصبح الميناء واحدا من أهم الموانئ على الساحل الأطلسي الإفريقي، بفضل بنية تحتية تتيح له استقبال مجموعة متنوعة من السفن والبضائع".
وفي ما يتعلق بخدمات الميناء، أوضحت الصحيفة أن البنية التحتية للميناء "ستوفر خدمات عالية الجودة للسفن وأطقمها مع الحفاظ على أداء تنافسي".
كما ذكرت أن ميناء الداخلة من المتوقع أن يصبح "البوابة الرئيسية لنقل المنتجات الطاقية الخضراء"، لا سيما في إطار "عرض المغرب للهيدروجين الأخضر" الذي تم الكشف عنه في مارس 2024، مشيرة إلى أنه بفضل هذه المبادرة، سيقدم الميناء "خيارات تزويد مستدامة" على طول الممر التجاري بين أوروبا وآسيا.
وأوضحت كاتبة المقال، تاتيانا فوجيتش توبتش، أن "الميناء صمم أيضا لتعزيز التعاون بين المغرب والبلدان الإفريقية، خاصة منطقة الساحل، تماشيا مع الرؤية الملكية للمبادرة الأطلسية"، معتبرة أن ميناء الداخلة يعد "عنصرا أساسيا في النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في عام 2013".
وأضافت أنه في إطار استراتيجية الموانئ الوطنية 2030، التي وضعتها وزارة التجهيز والماء في عام 2012، يهدف ميناء الداخلة الأطلسي إلى تلبية احتياجات المغرب من البنية التحتية المينائية المتطورة والاستفادة من الفرص المستقبلية للتجارة الدولية.
وخلصت "بوليتكا" إلى أن "الهدف هو تعزيز العلاقات التجارية مع الدول الإفريقية، مع توقع زيادة في التبادلات التجارية مع باقي القارة والأمريكتين وأوروبا".
يبرز ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يعد أحد المشاريع الهيكلية الكبرى المدرجة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، كورش استراتيجي جديد من شأنه تعزيز وترسيخ البعد الإفريقي للمملكة. ويتطلع هذا المشروع الهيكلي الضخم، باعتباره بنية تحتية مينائية من مستوى عال، إلى الاضطلاع بدوره في دعم وتمتين الروابط الاقتصادية والتجارية التي ينسجها المغرب مع عمقه الإفريقي، ليشكل بذلك رافعة أساسية للتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي للمملكة.
وسيساهم ميناء الداخلة الأطلسي في الدفع بالدينامية التنموية والطفرة الاقتصادية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية عموما وجهة الداخلة - وادي الذهب على وجه الخصوص، في جميع القطاعات الإنتاجية (الصيد البحري والتجارة والسياحة والصناعة والفلاحة وغيرها).
وتبعا لذلك، من المتوقع أن يكون لهذه البنية التحتية المينائية وقع إيجابي كبير على النسيج الاجتماعي لمدينة الداخلة وسائر أنحاء الجهة، لاسيما من حيث دعم قطاع التشغيل، عبر خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لمواكبة هذه الدينامية الاقتصادية المتنامية.
ويسعى ميناء الداخلة الأطلسي إلى أن يشكل محورا اقتصاديا قائما بذاته، من خلال توفره على منطقة صناعية ولوجستيكية، ومنطقة لتعزيز الرواج والتبادل التجاري، وأخرى خاصة بتثمين أنشطة الصيد البحري، حيث من المنتظر أن يستقبل الميناء بواخر تجارية كبرى وأخرى تختص بالصيد في أعالي البحار، مما سيساهم في تعزيز موقعه ضمن الخطوط الملاحية الدولية. ومن المرتقب أن يساهم هذا المشروع الاستراتيجي بقوة في إبراز جهة الداخلة - وادي الذهب، باعتبارها بوابة لبلدان القارة الإفريقية ومركز جذب لمستثمرين مغاربة وأجانب مهتمين بالتصدير إلى إفريقيا، لاسيما في إطار منطقة التبادل الحر القارية.
وفي هذا الإطار، سيأخذ مشروع ميناء الداخلة الأطلسي بعين الاعتبار أهمية الارتباط بالطريق السريع الذي سيربط بين تيزنيت والداخلة ومنها إلى الحدود المغربية – الموريتانية وباقي بلدان القارة الإفريقية، مساهما بذلك في دعم توجه المملكة نحو توطيد علاقات التعاون جنوب - جنوب. ووعيا منهم بأهمية هذا المشروع الهيكلي، أكد ممثلو عدد من القطاعات الحكومية على المستوى الجهوي تعبئتهم وجاهزيتهم لمواكبة هذه الدعامة اللوجستيكية التي تشكل إضافة نوعية من شأنها دعم وتعزيز باقي المشاريع الكبرى التي تندرج في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية. وفي هذا الصدد، قال المدير الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الاخضر والرقمي، بوشعيب قيري، إن مشروع الميناء الأطلسي، الذي يأتي في سياق منظومة من المشاريع التي تستهدف تأهيل جهة الداخلة - وادي الذهب، يشكل منصة للدفع نحو تطوير أنشطة الصيد البحري وتقوية المبادلات التجارية، لاسيما مع الدول الإفريقية.
وأضاف، ، أن السلطات المختصة تعمل على إجراء دراسات، هي في مراحل متقدمة، من أجل استثمار العقار المجاور لهذا الميناء، حيث سيتم بالموازاة مع أشغال الميناء إطلاق أشغال تهيئة ثلاث مكونات أساسية في البنيات الاقتصادية، سيختص المكون الأول في تثمين موارد الصيد البحري، والثاني في إنشاء منطقة للتسريع الصناعي، فيما يهم المكون الثالث الأنشطة اللوجستية. وأشار السيد قيري إلى أن ميناء الداخلة الأطلسي سيحتضن كذلك جزء خاصا بأنشطة صناعة وإصلاح السفن، بالنظر إلى أهمية هذه الخدمة في صيانة هذه السفن والحفاظ عليها. وفي تصريح مماثل، أبرز مدير الوكالة الحضرية للداخلة وادي الذهب، مولاي امحمد همو، أن هذا الميناء سيعمل على تعزيز القدرة التنافسية للجهة على المستوى القاري، مما سيجعله بمثابة جسر وحلقة وصل بين شمال المملكة والبلدان الإفريقية.
وأضاف السيد همو أنه لمواكبة دينامية هذا المشروع الهيكلي، فقد قامت الوكالة الحضرية خلال هذا العام ببرمجة دراسة تتعلق بإعداد مشروع تصميم التهيئة للمنطقة المحاذية لميناء الداخلة الأطلسي، والتي تغطي مساحة تبلغ حوالي 6 آلاف هكتار. وأوضح أن هذا المشروع يشمل كذلك منطقة مينائية على مساحة 650 هكتار، مضيفا أنه سيتم دعمه بمنطقة لوجستية - صناعية على مساحة 1000 هكتار، بهدف مواكبة الدينامية التي تشهدها الجهة.
وبدوره، أشار مندوب الصيد البحري بجهة الداخلة - وادي الذهب، مصطفى أوشكني، إلى أن هذه المنشأة المينائية، المطلة على الواجهة الأطلسية لجنوب المملكة، من شأنها ضمان التكامل الاقتصادي وتعزيز الإشعاع القاري والدولي.وأكد أن هذا المشروع، الذي يكتسي أهمية استراتيجية بالنسبة لغرب إفريقيا والأقاليم الجنوبية، لاسيما جهة الداخلة - وادي الذهب، سيتيح دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية في جميع القطاعات الإنتاجية، خاصة الصيد البحري، بالنظر إلى أن لؤلؤة الجنوب تزخر بمؤهلات بحرية مهمة، تمثل 65 في المئة من الثروات الوطنية القابلة للاستغلال.
وأضاف السيد أوشكني أن هذا الميناء الأطلسي سيتيح تزويد جهة الداخلة - وادي الذهب ببنية لوجستيكية حديثة ومتطورة ستمكن من إحداث فرص شغل جديدة. ويندرج هذا المشروع الضخم، الذي كان موضوع اتفاقية خاصة تم توقيعها أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس في فبراير 2016، في إطار التعليمات السامية لجلالة الملك، والتي أكد عليها في خطابه السامي بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء. وتم اعتماد تصميم قابل للتطوير والتوسعة لهذا المشروع، حيث سيتم إنشاء ميناء بالمياه العميقة على الساحل الأطلسي لجهة الداخلة - وادي الذهب، وفقا للمكونات الثلاثة التالية: ميناء تجاري على عمق -16م / صفر هيدروغرافي، ميناء مخصص للصيد الساحلي وفي أعالي البحار، وميناء مخصص لصناعة السفن.
وسيشيد هذا الميناء بمحاذاة منطقة اقتصادية تمتد على مساحة تقدر بـ 1650 هكتار، وتهدف إلى تقديم خدمات صناعية ولوجستيكية وتجارية عالية الجودة. وعلى إثر انتهاء الدراسات المتعلقة بإنجاز هذا المركب المينائي، قامت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء بالإعلان عن طلب العروض بالانتقاء المسبق رقم 08 /م.م.م.ع.ب/ 2020 المتعلق بإنجاز أشغال بناء الميناء الجديد الداخلة الأطلسي، حيث تم نشر نتيجة مرحلة الانتقاء المسبق وفقا للمسطرة الجاري بها العمل في إطار الصفقات العمومية.
(و م ع)03 ماي 2021