٢/١ البيت الأبيض يسعى لإلغاء العقوبات قبيل محادثات الرئيس السوري مع ترمب
مجلس الشيوخ يدعم رفع القيود عن حكومة دمشق الناشئة، لكن بعض أعضاء مجلس النواب ما زالوا متردّدين.
==============
بقلم: جارد مالسين ومايكل آر. غوردون
٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥ – الساعة ٤:٣٣ مساءً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة
يسعى مسؤولون في الإدارة الأميركية إلى إعطاء دفعة دعم لزعيم سورية أحمد الشرع، قبيل لقائه الرئيس ترمب يوم الاثنين المقبل، وذلك من خلال السعي لإلغاء قانون العقوبات الأميركي الرئيسي الذي أعاق إعادة إعمار البلاد بعد حرب أهلية استمرت ١٣ عاماً.
وقد حظي الشرع— وهو زعيم سابق لجماعة مصنّفة على لوائح الإرهاب في الولايات المتحدة، باحتضان الرئيس ترمب بعد أن ساهم في الإطاحة بدكتاتور سورية السابق بشار الأسد العام الماضي. وقد أقر مجلس الشيوخ بالفعل تشريعاً يلغي قانون قيصر الصادر عام ٢٠١٩، والذي فرض قيوداً شديدة على الاقتصاد السوري.
لكن المشكّكين، ومنهم عضو بارز في مجلس النواب، ما زالوا متحفّظين حيال تخفيف الضغط على الحكومة السورية الجديدة، لا سيما بعد أن تورطت عناصر متشددة من قوات الشرع السابقة في أعمال عنف طائفية دامية في وقت سابق من هذا العام.
ويخشى مسؤولو إدارة ترامب من أن يؤدي عدم إعادة ربط سورية بالنظام المالي العالمي إلى إعاقة جهود إعادة الإعمار وزيادة خطر نشوب الحرب الأهلية من جديد. فقد دُمّرت مناطق واسعة من المدن السورية وتحتاج هذه المناطق إلى مليارات الدولارات لإعادة إعمارها، في حين أن البلاد غارقة بالأسلحة واقتصادها مشلول.
وتضغطُ بعض العائلات الأميركية التي اختفى أو قُتل أو اعتُقل أقاربها في سورية خلال الصراع من أجل إلغاء القانون، إذ تقول هذه العائلات إن رفع العقوبات ضروري لتسهيل التحقيقات التي يمكن أن تساعد في العثور على المفقودين. وقد وجّهت ست عائلات متضررة الشهر الماضي رسالة إلى أعضاء الكونغرس تطالبهم فيها بإلغاء قانون قيصر.
زيارة الشرع إلى واشنطن تمثل محطة مهمة في تحوّله من متمرّد إلى رئيس دولة.
فقد كان الشرع في السابق عضواً في الحراك المسلّح السني ضد القوات الأميركية في العراق، ثم قاد جماعة متمردة في سورية كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة، قبل أن يتبرأ منها قبل نحو عقد في مسعى طويل لبناء صورة أكثر اعتدالاً عن نفسه كزعيم للمعارضة الوطنية ضد الأسد. وفي تشربن الثاني ٢٠٢٤، أطلقت قواته هجوماً مفاجئاً أدى إلى انهيار نظام الأسد خلال أيام معدودة.
التقى ترامب بالشرع للمرة الأولى في الرياض في أيار، ثم رآه ثانيةً في أيلول في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. أما زيارته المرتقبة إلى واشنطن يوم الاثنين فستكون المرة الأولى التي يزور فيها رئيس سوري البيت الأبيض.
عُرف القانون الذي أُقر عام 2019 باسم قانون قيصر، تيمّناً بالمخبر العسكري السوري الذي سرّب صوراً جنائية لضحايا أُعدموا في سجون الأسد خلال حملة النظام على المعارضين السياسيين.
وقد وقّع الرئيس ترمب في حزيران الماضي مرسوماً تنفيذياً بتعليق العقوبات مؤقتاً على سورية، لكن أنصار الإلغاء الكامل يقولون إن هذا الإجراء لا يمنع احتمال إعادة فرض العقوبات مستقبلاً، وهو ما قد يثني المستثمرين عن ضخ الأموال في مشاريع إعادة الإعمار طويلة الأمد.
ويحثّ توم باراك، سفير الولايات المتحدة لدى تركيا والمبعوث الخاص لترمب إلى سورية، والذي لعب دوراً محورياً في صياغة سياسة الإدارة تجاه دمشق، الكونغرس على مساندة القيادة السورية الناشئة، محذّراً في تصريحات إعلامية هذا الصيف من أنه “لا توجد خطة بديلة” إذا ما فشلت الحكومة الحالية. كما أنه يضغط على الشرع للاستمرار في الإصلاحات الأمنية والسياسية.
وقد صرّح مسؤول رفيع المستوى في إدارة ترمب يوم الاثنين قائلاً: ((تؤيد إدارة ترمب الإلغاء الكامل لقانون قيصر، وهو ما يتماشى مع إعلان الرئيس بشأن وقف العقوبات. فرفعه ضروري للسماح للشركات الأميركية والدول الإقليمية بالعمل في سورية)).
وقالت مريم كم ألماز، ابنة ناشط إنساني أميركي اعتقلته قوات الأسد ويُعتقد أنه قد قُتل، إن احتمال إعادة فرض العقوبات بسرعة يشكل عقبة أمام الجهود الرامية إلى الكشف عن المقابر الجماعية، إذ تتطلب هذه الجهود استيراد معدات تُستخدم لمطابقة الحمض النووي.
وأضافت: ((هناك مئات الآلاف من الجثث في المقابر الجماعية، ولا يمكن معالجة هذا الملف بسرعة، سيستغرق الأمر سنوات وسنوات وسنوات. لذلك يجب أن يكون لدى المنظمات ثقة بأنها تستطيع العمل لسنوات دون الخوف من إعادة فرض العقوبات)). يتبع أدناه
٢/٢ ويجدر بالذكر أن الجهود التشريعية لإلغاء القانون هي جزء من مشروع موازنة وزارة الدفاع الأميركية، الذي يجيز الإنفاق العسكري.
وبموجب نص توافقي أقره مجلس الشيوخ، سيتعين على الرئيس تقديم تقارير لمدة أربع سنوات عن أداء الحكومة السورية في مجالات حماية حقوق الإنسان، ومحاربة الإرهاب، واستبعاد المقاتلين الأجانب من صفوفها، وإقامة علاقات حسنة مع إسرائيل، وغيرها من القضايا.
وإذا ما أخفقت الحكومة السورية في تحقيق هذه المعايير، فسيحتاج الكونغرس إلى تشريع جديد لإعادة فرض العقوبات. ومع ذلك، وحتى من دون قانون جديد، ستظل إدارة ترمب تمتلك التفويض القانوني لفرض عقوبات على أية أفراد أو جماعات تتورط في الإرهاب أو في انتهاكات حقوق الإنسان.
وقالت السناتور جين شاهين التي تمثّل ولاية نيوهامبشر، وهي عميدة الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: ((يجب علينا إلغاء عقوبات قيصر حتى يحصل الشعب السوري على فرصة حقيقية للتعافي بعد عقود من الديكتاتورية)).
ولم يُدرج مجلس النواب بعد إلغاء قانون قيصر في نسخته من مشروع موازنة وزارة الدفاع، لكن أعضاءه يجرون محادثات مع نظرائهم في مجلس الشيوخ حول بنود التشريع، الذي يأمل المشرعون الفراغ منه في الأيام المقبلة.
أما النائب الجمهوري برايان ماست، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، فهو حذر بشأن الإلغاء الشامل للعقوبات، ولم تردّ المتحدثة باسمه على أسئلتنا.
وتقول منظمات إنسانية ومحللون أمنيون إن سورية بحاجة مسيسة إلى مساعدات ودعم لإعادة الإعمار من أجل استقرار البلاد، حيث عاد أكثر من مليون شخص إلى ديارهم ويتطلع كثيرون لاستئناف حياتهم الطبيعية بعد أكثر من عقد من الحرب، لكن الركود الاقتصادي يمنعهم من ذلك.
وقالت ناتاشا هول، كبيرة الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: ((المهم الآن هو زيادة المساعدات للسوريين على الأرض. إذ أنّ وصول الاستثمارات الكبرى، خاصة في العقارات والسياحة، إلى المواطن السوري العادي سيستغرق وقتاً طويلاً)).