" استكمال السيادة السورية: منطق القوة المتغلبة وحتمية الحسم ضد #قسد "
السيادة ليست إعلاناً يُرفع في قاعة الأمم، ولا لافتةً تتصدر مباني الوزارات، بل هي حقيقة ميدانية تُقاس بقدرة الدولة على بسط إرادتها على كل شبر من ترابها.
في التاريخ، لم تُمنح السيادة لأي دولة (على طبق من دبلوماسية) ، ولم تُحافظ عليها بمجرد التمسك بالمبادئ أو إتقان فن الخطابة.
السيادة تُكتسب وتُحافظ عليها (بالقوة المتغلبة)، تلك التي تفرض الواقع، وتُخضع الخصوم، وتغلق أبواب النزاع قبل أن تُفتح من جديد.
المرحلة الحاسمة: بناء أم استقرار؟
سوريا اليوم لا تعيش مرحلة “استقرار السيادة” كما يتوهم البعض، بل هي في قلب مرحلة استكمال بناء السيادة.
في مرحلة الاستقرار، تُصبح السياسة أداة مركزية، وتُعطى المساومات مجالاً أوسع لأن مراكز القوة قد استقرت.
أما في مرحلة الاستكمال، فالسياسة وحدها لا تكفي، وإنما تصبح (القوة المباشرة) هي القانون الأعلى، واللغة التي تفهمها كل الأطراف على الأرض.
هذه المرحلة لها أحكامها الخاصة:
• لا تعامل مع الكيانات الانفصالية على أساس المناورة الدبلوماسية فقط.
• لا تُكتسب الهيبة الوطنية من خلال التصريحات أو القرارات الأممية، بل من خلال استعراض (حرارة السيادة في الميدان) ، وإثبات أن يد الدولة تصل، وتفرض، وتعاقب.
• التحرير لا يأتي بالعقوبات من الخارج ولا بالبروباغندا العدائية التي ينشغل بمعركتها الانفصاليون اليوم، التحرير لا يتم إلا بميزان القوة الذي يترجم على الأرض، في مواقع السيطرة والنفوذ.
(ازدواجية السيادة وخطر العدوى)
منابع النفط الواقعة خارج سيطرة دمشق ليست مجرد خسارة اقتصادية، بل هي (جرح مفتوح في جسد السيادة الوطنية)، يُغري الأطراف الانفصالية الأخرى -درزية أو علوية أو غيرها- بمحاكاة التجربة. ترك هذا الواقع دون حسم يعني الاعتراف الضمني بوجود (شركاء في السيادة) وهو ما يتناقض مع جوهر الدولة.
(معادلة الحسم: المال أو الحسم العسكري)
أمام هذا الواقع، لا توجد سوى معادلتين واضحتين:
1) الشراء السياسي المشروط: دفع مقابل مادي أكبر من الإيرادات السنوية التي تدرها منابع النفط على القيادة الثلاثية (مظلوم عبدي، إلهام أحمد، فوزه يوسف)، مقابل تسوية تُعيد دمجهم في كيان الدولة، وتحييد التدخلات الخارجية، وإغلاق الملف بلا دماء، بمعنى افتداء السيادة السورية بالمال وبلا دم.
2) القطف الحاسم: عملية عسكرية سريعة ودقيقة وشاملة وحاسمة، تُسقط هذا الواقع الكردي بالقوة القاهرة وتقطف كيانه الانفصالي من الجسد السوري كما تُقطف الثمار الناضجة التي حان وقتُ قِطافها، لتعود الموارد والسيطرة بعدها إلى الدولة، قبل أن يتحول النموذج القائم إلى سابقة انفصالية ملهمة لآخرين.
(درس بشار الأسد: الواقع يحسم بالقوة لا القرارات)
خمسة عشر عاماً من العقوبات الدولية لم تُسقط بشار الأسد، كما لم تسقطه حملات التشويه الإعلامي أو قرارات العزل السياسي.
ما غيّر موازين القوة فعلياً كان صعود هيئة تحرير الشام بجيش قوامه 170 ألف مقاتل منظم ومسلح.
هذا الدرس واضح: الواقع الميداني هو الذي يحسم مصير الأنظمة، لا النصوص ولا البيانات. وأي فراغ على الأرض ستملؤه القوة القادرة، لا القرارات الدولية ولا الحملات الإعلامية.
(الاستحالة الأميركية)
إسقاط نظام الشرع -مستحيل بالدعاية الإعلامية والقرارات الدولية- إسقاط نظام الشرع يحتاج إلى نشر عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين على الأرض، وهذا ما لا تستطيع واشنطن فعله في وقت تتصدر فيه إيران وشرق آسيا وبحر الصين الجنوبي أولوياتها الاستراتيجية.
وأي حرب أميركية في سوريا ستكون مستنقع استنزاف، تماماً كما يريد الصينيون، لإبعاد وتشتيت وإشغال التركيز الأميركي عن تايوان والمحيط الهادئ.
(الدروس العالمية: السيادة تُستكمل بالقوة)
التاريخ المعاصر يؤكد أن مرحلة استكمال السيادة لا تُحسم إلا بالقوة:
• الشيشان: موسكو أعادت غروزني بالقوة بعد حربين دمويتين، قبل أن تبدأ في إدارتها سياسياً.
• كرايينا: كرواتيا أنهت كيان الانفصاليين الصرب بعملية عسكرية خاطفة عام 1995.
• سريلانكا: حسمت حرب نمور التاميل بعملية عسكرية ساحقة عام 2009، بعد فشل ربع قرن من المفاوضات.
هذه النماذج تثبت أن (القوة المتغلبة) هي الأداة الحاسمة لبناء السيادة، بينما السياسة تأتي لتثبيتها وإدارتها بعد اكتمال السيطرة.
(الرسالة النهائية للقوى الانفصالية)
أي قوة سورية صغيرة أو متوسطة تعتقد أنها قادرة على فرض نموذجها خارج إطار الدولة، إنما تضع نفسها في مسار تصادمي سينتهي بسحقها -وبدعم تركي عند الضرورة- بتكلفة بشرية وعسكرية باهظة على الانفصاليين.
الواقعية تفرض خياراً واحداً:
التفاهم مع دمشق، والانضواء تحت كيان وطني جامع، وحجز مقعد معقول في سوريا المستقبلية.
كل ما عدا ذلك نتيجته صفرية، ولن يكون في صالح أي طرف انفصالي.