متابعة مستمرة مستقبل سوريا بعد التحرير

هل يعود تنظيم الدولة الإسلامية إلى سوريا والعراق؟


عاد تنظيم الدولة الإسلامية مجددًا إلى واجهة الأحداث في سوريا والعراق، بعد تقارير استخباراتية وأمنية حذّرت من تنشيط خلاياه النائمة وتخطيطه لعمليات جديدة قد تُعيده إلى دائرة الصراع. تقرير خاص لوكالة "رويترز"، نُشر الخميس 12 يونيو/حزيران 2025، كشف عن تحركات متسارعة للتنظيم في مناطق متعددة، بالتزامن مع تقليص الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.


صورة أباعود من عدد مجلة تنظيم داعش لشهر شباط/فبراير 2015

نشاط متزايد وتحركات مشبوهة


بحسب مصادر أمنية، أعاد تنظيم الدولة الإسلامية تفعيل خلاياه في مناطق تمتد من ريف حلب إلى دير الزور في سوريا، وجبال حمرين وحتى ضواحي بغداد في العراق. وتشير التقديرات إلى وجود ما بين 1,500 و3,000 عنصر ناشط في البلدين، إضافة إلى نحو 9,000 من مقاتليه وأفراد عائلاتهم محتجزين في سجون ومخيمات تخضع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ما يثير مخاوف متزايدة من هروب جماعي أو تهريب منظم.

في هذا السياق، قال خبير أمني أوروبي مطلع على الملف السوري إن "داعش لم يمت، لقد غيّر أسلوبه. يعتمد اليوم على الكمائن، الخلايا الصغيرة، والتمويه، بدلًا من الهجمات الجماعية"، مضيفًا أن نمط تحرك التنظيم بات أكثر مرونة وتعقيدًا.

وفي دير الزور، أفاد مسؤول محلي بأن "تحركات مقاتلين جدد ظهرت في الريف، بعضهم ليسوا من السكان المحليين"، مرجّحًا أن يكون ذلك نتيجة تجنيد من خارج المنطقة. كما أشار ضابط استخبارات عراقي رفيع إلى أن "التنظيم يحاول التوسع في مناطق بعيدة عن الأنظار، ويُنشئ خطوط دعم لوجستي جديدة" لتأمين حركته واستمراريته.

ترامب يطلب دعم "الشرع"


من التطورات اللافتة، ما كشفه التقرير عن تواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الحكومة السورية الجديدة، فاروق الشرع، طالبًا المساعدة في منع عودة التنظيم. يأتي ذلك بينما تخطط واشنطن لتقليص عدد قواتها في سوريا بنسبة 50٪، ما قد يترك فراغًا أمنيًا تستفيد منه الجماعات المتطرفة.

وفي هذا الصدد، نقل التقرير عن مسؤول دبلوماسي غربي أن "الاتصال مع حكومة الشرع ليس رسميًا، لكنه ضروري في هذه المرحلة لضمان عدم عودة داعش". كما أكّد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن "هناك نشاطًا متزايدًا لداعش، خصوصًا في منطقة دير الزور السورية"، محذرًا من أن "أي انسحاب أميركي قد يمنح التنظيم فرصة لإعادة تنظيم صفوفه".

من جانبها، أشار مصدر سوري مطّلع على التنسيق الأمني إلى وجود "تعاون سري بين أجهزة أمنية دولية وبعض الفصائل في الشمال السوري لتبادل المعلومات حول تحركات خلايا داعش"، خاصة في المناطق الحدودية التي يصعب ضبطها.

مناورات في العراق وهجمات محدودة


في العراق، ورغم تراجع عدد الهجمات المنسوبة لتنظيم الدولة الإسلامية خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 إلى أربع فقط (مقارنة بـ61 هجومًا في الفترة نفسها من العام الماضي)، حذرت مصادر أمنية من أن التنظيم بات يعتمد على استراتيجية الكمون وجمع الموارد، بدلًا من الهجمات الواسعة.

أحد أبرز المؤشرات على هذا التغيير كانت محاولة فاشلة لتفجير فندق في محافظة داقوق نهاية عام 2024، وأخرى لتفجير عبوات ناسفة في مناطق نائية من محافظة ديالى. وقد صرّح ضابط أمني عراقي بأن التنظيم "يستخدم التضاريس الصعبة في جبال حمرين للتمويه والتخفي"، ويستثمر في تعبئة خلايا جديدة في القرى البعيدة عن أعين الأمن.

خطر دائم في المخيمات والتجنيد الخارجي


على الجانب السوري، حذّر متحدث باسم "قوات سوريا الديمقراطية" من أن التهديد الأخطر يأتي من داخل مخيمات الاحتجاز، قائلًا: "المشكلة الأكبر تكمن في مخيم الهول، حيث هناك آلاف النساء والأطفال المرتبطين بداعش، يشكلون خطرًا أمنيًا مستمرًا"، وسط تصاعد المخاوف من تفجّر الوضع في حال انهيار أمني مفاجئ.

في الوقت نفسه، ذكرت تقارير استخباراتية أوروبية أن التنظيم لا يزال يحصل على دعم مالي خارجي، ويعمل على تجنيد عناصر في دول أجنبية، بما في ذلك مناطق في شمال إفريقيا وأوروبا الشرقية. وقد رُصدت محاولات تهريب أسلحة ونقل مقاتلين بين البادية السورية ومدن متفرقة، وهو ما أثار قلق الأجهزة الأمنية في أكثر من دولة.

تقييم المراقبين ... الخطر لم ينتهِ


يقول أحد المحللين الأمنيين الأوروبيين – وفق ما نقلت رويترز – إن "داعش لم يعد يسيطر على أراضٍ، لكنه يبني ببطء قدراته داخل مجتمعات مهمّشة، وخارج أنظار الأمن"، مضيفًا أن التنظيم الآن يتأقلم مع ضعف موارده، ويستثمر في الفراغات الأمنية.

ويحذر مراقبون من أن الانسحاب الأميركي المرتقب من العراق في سبتمبر/أيلول المقبل قد يترك فراغًا خطيرًا، يسهّل عودة تنظيم الدولة الإسلامية، ليس بالضرورة كتنظيم قائم، بل كشبكة خلايا قادرة على الضرب متى شاءت.

هل العودة قريبة؟


رغم التراجع الكبير في القدرات التنظيمية لتنظيم الدولة الإسلامية منذ هزيمته عام 2019، فإن المؤشرات الأمنية الحالية تشير إلى محاولات جادة لإعادة التمركز. غير أن التنظيم لا يزال يفتقر إلى القاعدة الشعبية والقدرات اللوجستية الواسعة التي امتلكها سابقًا، ما يجعل عودته إلى المشهد مرتبطة بضعف أجهزة الدولة في العراق وسوريا، وبتقلبات التوازنات الإقليمية والدولية، حسب مراقبين.
 
ليلة ساخنة عاشتها مناطق شرقي سوريا أمس تحت هدير الطائرات، حيث نفذت قوات «التحالف الدولي» سلسلة إنزالات بليلة واحدة في «الرقــة» وفي دير الزور.

الإنزالات كانت في مناطق «الجزيرة» التي تسيطر عليها «ميليشيا قسد»، الأول كان في بلدة «الشحيل» شرقي دير الزور، وتم خلاله اعتقال (4) أشخاص.

وفي ريف «الرقــة» نفذ «التحالف الدولي» إنزالين في منطقتي حمرة جماسة بالريف الشرقي، ومزرعة اليرموك شمال المحافظة أسفرت عن اعتقال (5) أشخاص من بينهم عضو سابق في تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» IS.

 
عودة
أعلى