دول الغرب في حاجة إلى تعميق الشراكة مع تونس في وجود جيش محترف وبلد مستقر وقيادة تستوعب خطورة مشكلات الإقليم.
الخميس 2024/12/05
تعزيز التعاون العسكري
واشنطن – وافقت وزارة الخارجية الأميركية على بيع محتمل لصواريخ جافلين إلى تونس بكلفة تقدر بحوالي 107.7 مليون دولار، في خطوة تظهر رغبة واشنطن في تطوير الشراكة الدفاعية مع تونس باعتبارها نقطة توازن مهمة في الإستراتيجية الأميركية الأمنية بشمال أفريقيا في ظل عدم الوضوح في ليبيا وصعوبة الاعتماد على الجزائر كشريك موثوق به.
وجاءت صفقة جافلين بعد مرور أقل من شهر على تسليم الولايات المتحدة لتونس طائرات من نوع سي – 130، وقبلها طائرات من نوع سي – 208، في ذروة التركيز الأميركي على ضبط إستراتيجية ذات جدوى بشأن الأمن في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل بعد التطورات السياسية والأمنية التي أفضت إلى انسحاب القوات الفرنسية من الحرب على الإرهاب وظهور أنظمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد قريبة من روسيا وتغلغل مجموعة فاغنر في عدة دول أفريقية.
وبعد بناء شراكة دفاعية متطورة مع المغرب تجد دول الغرب، والولايات المتحدة تحديدا، نفسها في حاجة إلى تعميق الشراكة مع تونس في وجود جيش محترف وبلد مستقر وقيادة تستوعب خطورة مشكلات الإقليم. وتونس من الدول المرشحة لأن تكون المقر الإقليمي للقيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا (أفريكوم)، وهو ما يؤشر على ثقة واشنطن باستقرار تونس، خاصة في ظل عدم اليقين بشأن التطورات السياسية في ليبيا وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار الصراعات القبلية والمناطقية إلى عدم استقرار دائم في البلاد.
الولايات المتحدة استثمرت أكثر من مليار دولار منذ عام 2011 في التعاون الأمني مع تونس، منها أكثر من 160 مليون دولار خلال عام 2023
وبالتوازي مع ذلك يتعامل الأميركيون باحتراز شديد مع دعوات التعاون الجزائرية في مجال الحرب على الإرهاب في خضم التقلبات المزاجية التي تسيطر على القرار السياسي في البلاد وتوتر العلاقات مع أغلب دول الإقليم ومع بعض الأوروبيين.
ويرى مراقبون أن الشراكة الدفاعية بين واشنطن وتونس ليست جديدة، وإن تطورت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، خاصة من خلال شراكة ميدانية في الحرب على الإرهاب الذي عرفته تونس بعد ثورة 2011.
وقال الخبير العسكري مختار بن نصر إن “العلاقة بين تونس وواشنطن قديمة، وتونس حليف للولايات المتحدة في التصدي لظاهرة الإرهاب، كما أن الجيش التونسي دائما يقتني أجهزة من واشنطن وهذا عمل دؤوب ومتواصل.”
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “لدينا لجنة عسكرية تونسية – أميركية مشتركة، ويتم فيها ضبط التعاون بين الطرفين، فضلا عن تبادل الخبرات الذي يعتبر مفيدا للجيش ومساعدا على تطوير كفاءاته.”
وبدوره اعتبر المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني أن “هذه الشراكة تأتي في إطار التعاون الإستراتيجي القائم بين البلدين، وكانت هنالك مناورات مشتركة في الفترة الأخيرة بمشاركة عدد من البلدان العربية.”
وشهدت المياه التونسية في نوفمبر المنقضي تدريبات “فينيكس إكسكبرس” التي أشرفت عليها أفريكوم وشاركت فيها عدة دول متوسطية. وأضاف الشيباني في تصريح لـ”العرب” أن الشراكة الدفاعية مع واشنطن تعود إلى “الموقع الإستراتيجي المهم لتونس قاريا وإقليميا ودورها كلاعب رئيسي في التصدي لعدة مخاطر، أهمها الإرهاب والجريمة المنظمة.”
وفضلا عن بعدها العسكري المهم تبدو صفقة بيع صواريخ جافلين إلى تونس رسالة سياسية تشير إلى أن الانتقادات التي تبديها الولايات المتحدة تجاه بعض المواقف التونسية في ملف حقوق الإنسان، لا تعرقل الاستمرار في العلاقات الإستراتيجية مع تونس وخاصة الشراكة الدفاعية.
وتتضمن الصفقة 184 صاروخًا من طراز جافلين، بالإضافة إلى 30 وحدة إطلاق خفيفة الوزن. كما تتضمن الحزمة أنظمة محاكاة متقدمة، وتدريبا على الصيانة، وأدوات تشغيل، وهو ما يمكّن تونس من دمج هذه المعدات المتطورة بسلاسة في بنيتها التحتية الدفاعية. وكانت تونس تسلمت في نوفمبر الماضي طائرات من طراز سي – 130 من الولايات المتحدة بقيمة 12 مليون دولار.
صاروخًا من طراز جافلين، بالإضافة إلى 30 وحدة إطلاق خفيفة الوزن
وأكد وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية إثر تسلم الطائرات بالقاعدة الجوية في العوينة، بحضور السفير الأميركي بتونس جوي هود، أن “هذه الطائرات المخصصة للاستطلاع مجهزة بأحدث المنظومات بما سيعزز القدرات العسكرية والعملياتية للجيش الوطني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود”.
كما لفت إلى أن “هذه الطائرات ستعزز، بفضل ما تتميز به من دقة في تنفيذ المهام وسرعة في تمرير المعطيات والبيانات وتحليلها، القدرات العملياتية واللوجستية في مجال الاستعلام والاستطلاع والمراقبة الجوية بما يخدم الأمن والسلم على المستويين الوطني والإقليمي.”
وعبّر وزير الدفاع التونسي عن تثمينه لما وصفه بـ”التنسيق الإيجابي” مع الجانب الأميركي الذي قال إنه أسفر عن إبرام هذه الصفقة “الناجحة”، على غرار صفقات سابقة مثل صفقات طائرات سي 208 وطائرات التدريب والزوارق السريعة، ولفت إلى “الجهود المبذولة من أجل تركيز منظومة المراقبة الإلكترونية على الحدود، التي تندرج في إطار تنفيذ محاور برنامج التعاون المشترك.”
ووفقًا للقيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا، استثمرت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار منذ عام 2011 في التعاون الأمني مع تونس، منها أكثر من 160 مليون دولار خلال عام 2023.
source