صورة من الجبهة بكوهيما عقب بداية الأمطار الموسمية
اليابانيون اتجهوا للانسحاب والتراجع بسبب الأمطار الموسمية وتراجع حصصهم الغذائية وتفشي سوء التغذية
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، مثلت معركة ستالينغراد (Stalingrad) حدثا مفصليا. فما بين شهري تموز/يوليو 1942 وشباط/فبراير 1943، واجهت قوات الجيش السادس الألماني نظيرتها السوفيتية بهذه المدينة التي حملت اسم جوزيف ستالين.
وبعد نجاحها في التوغل داخل أسوار المدينة، تعرضت القوات الألمانية، بقيادة المارشال فريدريش باولوس (Friedrich Paulus) لكمين حيث أغلقت عليها القوات السوفيتية فخ الكماشة لتعزلها بذلك داخل ستالينغراد وتجبرها على الاستسلام.
جانب من المعارك بكوهيما
صورة للجنرال موتاغوشي
صورة لقسم من أرض المعركة بكوهيما
صورة للجنرال ساتو
وعلى الجبهة اليابانية، عرفت اليابان، حليفة ألمانيا، انتكاسة مشابهة لستالينغراد سنة 1944. فأثناء محاولتها اجتياح الهند، هزمت القوات اليابانية على يد نظيرتها البريطانية بمعركة كوهيما، التي وصفت بستالينغراد اليابانية.
خطة غزو الهند
خلال العام 1944، وضع اليابانيون خطة يو غو (U-Go) لمهاجمة الجيش البريطاني الرابع بمنطقة إمفال (Imphal) بإقليم مانيبور (Manipur) الهندي أملا في فتح جبهة جديدة وعرقلة الهجوم الذي استعد الحلفاء لشنه بتلك الفترة. وعقب جملة من المشاورات، اتجه قائد الجيش الياباني الخامس عشر رينيا موتاغوشي (Renya Mutaguchi) لتوسيع هجوم يو غو الذي سرعان ما تحول لخطة يابانية لغزو الهند وإنهاء وجود الراج البريطاني.إلى ذلك، اتجه الجنرال موتاغوشي لإرسال الفرقة 31 من الجيش الياباني للسيطرة على منطقة كوهيما (Kohima) وعزل إمفال. ومن خلال هذه الخطوة، حاول هذا الجنرال الياباني التقدم نحو مدينة ديمابور (Dimapur) الهندية التي مثلت منطقة حيوية بسبب امتلاكها لشبكة سكك حديدية سهلت نقل الإمدادات البريطانية.
من جهة ثانية، عارض الجنرال كوتوكو ساتو (Kotoku Sato)، قائد الفرقة 31 بالجيش الياباني، خطة موتاغوشي حول منطقة كوهيما ووصفها بالفاشلة مؤكدا أن قواته ستتلقى هزيمة قاسية وأن جنوده سيموتون جوعا بسبب شح الإمدادات وصعوبة نقل كميات كافية منها نحو الجبهة.
وفي الأثناء، دافع الجنرال موتاغوشي عن خطته وتحدث عن ضرورتها لضمان عبور القوات اليابانية من بورما للهند.
ستالينغراد اليابانية
ذلك، استبقت بريطانيا الهجوم الياباني واتجهت لإرسال جنود من الفرقة 161 التابعة للجيش الهندي نحو كوهيما لدعم المدافعين عنها. ومع بداية التدخل الياباني، فشلت بريطانيا في إتمام إرسال كامل قوات الفرقة 161 من الجيش الهندي للمنطقة.يوم 6 أبريل/نيسان 1944، باشرت القوات اليابانية حصارها لكوهيما. وخلال هذا الحصار، تعرضت القوات البريطانية لقصف ياباني مكثف أسفر عن سقوط العديد من الضحايا. وخلال الليلة الفاصلة بين يومي 16 و17 أبريل/نيسان من العام نفسه، تمكن اليابانيون من السيطرة على منطقة بانغالو (bungalow) القريبة من كوهيما.
مع بداية الأمطار الموسمية، واجه اليابانيون مشاكل عديدة حيث تراكمت بمواقعهم كميات هائلة من الطين عرقلت حركة العربات والجنود. مستغلة هذا الوضع، باشرت بريطانيا بشن هجوم ضد المواقع اليابانية. فبينما أغارت طائراتهم على مواقع العدو، تمكنت قوات المشاة البريطانية من محاصرة أغلب المواقع اليابانية.
بحلول أواخر أيار/مايو 1944، تفشى سوء التغذية في صفوف الجنود اليابانيين الذين انخفضت حصصهم الغذائية اليومية بشكل كبير. ويوم 22 حزيران/يونيو 1944، باشرت القوات اليابانية انسحابها من المنطقة، عقب خسارتها لأكثر من 7 آلاف جندي بسبب العمليات القتالية والأمراض وسوء التغذية، لتعرف بذلك عملية غزو الهند فشلا ذريعا.
مطلع تموز/يوليو 1944، أعفي الجنرال كوتوكو ساتو من منصبه تزامنا مع تلقيه لمطالب، من القيادة العسكرية، بالانتحار اعتمادا على طريقة السيبوكو (Seppuku) التقليدية. إلى ذلك، رفض ساتو الأمر مطالبا بمثوله أمام محكمة عسكرية. وخوفا من إمكانية تقديمه لتصريحات واتهامات علنية لقادة الجيش الخامس عشر، تحدث المسؤولون اليابانيون عن إصابة الجنرال ساتو باضطرابات نفسية وعدم قدرته على المثول أمام المحكمة.