لوحة تجسد جانب من المعارك ضمن الحملة النابليونية بشبه الجزيرة الإيبيرية
الجسر شيد ليجسد عبقرية المهندس المعماري البرتغالي كارلوس أمارانتي
عقب أحداث الثورة الفرنسية، غاصت شبه الجزيرة الإيبيرية في جملة من الحروب الطاحنة التي خلفت مئات آلاف الضحايا. فمنذ أواخر القرن الثامن عشر، التحقت البرتغال وإسبانيا بكل من بريطانيا والنمسا وبروسيا لمواجهة التيار الجمهوري بفرنسا، الذي أثار استياء معظم عروش أوروبا على إثر حادثة إعدام الملك لويس السادس عشر، لتشهد بذلك المنطقة جملة من المعارك الدامية التي أسفرت في النهاية على توقيع معاهدة بازل (Basel) عام 1795.
لوحة تجسد عملية اعدام الملك الفرنسي لويس السادس عشر
وبسبب تحالفهم وارتباطهم الاقتصادي الكبير مع البريطانيين، لم يتمكن البرتغاليون من الابتعاد عن ساحة المعارك طويلا. وخلال السنوات التالية، اتخذت البرتغال جملة من المواقف المؤيدة لبريطانيا، خاصة فيما يخص الحصار القاري، فوجدت نفسها منذ صعود نابليون بونابرت في مواجهة جملة من الغزوات التي شنها ضدهم الفرنسيون والإسبان الذين عمدوا بدورهم لتغيير تحالفهم منذ مطلع القرن التاسع عشر واصطفوا مع فرنسا.
وفي خضم عملية اجتياحه للبرتغال، تسبب الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت فيما صنّف كأسوأ عملية انهيار جسر بالتاريخ، حيث أسفرت حادثة انهيار جسر قرب مدينة بورتو (Porto) عام 1809 عن سقوط آلاف القتلى.
لوحة تجسد الإممبراطور الفرنسي نابليون بونابرت بإسبانيا
جسر فريد من نوعه
إلى ذلك، افتتح جسر بونتي داس باراكس (Ponte das Barcas) يوم 15 آب/أغسطس 1806 ليجسد عبقرية المهندس المعماري البرتغالي كارلوس أمارانتي (Carlos Amarante) حيث تميّز الجسر بشكله وتصميمه الغريب والجذاب وكان عبارة عن 20 سفينة شدّت لبعضها اعتمادا على الأسلاك الحديدية. وقبل جسر بونتي داس باراكس قرب بورتو، شيّد المعماري أمارانتي العديد من الجسور الأخرى بمختلف أرجاء البرتغال كان أهمها جسر سانتواريو دو بوم جيزوس دو مونتي (Santuário do Bom Jesus do Monte) قرب مدينة براغا (Braga).لوحة تجسد الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت
وخلافا لبقية الجسور التي عمل عليها هذا المهندس المعماري البرتغالي، كان جسر بونتي داس باراكس فريدا من نوعه حيث تميّز الأخير، بالإضافة لشكله، بإمكانية فتحه عند الجهة الوسطى لتسهيل عبور السفن بالمنطقة.
4 آلاف قتيل
أمام تواصل تحالف البرتغاليين مع البريطانيين ورفضهم للحصار القاري، اتجه نابليون بونابرت لغزو البرتغال. وعقب نجاحه في اجتياح لشبونة عام 1807، انسحب الإمبراطور الفرنسي بسبب الهجوم المضاد الذي شنه البرتغاليون والبريطانيون قبل أن يعود ليحقق تقدما ميدانيا هاما عام 1809 حيث تمكنت قواته، بقيادة المارشال جان دو ديو سولت (Jean-de-Dieu Soult)، من احتلال براغا يوم 20 آذار/مارس 1809 قبل أن تبلغ مشارف مدينة بورتو.في الأثناء، طلب المارشال سول من الراهب البرتغالي أنطونيو دي ساو جوزيه دي كاسترو (António de São José de Castro) تسليم المدينة دون مقاومة لتجنب إراقة دماء المدنيين. ومع عدم حصوله على إجابة واضحة، عمد المارشال الفرنسي لاجتياح المنطقة يوم 29 آذار/مارس 1809.
وخوفا من هجوم قوات نابليون بونابرت، حاول سكان بورتو الفرار من المدينة عن طريق عبور جسر بونتي داس باراكس. وبسبب ذلك، تزاحم عدد هائل من البرتغاليين فوق الجسر الذي لم يكن مؤهلا لتحمل وزنهم.
وبشكل مباغت، انهار جسر بونتي داس باراكس بمن عليه متسببا في مقتل ما لا يقل عن 4 آلاف شخص غرق جلهم بنهر دورو (Douro). وعلى حسب مصادر تلك الفترة، كان من ضمن القتلى عدد هام من الجنود الفرنسيين الذين حاولوا ملاحقة المدنيين البرتغاليين أثناء فرارهم من بورتو.
التعديل الأخير: