صورة تجمع بين فيدل كاسترو وعدد من رفاقه عقب الإطاحة بباتيستا
فيدل كاسترو اتجه لتأميم نسبة هامة من المصالح الأميركية ببلاده وعمد في الآن ذاته للتقرب من الاتحاد السوفيتي
مطلع العام 1959، نجح الثائر الكوبي فيدل كاسترو في دخول العاصمة الكوبية هافانا رفقة قواته ليتمكن على إثر ذلك من إزاحة الرئيس فولخنسيو باتيستا (Fulgencio Batista). وعلى الرغم من اعتماده لنظام دكتاتوري اشتهر بكثرة الفساد المالي والإداري، تميز باتيستا بعلاقته الجيدة مع الولايات المتحدة الأميركية.
وقد جاءت إزاحة الأخير من الحكم واستلام فيدل كاسترو، ذو الميول الشيوعية، لزمام الأمور بكوبا لتشكل صدمة للأميركيين الذين استاؤوا من تواجد نظام شيوعي حليف للاتحاد السوفيتي على بعد 500 كلم فقط من ولاية فلوريدا.
صورة لعدد من قوات كاسترو قبيل غزو خليج الخنازير
الخلاف مع الأميركيين
ومع حصوله على مقاليد الحكم، باشر فيدل كاسترو بإجراء إصلاحات أغضبت الأميركيين حيث عمد الأخير لتأميم قسم كبير من المصالح الأميركية بمجال المناجم ومزارع قصب السكر.فضلا عن ذلك، أمر القائد الكوبي الجديد بتأميم الأراضي واتجه في الآن ذاته لتقليص حجم النفوذ الأميركي بكوبا بشكل كبير. أيضا، دعا كاسترو بقية دول أميركا اللاتينية لإعتماد خطوات مماثلة للتخلص من النفوذ الأميركي والحصول على حق تقرير المصير.
كاسترو رفقة تشي غيفارا
وكرد على هذه الخطوات، أمر الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور (Dwight D. Eisenhower)، مطلع العام 1960، وكالة المخابرات المركزية بإنتداب وتدريب حوالي 1400 كوبي مقيم بميامي (Miami)، بقيادة المسؤول الكوبي السابق جوزيه ميرو كاردونا (José Miró Cardona)، استعدادا لإرسالهم لكوبا بهدف الإطاحة بنظام كاسترو.
بحلول أيار/مايو 1960، اتجه كاسترو للتقرب من الإتحاد السوفيتي. وكرد على ذلك، فرضت الولايات المتحدة الأميركية حصارا تجاريا على كوبا منعت من خلاله المنتوجات الكوبية من دخول أراضيها. ولتجنب انهيار اقتصاد بلاده الذي اعتمد بنسبة كبيرة على تجارة السكر، ابرم كاسترو اتفاقية مع موسكو وافقت من خلالها الأخيرة على استيراد السكر الكوبي.
فشل العملية الأميركية
مطلع العام 1961، قطعت الولايات المتحدة الأميركية علاقاتها مع كوبا واتجهت للاستعداد لغزو محتمل. وفي المقابل، قلل الرئيس الأميركي جون كينيدي من الخطر الكوبي مؤكدا أن نظام كاسترو لا يشكل تهديدا حقيقيا لبلاده.وبناء على الخطة التي وضعها، اتجهت وكالة المخابرات لإخفاء الدور الأميركي بغزو كوبا مفضلة بذلك إرسال الكوبيين الذين تم تدريبهم على الأراضي الأميركية نحو وطنهم بهدف إشعال تمرد ضد نظام فيدل كاسترو.
صورة لأحد الأسرى عقب غزو خليج الخنازير
حسب الفصل الأول من الخطة، اتجه الأميركيون لتحييد سلاح الجو الكوبي. وبناء على ذلك، استقل عدد من الطيارين الكوبيين، المدربين على الأراضي الأميركية، منتصف نيسان/أبريل 1961 قاذفات قنابل بي 26 (B26) أميركية، تم طلاؤها لتكون شبيهة بالطائرات الكوبية، وانطلقوا من نيكاراغوا لقصف المطارات الكوبية. إلى ذلك، لقي هذا الجزء الأول من الخطة فشلا ذريعا حيث حصل كاسترو في وقت سابق على معلومات حول العملية الأميركية واتجه على إثر ذلك لتغيير مواقع الطائرات الكوبية وإخفائها.
يوم 17 نيسان/أبريل 1961، باشرت فرقة الكوبيين المدربين على الأراضي الأميركية غزوها لكوبا عند منطقة نائية عرفت بخليج الخنازير. وبشكل سريع، تحولت هذه العملية لكارثة عسكرية حيث عمدت إحدى محطات الراديو الكوبية القريبة من خليج الخنازير لنقل أخبار تحرك القوات الغازية لكامل أرجاء كوبا.
من جهة ثانية، فشل عدد من الكوبيين المدعومين من قبل واشنطن في بلوغ الشاطئ حيث تحطمت قواربهم وغرقت بسبب الرياح والشعاب المرجانية المنتشرة بالمنطقة. أيضا، نزل المظليون التابعون لهذه القوة بمنطقة خاطئة متسببين بذلك في فشل العملية بأسرها.
إلى ذلك، حوصرت هذه القوة الكوبية المدربة على الأراضي الأميركية على الشاطئ من قبل أتباع كاسترو. وعقب أقل من يوم واحد من القتال، فشلت عملية الغزو تزامنا مع مقتل 114 من القوة الغازية واستسلام 1100 آخرين.
خلال هذه العملية العسكرية بكوبا، توقع الكوبيون المدربون على الأراضي الأميركية تدخلا عسكريا أميركيا مباشرا لصالحهم. وفي الأثناء، رفض الرئيس الأميركي جون كينيدي مثل هذه الإقتراحات مؤكدا أنه غير مستعد لإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة.