تقرير البنك الدولي حول “فخ الدخل المتوسط”

Think Tanks

عضو جديد
إنضم
2 يناير 2024
المشاركات
356
التفاعل
729 23 1
الدولة
Egypt
تواجه دول الدخل المتوسط، التي تضم اليوم 6 مليارات نسمة، سباقًا ضد الزمن. وقد وضعت العديد منها أهدافًا طموحة لنفسها؛ الوصول إلى وضع الدول مرتفعة الدخل خلال العقدين أو الثلاثة عقود المقبلة. لن يكون ذلك سهلًا. فمنذ التسعينيات، نجح 34 اقتصادًا متوسط الدخل فقط في تحقيق هذا الإنجاز. أما البقية –وعددها 108 في نهاية عام 2023– فقد علقت في “فخ الدخل المتوسط”. ومنذ عام 1970، لم يتجاوز متوسط دخل الفرد في دول الدخل المتوسط قطّ 10% من مستوى دخل الفرد في الولايات المتحدة.

وقد أصبح تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتجاوز فخ الدخل المتوسط أكثر صعوبة بالنسبة للدول النامية. في ظل الظروف الحالية، ستواجه الدول النامية صعوبات أكبر في الانتقال إلى فئة الدول مرتفعة الدخل، وذلك بسبب زيادة الديون وتزايد أعداد كبار السن، بالإضافة إلى ارتفاع الحمائية في الاقتصادات المتقدمة. يقدم تقرير التنمية في العالم لعام 2024 حلولًا عملية لتجاوز هذه العقبات.

قام البنك الدولي بنشر تقرير جديد يسلط الضوء على تحدٍ كبير يواجه العديد من الدول النامية، ألا وهو “فخ الدخل المتوسط”. هذا الفخ يشير إلى حالة تتوقف فيها دولة ما عن تحقيق نمو اقتصادي مستدام بعد أن تصل إلى مستوى معين من الدخل للفرد، مما يعيق انتقالها إلى مرحلة الدول المتقدمة.

ويعد فخ الدخل المتوسط مصطلحًا يستخدم لوصف حالة اقتصادية تتعثر فيها دولة بعد أن تحقق مستوى معينًا من النمو الاقتصادي، وتفشل في الانتقال إلى مرحلة الدول المتقدمة. بمعنى آخر، “تعلق” الدولة في مستوى متوسط من الدخل للفرد، دون القدرة على تحقيق قفزات نوعية في نموها الاقتصادي والاجتماعي.

يشكل “فخ الدخل المتوسط” أحد أبرز التحديات التي تواجه العديد من الدول النامية في مسارها نحو التنمية المستدامة. فبعد أن تحقق هذه الدول نموًا اقتصاديًا ملحوظًا وتنتقل من مرحلة الدول منخفضة الدخل إلى مرحلة الدول متوسطة الدخل، تجد نفسها عاجزة عن تحقيق قفزات نوعية في نموها الاقتصادي والاجتماعي، وتعلق في مستوى متوسط من الدخل للفرد. في هذا المقال، سنتناول مفهوم فخ الدخل المتوسط، وأسبابه، وتأثيراته، وكيفية تجاوزه.

أولًا- تعريف فخ الدخل المتوسط:

تضم فئة الدول المتوسطة الدخل، وفقًا للتصنيف الأخير للبنك الدولي، 108 دول، بدخل فردي سنوي يتراوح بين 1136 و13845 دولارًا أمريكيًا. تلعب هذه الدول دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي، حيث تسهم بنحو 40% من الناتج العالمي، وتضم أكثر من 60% من سكان العالم الذين يعيشون تحت خط الفقر، كما تسهم بأكثر من 60% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا.

مع نمو الاقتصادات النامية، تتغير هياكلها الاقتصادية، مما يؤدي إلى تغير عوامل النمو. بشكل عام، يبدأ النمو الاقتصادي في التباطؤ عندما يصل دخل الفرد إلى حوالي 11% من دخل الفرد في الولايات المتحدة (حوالي 8000 دولار أمريكي حاليًا)، وهو ما يعد عادةً بداية مرحلة الدخل المتوسط العالي. هذا التباطؤ في النمو هو أمر طبيعي نتيجة لتغير عوامل الإنتاج.

وقد صاغ البنك الدولي مصطلح “فخ الدخل المتوسط” في عام 2007 لوصف هذه الظاهرة. على الرغم من ذلك، فإن عدد الاقتصادات التي تمكنت من التغلب على هذا الفخ خلال الـ 34 عامًا الماضية لا يتجاوز 34 اقتصادًا.

تُظهر الدراسات وجود علاقة قوية بين تعقيد سلة صادرات الدولة ومستوى دخلها. ومع ذلك، فإن البلدان المتوسطة الدخل تواجه تحديات متزايدة تعيق تحقيقها لنمو مستدام. فمتوسط نموها قد انخفض بشكل ملحوظ في العقدين الأخيرين، ويعزى ذلك إلى عوامل مثل التوترات الجيوسياسية والحمائية والتغيرات المناخية. على الرغم من هذه التحديات، فإن زيادة تعقيد الصادرات لا يزال يمثل عاملًا حاسمًا لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في هذه البلدان.

ثانيًا- الأسباب وراء فخ الدخل المتوسط:

هناك العديد من الأسباب التي تساهم في وقوع الدول في فخ الدخل المتوسط؛ من أهمها نقص الابتكار حيث تفتقر العديد من الدول المتوسطة إلى بيئة تشجع على الابتكار والبحث والتطوير، مما يحد من قدرتها على إنتاج سلع وخدمات ذات قيمة مضافة عالية، بالإضافة إلى الاعتماد على صادرات المواد الخام؛ مما يجعل الدول المتوسطة عرضة لتقلبات الأسواق العالمية وتدهور أسعار السلع الأساسية، مع ضعف البنية التحتية مما يزيد من تكاليف الإنتاج ويقلل من تنافسيتها، إلى جانب سوء إدارة الاقتصاد نتيجة للفساد وسوء تخصيص الموارد، إلى إعاقة النمو الاقتصادي، كل هذا إلى جانب التفاوت في الدخل، مما يؤثر سلبًا على بيئة الأعمال.

كيف يمكن تجنب هذا الفخ؟

يمكن للبدان الخروج من فخ الدخل المتوسط عبر انتقال هذه البلدان لاستراتيجية ثلاثية المحاور(3i strategy) حتى يتسنى للبلدان الوصول إلى وضعية البلدان مرتفعة الدخل، وتتضمن ثلاث مراحل (3i) والتي تتضمن (الاستثمار+ توطين التكنولوجيا+ الابتكار) (Investment + Infusion + Innovation).

ويتم تطبيقها بحسب مرحلة التنمية التي تمر بها بحيث يمكن للبلدان منخفضة الدخل أن تركز فقط على السياسات المصممة لزيادة الاستثمار – المرحلة الأولى( 1i-الاستثمار -Investment ). ولكن بمجرد وصولها إلى وضعية الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، عليها التحول نحو توسيع نطاق سياساتها ليشمل المرحلة الثانية (2i-الاستثمار وتوطين التكنولوجيا- Infusion+ Investment)، وهي المرحلة التي يتم فيها استقدام التطورات التكنولوجية من الخارج وتعميمها في مختلف قطاعات الاقتصاد. وعلى مستوى الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، ينبغي أن تتحول البلدان مرة أخرى إلى المرحلة النهائية ألا وهي الابتكار (3i-الاستثمار+ توطين التكنولوجيا+ الابتكار -Investment + Infusion + Innovation). وفي مرحلة الابتكار، لن تكون هذه البلدان مستوردة للأفكار والتكنولوجيات العالمية، بل ستتصدر المشهد.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على الدول المتوسطة اتخاذ مجموعة من الإجراءات الأخرى، مثل:

  • تشجيع الابتكار: خلق بيئة حافزة للابتكار من خلال دعم البحث والتطوير، وحماية الملكية الفكرية، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية.
  • تنويع الاقتصاد: التقليل من الاعتماد على صادرات المواد الخام والتركيز على الصناعات التحويلية والخدمات ذات القيمة المضافة العالية.
  • تحسين جودة التعليم والتدريب: الاستثمار في التعليم والتدريب يؤدي إلى تطوير القوى العاملة وزيادة الإنتاجية.
  • مكافحة الفساد: مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة تعزز الثقة في المؤسسات الحكومية وتجذب الاستثمارات.
  • التكيف مع التغيرات المناخية: الاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة لتقليل الانبعاثات الكربونية والتكيف مع آثار تغير المناخ.
ختامًا، يُعد “فخ الدخل المتوسط” عجزًا عن إدارة عملية التحوّل الاقتصادي وعدم تجاوز فئة الدول المتوسّطة الدخل، ولا يقتصر إحراز التقدّم على تحقيق نمو اقتصادي سريع واللحاق بركب الدول الأغنى وبناء المؤسسات، بل يتطلّب عملًا جماعيًا يهدف إلى تحسين جودة التعليم، وتعزيز إنتاجية العمل، ورفع مستوى الابتكار والأبحاث والتنمية، وبشكل عام الارتقاء في سلاسل القيمة العالمية.


 
لن تصعد الدول النامية للمتقدمة، لكن سوف تهبط المتقدمة للنامية و يبقي الجميع فقراء يتسولوا مع بعض في سلام.
 

ما رأيكم أن يقوم كل شخص بعرض فكرته بكيف تتجنب بلده فخ الدخل المتوسط؟ بنظرة واقعية للحاضر و الممكن في المستقبل؟
 
عودة
أعلى